علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
البحث حول أخبار المهملين.
المؤلف: الشيخ محمد آصف محسني.
المصدر: بحوث في علم الرجال.
الجزء والصفحة: ص 243 ـ 246.
2023-07-27
1083
قال صاحب قاموس الرجال لتصحيح تنقيح المقال في مقدّمة كتابه (1): والمفهوم منه أي: من ابن داود أحد أرباب الكتب الرجاليّة رحمه الله ـ أنّه يعمل بخبر رواته المهملون، ولم يذكروا بمدح ولا قدح، كما يعمل بخبر رواته الممدوحين، وهو الحقّ الحقيق بالاتّباع، وعليه عمل الإجماع.
فنري القدماء كما يعملون بالخبر الّذي رواته ممدوحون يعملون بالخبر الّذي رواته غير مجروحين، وإنّما يردون المطعونين، فاستثني ابن الوليد وابن بابويه من كتاب نوادر الحكمة لمحمّد بن أحمد بن يحيى ما رواه عن ... ذكر أسماء رجال.
واستثني المفيد من شرائع علي بن إبراهيم حديثا واحدا في تحريم لحم البعير، فهذا يدلّ على أنّ الكتب الّتي لم يطعنوا في طرقها ولم يستثنوا منها شيئا كانت معتبرة عندهم، ورواتها مقبولو الرّواية إن لم يكونوا مطعونين من أئمّة الرجال ولا قرينة وإلّا فتقبل مع الطعن.
ثمّ استظهر الإجماع على ذلك من كلام الشّيخ في العدّة، فقال قال الشّيخ في العدّة:
وكذلك القول فيما ترويه المتّهمون والمضعفون إن كان هناك ما يعضد روايتهم ويدلّ على صحتّها وجب العمل به، وإن لم يكن هناك ما يشهد لروايتهم بالصحّة وجب التوقف في أخبارهم، فلأجل ذلك توقّف المشائخ عن أخبار كثيرة هذه صورتها، ولم يرووها واستثنوها في فهارستهم من جملة ما يروونه من التصنيفات.
ثمّ قال صاحب القاموس:
نعم، يمكن القول إذا تعارض خبران رواة أحدهما مصرّح بتوثيقهم، ورواة الآخر مهملون يرجح الأوّل عليه (2).
ثمّ قال: هذا هو طريق القدماء، وقد أحدث الطريقة الحادثة العلّامة، والظاهر أنّ الأصل فيها شيخه في الرجال أحمد بن طاووس، حيث إنّه يطعن في كثير من أخبار الكشّي بعدم ذكر من في طريقه في الرجال، ولم نقف على كتبه في الفقه فلعلّه عبر بمصطلحات: الصحيح، والحسن، والقوي، والضعيف، كالعلّامة.
وأمّا المحقّق وإن احتمل بعض أنّه الأصل إلّا أنّ الّذي يفهم من معتبره أنّ طريقته قريبة من القدماء (3).
وبالجملة: طريقة القدماء أوّلا التّرجيح بالقرينة من دليل العقل، أو النقل من: الكتاب والسنّة والإجماع الشّامل للشهرة المحققة، وفيما ليس قرينة، العمل بالصحيح، والحسن والمهمل.
وأمّا الموثق، فلا يعملون به إلّا إذا لم يعارضه خبر إمامي ولو من المهمل (4)، ولم يكن فتواهم بخلافه، انتهى كلامه.
أقول: هنا مباحث:
1. إنّ من يرى العدالة عبارة عن الإيمان أو الإسلام وعدم ظهور الفسق، يمكن له أن يعمل بخبر رواته مهملون إذا ثبت لديه إيمانهم أو إسلامهم، بأن يفسّر المهمل بمن لم يرد فيه قدح، كما يظهر من هذا الفاضل في أوّل كلامه هنا، وفي ترجمة أحمد بن رباح بن أبي نصر السكوني وغيره، ويمكن أن يستدلّ للقول المذكور بأنّ المراد بالفاسق في آية النبأ من علم فسقه، والمجهول داخل في مفهوم الآية، فلا يجب التبيّن في خبره، وهو كما ترى أو ينفي الفسق بالأصل، ويكتفي به في قبول الخبر، وقد مرّ ضعفه.
وهذا الفاضل لم يذكر لمختاره، ومختار ابن داود وجها ودليلا سوى الإجماع المنقول على وجه، وكونه طريق القدماء.
والأظهر أنّ العدالة ليست مجرّد الإسلام أو الإيمان مع عدم ظهور الفسق، كما قررّ في محلّه ونسبته إلى جميع القدماء غير معلومة، ولعلّها مظنونة العدم، وإن نسلّم تفسير العدالة بالإيمان وعدم ظهور الفسق لا نسلّم حجيّة قول العادل بهذا المعنى؛ إذ لا دليل عليه من الشّرع والعرف فلا يصير خبر المهمل حجّة، ودعواه الإجماع عليه غير مقبول، واستظهاره من عبارة العدّة غريب، بل لا يفهم منها أنّ الشّيخ نفسه وحده يرى اعتبار الخبر المهمل، بل لا ربط للعبارة المنقولة بما هذا الفاضل بصدّد إثباته. نعم، هي تدلّ على الجزء الأخير من كلامه، وهو حجيّة خبر الضعفاء مع القرينة، بل الصحيح أنّ الشّيخ يعتبر الوثاقة في راوي الخبر الواحد المجرّد عن القرينة، وظاهر كلامه عدم حجيّة خبر المهملين، وإليك نصّ كلامه في العدّة (5) حتّى تطمئن بغرابة ادّعاء هذا الفاضل المتتبّع في هذا المقام.
قال رحمه الله: فما اخترته من المذهب، وهو أنّ خبر الواحد إذا كان واردا من طريق أصحابنا القائلين بالإمامة، وكان ذلك مرويّا عن النّبي صلىاللهعليه وآله، وعن أحد من الأئمّة، وكان ممّن لا يطعن في روايته ويكون سديدا في نقله ... جاز العمل به، والّذي يدلّ على ذلك إجماع الفرقة المحقّة، فإنّي وجدتها مجتمعة على العمل بهذه الإخبار، الّتي رووها في تصانيفهم ودونوها في أصولهم لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعون، حتّى أنّ واحدا منهم إذا أفتى بشيء لا يعرفونه، سألوه من أين قلت هذا؟
فإذا أحالهم على كتاب معروف، وأصل مشهور، وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه، سكتوا وسلموا الأمر في ذلك، وقبلوا قوله، وهذه عادتهم وسجيتهم من عهد النّبي صلى الله عليه وآله الخ.
أقول: قوله ويكون سديدا في نقله، وقوله: وكان رواية ثقة، نصّ على خلاف ما ذكره هذا الفاضل، عصمنا الله من الزلل.
وكيفما كان رواية المهملين غير حجّة ولا يجوز الاعتماد عليها في الأحكام الإلهيّة وغيرها أصلا، فإنّه تشريع محرّم، وبناء العقلاء أيضا على عدم اعتبارها.
2. استثناء ابن الوليد إنّما يدلّ على ضعف الرجال الّذين استثناهم، ويحتمل أن يكون الاستثناء لأمر آخر اقتضاه اجتهاده، كما يأتي بحث هذا الاستثناء في البحث التّاسع والأربعين. وهكذا في استثناء المفيد رحمه الله، ولا يدلّ على أنّهم اعتمدوا على المهملين بإحدى الدلالات.
وبالجملة: أنّه لم يقدر على إثبات عمل القدماء بخبر المهملين الفاقد للقرينة المصحّحة عندهم، بل الواقف على مطالب هذا الكتاب يظهر له عدم صحّة النسبة المذكورة إلى القدماء، وأقوي الشّواهد عليه كلام الشّيخ السّابق ذكره.
3. الصحيح أنّ خبر الواحد إن قامت على صدوره قرينة مورثة للاطمئنان يعمل به، ولا ينظر إلى السند، فإنّ الاطمئنان ـ أي: العلم العادي لا مجرّد الظّن ـ حجّة عرفيّة عقلائيّة، لكن حصول القرينة للمتأخّرين ـ ولا سيّما لنا ـ بعيدة جدّا، والشّهرة غير موجبة للاطمئنان، كما قرّرناه في البحث السّابق. وإن لم تقم على صحته قرينة ـ كما هو الغالب الأغلب ـ يدور العمل به مدار صدق الرّاوي، سواء كان إماميّا أم لا، عادلا أم لا، فإنّ العدالة المعتبرة في الخبر هي صدق الرّاوي في إخباره، كما ذكره الشّيخ رحمه الله في عدته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قاموس الرجال لتصحيح تنقيح المقال: 1 / 25.
(2) المصدر: 27.
(3) مرّ كلام المحقّق في البحث السّابق ونقله صاحب المعالم: 208.
(4) وقول الشّيخ في العدّة: فإن كان هناك بالطريق الموثوق به الخ، كما يأتي في أوّل البحث الآتي يبطل هذا الاستظهار، فلاحظ.
(5) العدّة: 1 / 337، المطبوعة ببلدة قمّ؛ والطبعة المحقّقة الجديدة: 1 / 126.