1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : معلومات عامة :

القرآن والمخلوقات

المؤلف:  الشيخ محمد تقي فلسفي

المصدر:  الشاب بين العقل والمعرفة

الجزء والصفحة:  ج1 ص336 ــ 341

2023-05-08

1149

إن القرآن الكريم ليس من كتب التاريخ الطبيعي ، لكنه يحوي مئات الآيات التي تتحدث عن تكوين الإنسان والحيوان والنبات والمعدن والأجرام السماوية وما إلى ذلك من مخلوقات في السماوات والأرضين. والهدف من احتواء القرآن على مثل تلك الآيات، لفت انتباه الإنسان إلى إبداع الله في خلقه، لينظر فيها ويتعقل حتى يتيقن من وجود الله ويلمس علمه وقدرته وإرادته وحكمته ولطفه ورحمته وغيرها من الصفات الألوهية ، ليؤمن بالتالي بوجود خالق لهذا الكون.

القرآن وصفات الله:

يدعو القرآن الكريم الناس إلى عبادة الله الرحمن الرحيم، العالم العادل ، الذي يحب عباده الصالحين ، وهو بهم رؤوف رحيم ، العالم بما تخفيه صدورهم ، العادل الذي يحب القسط والمقسطين ويبغض الظلم والظالمين، المحسن الذي لا يضيع أجر المحسنين ولا يحب الخائنين ، الغفور الذي يحب التوابين ويغفر لهم ذنوبهم ويرحمهم، السميع المجيب الذي يجيب دعوة الداعي إذا أخلص في دعوته، الرحمن الرحيم الذي ينبغي على العباد أن يأملوا رحمته ، الشديد العقاب الذي ينبغي على العباد أن يخشوا غضبه وعذابه. وباختصار ، فإن القران الكريم يربط بين العقل والعواطف لتحقيق الإيمان بالله تبارك وتعالى .

العقل المبدع :

«يقول آرثور كانتون : إن النظرية الإلهية تعتبر أفضل نظرية لتعليل وجود الكون ، مثلها مثل الكثير من النظريات الفيزيائية والقانون ، وهي أي النظرية الإلهية قد أثبتت جدارتها ، لذا ليس هناك ما يدعو لتركها وإهمالها» .

(ويتجه كل من ميليكان وأدنيكتون وجينز إتجاه نيوتن الذي يعتقد بأن العالم من صنع وتدبير عقل مبدع ، ولكن هذه النظرية التي لن ترضي سوى علماء الفيزياء والمنجمين لا تكفي ، فإله نيوتن ليس أوفر حظاً من إله أفلاطون ، وكلاهما لن يستطيعا حل مشاكل الناس والتخفيف من آلامهم . نحن لا نريد أن يكون إلهنا عالماً في الرياضيات أو عالماً متمرساً تردد في الكثير من تجاربه ، وإنما نريد إلهاً يحبنا ويفهمنا ويساعدنا)(1) .

الله. الرحمن الرحيم:

تبدأ جميع سور القرآن الكريم بـ (بسم الله) ، ولكن هناك صفتان بين سائر الصفات الإلهية اقترنتا دائماً باسم الجلالة، هما الرحمن والرحيم.

ويبدو أن كل التعاليم السامية التي جاء بها الدين الإسلامي قد تضمنت دعوة إلى الله الرحمن الرحيم.

وهاتان الصفتان تشكلان العامل الأساس لتحريك عواطف الناس وأحاسيسهم، حيث تستقطبان حب الناس لله سبحانه وتعالى ، وتنيران قلوبهم بنور الامل والرجاء.

إن من أولويات المنهج التربوي للإسلام، الهادف إلى تنمية الحس الديني لدى الشباب وإرضاء رغباتهم الإيمانية، هو الدعوة إلى الله الرحمن الرحيم والاتكال عليه ، وهاتان الصفتان تساهمان في اتحاد العقل والأحاسيس على طريق تنمية الحس الديني لدى الإنسان.

الاله المحبوب:

والرحمن الرحيم، صفتان حميدتان تحببان الإله في نفوس الفتيان والشبان، وتثيران عواطفهم وأحاسيسهم لحب الله العزيز ، وكلما ازداد الإنسان حباً لله ، كلما قوي دينه ورسخ إيمانه.

روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال : هل الدين إلا الحب(2).

فالحب هو أكبر قوة محركة للإنسان في جميع مواقف الحياة. وبالحب، ذلك الإحساس الجميل، يمكن تذليل كل الصعاب وتحمل الويلات والمصائب، فالحب هو الذي يدفع بالإنسان إلى التفاني والإيثار من أجل الحبيب.

أفضل النعم:

إن الدين كما يقول الإمام الباقر (عليه السلام) ليس سوى حب ، حب الله ونبيه وأوليائه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وليس من نعمة أفضل عند عباد لله الصالحين من نعمة رضى الله ورسوله وأوليائه.

قال تعالى : {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 72]

الدعوة على اساس الحب :

إن العامل الأساس الذي يدفع بالناس نساءً ورجالاً الى الالتزام أحكام الإسلام وشرائعه، هو حب الله والسعي إلى كسب رضاه وقد حث القرآن الكريم المؤمنين على الإتيان بمحاسن الأمور وتجنب مساوئها ، حيث عمد إلى مخاطبتهم بلسان الحب ، وهنا لا بد من الإشارة إلى بعض من الآيات القرآنية المباركة.

قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [المائدة: 42].

وقال: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 4].

وقال: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: 222].

وقال: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108].

وقال: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 148].

وقال أيضاً: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146].

لقد حددت الآيات الشريفة التي أشرنا إليها أولئك الذين يحبهم الله ، أما أولئك الذين يبغضهم الله ، فقد حددتهم الكثير من الآيات القرآنية ، نختار بعضاً منها :

قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190].

وقال: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: 205].

وقال: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 57].

وقال: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} [النحل: 23].

وقال: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة: 276].

وقال أيضاً: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: 58].

حب الله والتضحية:

كل إنسان يحب نفسه وماله ويسعى إلى حفظهما ، وذلك لطبيعته وفطرته، ولكن ما يميز الإنسان المؤمن الحقيقي عن غيره، ويدفعه إلى التضحية بالمال والنفس في سبيل الله ، هو إيمانه بالله سبحانه وتعالى وحبه الشديد له. 

قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف:4]

الاحسان في سبيل الله:

وقال عز من قائل: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ} [البقرة: 177].

ويتضح من خلال الآيات الشريفة التي ذكرناها مدى اعتماد الإسلام على مسألة حب الله والايمان به ، في تنمية الحس الديني لدى أتباعه ، وكيف استند على هذه المسألة في حث المسلمين على الإتيان الفضائل لكسب رضى الله تبارك وتعالى ، وتحذيرهم مما يغضب الله من رذائل ، وطبيعي أنه كلما ازداد الإحساس بالحب والعاطفة قوة، كلما جاءت النتائج إيجابية أكثر ومتطابقة مع المنهج التربوي للإسلام .

لقد اعتمد الإسلام شتى الوسائل والأساليب العلمية والعملية لتعريز حب المسلمين لخالقهم جل وعلا، وغرز جذور المحبة هي أعماقهم ، وقد سعى من خلال برامجه إلى تحقيق هذا الهدف المقدس.

العبادة والدعاء:

تعتبر العبادات الواجبة والمستحبة التي شرعها الإسلام ، وكذلك الأدعية والأذكار ، عاملاً مؤثراً في رسوخ حب الته في نفوس المسلمين .

______________________________

(1) سبل الحياة، ص 136.

(2) روضة الكافي، ص80. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي