1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : معلومات عامة :

نظرية التوازن في نظام الاسلام

المؤلف:  مجتبى اللّاري

المصدر:  المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر

الجزء والصفحة:  ص154 ــ 157

8/11/2022

1286

ضمن الإسلام دعوته الناس وترغيبهم إلى الجد والسعي في الحياة: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39]، تحذيراً شديداً عن عقد القلب على العلائق المادية، ووصفها بأنها تحرم الإنسان عن الهدف الحق في الحياة والسعادة الأبدية. وقد مثل الإمام الباقر (عليه السلام)، حقيقة حياة الحريص تمثيلاً جميلاً إذ قال: (مثل الحريص على الدنيا كمثل دودة القز، كلما ازدادت من القز على نفسها لفاً كان ابعد لها من الخروج حتى تموت غماً(1).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إياكم والشح، فإنما هلك من كان قبلكم بالشح، أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا)(2).

وأشار الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى البؤس الناتج من الحرص فقال: (اتقوا الحرص، فإن مصاحبه رهين ذل وعناء)(3).

ويقول الدكتور ماردن: ليست الثروة كل شيء في حياة الإنسان، وكذلك ليست سعادته الواقعية في جمع الأموال. ولكن كثيراً من الشباب يقعون في هذا الخطأ فيعتقدون أن المال أهم شيء في حياة الإنسان، ولذلك فهم يصرفون أعز أيامهم في سبيل تحصيله ويحرمون أنفسهم من كل شيء آخر في سبيله. إن هذه الفكرة خاطئة جداً، وهي السبب في بؤس أكثر الناس إننا نسعى في سبيل الحصول على القصور الضخمة والسيارات والأملاك والملابس الفاخرة ووسائل الترفيه والسرور، ونظن أنها هي الوسيلة للوصول إلى السعادة، في حين أنها توجب لنا الخيبة والحرمان.

إنه لمن الخطأ بمكان أن يعيش الانسان في هذه الحياة لا لشيء إلا لجمع المال وأن يجعله إلهه المعبود فيعبد الذهب والفضة كما عبدها بنو إسرائيل: (أننا إن بقينا على تصورنا هذا الباطل وزعمنا أن إلهنا القديم (المال) هو السبيل الوحيد إلى سعادتنا، فلنصدق أننا نكون بذلك قد ضللنا عن السبيل الأقوم وابتعدنا عن الصراط الأعظم الموصل إلى السعادة والتوفيق الأبديين)(4).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): الحريص أسير مهانة لا يفك أسره)(5).

إن هذا الدين الحنيف المنسجم مع فطرة الإنسان قرر التوازن بين جانبيه المادي والمعنوي، واختار بذلك لأتباعه طريقاً يضمن لهم السعادة الجسدية والنفسية معاً. وأن المتدينين بحكم التفاتهم إلى الحقائق الأسمى في الحياة يصبحون ذوي نفوس مستقيمة حكيمة، فمتى ما تأخروا عن قافلة التقدم المادي بسبب فقدانهم بعض الشرائط اللازمة جبروا تأخرهم المادي هذا بذخائرهم الروحية والمعنوية النفسية والأخلاقية السامية، فلم يجزعوا بانتكاسات الحياة بل صبروا عليها واطمأنوا بفضل قوة إيمانهم وعقيدتهم: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[الرعد: 28].

إن القناعة كنز لا يفنى، فصاحبها يسعى بمقدار ما يؤمن به مصارف حياته وحاجاته الأصيلة، وينظم بفضل عقله وتدبيره أمور حياته ويعدلها، ولا يلوث سعادته النفسية بالسعي الباطل وراء النعيم الزائد الزائل، بل يرضى بما تناله يده من الطرق المشروعة فحسب. وهذه الطريقة المعقولة تمنحه الفرصة الكافية للسعي في سبيل الوصول إلى الهدف الأسمى في الحياة والاستفادة من الفضائل الإنسانية. إن القنوع سيبلغ بقناعته أغنى الغنى - غنى النفس - فإنه برضا خاطره يشعر بالاستغناء عما في أيدي الناس، وأن هذه لهي الثروة الحقيقية. وقد ذكرنا أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بهذا المعنى ببيان جميل إذ قال: (إن أكيس الكيس من اقتنى اليأس ولزم القنوع والورع، وبرئ من الحرص والطمع. فإن الطمع والحرص الفقر الحاضر وأن اليأس والقناعة الغنى الظاهر)(6).

وقال (عليه السلام): ـ وهو يشير إلى الأمراض النفسية والروحية التي تصيب الحريص ـ: (كل شره معنى)(7).

ويقول الدكتور ماردن: (هناك أفكار تنشأ من الحرص والطمع وسائر الانفعالات والتأثرات النفسية، وهي لا تؤثر في الجسم فحسب، بل تسري إلى النفس فتسقمها، وتحرمنا بذلك عن الحياة الطيبة، بل تغير مجرى حياتنا الآمنة المطمئنة، وتحطم فينا أحسن صفات الطبيعة البشرية)(8).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (الشره يشين النفس ويفسد الدين ويزري بالفتوة)(9).

وقد بين لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) البلايا والبأساء الناتجة عن الحرص فقال: (الحريص بين سبع آفات صعبة فكر يضر بدنه ولا ينفعه، وهم لا يتم أقصاه، وتعب لا يستريح منه إلا عند الموت ويكون عند الراحة أشد تعباً، وخوف لا يورثه إلا الوقوع فيه، وحزن قد كدر عليه عيشه بلا فائدة، وحساب لا يخلصه من عذاب الله إلا أن يعفو الله عنه، وعقاب لا مفر له ولا حيلة)(10).

إن الحرص شهوة مشؤومة تجر الإنسان إلى الدناءة والرذيلة.

قال علي (عليه السلام): (الشره داعية الشر)(11).

وقال (عليه السلام) ايضاً: (ثمرة الشره التهجم على العيوب)(12).

ويقول الدكتور شان ماركوهست: (أن السرقة تنشأ من الحرص، فإن السراق إنما يسرقون ما ليس عندهم فهم يحرصون على امتلاكه، فالذي يسرق جورباً من الباعة في السوق، أو دراجة أودعت عنده امانة، لا يفعل ذلك إلا متأثراً بحرصه على امتلاك هذه الأشياء، فالدافع له على السرقة إذن ليس إلا الحرص)(13).

وحينئذ نصل إلى هذه النتيجة وهي أن الحرص ـ وهو المرض الروحي الخطير- لا علاج له إلا في ظل الإيمان بالله واليوم الآخر، فإنه لا يحصل رضا النفس وقناعتها واطمئنانها إلا بتقوية الروح المعنوية والاخلاقية في النفس فحسب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ اصول الكافي: ج2، باب - حب الدنيا -.

2ـ نهج الفصاحة: ص199.

3ـ غرر الحكم: ص135.

4ـ عن الفارسية: خويشتن سازي.

5ـ غرر الحكم: ص50.

6ـ المصدر السابق: ص255.

7ـ المصدر السابق: ص544.

8ـ عن الفارسية: بيروزي فكر.

9ـ غرر الحكم: ص77.

10ـ مستدرك الوسائل: ج2، ص435.

11ـ غرر الحكم: ص16.

12ـ المصدر السابق: ص360.

13ـ عن الفارسية: مجموعة جه ميدانم؟. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي