يحاول العراقيون ، دائما ، التشبث بأي فرصة تحمل ملامح الفرح والأمل ؛ فهم يحتشدون أمام شاشات التلفزيون اذا صادف أن هناك مباراة لكرة القدم ؛ ويصل قلقهم على الفرح درجة الغليان ، ولعلنا الشعب الوحيد الذي يخاف على ابتسامته ، فحينما يضحك مبتهجا ، سرعان ما تخفت ابتسامته ويتوجه بالدعاء ليقول ( اللهم اجعلها ضحكة خير) ؛ هكذا نحن منذ عشرات السنين ، بل وجدنا آباءنا على ذلك .
في هذه الأيام صادف أن ابتسمت السماء ثلجاً ، وهي المرة الأولى منذ أن فارقتنا برودة الطقس بعد قيام النظام الساقط بتجفيف الاهوار ليصبح الصيف يشغل أكثر من نصف السنة بلهيبه وجمره .
حين هطلت الثلوج ، اتفق العراقيون جميعا ، وكأن منتخبهم الوطني سجل هدفاً !! ، فلقد انتشرت ملامح الاحتفال بالثلوج على عكس ما يجري في اقرب الدول المجاورة ، ومنها سورية ، حيث يعاني الناس من موسم الثلوج وتعطيل الحياة .
لكن هطول الثلوج جعل بخار الفرح الأبيض يتصاعد من أنفاس العراقيين ، وعاد التعاطف الشعبي ، وغابت عن المشهد نوبات التراشق لا سيما بين صفوف المتظاهرين ؛ حيث عاد المواطن العراقي للشعور بمعاناة أخيه في القوات الأمنية والحشد الشعبي ، وصموده في هذا البرد القارس ، الذي تسبب باستشهاد أحد منتسبي الحشد الشعبي ، حيث انتشرت صوره في التواصل الاجتماعي باعتباره النموذج العراقي الثابت في مواجهته الأعداء مهما قست الظروف .
يفرح العراقيون بالمطر ، مع انه يتسبب بعرقلة وصولهم إلى أماكن عملهم بسبب عدم صلاحية الشوارع التي لم تصلها رحمة الصيانة والانعاش ، ويفرح العراقيون في الأعياد الروتينية لكي يثبتوا انهم أهل للفرح والابتسامة ، ولعلنا الشعب الوحيد الذي لا تفارقه الطرفة والابتسامة حتى في أقسى المحن.
الآن ، وبعد أن ابتسمت السماء ثلجاً واتفق الجميع على الاحتفال بكرنفال البياض الصباحي الهاطل على وجوه وملابس الذاهبين إلى مدارسهم واعمالهم ؛ لابد من أن ينتبه ساسة البلاد إلى حاجة الناس للفرح بعد أن ايبست ملامحهم هموم الانتظار .
انهم متعطشون جدا للفرح ، فهل من سبيل لهم لكي يرتووا بابتسامة أمل بعراق يسوده الامان والمحبة والاستقرار السياسي ؟ سؤال نضعه على طاولة الساسة ونتمنى سرعة الإجابة والاستجابة ، فليس من المعقول أن تبقى حياة الشعب مؤجلة بانتظار التوافقات السياسية.







زيد علي كريم الكفلي
منذ 3 ايام
العمل التطوعي لمجتمعٍ متراحم
وفد المرجعية .. عمل دؤوب لا إعلام كذوب
وخدشت الثقافة العراقية
EN