1

بمختلف الألوان
حاول بنو أُميَّة (لعنهم الله) بكلِّ ما يملكون من تجبّر وطغيان إركاع الثورة الحسينية بإركاع رموزها، وما انفكوا يقرعون طبول الغدر والخيانة ليجتمع الناس حولهم بغية ردع الثورة وقهر الثوار، ولكنَّ مشيئة الله كانت هي الأقوى لإعلاء كلمة الحقِّ ونصرة الدين وفضح الباطل، ومن الرموز التي حاول الأُمويون قهرها... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اسلامية
الآثار الوضعية للذنوب... أثر الخمر والمخدرات في المجتمع وكيفية علاجها (29)
عدد المقالات : 335
الآثار الوضعية للذنوب... أثر الخمر والمخدرات في المجتمع وكيفية علاجها (29)

حسن الهاشمي
العقل أهم شيء موجود لدى الإنسان، به يمتاز عن سائر المخلوقات، وبه يثاب ويعاقب، وبه يبتكر ويتألق، وبه يبني ويتطور، وبه يميز عن الحسن والقبيح والصالح والطالح والخير والشر، وبه يكون إنسانا آدميا يرقى مدارج الكمال، وطالما يتصف بالعقل والتعقل فإنه أشرف المخلوقات، وخلقه الله تعالى بأحسن هيئة وتقويم، فالعقل نعمة لا تضاها، وقد سخر الله تعالى الموجودات كلها للإنسان؛ لأنه عاقل مختار يستطيع بإرادته الصلبة أن ينتخب طريق الخير والاستقامة، وبإرادته المهزومة أن ينجرف في متاهات الشر والرذيلة.
انها فعلا جوهرة غالية ترتقي بالإنسان سلم المجد، وكل من غيبها ولم يستفد من عطائها الثر فهو مغبون لا محالة، تارة يكون الغبن بضعف الإرادة والكسل والإهمال، وأخرى يكون بسبق الإصرار كشارب الخمر فهو يعلم إنه وبشربه يفقد تلك الجوهرة العظيمة، وبالرغم من ذلك فإنه يقدم على عمله المنكر هذا فحال شارب الخمر في التفريط بهذه النعمة أعظم من حال الإفراط نتيجة الغفلة والكسل، ومن هذا المنطلق نتبين إن الخمر الذي يزيل العقل هو من أقبح المنكرات، لأنه الإيغال في البهيمية، والمفتاح إلى المنكرات، والمسوغ للنفس بارتكاب الجريمة دون وازع من ضمير أو دين أو عقل أو تفكير، ولذا عد شارب الخمر من أكبر الكبائر، لأنه الدال والموصل إليها.
ومن شرب الخمر بعدما حرمها الله تعالى في كتابه العزيز لما فيها من أضرار جسمية وروحية على الانسان، فإنه بذلك يخرج نفسه من الجماعة المؤمنة بل من الجماعة العاقلة، وحري بالمؤمنين أن يفرضوا عليه حصارا لعله يثيب إلى رشده ويرجع إلى صوابه، ومن الأمور الضرورية التي ينبغي أن تفرض عليه في هذا المجال وبما يعادل ويوازن فعله القبيح، أنه لا يزوج إذا خطب، ولا يشفع إذا شفع، ولا يصدق إذا حدث، ولا يؤتمن على أمانة، لأن الزواج والشفاعة والصدق والأمانة إنما تكون متاحة للمؤمن الذي يؤمن شره ويعم خيره، أما شارب الخمر وبالعكس تماما من صفات الصادقين، فإنه يؤمن خيره ويعم شره، وإذا ما أعطي تلك الأمور المهمة، فإنها المصائب تنزل ليس عليه فحسب بل تعم شرها المجتمع برمته، والحصار الاجتماعي ضد شارب الخمر ليس انتقاما منه وانما هو منفعة له وللمجتمع ريثما يتوب ويرجع إلى رشده وصوابه وعقله، لعله يكون قد هيأ نفسه لنزول تلك البركات عليه ولو بالتعاقب والأوليات.
نستنتج من ذلك ان الخمر هو كل ما أفقد الانسان وعيه وصوابه، إذ يختل به العقل والاتزان مما يؤدي إلى أن ينقاد الانسان بسهولة إلى ارتكاب الفواحش والمنكرات، قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون المائدة:90-91.
أوضحت الآية شدة خطورة الخمر وحرمته من خلال الأمور الآتية:
- قرنه الله تعالى بعبادة الأوثان.
- أطلق عليه لفظ (الرجس).
- اعتبره من عمل الشيطان الخالص.
- أمر الله تعالى اجتنابه، والاجتناب يعني عدم الاقتراب مطلقا، وهو أشد من النهي.
- إن الخمر من الأمور التي توقع العداوة والبغضاء بين الناس.
- يبعد عن ذكر الله تعالى، وتحديدا عن الصلاة، بل ويصد عنها، والصد أعظم من المنع.
وفي بعض الآيات أطلق الله لفظ (الإثم) على الخمر، والإثم يعني الأفعال المبطئة عن الثواب، ويأتي الخمر على رأسها.
وبعد كل هذه التأكيدات والحصر بعبارة (إنما الخمر...) يختم الله تعالى الآية بلغة التهديد فهل أنتم منتهون، وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: (الخمر حرام بعينه، ألا إن كل مسكر حرام، ألا وما أسكر كثيره فقليله حرام) الكافي للكليني، ج6، ص408. ولهذا اتفقت كلمة المسلمين جميعا على حرمته، واعتباره من الكبائر.
إن أثر الخمر ونتائج تعاطيها السيئة في أخلاق الأمة أبلغ منه في الأفراد، إذ تنتشر الفواحش والرذائل وتضعف الفضيلة وتنهزم الأخلاق الحميدة أمام الأخلاق المنحلة، فالخمرة وسيلة لارتكاب الحرام لأنها أم الفواحش وأكبر الكبائر، فالخمرة تبعد شاربها عن ذكر الله وعن إقامة الصلاة ما يؤدي إلى استيطان الشر في نفسه لضعف الوازع الديني لديه وهو ما يجره إلى ارتكاب المآثم والجرائم.
ومهما تعددت أسماء الخمر واختلفت فالمسمى واحد والحكم معلوم، وقد تنوعت أنواع الخمور والمسكرات في عصرنا الحالي تنوعا بالغا وتعددت أسماؤها عربية وأجنبية، ووضع الرسول الأكرم (ص) مقياسا لذلك بقوله: (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) المقنعة للشيخ المفيد، ص799.
إن من أعظم الجرائم ومن أكبر المشاكل التي تفشت في مجتمعاتنا والتي عرضت ديننا وقيمنا وأمننا وأموالنا للضياع وللسفك والانسلاخ هو ما تفشى في مجتمعاتنا من شرب الخمر وتعاطي المخدرات، إنها مصيبة نكراء وجريمة شنعاء فتكت بشبابنا وأذهبت أموالنا وأهدرت دماءنا وزعزعت أمننا وسكينتنا، وهي كانت وما زالت لا يشربها عقلاء القوم ولا يتعاطاها حكماؤهم، وحتى في الجاهلية كان يطلق عليها العرب ( أم الخبائث ) ولما جاء الاسلام حرمها كما في الآية الآنفة الذكر وكما في قول الرسول الأعظم (ص): (اجتنبوا الخمر فإنها مفتاح كل شر) اعانة الطالبين للبكري الدمياطي ج4 ص173. وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: (شرب الخمر مفتاح كل شر، وشارب الخمر كذب بكتاب الله عز وجل، ولو صدق كتاب الله حرم حرامه) بحار الأنوار للمجلسي، 79 : 140.
نعم إن الخمر أم الخبائث ومفتاح كل شر، لأنها الوسيلة السهلة لارتكاب الذنوب والمعاصي والجرائم والآثام، ولو كانت تلك التداعيات الوخيمة تنتظر شارب الخمر لماذا إذن يلجأ إليها بين الفينة والأخرى يقول الذين يتناولونها أنها تنسيهم مشاكل الحياة وتجعلهم يحلقون بالفضاء انتشاء وتلذذا وهياما ولكن الواقع يحكي غير ذلك، فإنها أبواب جهنم تفتح على مصراعيها لشارب الخمر ومعطي المخدرات، إنها البلوى والشؤم واللؤم والعزاء والخراب، عن أي لذة يتحدثون وهم يعرضون نواميسهم في سوق نخاسة أصحاب النفوس الضعيفة وعن أي مشكلة يفرون وهم يفتحون أبواب جهنم لهم ولعوائلهم جراء عملهم المشين هذا فهم بشربهم وفقدانهم لأغلى جوهرة في الحياة ينحدرون إلى البهيمية العمياء.
الإسلام يريد لأولئك التائهون العزة والفخار والسؤدد والكمال، لهذا حذرهم وبشدة من ارتكاب هذه القبيحة المستقبحة، لئلا ينخرطوا في متاهات الشيطان ويسلكوا سبل الفشل والضياع والخسران، فالله تعالى خالق الخلق، هو أدرى بمصلحة الانسان وبما يضره وينفعه، وما من منع وتحريم إلا فيه المضار والاستكانة، وما من ترغيب وتحليل إلا وفيه المنافع والاستزادة، ولا يدرك هذه الحقائق الناصعة إلا أصحاب الحجى الذين يسيرون وفق منهج العقل ولا يصدون عنه لعارض مهما بلغت بهم الخطوب، والصد عن العقل طلبا للراحة هو اقحام النفس في مطبات الجهل والفاقة، وحل المشاكل يكمن في اعمال العقل وليس تغييبه، ولعمري ما التغييب إلا الهروب من المشاكل نسبيا وليس حلها، وقلنا نسبيا لأنها ستهجم عليه اللوابس حال افاقته أكثر مما كانت عليه سابقا، فهو كمن يستجير من الرمضاء بالنار.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/09/14م
في عصرِ الصِّراعِ الخفيّ، حيثُ تُخاضُ المعاركُ بِلا دويٍّ ولا دخان، تتحوَّلُ الشَّاشاتُ إلى ساحاتٍ، والبياناتُ إلى أسْلحة، والنَّفوسُ إلى غنائم. ها هو العراقُ اليومَ يغرقُ في محيطٍ رقميٍّ هائل، تُفتَحُ فيه نوافذُ أرواحِ أبنائِه على مِصْراعيها أمامَ عيونٍ لا تَنَام، تَرصُدُ كلَّ نَبضةٍ، تَتبَّعُ... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/09/14م
أكفٌ أمينة تعانق آمال الوطن م. طارق صاحب الغانمي في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز... المزيد
عدد المقالات : 27
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/09/14م
في المشهد الذي جمع عمالقة الشرق، من موسكو إلى بكين، ومن نيودلهي إلى بيونغ يانغ، برزت صورة لم تكن عابرة ولا بروتوكولية، بل كانت لوحة ناطقة بلغة الرموز والدلالات. إنّ حضور ابنة الرئيس الإيراني، لا بصفتها مسؤولاً رسمياً، بل كوجه اجتماعي سياسي، قد أضفى على منصة يوم النصر الصيني بعداً آخر يتجاوز حدود... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/09/14م
بقلم زيد علي الكفلي كتب أحد الأخوة الأفاضل في مواقع التواصل الإجتماعي ومازالت كلماته ترنُ في أُذني حتى اليوم، : (موج بشري هائل يسحر العيون أين يذهب الموج)، مع صورة لهذا المسير، هذا العنوان ربما مطروق على الأسماع؛ لكن يحمل بين حروفه الكثير من الحقيقة، لا شيء يشبه هذا النهر البشري المتدفق من كل صوب نحو... المزيد
عدد المقالات : 91
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 1 شهر
2025/08/13م
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط التاريخ أسماءٌ كالشموس، بينما توارت في حنايا الظل أسماءٌ أُخر، لوّحتْ أقلامُها بمِدادٍ من لهيبٍ لا يقلُّ حممًا عن دماء السيوف في ساحات الوغى. أولئك كانوا حَمَلَةَ هَمِّ آل البيت الكرام، فكانت قصائدُهم صرخةَ حقٍّ تُردِّدُها... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 1 شهر
2025/08/13م
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان يعاني من فقرٍ شديد. رغم ذلك، لم يشكُ يومًا ولم يطلب من أحد، بل كان دائم التوكل على الله. في ليلةٍ شتويةٍ عاصفة، ضاعت ماشية أحد أغنياء القرية في الجبال. أرسل الرجل خدمه للبحث، لكنهم عادوا خائبين. حينها، تقدم هشام... المزيد
عدد المقالات : 12
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 1 شهر
2025/08/12م
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ وهموم وطنٍ مزقته رياحُ الظلم. إنه ليس مجرد شاعرٍ ينسج الكلمات، بل **مؤرِّخٌ للجرح** بصوته الشعبي الصادق، و**مناضلٌ بالكلمة** في ساحات المواجهة ضد الطغيان. فشعره **سيفٌ مصقول** من حقائق المعاناة، و**مرآةٌ عاكسة** لتاريخ... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 1 شهر
2025/08/12م
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه "يعقوب"، رجل عُرف يومًا بحكمته الراجحة ولسانه البليغ، لكنه اليوم بات شبحًا لمن كان. نشب خلاف بين تاجرين، وارتفعت الأصوات، فتوجهت الأنظار إلى يعقوب، الذي كان الحَكم في مثل هذه النزاعات. قال أحدهم: "يا يعقوب، احكم... المزيد
عدد المقالات : 12
علمية
اضطراب طيف التوحد (ASD) هو حالة مرضية تؤثر على طريقة التواصل والسلوك وفهم العالم وتظهر عادة في مرحلة الطفولة المبكرة. تشير الدراسات الحديثة إلى زيادة عدد حالات التشخيص ففي عام 2022 تم تشخيص حوالي 1 من كل 31 طفل في الولايات المتحدة مقارنة بنسبة أقل بكثير... المزيد
تمثل الموازنة الخارطة المالية للدولة في سبيل تحقيق الأهداف المرسومة وفق المنهاج الوزاري الذي ترسمه الحكومة للوزارات بشكل عام. إذا ما كانت مسيرة الموازنة منسجمة مع المنهاج الوزاري هذا يدل على امتلاك الحكومة القدرة على تنفيذ منهاجها الذي رسمته... المزيد
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء الرابع والخمسون: ليس في النظرية فقط: اللا محلية كخاصية للواقع الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 15/9/2025 قد يكون الوضع مختلفًا تمامًا إذا كان وصف ميكانيكا الكم غير مكتمل، وكان هناك بالفعل متغيرات خفية. فإذا أمكن ... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
دور الجغرافية في حماية الغلاف الجوي من...
علي الفتلاوي
2025/08/12م     
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/07/29
أصدر قسمُ الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة دليلًا قصصياً بعنوان "المهمة وقصص أخرى". ويضمّ الكتاب الذي أشرف على...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام علي الهادي (عليه السلام)
2025/07/29
( خيرٌ من الخيرِ فاعله )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com