جاء في کتاب الرسول الأعظم على لسان حفيده الإمام زين العابدين للسيد محسن الحسيني الأميني: دعاء الامام علي زين العابدين عليه السلام: (فنهد إليهم مستفتحا بعونك، ومتقويا على ضعفه بنصرك) (نهد إلى العدو نهدا) من بابي ـ نفع وقتل ـ: نهض وبرز، والفاعل ناهد، والجمع نهاد، مثل كافر وكفار، وناهدته مناهدة: ناهضته، وتناهدوا في الحرب: نهض بعضهم إلى بعض للمحاربة. و (مستفتحا) أي مستنصرا وطالبا للفتح، فالباء: للإستعانة يقال: فتح الله على نبيه، أي نصره، وهو يستفتح الله للمسلمين على الكفار. ويحتمل أن يكون بمعنى مفتتحا والباء للملابسة، أي مفتتحا للجهاد حال كونه ملتبسا بعونك، أو للسببية أي بسبب عونك له. و (متقويا) اسم فاعل من تقوى، أي صار ذا قوة. و (على) بمعنى مع، أي مع ضعفه، مثلها في قوله تعالى: "وآتى المال على حبه" (البقرة 177). و (الضعف) ـ بالفتح والضم ـ خلاف القوة. وقيل: هو بالضم في الجسد، وبالفتح في العقل والرأي. ويروى عن ابن عمر أنه قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم: الذي خلقكم من ضعف بالفتح، فأقرأني (من ضعف) بالضم. و (الضعف) ـ محركة ـ لغة في الضعف حكاها ابن الأعرابي. و (النصر) الإعانة على العدو، وفيه إشارة إلى أن إستفتاحه عليه السلام وتقويه على الكفار إنما كان بعون الله ونصره، لا بالأسباب الظاهرة و التدبير الذي دبره، كما قد يتوهم من الفقرة السابقة، فإنها بمعزل عن التأثير، وإنما التأثير مختص به تعالى كما قال تعالى: "وما النصر إلا من عند الله" (آل عمران 126) أي كائن من عنده من غير أن يكون فيه شركة من جهة الأسباب والعدد وإنما هي مطابقة له بطريق جريان السنة الإلهية.
وعن دعاء الامام علي زين العابدين عليه السلام يقول السيد الأميني في كتابه: (فغزاهم في عقر ديارهم، وهجم عليهم في بحبوحة قرارهم) (غزاه غزوا) أراده وقصد كإغتزازه، ومنه مغزى الكلام أي مقصده. وغزا العدو: سار إلي قتالهم وإنتهابهم غزوا وغزوانا غزاوة. وقيل: إنما يكون غزو العدو في بلاده. و (عقر الدار) ـ بضم العين وفتحها ـ أصلها، وقيل: وسطها، قاله في المحكم. وقال الأزهري: قال أبو عبيد: سمعت الأصمعي يقول: عقر الدار بالضم في لغة أهل الحجاز، فأما أهل نجد فيقولون: عقر بالفتح، ومنه قيل: العقار ـ بالفتح وهو المنزل والأرض والضياع. وقال بعضهم: عقر الدار: أصلها في لغة الحجاز، وتضم العين وتفتح عندهم، وعقرها معظمها في لغة غيرهم وتضم لا غير. وقال الزجاج: عقر دار القوم: أصل مقامهم الذي عليه معولهم، وإذا انتقلوا منه لنجعة رجعوا إليه. و (الديار) جمع دار، وهي المحل بجميع البناء والعرصة والبلد. قال الجوهري: الدار مؤنثة وإنما قال تعالى "ولنعم دار المتقين" (النحل 30) وذكر على معنى المثوى كما قال تعالى: "نعم الثواب وحسنت مرتفقا" (الكهف 31) فأنث على المعنى وأدنى العدد أدؤر؛ والهمزة فيه مبدلة من واو مضمومة. ولك أن لا تهمز والكثير ديار مثل جبل وأجبل وجبال. ودور أيضا مثل أسد واسد إنتهى. و (يهود خيبر) غزاهم في ديارهم، وحاصرهم في حصونهم حتى أنزلهم من صياصيهم وكان قدم عليهم ليلا فلم يشعروا بقدومه فلما أصبحوا فتحوا حصونهم وخرجوا بمساحيهم ومكاتلهم إلى أعمالهم، فلما رأوه قالوا: هذا والله محمد والخميس معه فولوا هاربين إلى حصونهم وجعل صلى الله عليه وآله وسلم يقول: الله أكبر خربت خيبر وفإذا نزلنا بساحة قوم "فساء صباح المنذرين" (الصافات 177)، ثم حاصرهم حتى فتح الله عليه جميع حصونهم وهي عشرة. و (يهود وادى القرى) غزاهم وحاصرهم ليالى وفتح الوادي وأصاب المسلمون به أموالا كثيرة وأمتعة وميرة. و (قريش) غزاهم بمكة وفتحها فكان الفتح المبين والنصر العزيز. و (هوازن) غزاهم بحنين. و (ثقيف) غزاهم بالطائف. هؤلاء الذين غزاهم 6 بنفسه في عقر ديارهم، وهجم عليهم في بحبوحة قرارهم سوى غزواته الاخر، وسوى سراياه، وكان جميع غزواته بنفسه الشريفة: ستا وعشرين غزوة، وجميع سراياه: ستا وثلاثين سرية، وتفصيل ذلك تتكفل به كتب السير والله أعلم.
وعن دعاء الامام علي زين العابدين عليه السلام يقول السيد الأميني في كتابه: (حتى ظهر أمرك وعلت كلمتك ولو كره المشركون) (ظهر الشيء يظهر) من باب منع، ظهورا: تبين وبرز بعد الخفاء. وظهر عليه: غلب وعلا وأظهره الله. و (أمر الله تعالى) هنا دينه وشريعته كما فسر به قوله تعالى: "وظهر أمر الله وهم كارهون" (التوبة 48) أي غلب دينه وعلا. و (العلو) الإرتفاع والغلبة والقهر أي ارتفعت كلمتك أو غلبت وقهرت من قولهم علا فلان فلانا: إذا غلبه وقهره. و (كلمته تعالى) قيل: كلمة التوحيد. وقيل: الدعوة إلى الإسلام قال تعالى: "وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا" (التوبة 40) قال المفسرون: كلمة الذين كفروا هي دعوتهم إلى الكفر وعبادة الأصنام. و (السفلى) الدنية التي لا يبالى بها. و (كلمة الله) هي دعوته إلى الإسلام، أو كلمة التوحيد لا إله إلا الله، والعليا العالية إلى يوم القيامة. قوله عليه السلام: (ولو كره المشركون) جواب (لو) محذوف لدلالة ما قبله عليه والجملة معطوفة على جملة قبلها مقدرة، وكلتاهما في موضع الحال، أي ظهر أمرك وعلت كلمتك لو لم يكره المشركون ذلك، ولو كرهوه أي على كل حال مفروض وقد حذفت الجملة في الباب حذفا مطردا لدلالة الثانية عليها دلالة واضحة لأن الشيء إذا تحقق عند المانع فلئن يتحقق عند عدمه أولى، وعلى هذا السر يدور ما في (إن) و (لو) الوصليتين من التأكيد. و (المشركون) هم الذين أشركوا بالله تعالى فجعلوا له شركاء في العبادة.
ويستطرد مؤلف الكتاب السيد محسن الحسيني الأميني عن دعاء الامام عليه السلام قائلا: قال العلماء: وليس أحد في العالم يثبت لله سبحانه شريكا في الوجوب والعلم والقدرة، ولكن الثنوية يثبتون إلهين إثنين حكيما يفعل الخير وسفيها يفعل الشر أما المتخذون معبودا سوى الله تعالى فكثيرون منهم، عبدة الكواكب وهم: الصابئة، ومنهم: عبدة المسيح، ومنهم: عبدة الأوثان ولا دين باطل أقدم من دينهم، لأن أقدم الأنبياء الذين نقل إلينا تاريخهم هو نوح عليه السلام وهو لما جاء بالرد عليهم "وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا" (نوح 23) ودينهم باق إلى الآن وعبادتهم لها في مبدأ الأمر لم تكن لإعتقادهم فيها أنها آلهة إذ العلم بأن هذا الحجر المنحوت في هذه الساعة ليس هو الذي خلقني وخلق السماوات والأرض، علم ضروري فيمتنع اطباق جمع عظيم عليه فوجب أن يكون لهم غرض آخر سوى ذلك وقد ذكروا فيه وجوها. أحدها: أن بعضهم كأهل الصين والهند كانوا مجسمة فاتخذوها أشباها لله تعالى وملائكته، واعتكفوا على عبادتها لقصد طلب الزلفى إلى الله وملائكته. الثاني: إنهم إتخذوها أصناما للكواكب، وقصدوا بعبادتها عبادة الكواكب، وهم بالحقيقة عبدة الكواكب. الثالث: إن أصحاب الأحكام إتخذوها طلاسم في أوقات مخصوصة وعظموها لإعتقادهم الإنتفاع بها. الرابع: إنهم إتخذوها على صور رجال كانوا يعتقدون فيهم إجابة الدعوة وقبول الشفاعة فعبدوها على إعتقاد أن أولئك الرجال يكونون شفعاء لهم يوم القيامة عند الله، وقالوا هؤلاء شفعائنا عند الله. الخامس: لعلهم إتخذوها قبلة لصلاتهم وعبادتهم يسجدون إليها لا لها كما إنا نسجد إلى القبلة لا للقبلة. السادس: لعلهم كانوا حلولية فاعتقدوا جواز حلول الرب فيها. فهذه الوجوه هي التي يمكن حمل مذهبهم عليها حتى لا يصير بحيث يعلم بطلانه بالضرورة، ثم لما تطاول الأمد ونسي مبدأ الأمر ظن جهال القوم أنها آلهة لهم يجب عبادتها فعبدوها وسموها آلهة واشتبهت حال من يعتقد أنها آلهة مساوية لله تعالى في ذاته وصفاته تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فسموا مشركين وسمى الله آلهتهم أندادا تهكما بهم وتشنيعا عليهم فقال "فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون" (البقرة 22).







وائل الوائلي
منذ 4 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN