المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

بمختلف الألوان
بسم الله الرحمن الرحيم (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا). تلقّينا ببالغ الأسى والأسف نبأ استشهاد العلامة حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن نصر الله وكوكبة من إخوانه في... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اجتماعية
العملية التربوية بين الانتماء الوطني وتفتق المواهب عند السيد الصافي
عدد المقالات : 295
حسن الهاشمي
وجّه ممثل المرجعية الدينية العليا والمتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد احمد الصافي بتعزيز التعاون بين العتبة العباسية المقدسة والجامعات العراقية في المجالات العلمية والدينية والثقافية، بما يخدم العملية التربوية.
جاء ذلك خلال استقباله عميد كلية التربية للعلوم الإنسانية في جامعة ذي قار الدكتور حيدر حسين كاطع، السبت، 20 يناير 2024م واستماعه إلى شرحٍ مفصّل حول الكلّية وملاكاتها التدريسية وطلبتها، والإقبال عليها الذي شهد زيادة هذا العام.
وذكر السيد الصافي في حديثه، أنه "يفترض أن يُولى اهتمامٌ بالغ وكبير بكلّيات التربية في العراق، لأنّ مخرجاتها العلمية والتعليمية لها علاقة بالمجتمع، ورعاية الطلبة الذين سيقودون المسيرة التعليمية لأبنائنا طلبة المدارس المتوسّطة والإعدادية مستقبلاً، فالمدرّس المتخرّج منها يفترض به أن يحمل همّ البلد ويعيشه ويزرع في نفسه انتماءه له، وهذا ما ينبغي على التدريسيّين العمل عليه".
لقد ورد عنهم عليهم السلام: (حب الوطن من الإيمان) سفينة البحار ج2 ص668 . دعوة الاسلام للانتماء للوطن ليست دعوة الى الانتماء للتراب المجرد، ولا هي دعوة للانتماء لمكان الولادة، ولا هي دعوة للانتماء العشوائي، بقدر ما هي دعوة للانتماء الى الوطن الذي من خلاله نحافظ على الدين والانسانية، لأن به يعز الدين، وتعلو كلمة الله، وهو قوة للإسلام، ومحل استقرار وهدوء للمسلمين، وموضع بناء القوة فكرياً وروحياً ومادياً، ثم الحركة على صعيد التنفيذ للانتقال إلى الوضع الأفضل والأمثل، أما حيث الغربة وعدم الاستقرار، فهناك الضياع، وهدر الطاقات، وحيث لا يجد الإنسان الفرصة للتأمل والتفكير في واقعه، ولا في مستقبله، ولو أنه استطاع ذلك، فلسوف لا يستطيع تنفيذ قراراته، لعدم المركزية التي تمنحه الحركة المنظمة والثابتة، ثم التركيز والاستمرار.
تتمسك وتهتم الدول في العالم المتقدم والمتحضر بالحفاظ على مؤسساتها التربوية والتعليمية وتجتهد في تطويرها وتحديثها، وعدم جعلها خليطا او حالة ازدواجية تتخللها مناهج وافكار ليس بمقدورها ارساء قواعد بناء الانسان والعلم والمعرفة والتنوير التي تصب في بناء الدولة القوية، ما يلزم الدولة بضرورة الحرص على صياغة واعداد المناهج بالشكل الذي يبعدها عن الانقسامات والتصدع والتشتت والتمايز الطبقي والبيئي، وينصب تركيز مؤسسات الدولة التربوية والتعلمية والثقافية على الاهتمام بالتعليم الوطني وإبعاده عن اي تجاذبات تخلق او تؤدي الى بيئة اجتماعية ضعيفة قابلة للاختراق او الانحراف؛ ما يؤدي الى مجتمع متفكك وشخصية ضعيفة غير متكاملة الهوية.
ومن هذا المنطلق وعلى هذا الاساس يبنى ويبرز دور منظومة المؤسسات التربوية والتعلمية العلمية المهنية الصحيحة في غرس المهام المنوطة بها وتعزيز قيم الوحدة الوطنية بين هذه الاصول المتعددة وصهرها في البوتقة الوطنية للدولة، وهذا بالضبط ما نحتاجه في العراق لخلق وبناء مجتمع واحد تتحقق فيه كل مستلزمات البناء المجتمعي والامن والسلام الذي يؤدي بالنتيجة الى العيش المشترك في ظل منظومة موحدة هي منظومة التعايش السلمي بين المكونات، وهذا النهج نراه راسخا في حكومة العدل العلوية، عن رجل بلغ به أمير المؤمنين عليه السلام قال: (مر شيخ مكفوف كبير يسأل، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما هذا؟ قالوا: يا أمير المؤمنين نصراني، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه، أنفقوا عليه من بيت المال) وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ١٥ - ص ٦٦.
وكل ما حدث في العراق من تشرذم وخلافات طائفية عنصرية مذهبية ادت الى ضياع الهوية الوطنية كان بسبب تردي وتراجع دور العملية التربوية والتعليمية بعد ان فقدت سماتها ورؤاها الواضحة والمطلوبة في بناء المجتمع والحفاظ عليه متماسكا، ومنع وقوع الخلافات والتمايز وشيوع الارهاب الفكري الذي انتشر في المجتمع، ناهيك عن الانتشار العشوائي لبعض المؤسسات والجمعيات والمدارس الأهلية بهيكليات ومنظومات تكون احيانا بعيده عن سيطرة الدولة وغير خاضعة للذوق العام الذي يلبي حاجات الانسان المادية والمعنوية في آن واحد، والتي غذت ـ وللاسف ـ بشكل وباخر افكار التطرف والغلو في الدين ونبذت روح المواطنة والانتماء للوطن؛ ما عمّق التفكك الاجتماعي وصدّع العلاقات الانسانية فيه، وبالتالي اصبحت المنظومة القيمية والامنية والهوية الوطنية في خطر كبير ما لم يتم تداركها بالتصويب والعمل الجاد في اجراء عملية قيصرية في الاصلاح والتجديد والتطوير.
انطلاقا من مقولة الإمام الصادق عليه السلام: (العالم بزمانه، لا تهجم عليه اللوابس) تحف العقول للحراني: ٣٥٦. اصبح من الضروري القيام بعمليات اصلاح شامل لمؤسساتنا وعملياتنا التربوية والتعلمية بإدخال مواد ومفاهيم جديدة وعصرية بمقدورها تعزيز وبناء تربية المواطن والاهتمام بالمفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان وادخالها في مناهج وكتب التربية والتعليم بشكلها الهادف والمدروس الذي يتلاءم وطبيعة المرحلة وما افرزته عولمة الشبكة العنكبوتية وما فيها وما عليها، وبطريقة تحقق قفزة نوعية في خطط الاصلاح لخلق واقع ثقافي سياسي علمي يرتقي لبناء مجتمع ومواطنين مبدعين يؤمنون بالدفاع عن الحريات والدمقراطية والعيش المشترك ضمن الأنظمة والقوانين.
وهذا يلزم الدولة القيام بخطوات عملية لتجسيد المفاهيم والبرامج والاهداف بشكل علمي على ارض الواقع لإعداد الشباب بشكل خاص والمواطنين بشكل عام لمواجهة التحديات والتحولات وتحمّل المسؤولية، وهذا بحاجة ماسة الى تصاعد قوة الدولة، وهنا تبرز الحاجة لفك الاشتباكات والتناقضات الموجودة في مناهج التربية والتعليم والمقرارات الاخرى، فضلا عن تشجيع الاساليب والممارسات والمهارات والمشاركات اللازمة للمواطنة العصرية بدلا من الممارسات البالية كالتلقين والحفظ المجرد على ظهر القلب، من دون فهم او استيعاب.
وبيّن السيد الصافي أن "الطالب يتأثّر بالأستاذ بشكلٍ كبير كتأثّر الولد بالأب، وهذا التأثّر ينبغي أن يكون إيجابياً ومثمراً، وشعور بعض المدرّسين أنهم غير قادرين على التغيير مفهوم خاطئ يجب الانتباه له وتصحيحه".
ولفت إلى أن "الاهتمام بالعملية التربوية والتعليمية واستخدام الأسلوب الناجح والسليم للطالب، وكيفية احترامه للمدرّس يُثمر في إنتاج طالبٍ ناجح، ما يتطلّب الاهتمام بالطلبة لكونهم سيكونون مربّين للأجيال في المستقبل".
وأكّد على أن "الجيل الحالي فيه الأمل لكنّه يحتاج إلى من يوجّهه إلى الطريق الصحيح والسليم، ليوقد في داخله هذا الأمل، ولكي نصل الى هذا الهدف لابد من بذل قصارى الجهود لإيصال المادّة العلمية للطالب والاهتمام به".
وهذا يأتي متناسقا مع الحديث العلوي الشريف: (من استوى يوماه فهو مغبون) تحف العقول للحراني: ٣٥٦. هذا الحديث يؤسّس مبدأ هامّاً من مبادى العمل الصالح في الحياة، فهو يقول بأنّ حياة الإنسان الصالح هي حياة متنامية دوماً، وهي في تقدّمٍ وتطوّر وتنمية متواصلة لا تقف ولا تهدأ، إنّ الإنسان الصالح هو الإنسان الذي إذا اشتغل بعلم كان همّه أن يتقّدم في المعرفة كلّ يوم ويزداد علماً كلّ يوم، ولا يقف مغترّاً بما علم ولو ليوم واحد، وإذا اشتغل في تجارة كان لله فيها رضا فإنّه يعمل باستمرار ويتقدّم ويطوّر أدواته باستمرار، ولا يقف عند حدّ، وكذلك إذا كان يعمل في مجالٍ خدميّ للناس أو في وظيفة حكوميّة فهو لا يعيش (الروتين) القاتل ويتوقّف في تطوّره ونموّه حتى لتجده هو نفسه الذي كان قبل ثلاثين عاماً.
وفي اطار التنمية والتطوير يتمتع العديد من طلبة المدارس بمواهب وقدرات كامنة قادرة على الإبداع، ومثل هؤلاء الطلبة بحاجة ماسة الى توجيه ورعاية لمثل هذه المواهب، وللأسف فإن العديد من المعلمين يرتكبون العديد من الأخطاء التي من شأنها قتل مثل هذه المواهب والإبداعات دون اَي وعي منهم.
فإن الطفل الموهوب عادة يمتاز بتفوقه اللغوي وتميزه في القراءة والكتابة ودقة الذاكرة بالإضافة الى سعة الخيال والانتباه للتفاصيل والقدرة على حل المشكلات وسرعة التكيف مع المواقف والقدرة على الربط بين الامور وتحليل المواقف كما يتميز بكونه قياديا في اغلب الاوقات.
من اهم الأسباب التي قد تؤدي الى تدمير موهبة الطفل هو عدم الاكتشاف المبكر لها من جانب الاسرة اولا ومن جانب المدرسة لاحقا، حيث ان المعلم عامل أساسي في اكتشاف موهبة الطالب والعمل على تنميتها، ومن العوامل الاخرى التي من شأنها تدمير موهبة الطلبة هو وجود ثقافات مجتمعية عامة ترتكز على عدم الاعتراف بجدوى المواهب واهميتها في تشكيل مستقبل الطلبة، بالإضافة الى غياب دور المؤسسات العامة والخاصة التي ترعى المبدعين وذوي القدرات الخاصة.
ولما كان المعلم هو العنصر الأساسي على المستوى التنفيذي لرعاية مواهب الطلبة فإننا نتحدث عن أساليب تدريسية حديثة وأنماط سلوكية ابداعية والتي تتضمن أنشطة تدريسية موجهة لتنمية قدرات ومواهب الطلبة قائمة على الابتكار والتجديد، ومن هنا لا بد من الحديث عن العلم الحديث الممزوج بالقيم والاخلاق والفضائل.
ما من شك ان الطلبة الموهوبين هم ثروة الأمة ومستقبلها اذا ما احسنت رعايتهم فهم اهم مواردنا وأكثرها قيمة لذلك يجب التأكيد على دور المعلم في رعاية المواهب وفتح كل الأبواب الممكنة أمامها لتنمو وتتحول فيما بعد الى إنجاز مجتمعي، ان المعلم الناجح أفضل من كل الوسائل التكنولوجية وان المنهاج المناسب واساليب التدريس والتقييم الملائمة هي الأكثر جدوى، ففي نهاية المطاف الطلبة بحاجة الى معلمين متميزين قادرين على إعداد جيل من الموهوبين بما يخدم تطلعات المجتمع لمواكبة الحداثة في اطار الاصالة، ودونه خرط القتاد.

حسن الهاشمي
وجّه ممثل المرجعية الدينية العليا والمتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد احمد الصافي بتعزيز التعاون بين العتبة العباسية المقدسة والجامعات العراقية في المجالات العلمية والدينية والثقافية، بما يخدم العملية التربوية.
جاء ذلك خلال استقباله عميد كلية التربية للعلوم الإنسانية في جامعة ذي قار الدكتور حيدر حسين كاطع، السبت، 20 يناير 2024م واستماعه إلى شرحٍ مفصّل حول الكلّية وملاكاتها التدريسية وطلبتها، والإقبال عليها الذي شهد زيادة هذا العام.
وذكر السيد الصافي في حديثه، أنه "يفترض أن يُولى اهتمامٌ بالغ وكبير بكلّيات التربية في العراق، لأنّ مخرجاتها العلمية والتعليمية لها علاقة بالمجتمع، ورعاية الطلبة الذين سيقودون المسيرة التعليمية لأبنائنا طلبة المدارس المتوسّطة والإعدادية مستقبلاً، فالمدرّس المتخرّج منها يفترض به أن يحمل همّ البلد ويعيشه ويزرع في نفسه انتماءه له، وهذا ما ينبغي على التدريسيّين العمل عليه".
لقد ورد عنهم عليهم السلام: (حب الوطن من الإيمان) سفينة البحار ج2 ص668 . دعوة الاسلام للانتماء للوطن ليست دعوة الى الانتماء للتراب المجرد، ولا هي دعوة للانتماء لمكان الولادة، ولا هي دعوة للانتماء العشوائي، بقدر ما هي دعوة للانتماء الى الوطن الذي من خلاله نحافظ على الدين والانسانية، لأن به يعز الدين، وتعلو كلمة الله، وهو قوة للإسلام، ومحل استقرار وهدوء للمسلمين، وموضع بناء القوة فكرياً وروحياً ومادياً، ثم الحركة على صعيد التنفيذ للانتقال إلى الوضع الأفضل والأمثل، أما حيث الغربة وعدم الاستقرار، فهناك الضياع، وهدر الطاقات، وحيث لا يجد الإنسان الفرصة للتأمل والتفكير في واقعه، ولا في مستقبله، ولو أنه استطاع ذلك، فلسوف لا يستطيع تنفيذ قراراته، لعدم المركزية التي تمنحه الحركة المنظمة والثابتة، ثم التركيز والاستمرار.
تتمسك وتهتم الدول في العالم المتقدم والمتحضر بالحفاظ على مؤسساتها التربوية والتعليمية وتجتهد في تطويرها وتحديثها، وعدم جعلها خليطا او حالة ازدواجية تتخللها مناهج وافكار ليس بمقدورها ارساء قواعد بناء الانسان والعلم والمعرفة والتنوير التي تصب في بناء الدولة القوية، ما يلزم الدولة بضرورة الحرص على صياغة واعداد المناهج بالشكل الذي يبعدها عن الانقسامات والتصدع والتشتت والتمايز الطبقي والبيئي، وينصب تركيز مؤسسات الدولة التربوية والتعلمية والثقافية على الاهتمام بالتعليم الوطني وإبعاده عن اي تجاذبات تخلق او تؤدي الى بيئة اجتماعية ضعيفة قابلة للاختراق او الانحراف؛ ما يؤدي الى مجتمع متفكك وشخصية ضعيفة غير متكاملة الهوية.
ومن هذا المنطلق وعلى هذا الاساس يبنى ويبرز دور منظومة المؤسسات التربوية والتعلمية العلمية المهنية الصحيحة في غرس المهام المنوطة بها وتعزيز قيم الوحدة الوطنية بين هذه الاصول المتعددة وصهرها في البوتقة الوطنية للدولة، وهذا بالضبط ما نحتاجه في العراق لخلق وبناء مجتمع واحد تتحقق فيه كل مستلزمات البناء المجتمعي والامن والسلام الذي يؤدي بالنتيجة الى العيش المشترك في ظل منظومة موحدة هي منظومة التعايش السلمي بين المكونات، وهذا النهج نراه راسخا في حكومة العدل العلوية، عن رجل بلغ به أمير المؤمنين عليه السلام قال: (مر شيخ مكفوف كبير يسأل، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما هذا؟ قالوا: يا أمير المؤمنين نصراني، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه، أنفقوا عليه من بيت المال) وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ١٥ - ص ٦٦.
وكل ما حدث في العراق من تشرذم وخلافات طائفية عنصرية مذهبية ادت الى ضياع الهوية الوطنية كان بسبب تردي وتراجع دور العملية التربوية والتعليمية بعد ان فقدت سماتها ورؤاها الواضحة والمطلوبة في بناء المجتمع والحفاظ عليه متماسكا، ومنع وقوع الخلافات والتمايز وشيوع الارهاب الفكري الذي انتشر في المجتمع، ناهيك عن الانتشار العشوائي لبعض المؤسسات والجمعيات والمدارس الأهلية بهيكليات ومنظومات تكون احيانا بعيده عن سيطرة الدولة وغير خاضعة للذوق العام الذي يلبي حاجات الانسان المادية والمعنوية في آن واحد، والتي غذت ـ وللاسف ـ بشكل وباخر افكار التطرف والغلو في الدين ونبذت روح المواطنة والانتماء للوطن؛ ما عمّق التفكك الاجتماعي وصدّع العلاقات الانسانية فيه، وبالتالي اصبحت المنظومة القيمية والامنية والهوية الوطنية في خطر كبير ما لم يتم تداركها بالتصويب والعمل الجاد في اجراء عملية قيصرية في الاصلاح والتجديد والتطوير.
انطلاقا من مقولة الإمام الصادق عليه السلام: (العالم بزمانه، لا تهجم عليه اللوابس) تحف العقول للحراني: ٣٥٦. اصبح من الضروري القيام بعمليات اصلاح شامل لمؤسساتنا وعملياتنا التربوية والتعلمية بإدخال مواد ومفاهيم جديدة وعصرية بمقدورها تعزيز وبناء تربية المواطن والاهتمام بالمفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان وادخالها في مناهج وكتب التربية والتعليم بشكلها الهادف والمدروس الذي يتلاءم وطبيعة المرحلة وما افرزته عولمة الشبكة العنكبوتية وما فيها وما عليها، وبطريقة تحقق قفزة نوعية في خطط الاصلاح لخلق واقع ثقافي سياسي علمي يرتقي لبناء مجتمع ومواطنين مبدعين يؤمنون بالدفاع عن الحريات والدمقراطية والعيش المشترك ضمن الأنظمة والقوانين.
وهذا يلزم الدولة القيام بخطوات عملية لتجسيد المفاهيم والبرامج والاهداف بشكل علمي على ارض الواقع لإعداد الشباب بشكل خاص والمواطنين بشكل عام لمواجهة التحديات والتحولات وتحمّل المسؤولية، وهذا بحاجة ماسة الى تصاعد قوة الدولة، وهنا تبرز الحاجة لفك الاشتباكات والتناقضات الموجودة في مناهج التربية والتعليم والمقرارات الاخرى، فضلا عن تشجيع الاساليب والممارسات والمهارات والمشاركات اللازمة للمواطنة العصرية بدلا من الممارسات البالية كالتلقين والحفظ المجرد على ظهر القلب، من دون فهم او استيعاب.
وبيّن السيد الصافي أن "الطالب يتأثّر بالأستاذ بشكلٍ كبير كتأثّر الولد بالأب، وهذا التأثّر ينبغي أن يكون إيجابياً ومثمراً، وشعور بعض المدرّسين أنهم غير قادرين على التغيير مفهوم خاطئ يجب الانتباه له وتصحيحه".
ولفت إلى أن "الاهتمام بالعملية التربوية والتعليمية واستخدام الأسلوب الناجح والسليم للطالب، وكيفية احترامه للمدرّس يُثمر في إنتاج طالبٍ ناجح، ما يتطلّب الاهتمام بالطلبة لكونهم سيكونون مربّين للأجيال في المستقبل".
وأكّد على أن "الجيل الحالي فيه الأمل لكنّه يحتاج إلى من يوجّهه إلى الطريق الصحيح والسليم، ليوقد في داخله هذا الأمل، ولكي نصل الى هذا الهدف لابد من بذل قصارى الجهود لإيصال المادّة العلمية للطالب والاهتمام به".
وهذا يأتي متناسقا مع الحديث العلوي الشريف: (من استوى يوماه فهو مغبون) تحف العقول للحراني: ٣٥٦. هذا الحديث يؤسّس مبدأ هامّاً من مبادى العمل الصالح في الحياة، فهو يقول بأنّ حياة الإنسان الصالح هي حياة متنامية دوماً، وهي في تقدّمٍ وتطوّر وتنمية متواصلة لا تقف ولا تهدأ، إنّ الإنسان الصالح هو الإنسان الذي إذا اشتغل بعلم كان همّه أن يتقّدم في المعرفة كلّ يوم ويزداد علماً كلّ يوم، ولا يقف مغترّاً بما علم ولو ليوم واحد، وإذا اشتغل في تجارة كان لله فيها رضا فإنّه يعمل باستمرار ويتقدّم ويطوّر أدواته باستمرار، ولا يقف عند حدّ، وكذلك إذا كان يعمل في مجالٍ خدميّ للناس أو في وظيفة حكوميّة فهو لا يعيش (الروتين) القاتل ويتوقّف في تطوّره ونموّه حتى لتجده هو نفسه الذي كان قبل ثلاثين عاماً.
وفي اطار التنمية والتطوير يتمتع العديد من طلبة المدارس بمواهب وقدرات كامنة قادرة على الإبداع، ومثل هؤلاء الطلبة بحاجة ماسة الى توجيه ورعاية لمثل هذه المواهب، وللأسف فإن العديد من المعلمين يرتكبون العديد من الأخطاء التي من شأنها قتل مثل هذه المواهب والإبداعات دون اَي وعي منهم.
فإن الطفل الموهوب عادة يمتاز بتفوقه اللغوي وتميزه في القراءة والكتابة ودقة الذاكرة بالإضافة الى سعة الخيال والانتباه للتفاصيل والقدرة على حل المشكلات وسرعة التكيف مع المواقف والقدرة على الربط بين الامور وتحليل المواقف كما يتميز بكونه قياديا في اغلب الاوقات.
من اهم الأسباب التي قد تؤدي الى تدمير موهبة الطفل هو عدم الاكتشاف المبكر لها من جانب الاسرة اولا ومن جانب المدرسة لاحقا، حيث ان المعلم عامل أساسي في اكتشاف موهبة الطالب والعمل على تنميتها، ومن العوامل الاخرى التي من شأنها تدمير موهبة الطلبة هو وجود ثقافات مجتمعية عامة ترتكز على عدم الاعتراف بجدوى المواهب واهميتها في تشكيل مستقبل الطلبة، بالإضافة الى غياب دور المؤسسات العامة والخاصة التي ترعى المبدعين وذوي القدرات الخاصة.
ولما كان المعلم هو العنصر الأساسي على المستوى التنفيذي لرعاية مواهب الطلبة فإننا نتحدث عن أساليب تدريسية حديثة وأنماط سلوكية ابداعية والتي تتضمن أنشطة تدريسية موجهة لتنمية قدرات ومواهب الطلبة قائمة على الابتكار والتجديد، ومن هنا لا بد من الحديث عن العلم الحديث الممزوج بالقيم والاخلاق والفضائل.
ما من شك ان الطلبة الموهوبين هم ثروة الأمة ومستقبلها اذا ما احسنت رعايتهم فهم اهم مواردنا وأكثرها قيمة لذلك يجب التأكيد على دور المعلم في رعاية المواهب وفتح كل الأبواب الممكنة أمامها لتنمو وتتحول فيما بعد الى إنجاز مجتمعي، ان المعلم الناجح أفضل من كل الوسائل التكنولوجية وان المنهاج المناسب واساليب التدريس والتقييم الملائمة هي الأكثر جدوى، ففي نهاية المطاف الطلبة بحاجة الى معلمين متميزين قادرين على إعداد جيل من الموهوبين بما يخدم تطلعات المجتمع لمواكبة الحداثة في اطار الاصالة، ودونه خرط القتاد.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 5 ايام
2024/10/13م
وُلِدَ السيد جمال الدين في قرية "أسعد أباد" من قرى "كندر"(1) ببلاد الأفغان, سنة 12454هـ-1839م, من أسرةٍ شريفةٍ تنتسب إلى الإمام الترمذي المحدث المشهور، وترتقي إلى الإمام الحسين بن علي -رضي الله عنهما، وانتقل به والده إلى "كابل" وهناك تلقى تعليمه، فدرس مبادئ العلوم العربية والتاريخ، وعلوم الشريعة،... المزيد
عدد المقالات : 109
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 5 ايام
2024/10/13م
في رحاب مرجع الطائفة السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي (قدس سره تقف أمام طود شامخ، وتحط رحالك برحاب هرم رموز زمانه، وانت تتأمّل قوّة العلم وضخامة التراث، امامك مثال العاقل المغتنم لعمره كما ينبغي، والمؤمن الذي لا يبحث إلا عن ثبات إيمانه وزيادته، ترى آثاره فتصاب بالانبهار التام، والانقياد لما يقول... المزيد
عدد المقالات : 68
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2024/10/04م
مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م... المزيد
عدد المقالات : 109
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 1
منذ اسبوعين
2024/10/04م
وقد تناولت هذه الحالة الفقرة (ثانياً) من المادة (21) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل والتي نصت على اذا كان الموظف معاقباً فأن الشكر يلغي عقوبة لفت النظر واذا حصل على شكرين فيلغيان عقوبة الإنذار المفروضة عليه واذا حصل على ثلاثة تشكرات فأكثر وكان معاقباً بعقوبة اشد من... المزيد
عدد المقالات : 135
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2024/10/16م
هو العلم الذي يتخذ من الجملة و الاسلوب اللغوي موضوعاً له وميداناً، فهو متخصص بنظم الكلمات في مجموعات كلامية في لغة معينة - كلغتنا العربية مثلا- كما أن ثمة اختلاف فيما بين اللغات الانسانية من ناحية نحوها وعناصره، فلكل لغة نظامها النحوي الخاص ، كالإعراب مثلا يوجد في اللغة العربية، ولا وجود له في لغات... المزيد
عدد المقالات : 109
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2024/10/02م
عريس الحشد (2) علاقته وصاحب الزمان بقلم // مجاهد منعثر منشد (والذي بعثني بالنبوة إنهم لينتفعون به، ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جللها السحاب)... كيف لطفل بعمر ست سنوات يعشق صلاة المساجد، خدمة المواكب، هل هو فضول الأطفال، أم تربية الأبوين؟ أليس غريب صغير قائم قاعد يحرك... المزيد
عدد المقالات : 375
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2024/10/02م
جرير : شاعر تميمي من عشيرة كليب اليربوعية ، ولم يكن لآبائه ولا لعشيرته ما لآباء الفرزدق وعشيرته مجاشع من المآثر والأمجاد، أما العشيرة فعرفت بأنها كانت ترعي الغنم والحمير. وقد دعا ذلك جريرا الى أن يرتفع بفخره الى يربوع وكان لها أيام كثيرة في الجاهلية، فأشاد بأيامها وفرسانها طويلا. وكان أبوه عطية... المزيد
عدد المقالات : 109
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2024/09/25م
بقلم / مجاهد منعثر منشد . كلفتني وزملاء إدارة مجمع جعفر الطيار التأهيلي زيارة أسرة الشهيد (حسين سامي عبد الصاحب الموسوي)، استقبلنا ذويه بحفاوة كريمة، جلسنا جواري والده المريض في غرفة الضيوف، لمحت صورة الشهيد معلقة جانب أبيه المسن، مرت خاطرة على ذهني بهيئة سؤال، كأني أعرفه! ألتفت ثانية، عقدت حاجبي،... المزيد
عدد المقالات : 375
علمية
يعتبر توفير المال من التحديات الكبرى التي يواجهها عديد من الأفراد؛ خاصةً مع ضغوط الحياة اليومية ونمط العيش. فإن عدم وجود مدخرات كافية يمكن أن يؤدي إلى ضغوط مالية أثناء الطوارئ وصعوبة تحقيق الأهداف المالية طويلة الأجل. وفي هذا السياق، وبينما يكون... المزيد
استلام المتسابق : ( أكرم حسين علي ) الفائز بالمرتبة الثالثة لجائزته في مسابقة #كنز_المعرفة لشهر أيلول / 2024 ألف مبارك للأخوة الفائزين، وحظاً أوفر للمشتركين في الأعداد القادمة.. يمكنكم الاشتراك في المسابقة من خلال الرابط : (http://almerja.com/knoze/) المزيد
يصنف طائر غينيا المتوج إلى فصية ” الدجاج الحبشي ” و يسمى بعدة أسماء منها : الحجل المتوج ، و الدجاج الحبشي المتوج . في حين يعيش هذا الطائر في شرق قارة أفريقيا في الصومال و أثيوبيا و كينيا و تنزانيا . يتشابه الزوجين في اللون و الشكل ، و تتميز برقبتها... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
عَـلَـك
عقيل الحمداني
2017/06/02م     
شعب تانكا
ياسين فؤاد الشريفي
2024/09/25م     
مراتب المعرفة
محمدعلي حسن
2024/09/17م     
احسنت النشر
منذ اسبوعين
اخترنا لكم
د. حيدر علي الأسدي
2024/09/18
- الذائقة ستؤول إلى خراب وفوضى في ظل كم النتاجات الأدبية التي تطبع يومياً - الكثيرون تحولوا إلى كتّاب بين ليلة وضحاها.. بل تصدروا المشهد...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام علي بن الحسين السجّاد (عليه السلام)
2024/09/18
( من لم يكن عقله أكمل ما فيه كان هلاكه من أيسر ما فيه )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com