1

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اجتماعية
العملية التربوية بين الانتماء الوطني وتفتق المواهب عند السيد الصافي
عدد المقالات : 343
حسن الهاشمي
وجّه ممثل المرجعية الدينية العليا والمتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد احمد الصافي بتعزيز التعاون بين العتبة العباسية المقدسة والجامعات العراقية في المجالات العلمية والدينية والثقافية، بما يخدم العملية التربوية.
جاء ذلك خلال استقباله عميد كلية التربية للعلوم الإنسانية في جامعة ذي قار الدكتور حيدر حسين كاطع، السبت، 20 يناير 2024م واستماعه إلى شرحٍ مفصّل حول الكلّية وملاكاتها التدريسية وطلبتها، والإقبال عليها الذي شهد زيادة هذا العام.
وذكر السيد الصافي في حديثه، أنه "يفترض أن يُولى اهتمامٌ بالغ وكبير بكلّيات التربية في العراق، لأنّ مخرجاتها العلمية والتعليمية لها علاقة بالمجتمع، ورعاية الطلبة الذين سيقودون المسيرة التعليمية لأبنائنا طلبة المدارس المتوسّطة والإعدادية مستقبلاً، فالمدرّس المتخرّج منها يفترض به أن يحمل همّ البلد ويعيشه ويزرع في نفسه انتماءه له، وهذا ما ينبغي على التدريسيّين العمل عليه".
لقد ورد عنهم عليهم السلام: (حب الوطن من الإيمان) سفينة البحار ج2 ص668 . دعوة الاسلام للانتماء للوطن ليست دعوة الى الانتماء للتراب المجرد، ولا هي دعوة للانتماء لمكان الولادة، ولا هي دعوة للانتماء العشوائي، بقدر ما هي دعوة للانتماء الى الوطن الذي من خلاله نحافظ على الدين والانسانية، لأن به يعز الدين، وتعلو كلمة الله، وهو قوة للإسلام، ومحل استقرار وهدوء للمسلمين، وموضع بناء القوة فكرياً وروحياً ومادياً، ثم الحركة على صعيد التنفيذ للانتقال إلى الوضع الأفضل والأمثل، أما حيث الغربة وعدم الاستقرار، فهناك الضياع، وهدر الطاقات، وحيث لا يجد الإنسان الفرصة للتأمل والتفكير في واقعه، ولا في مستقبله، ولو أنه استطاع ذلك، فلسوف لا يستطيع تنفيذ قراراته، لعدم المركزية التي تمنحه الحركة المنظمة والثابتة، ثم التركيز والاستمرار.
تتمسك وتهتم الدول في العالم المتقدم والمتحضر بالحفاظ على مؤسساتها التربوية والتعليمية وتجتهد في تطويرها وتحديثها، وعدم جعلها خليطا او حالة ازدواجية تتخللها مناهج وافكار ليس بمقدورها ارساء قواعد بناء الانسان والعلم والمعرفة والتنوير التي تصب في بناء الدولة القوية، ما يلزم الدولة بضرورة الحرص على صياغة واعداد المناهج بالشكل الذي يبعدها عن الانقسامات والتصدع والتشتت والتمايز الطبقي والبيئي، وينصب تركيز مؤسسات الدولة التربوية والتعلمية والثقافية على الاهتمام بالتعليم الوطني وإبعاده عن اي تجاذبات تخلق او تؤدي الى بيئة اجتماعية ضعيفة قابلة للاختراق او الانحراف؛ ما يؤدي الى مجتمع متفكك وشخصية ضعيفة غير متكاملة الهوية.
ومن هذا المنطلق وعلى هذا الاساس يبنى ويبرز دور منظومة المؤسسات التربوية والتعلمية العلمية المهنية الصحيحة في غرس المهام المنوطة بها وتعزيز قيم الوحدة الوطنية بين هذه الاصول المتعددة وصهرها في البوتقة الوطنية للدولة، وهذا بالضبط ما نحتاجه في العراق لخلق وبناء مجتمع واحد تتحقق فيه كل مستلزمات البناء المجتمعي والامن والسلام الذي يؤدي بالنتيجة الى العيش المشترك في ظل منظومة موحدة هي منظومة التعايش السلمي بين المكونات، وهذا النهج نراه راسخا في حكومة العدل العلوية، عن رجل بلغ به أمير المؤمنين عليه السلام قال: (مر شيخ مكفوف كبير يسأل، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما هذا قالوا: يا أمير المؤمنين نصراني، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه، أنفقوا عليه من بيت المال) وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ١٥ - ص ٦٦.
وكل ما حدث في العراق من تشرذم وخلافات طائفية عنصرية مذهبية ادت الى ضياع الهوية الوطنية كان بسبب تردي وتراجع دور العملية التربوية والتعليمية بعد ان فقدت سماتها ورؤاها الواضحة والمطلوبة في بناء المجتمع والحفاظ عليه متماسكا، ومنع وقوع الخلافات والتمايز وشيوع الارهاب الفكري الذي انتشر في المجتمع، ناهيك عن الانتشار العشوائي لبعض المؤسسات والجمعيات والمدارس الأهلية بهيكليات ومنظومات تكون احيانا بعيده عن سيطرة الدولة وغير خاضعة للذوق العام الذي يلبي حاجات الانسان المادية والمعنوية في آن واحد، والتي غذت ـ وللاسف ـ بشكل وباخر افكار التطرف والغلو في الدين ونبذت روح المواطنة والانتماء للوطن؛ ما عمّق التفكك الاجتماعي وصدّع العلاقات الانسانية فيه، وبالتالي اصبحت المنظومة القيمية والامنية والهوية الوطنية في خطر كبير ما لم يتم تداركها بالتصويب والعمل الجاد في اجراء عملية قيصرية في الاصلاح والتجديد والتطوير.
انطلاقا من مقولة الإمام الصادق عليه السلام: (العالم بزمانه، لا تهجم عليه اللوابس) تحف العقول للحراني: ٣٥٦. اصبح من الضروري القيام بعمليات اصلاح شامل لمؤسساتنا وعملياتنا التربوية والتعلمية بإدخال مواد ومفاهيم جديدة وعصرية بمقدورها تعزيز وبناء تربية المواطن والاهتمام بالمفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان وادخالها في مناهج وكتب التربية والتعليم بشكلها الهادف والمدروس الذي يتلاءم وطبيعة المرحلة وما افرزته عولمة الشبكة العنكبوتية وما فيها وما عليها، وبطريقة تحقق قفزة نوعية في خطط الاصلاح لخلق واقع ثقافي سياسي علمي يرتقي لبناء مجتمع ومواطنين مبدعين يؤمنون بالدفاع عن الحريات والدمقراطية والعيش المشترك ضمن الأنظمة والقوانين.
وهذا يلزم الدولة القيام بخطوات عملية لتجسيد المفاهيم والبرامج والاهداف بشكل علمي على ارض الواقع لإعداد الشباب بشكل خاص والمواطنين بشكل عام لمواجهة التحديات والتحولات وتحمّل المسؤولية، وهذا بحاجة ماسة الى تصاعد قوة الدولة، وهنا تبرز الحاجة لفك الاشتباكات والتناقضات الموجودة في مناهج التربية والتعليم والمقرارات الاخرى، فضلا عن تشجيع الاساليب والممارسات والمهارات والمشاركات اللازمة للمواطنة العصرية بدلا من الممارسات البالية كالتلقين والحفظ المجرد على ظهر القلب، من دون فهم او استيعاب.
وبيّن السيد الصافي أن "الطالب يتأثّر بالأستاذ بشكلٍ كبير كتأثّر الولد بالأب، وهذا التأثّر ينبغي أن يكون إيجابياً ومثمراً، وشعور بعض المدرّسين أنهم غير قادرين على التغيير مفهوم خاطئ يجب الانتباه له وتصحيحه".
ولفت إلى أن "الاهتمام بالعملية التربوية والتعليمية واستخدام الأسلوب الناجح والسليم للطالب، وكيفية احترامه للمدرّس يُثمر في إنتاج طالبٍ ناجح، ما يتطلّب الاهتمام بالطلبة لكونهم سيكونون مربّين للأجيال في المستقبل".
وأكّد على أن "الجيل الحالي فيه الأمل لكنّه يحتاج إلى من يوجّهه إلى الطريق الصحيح والسليم، ليوقد في داخله هذا الأمل، ولكي نصل الى هذا الهدف لابد من بذل قصارى الجهود لإيصال المادّة العلمية للطالب والاهتمام به".
وهذا يأتي متناسقا مع الحديث العلوي الشريف: (من استوى يوماه فهو مغبون) تحف العقول للحراني: ٣٥٦. هذا الحديث يؤسّس مبدأ هامّاً من مبادى العمل الصالح في الحياة، فهو يقول بأنّ حياة الإنسان الصالح هي حياة متنامية دوماً، وهي في تقدّمٍ وتطوّر وتنمية متواصلة لا تقف ولا تهدأ، إنّ الإنسان الصالح هو الإنسان الذي إذا اشتغل بعلم كان همّه أن يتقّدم في المعرفة كلّ يوم ويزداد علماً كلّ يوم، ولا يقف مغترّاً بما علم ولو ليوم واحد، وإذا اشتغل في تجارة كان لله فيها رضا فإنّه يعمل باستمرار ويتقدّم ويطوّر أدواته باستمرار، ولا يقف عند حدّ، وكذلك إذا كان يعمل في مجالٍ خدميّ للناس أو في وظيفة حكوميّة فهو لا يعيش (الروتين) القاتل ويتوقّف في تطوّره ونموّه حتى لتجده هو نفسه الذي كان قبل ثلاثين عاماً.
وفي اطار التنمية والتطوير يتمتع العديد من طلبة المدارس بمواهب وقدرات كامنة قادرة على الإبداع، ومثل هؤلاء الطلبة بحاجة ماسة الى توجيه ورعاية لمثل هذه المواهب، وللأسف فإن العديد من المعلمين يرتكبون العديد من الأخطاء التي من شأنها قتل مثل هذه المواهب والإبداعات دون اَي وعي منهم.
فإن الطفل الموهوب عادة يمتاز بتفوقه اللغوي وتميزه في القراءة والكتابة ودقة الذاكرة بالإضافة الى سعة الخيال والانتباه للتفاصيل والقدرة على حل المشكلات وسرعة التكيف مع المواقف والقدرة على الربط بين الامور وتحليل المواقف كما يتميز بكونه قياديا في اغلب الاوقات.
من اهم الأسباب التي قد تؤدي الى تدمير موهبة الطفل هو عدم الاكتشاف المبكر لها من جانب الاسرة اولا ومن جانب المدرسة لاحقا، حيث ان المعلم عامل أساسي في اكتشاف موهبة الطالب والعمل على تنميتها، ومن العوامل الاخرى التي من شأنها تدمير موهبة الطلبة هو وجود ثقافات مجتمعية عامة ترتكز على عدم الاعتراف بجدوى المواهب واهميتها في تشكيل مستقبل الطلبة، بالإضافة الى غياب دور المؤسسات العامة والخاصة التي ترعى المبدعين وذوي القدرات الخاصة.
ولما كان المعلم هو العنصر الأساسي على المستوى التنفيذي لرعاية مواهب الطلبة فإننا نتحدث عن أساليب تدريسية حديثة وأنماط سلوكية ابداعية والتي تتضمن أنشطة تدريسية موجهة لتنمية قدرات ومواهب الطلبة قائمة على الابتكار والتجديد، ومن هنا لا بد من الحديث عن العلم الحديث الممزوج بالقيم والاخلاق والفضائل.
ما من شك ان الطلبة الموهوبين هم ثروة الأمة ومستقبلها اذا ما احسنت رعايتهم فهم اهم مواردنا وأكثرها قيمة لذلك يجب التأكيد على دور المعلم في رعاية المواهب وفتح كل الأبواب الممكنة أمامها لتنمو وتتحول فيما بعد الى إنجاز مجتمعي، ان المعلم الناجح أفضل من كل الوسائل التكنولوجية وان المنهاج المناسب واساليب التدريس والتقييم الملائمة هي الأكثر جدوى، ففي نهاية المطاف الطلبة بحاجة الى معلمين متميزين قادرين على إعداد جيل من الموهوبين بما يخدم تطلعات المجتمع لمواكبة الحداثة في اطار الاصالة، ودونه خرط القتاد.

حسن الهاشمي
وجّه ممثل المرجعية الدينية العليا والمتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد احمد الصافي بتعزيز التعاون بين العتبة العباسية المقدسة والجامعات العراقية في المجالات العلمية والدينية والثقافية، بما يخدم العملية التربوية.
جاء ذلك خلال استقباله عميد كلية التربية للعلوم الإنسانية في جامعة ذي قار الدكتور حيدر حسين كاطع، السبت، 20 يناير 2024م واستماعه إلى شرحٍ مفصّل حول الكلّية وملاكاتها التدريسية وطلبتها، والإقبال عليها الذي شهد زيادة هذا العام.
وذكر السيد الصافي في حديثه، أنه "يفترض أن يُولى اهتمامٌ بالغ وكبير بكلّيات التربية في العراق، لأنّ مخرجاتها العلمية والتعليمية لها علاقة بالمجتمع، ورعاية الطلبة الذين سيقودون المسيرة التعليمية لأبنائنا طلبة المدارس المتوسّطة والإعدادية مستقبلاً، فالمدرّس المتخرّج منها يفترض به أن يحمل همّ البلد ويعيشه ويزرع في نفسه انتماءه له، وهذا ما ينبغي على التدريسيّين العمل عليه".
لقد ورد عنهم عليهم السلام: (حب الوطن من الإيمان) سفينة البحار ج2 ص668 . دعوة الاسلام للانتماء للوطن ليست دعوة الى الانتماء للتراب المجرد، ولا هي دعوة للانتماء لمكان الولادة، ولا هي دعوة للانتماء العشوائي، بقدر ما هي دعوة للانتماء الى الوطن الذي من خلاله نحافظ على الدين والانسانية، لأن به يعز الدين، وتعلو كلمة الله، وهو قوة للإسلام، ومحل استقرار وهدوء للمسلمين، وموضع بناء القوة فكرياً وروحياً ومادياً، ثم الحركة على صعيد التنفيذ للانتقال إلى الوضع الأفضل والأمثل، أما حيث الغربة وعدم الاستقرار، فهناك الضياع، وهدر الطاقات، وحيث لا يجد الإنسان الفرصة للتأمل والتفكير في واقعه، ولا في مستقبله، ولو أنه استطاع ذلك، فلسوف لا يستطيع تنفيذ قراراته، لعدم المركزية التي تمنحه الحركة المنظمة والثابتة، ثم التركيز والاستمرار.
تتمسك وتهتم الدول في العالم المتقدم والمتحضر بالحفاظ على مؤسساتها التربوية والتعليمية وتجتهد في تطويرها وتحديثها، وعدم جعلها خليطا او حالة ازدواجية تتخللها مناهج وافكار ليس بمقدورها ارساء قواعد بناء الانسان والعلم والمعرفة والتنوير التي تصب في بناء الدولة القوية، ما يلزم الدولة بضرورة الحرص على صياغة واعداد المناهج بالشكل الذي يبعدها عن الانقسامات والتصدع والتشتت والتمايز الطبقي والبيئي، وينصب تركيز مؤسسات الدولة التربوية والتعلمية والثقافية على الاهتمام بالتعليم الوطني وإبعاده عن اي تجاذبات تخلق او تؤدي الى بيئة اجتماعية ضعيفة قابلة للاختراق او الانحراف؛ ما يؤدي الى مجتمع متفكك وشخصية ضعيفة غير متكاملة الهوية.
ومن هذا المنطلق وعلى هذا الاساس يبنى ويبرز دور منظومة المؤسسات التربوية والتعلمية العلمية المهنية الصحيحة في غرس المهام المنوطة بها وتعزيز قيم الوحدة الوطنية بين هذه الاصول المتعددة وصهرها في البوتقة الوطنية للدولة، وهذا بالضبط ما نحتاجه في العراق لخلق وبناء مجتمع واحد تتحقق فيه كل مستلزمات البناء المجتمعي والامن والسلام الذي يؤدي بالنتيجة الى العيش المشترك في ظل منظومة موحدة هي منظومة التعايش السلمي بين المكونات، وهذا النهج نراه راسخا في حكومة العدل العلوية، عن رجل بلغ به أمير المؤمنين عليه السلام قال: (مر شيخ مكفوف كبير يسأل، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما هذا قالوا: يا أمير المؤمنين نصراني، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه، أنفقوا عليه من بيت المال) وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ١٥ - ص ٦٦.
وكل ما حدث في العراق من تشرذم وخلافات طائفية عنصرية مذهبية ادت الى ضياع الهوية الوطنية كان بسبب تردي وتراجع دور العملية التربوية والتعليمية بعد ان فقدت سماتها ورؤاها الواضحة والمطلوبة في بناء المجتمع والحفاظ عليه متماسكا، ومنع وقوع الخلافات والتمايز وشيوع الارهاب الفكري الذي انتشر في المجتمع، ناهيك عن الانتشار العشوائي لبعض المؤسسات والجمعيات والمدارس الأهلية بهيكليات ومنظومات تكون احيانا بعيده عن سيطرة الدولة وغير خاضعة للذوق العام الذي يلبي حاجات الانسان المادية والمعنوية في آن واحد، والتي غذت ـ وللاسف ـ بشكل وباخر افكار التطرف والغلو في الدين ونبذت روح المواطنة والانتماء للوطن؛ ما عمّق التفكك الاجتماعي وصدّع العلاقات الانسانية فيه، وبالتالي اصبحت المنظومة القيمية والامنية والهوية الوطنية في خطر كبير ما لم يتم تداركها بالتصويب والعمل الجاد في اجراء عملية قيصرية في الاصلاح والتجديد والتطوير.
انطلاقا من مقولة الإمام الصادق عليه السلام: (العالم بزمانه، لا تهجم عليه اللوابس) تحف العقول للحراني: ٣٥٦. اصبح من الضروري القيام بعمليات اصلاح شامل لمؤسساتنا وعملياتنا التربوية والتعلمية بإدخال مواد ومفاهيم جديدة وعصرية بمقدورها تعزيز وبناء تربية المواطن والاهتمام بالمفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان وادخالها في مناهج وكتب التربية والتعليم بشكلها الهادف والمدروس الذي يتلاءم وطبيعة المرحلة وما افرزته عولمة الشبكة العنكبوتية وما فيها وما عليها، وبطريقة تحقق قفزة نوعية في خطط الاصلاح لخلق واقع ثقافي سياسي علمي يرتقي لبناء مجتمع ومواطنين مبدعين يؤمنون بالدفاع عن الحريات والدمقراطية والعيش المشترك ضمن الأنظمة والقوانين.
وهذا يلزم الدولة القيام بخطوات عملية لتجسيد المفاهيم والبرامج والاهداف بشكل علمي على ارض الواقع لإعداد الشباب بشكل خاص والمواطنين بشكل عام لمواجهة التحديات والتحولات وتحمّل المسؤولية، وهذا بحاجة ماسة الى تصاعد قوة الدولة، وهنا تبرز الحاجة لفك الاشتباكات والتناقضات الموجودة في مناهج التربية والتعليم والمقرارات الاخرى، فضلا عن تشجيع الاساليب والممارسات والمهارات والمشاركات اللازمة للمواطنة العصرية بدلا من الممارسات البالية كالتلقين والحفظ المجرد على ظهر القلب، من دون فهم او استيعاب.
وبيّن السيد الصافي أن "الطالب يتأثّر بالأستاذ بشكلٍ كبير كتأثّر الولد بالأب، وهذا التأثّر ينبغي أن يكون إيجابياً ومثمراً، وشعور بعض المدرّسين أنهم غير قادرين على التغيير مفهوم خاطئ يجب الانتباه له وتصحيحه".
ولفت إلى أن "الاهتمام بالعملية التربوية والتعليمية واستخدام الأسلوب الناجح والسليم للطالب، وكيفية احترامه للمدرّس يُثمر في إنتاج طالبٍ ناجح، ما يتطلّب الاهتمام بالطلبة لكونهم سيكونون مربّين للأجيال في المستقبل".
وأكّد على أن "الجيل الحالي فيه الأمل لكنّه يحتاج إلى من يوجّهه إلى الطريق الصحيح والسليم، ليوقد في داخله هذا الأمل، ولكي نصل الى هذا الهدف لابد من بذل قصارى الجهود لإيصال المادّة العلمية للطالب والاهتمام به".
وهذا يأتي متناسقا مع الحديث العلوي الشريف: (من استوى يوماه فهو مغبون) تحف العقول للحراني: ٣٥٦. هذا الحديث يؤسّس مبدأ هامّاً من مبادى العمل الصالح في الحياة، فهو يقول بأنّ حياة الإنسان الصالح هي حياة متنامية دوماً، وهي في تقدّمٍ وتطوّر وتنمية متواصلة لا تقف ولا تهدأ، إنّ الإنسان الصالح هو الإنسان الذي إذا اشتغل بعلم كان همّه أن يتقّدم في المعرفة كلّ يوم ويزداد علماً كلّ يوم، ولا يقف مغترّاً بما علم ولو ليوم واحد، وإذا اشتغل في تجارة كان لله فيها رضا فإنّه يعمل باستمرار ويتقدّم ويطوّر أدواته باستمرار، ولا يقف عند حدّ، وكذلك إذا كان يعمل في مجالٍ خدميّ للناس أو في وظيفة حكوميّة فهو لا يعيش (الروتين) القاتل ويتوقّف في تطوّره ونموّه حتى لتجده هو نفسه الذي كان قبل ثلاثين عاماً.
وفي اطار التنمية والتطوير يتمتع العديد من طلبة المدارس بمواهب وقدرات كامنة قادرة على الإبداع، ومثل هؤلاء الطلبة بحاجة ماسة الى توجيه ورعاية لمثل هذه المواهب، وللأسف فإن العديد من المعلمين يرتكبون العديد من الأخطاء التي من شأنها قتل مثل هذه المواهب والإبداعات دون اَي وعي منهم.
فإن الطفل الموهوب عادة يمتاز بتفوقه اللغوي وتميزه في القراءة والكتابة ودقة الذاكرة بالإضافة الى سعة الخيال والانتباه للتفاصيل والقدرة على حل المشكلات وسرعة التكيف مع المواقف والقدرة على الربط بين الامور وتحليل المواقف كما يتميز بكونه قياديا في اغلب الاوقات.
من اهم الأسباب التي قد تؤدي الى تدمير موهبة الطفل هو عدم الاكتشاف المبكر لها من جانب الاسرة اولا ومن جانب المدرسة لاحقا، حيث ان المعلم عامل أساسي في اكتشاف موهبة الطالب والعمل على تنميتها، ومن العوامل الاخرى التي من شأنها تدمير موهبة الطلبة هو وجود ثقافات مجتمعية عامة ترتكز على عدم الاعتراف بجدوى المواهب واهميتها في تشكيل مستقبل الطلبة، بالإضافة الى غياب دور المؤسسات العامة والخاصة التي ترعى المبدعين وذوي القدرات الخاصة.
ولما كان المعلم هو العنصر الأساسي على المستوى التنفيذي لرعاية مواهب الطلبة فإننا نتحدث عن أساليب تدريسية حديثة وأنماط سلوكية ابداعية والتي تتضمن أنشطة تدريسية موجهة لتنمية قدرات ومواهب الطلبة قائمة على الابتكار والتجديد، ومن هنا لا بد من الحديث عن العلم الحديث الممزوج بالقيم والاخلاق والفضائل.
ما من شك ان الطلبة الموهوبين هم ثروة الأمة ومستقبلها اذا ما احسنت رعايتهم فهم اهم مواردنا وأكثرها قيمة لذلك يجب التأكيد على دور المعلم في رعاية المواهب وفتح كل الأبواب الممكنة أمامها لتنمو وتتحول فيما بعد الى إنجاز مجتمعي، ان المعلم الناجح أفضل من كل الوسائل التكنولوجية وان المنهاج المناسب واساليب التدريس والتقييم الملائمة هي الأكثر جدوى، ففي نهاية المطاف الطلبة بحاجة الى معلمين متميزين قادرين على إعداد جيل من الموهوبين بما يخدم تطلعات المجتمع لمواكبة الحداثة في اطار الاصالة، ودونه خرط القتاد.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ساعات
2025/10/22م
لليوم اتذكر تلك اللحظات عند اول مرة اشارك بالانتخابات حيث كنت اشعر انني اقوم بفعل عظيم الروح الثورية تقودني نحو صناديق الانتخابات لاختار من يمثلني بكل حرية لست وحدي من شملني هذا الاحساس بل كانت الفرحة على وجوه كل الناس فهم يرسمون مستقبل العراق ويمكن ان نطلق عليها ثورة البنفسج رجال ونساء شيوخ وشباب... المزيد
عدد المقالات : 25
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ساعات
2025/10/22م
️ دورها بعد سقوط الطاغية: ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د.أمل الأسدي سنتتبع هنا حضور المرأة في المشهد الحياتي العام، وهي بذلك ستكون منتظمة بالصفتين التي حددناها سابقا(نساء الفطرة،النساء المتعلمات) فقد كانت المرأة العراقية هي الأم الصابرة، والمرأة الملاحقة بنيران الطـ،ائفية من... المزيد
عدد المقالات : 91
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ساعات
2025/10/22م
حسن الهاشمي المقدمة: لولا هشاشة الأرض التي نقف عليها، ولولا الجهل الديني الذي يلف الكثير من شرائح مجتمعنا ولا سيما الشباب منهم، ولولا تقصير الطبقة المثقفة في إيصال الفكر النير الى القلوب الوالهة، ولولا عبث العابثين وزيف المتملقين وتربص المتربصين وحياكة المتزلفين، لما ترعرعت الحركات المنحرفة في... المزيد
عدد المقالات : 343
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ساعات
2025/10/22م
في محاولة شخصية مني لتثقيف الأجيال الجديدة، جعلت من صفحتي على "فيسبوك" منبرًا لنشر فضائح حكم الطاغية صدام. لذلك، تجد في صفحتي منشورات يومية عن فضائح الطاغية صدام. ومع استمرار النشر حول أكاذيب وفضائح حكم صدام في العراق، أجد "البعض" يجادل ويرفض الحقائق المدعمة بوثائق تثبت سفاهة صدام، بل وسقوطه في بئر... المزيد
عدد المقالات : 25
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2025/08/13م
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط التاريخ أسماءٌ كالشموس، بينما توارت في حنايا الظل أسماءٌ أُخر، لوّحتْ أقلامُها بمِدادٍ من لهيبٍ لا يقلُّ حممًا عن دماء السيوف في ساحات الوغى. أولئك كانوا حَمَلَةَ هَمِّ آل البيت الكرام، فكانت قصائدُهم صرخةَ حقٍّ تُردِّدُها... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2025/08/13م
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان يعاني من فقرٍ شديد. رغم ذلك، لم يشكُ يومًا ولم يطلب من أحد، بل كان دائم التوكل على الله. في ليلةٍ شتويةٍ عاصفة، ضاعت ماشية أحد أغنياء القرية في الجبال. أرسل الرجل خدمه للبحث، لكنهم عادوا خائبين. حينها، تقدم هشام... المزيد
عدد المقالات : 12
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2025/08/12م
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ وهموم وطنٍ مزقته رياحُ الظلم. إنه ليس مجرد شاعرٍ ينسج الكلمات، بل **مؤرِّخٌ للجرح** بصوته الشعبي الصادق، و**مناضلٌ بالكلمة** في ساحات المواجهة ضد الطغيان. فشعره **سيفٌ مصقول** من حقائق المعاناة، و**مرآةٌ عاكسة** لتاريخ... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2025/08/12م
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه "يعقوب"، رجل عُرف يومًا بحكمته الراجحة ولسانه البليغ، لكنه اليوم بات شبحًا لمن كان. نشب خلاف بين تاجرين، وارتفعت الأصوات، فتوجهت الأنظار إلى يعقوب، الذي كان الحَكم في مثل هذه النزاعات. قال أحدهم: "يا يعقوب، احكم... المزيد
عدد المقالات : 12
علمية
منذ فجر التاريخ والإنسان يحاول فهم القوى التي تحرك الطبيعة وتسيّر الظواهر من حوله. فمشاهدة سقوط الأجسام، تدفق المياه، اشتعال النار أو دوران الكواكب، كلها طرحت سؤالًا جوهريًا: هل هناك مبدأ شامل يحكم التغيرات ويضمن أن ما يضيع في عملية ما يظهر في... المزيد
منذ تسمية الكادر التدريبي المحلي للمنتخب الاولمبي العراقي والاحباط واضح على الجماهير العراقية والتي كانت تنتظر تسمية مدرب اوربي بثقافة كروية حديثة كي يقوم بتطوير اللاعبين الشباب ليكونوا جاهزين لتمثيل المنتخب الوطني لاحقا لضمان حالة التجدد... المزيد
الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام يعد من أعظم العلماء الذين جمعوا بين علوم الدين وعلوم الطبيعة فقد كان إمامًا في الفقه والتفسير والكلام والعقيدة لكنه في الوقت نفسه ترك بصمة عميقة في العلوم التطبيقية مثل الكيمياء والفيزياء والطب وقد شهد... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
علماء السنة يقولون ما أخذنا العطاء حتى...
عبد العباس الجياشي
2024/12/20م     
دور الجغرافية في حماية الغلاف الجوي من...
علي الفتلاوي
2025/08/12م     
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/09/29
صدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، كتاباً توثيقياً حمل عنوان: (تاريخ السدانة في العتبة العباسية...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
2025/09/29
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com