1

بمختلف الألوان
إنَّ الفَضلَ في كتابِ اللهِ عَظيمٌ، واسِعٌ لا يُحَدُّ، فَقَد أغدَقَ اللهُ تَعالى على عِبادِهِ نِعَمًا ظاهِرَةً وباطِنَةً، مَنَحَهُمُ المالَ والبَنينَ، وأعلى شأنَهُم بالعِزَّةِ والكرامَةِ. وهذا الفَضلُ الإلهيُّ ليسَ مَحصُورًا في النِّعَمِ الدُّنيَوِيَّةِ فَحَسبُ، بَلْ يَتَجَلَّى بأسمَى... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اجتماعية
العملية التربوية بين الانتماء الوطني وتفتق المواهب عند السيد الصافي
عدد المقالات : 331
حسن الهاشمي
وجّه ممثل المرجعية الدينية العليا والمتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد احمد الصافي بتعزيز التعاون بين العتبة العباسية المقدسة والجامعات العراقية في المجالات العلمية والدينية والثقافية، بما يخدم العملية التربوية.
جاء ذلك خلال استقباله عميد كلية التربية للعلوم الإنسانية في جامعة ذي قار الدكتور حيدر حسين كاطع، السبت، 20 يناير 2024م واستماعه إلى شرحٍ مفصّل حول الكلّية وملاكاتها التدريسية وطلبتها، والإقبال عليها الذي شهد زيادة هذا العام.
وذكر السيد الصافي في حديثه، أنه "يفترض أن يُولى اهتمامٌ بالغ وكبير بكلّيات التربية في العراق، لأنّ مخرجاتها العلمية والتعليمية لها علاقة بالمجتمع، ورعاية الطلبة الذين سيقودون المسيرة التعليمية لأبنائنا طلبة المدارس المتوسّطة والإعدادية مستقبلاً، فالمدرّس المتخرّج منها يفترض به أن يحمل همّ البلد ويعيشه ويزرع في نفسه انتماءه له، وهذا ما ينبغي على التدريسيّين العمل عليه".
لقد ورد عنهم عليهم السلام: (حب الوطن من الإيمان) سفينة البحار ج2 ص668 . دعوة الاسلام للانتماء للوطن ليست دعوة الى الانتماء للتراب المجرد، ولا هي دعوة للانتماء لمكان الولادة، ولا هي دعوة للانتماء العشوائي، بقدر ما هي دعوة للانتماء الى الوطن الذي من خلاله نحافظ على الدين والانسانية، لأن به يعز الدين، وتعلو كلمة الله، وهو قوة للإسلام، ومحل استقرار وهدوء للمسلمين، وموضع بناء القوة فكرياً وروحياً ومادياً، ثم الحركة على صعيد التنفيذ للانتقال إلى الوضع الأفضل والأمثل، أما حيث الغربة وعدم الاستقرار، فهناك الضياع، وهدر الطاقات، وحيث لا يجد الإنسان الفرصة للتأمل والتفكير في واقعه، ولا في مستقبله، ولو أنه استطاع ذلك، فلسوف لا يستطيع تنفيذ قراراته، لعدم المركزية التي تمنحه الحركة المنظمة والثابتة، ثم التركيز والاستمرار.
تتمسك وتهتم الدول في العالم المتقدم والمتحضر بالحفاظ على مؤسساتها التربوية والتعليمية وتجتهد في تطويرها وتحديثها، وعدم جعلها خليطا او حالة ازدواجية تتخللها مناهج وافكار ليس بمقدورها ارساء قواعد بناء الانسان والعلم والمعرفة والتنوير التي تصب في بناء الدولة القوية، ما يلزم الدولة بضرورة الحرص على صياغة واعداد المناهج بالشكل الذي يبعدها عن الانقسامات والتصدع والتشتت والتمايز الطبقي والبيئي، وينصب تركيز مؤسسات الدولة التربوية والتعلمية والثقافية على الاهتمام بالتعليم الوطني وإبعاده عن اي تجاذبات تخلق او تؤدي الى بيئة اجتماعية ضعيفة قابلة للاختراق او الانحراف؛ ما يؤدي الى مجتمع متفكك وشخصية ضعيفة غير متكاملة الهوية.
ومن هذا المنطلق وعلى هذا الاساس يبنى ويبرز دور منظومة المؤسسات التربوية والتعلمية العلمية المهنية الصحيحة في غرس المهام المنوطة بها وتعزيز قيم الوحدة الوطنية بين هذه الاصول المتعددة وصهرها في البوتقة الوطنية للدولة، وهذا بالضبط ما نحتاجه في العراق لخلق وبناء مجتمع واحد تتحقق فيه كل مستلزمات البناء المجتمعي والامن والسلام الذي يؤدي بالنتيجة الى العيش المشترك في ظل منظومة موحدة هي منظومة التعايش السلمي بين المكونات، وهذا النهج نراه راسخا في حكومة العدل العلوية، عن رجل بلغ به أمير المؤمنين عليه السلام قال: (مر شيخ مكفوف كبير يسأل، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما هذا قالوا: يا أمير المؤمنين نصراني، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه، أنفقوا عليه من بيت المال) وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ١٥ - ص ٦٦.
وكل ما حدث في العراق من تشرذم وخلافات طائفية عنصرية مذهبية ادت الى ضياع الهوية الوطنية كان بسبب تردي وتراجع دور العملية التربوية والتعليمية بعد ان فقدت سماتها ورؤاها الواضحة والمطلوبة في بناء المجتمع والحفاظ عليه متماسكا، ومنع وقوع الخلافات والتمايز وشيوع الارهاب الفكري الذي انتشر في المجتمع، ناهيك عن الانتشار العشوائي لبعض المؤسسات والجمعيات والمدارس الأهلية بهيكليات ومنظومات تكون احيانا بعيده عن سيطرة الدولة وغير خاضعة للذوق العام الذي يلبي حاجات الانسان المادية والمعنوية في آن واحد، والتي غذت ـ وللاسف ـ بشكل وباخر افكار التطرف والغلو في الدين ونبذت روح المواطنة والانتماء للوطن؛ ما عمّق التفكك الاجتماعي وصدّع العلاقات الانسانية فيه، وبالتالي اصبحت المنظومة القيمية والامنية والهوية الوطنية في خطر كبير ما لم يتم تداركها بالتصويب والعمل الجاد في اجراء عملية قيصرية في الاصلاح والتجديد والتطوير.
انطلاقا من مقولة الإمام الصادق عليه السلام: (العالم بزمانه، لا تهجم عليه اللوابس) تحف العقول للحراني: ٣٥٦. اصبح من الضروري القيام بعمليات اصلاح شامل لمؤسساتنا وعملياتنا التربوية والتعلمية بإدخال مواد ومفاهيم جديدة وعصرية بمقدورها تعزيز وبناء تربية المواطن والاهتمام بالمفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان وادخالها في مناهج وكتب التربية والتعليم بشكلها الهادف والمدروس الذي يتلاءم وطبيعة المرحلة وما افرزته عولمة الشبكة العنكبوتية وما فيها وما عليها، وبطريقة تحقق قفزة نوعية في خطط الاصلاح لخلق واقع ثقافي سياسي علمي يرتقي لبناء مجتمع ومواطنين مبدعين يؤمنون بالدفاع عن الحريات والدمقراطية والعيش المشترك ضمن الأنظمة والقوانين.
وهذا يلزم الدولة القيام بخطوات عملية لتجسيد المفاهيم والبرامج والاهداف بشكل علمي على ارض الواقع لإعداد الشباب بشكل خاص والمواطنين بشكل عام لمواجهة التحديات والتحولات وتحمّل المسؤولية، وهذا بحاجة ماسة الى تصاعد قوة الدولة، وهنا تبرز الحاجة لفك الاشتباكات والتناقضات الموجودة في مناهج التربية والتعليم والمقرارات الاخرى، فضلا عن تشجيع الاساليب والممارسات والمهارات والمشاركات اللازمة للمواطنة العصرية بدلا من الممارسات البالية كالتلقين والحفظ المجرد على ظهر القلب، من دون فهم او استيعاب.
وبيّن السيد الصافي أن "الطالب يتأثّر بالأستاذ بشكلٍ كبير كتأثّر الولد بالأب، وهذا التأثّر ينبغي أن يكون إيجابياً ومثمراً، وشعور بعض المدرّسين أنهم غير قادرين على التغيير مفهوم خاطئ يجب الانتباه له وتصحيحه".
ولفت إلى أن "الاهتمام بالعملية التربوية والتعليمية واستخدام الأسلوب الناجح والسليم للطالب، وكيفية احترامه للمدرّس يُثمر في إنتاج طالبٍ ناجح، ما يتطلّب الاهتمام بالطلبة لكونهم سيكونون مربّين للأجيال في المستقبل".
وأكّد على أن "الجيل الحالي فيه الأمل لكنّه يحتاج إلى من يوجّهه إلى الطريق الصحيح والسليم، ليوقد في داخله هذا الأمل، ولكي نصل الى هذا الهدف لابد من بذل قصارى الجهود لإيصال المادّة العلمية للطالب والاهتمام به".
وهذا يأتي متناسقا مع الحديث العلوي الشريف: (من استوى يوماه فهو مغبون) تحف العقول للحراني: ٣٥٦. هذا الحديث يؤسّس مبدأ هامّاً من مبادى العمل الصالح في الحياة، فهو يقول بأنّ حياة الإنسان الصالح هي حياة متنامية دوماً، وهي في تقدّمٍ وتطوّر وتنمية متواصلة لا تقف ولا تهدأ، إنّ الإنسان الصالح هو الإنسان الذي إذا اشتغل بعلم كان همّه أن يتقّدم في المعرفة كلّ يوم ويزداد علماً كلّ يوم، ولا يقف مغترّاً بما علم ولو ليوم واحد، وإذا اشتغل في تجارة كان لله فيها رضا فإنّه يعمل باستمرار ويتقدّم ويطوّر أدواته باستمرار، ولا يقف عند حدّ، وكذلك إذا كان يعمل في مجالٍ خدميّ للناس أو في وظيفة حكوميّة فهو لا يعيش (الروتين) القاتل ويتوقّف في تطوّره ونموّه حتى لتجده هو نفسه الذي كان قبل ثلاثين عاماً.
وفي اطار التنمية والتطوير يتمتع العديد من طلبة المدارس بمواهب وقدرات كامنة قادرة على الإبداع، ومثل هؤلاء الطلبة بحاجة ماسة الى توجيه ورعاية لمثل هذه المواهب، وللأسف فإن العديد من المعلمين يرتكبون العديد من الأخطاء التي من شأنها قتل مثل هذه المواهب والإبداعات دون اَي وعي منهم.
فإن الطفل الموهوب عادة يمتاز بتفوقه اللغوي وتميزه في القراءة والكتابة ودقة الذاكرة بالإضافة الى سعة الخيال والانتباه للتفاصيل والقدرة على حل المشكلات وسرعة التكيف مع المواقف والقدرة على الربط بين الامور وتحليل المواقف كما يتميز بكونه قياديا في اغلب الاوقات.
من اهم الأسباب التي قد تؤدي الى تدمير موهبة الطفل هو عدم الاكتشاف المبكر لها من جانب الاسرة اولا ومن جانب المدرسة لاحقا، حيث ان المعلم عامل أساسي في اكتشاف موهبة الطالب والعمل على تنميتها، ومن العوامل الاخرى التي من شأنها تدمير موهبة الطلبة هو وجود ثقافات مجتمعية عامة ترتكز على عدم الاعتراف بجدوى المواهب واهميتها في تشكيل مستقبل الطلبة، بالإضافة الى غياب دور المؤسسات العامة والخاصة التي ترعى المبدعين وذوي القدرات الخاصة.
ولما كان المعلم هو العنصر الأساسي على المستوى التنفيذي لرعاية مواهب الطلبة فإننا نتحدث عن أساليب تدريسية حديثة وأنماط سلوكية ابداعية والتي تتضمن أنشطة تدريسية موجهة لتنمية قدرات ومواهب الطلبة قائمة على الابتكار والتجديد، ومن هنا لا بد من الحديث عن العلم الحديث الممزوج بالقيم والاخلاق والفضائل.
ما من شك ان الطلبة الموهوبين هم ثروة الأمة ومستقبلها اذا ما احسنت رعايتهم فهم اهم مواردنا وأكثرها قيمة لذلك يجب التأكيد على دور المعلم في رعاية المواهب وفتح كل الأبواب الممكنة أمامها لتنمو وتتحول فيما بعد الى إنجاز مجتمعي، ان المعلم الناجح أفضل من كل الوسائل التكنولوجية وان المنهاج المناسب واساليب التدريس والتقييم الملائمة هي الأكثر جدوى، ففي نهاية المطاف الطلبة بحاجة الى معلمين متميزين قادرين على إعداد جيل من الموهوبين بما يخدم تطلعات المجتمع لمواكبة الحداثة في اطار الاصالة، ودونه خرط القتاد.

حسن الهاشمي
وجّه ممثل المرجعية الدينية العليا والمتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد احمد الصافي بتعزيز التعاون بين العتبة العباسية المقدسة والجامعات العراقية في المجالات العلمية والدينية والثقافية، بما يخدم العملية التربوية.
جاء ذلك خلال استقباله عميد كلية التربية للعلوم الإنسانية في جامعة ذي قار الدكتور حيدر حسين كاطع، السبت، 20 يناير 2024م واستماعه إلى شرحٍ مفصّل حول الكلّية وملاكاتها التدريسية وطلبتها، والإقبال عليها الذي شهد زيادة هذا العام.
وذكر السيد الصافي في حديثه، أنه "يفترض أن يُولى اهتمامٌ بالغ وكبير بكلّيات التربية في العراق، لأنّ مخرجاتها العلمية والتعليمية لها علاقة بالمجتمع، ورعاية الطلبة الذين سيقودون المسيرة التعليمية لأبنائنا طلبة المدارس المتوسّطة والإعدادية مستقبلاً، فالمدرّس المتخرّج منها يفترض به أن يحمل همّ البلد ويعيشه ويزرع في نفسه انتماءه له، وهذا ما ينبغي على التدريسيّين العمل عليه".
لقد ورد عنهم عليهم السلام: (حب الوطن من الإيمان) سفينة البحار ج2 ص668 . دعوة الاسلام للانتماء للوطن ليست دعوة الى الانتماء للتراب المجرد، ولا هي دعوة للانتماء لمكان الولادة، ولا هي دعوة للانتماء العشوائي، بقدر ما هي دعوة للانتماء الى الوطن الذي من خلاله نحافظ على الدين والانسانية، لأن به يعز الدين، وتعلو كلمة الله، وهو قوة للإسلام، ومحل استقرار وهدوء للمسلمين، وموضع بناء القوة فكرياً وروحياً ومادياً، ثم الحركة على صعيد التنفيذ للانتقال إلى الوضع الأفضل والأمثل، أما حيث الغربة وعدم الاستقرار، فهناك الضياع، وهدر الطاقات، وحيث لا يجد الإنسان الفرصة للتأمل والتفكير في واقعه، ولا في مستقبله، ولو أنه استطاع ذلك، فلسوف لا يستطيع تنفيذ قراراته، لعدم المركزية التي تمنحه الحركة المنظمة والثابتة، ثم التركيز والاستمرار.
تتمسك وتهتم الدول في العالم المتقدم والمتحضر بالحفاظ على مؤسساتها التربوية والتعليمية وتجتهد في تطويرها وتحديثها، وعدم جعلها خليطا او حالة ازدواجية تتخللها مناهج وافكار ليس بمقدورها ارساء قواعد بناء الانسان والعلم والمعرفة والتنوير التي تصب في بناء الدولة القوية، ما يلزم الدولة بضرورة الحرص على صياغة واعداد المناهج بالشكل الذي يبعدها عن الانقسامات والتصدع والتشتت والتمايز الطبقي والبيئي، وينصب تركيز مؤسسات الدولة التربوية والتعلمية والثقافية على الاهتمام بالتعليم الوطني وإبعاده عن اي تجاذبات تخلق او تؤدي الى بيئة اجتماعية ضعيفة قابلة للاختراق او الانحراف؛ ما يؤدي الى مجتمع متفكك وشخصية ضعيفة غير متكاملة الهوية.
ومن هذا المنطلق وعلى هذا الاساس يبنى ويبرز دور منظومة المؤسسات التربوية والتعلمية العلمية المهنية الصحيحة في غرس المهام المنوطة بها وتعزيز قيم الوحدة الوطنية بين هذه الاصول المتعددة وصهرها في البوتقة الوطنية للدولة، وهذا بالضبط ما نحتاجه في العراق لخلق وبناء مجتمع واحد تتحقق فيه كل مستلزمات البناء المجتمعي والامن والسلام الذي يؤدي بالنتيجة الى العيش المشترك في ظل منظومة موحدة هي منظومة التعايش السلمي بين المكونات، وهذا النهج نراه راسخا في حكومة العدل العلوية، عن رجل بلغ به أمير المؤمنين عليه السلام قال: (مر شيخ مكفوف كبير يسأل، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما هذا قالوا: يا أمير المؤمنين نصراني، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه، أنفقوا عليه من بيت المال) وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ١٥ - ص ٦٦.
وكل ما حدث في العراق من تشرذم وخلافات طائفية عنصرية مذهبية ادت الى ضياع الهوية الوطنية كان بسبب تردي وتراجع دور العملية التربوية والتعليمية بعد ان فقدت سماتها ورؤاها الواضحة والمطلوبة في بناء المجتمع والحفاظ عليه متماسكا، ومنع وقوع الخلافات والتمايز وشيوع الارهاب الفكري الذي انتشر في المجتمع، ناهيك عن الانتشار العشوائي لبعض المؤسسات والجمعيات والمدارس الأهلية بهيكليات ومنظومات تكون احيانا بعيده عن سيطرة الدولة وغير خاضعة للذوق العام الذي يلبي حاجات الانسان المادية والمعنوية في آن واحد، والتي غذت ـ وللاسف ـ بشكل وباخر افكار التطرف والغلو في الدين ونبذت روح المواطنة والانتماء للوطن؛ ما عمّق التفكك الاجتماعي وصدّع العلاقات الانسانية فيه، وبالتالي اصبحت المنظومة القيمية والامنية والهوية الوطنية في خطر كبير ما لم يتم تداركها بالتصويب والعمل الجاد في اجراء عملية قيصرية في الاصلاح والتجديد والتطوير.
انطلاقا من مقولة الإمام الصادق عليه السلام: (العالم بزمانه، لا تهجم عليه اللوابس) تحف العقول للحراني: ٣٥٦. اصبح من الضروري القيام بعمليات اصلاح شامل لمؤسساتنا وعملياتنا التربوية والتعلمية بإدخال مواد ومفاهيم جديدة وعصرية بمقدورها تعزيز وبناء تربية المواطن والاهتمام بالمفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان وادخالها في مناهج وكتب التربية والتعليم بشكلها الهادف والمدروس الذي يتلاءم وطبيعة المرحلة وما افرزته عولمة الشبكة العنكبوتية وما فيها وما عليها، وبطريقة تحقق قفزة نوعية في خطط الاصلاح لخلق واقع ثقافي سياسي علمي يرتقي لبناء مجتمع ومواطنين مبدعين يؤمنون بالدفاع عن الحريات والدمقراطية والعيش المشترك ضمن الأنظمة والقوانين.
وهذا يلزم الدولة القيام بخطوات عملية لتجسيد المفاهيم والبرامج والاهداف بشكل علمي على ارض الواقع لإعداد الشباب بشكل خاص والمواطنين بشكل عام لمواجهة التحديات والتحولات وتحمّل المسؤولية، وهذا بحاجة ماسة الى تصاعد قوة الدولة، وهنا تبرز الحاجة لفك الاشتباكات والتناقضات الموجودة في مناهج التربية والتعليم والمقرارات الاخرى، فضلا عن تشجيع الاساليب والممارسات والمهارات والمشاركات اللازمة للمواطنة العصرية بدلا من الممارسات البالية كالتلقين والحفظ المجرد على ظهر القلب، من دون فهم او استيعاب.
وبيّن السيد الصافي أن "الطالب يتأثّر بالأستاذ بشكلٍ كبير كتأثّر الولد بالأب، وهذا التأثّر ينبغي أن يكون إيجابياً ومثمراً، وشعور بعض المدرّسين أنهم غير قادرين على التغيير مفهوم خاطئ يجب الانتباه له وتصحيحه".
ولفت إلى أن "الاهتمام بالعملية التربوية والتعليمية واستخدام الأسلوب الناجح والسليم للطالب، وكيفية احترامه للمدرّس يُثمر في إنتاج طالبٍ ناجح، ما يتطلّب الاهتمام بالطلبة لكونهم سيكونون مربّين للأجيال في المستقبل".
وأكّد على أن "الجيل الحالي فيه الأمل لكنّه يحتاج إلى من يوجّهه إلى الطريق الصحيح والسليم، ليوقد في داخله هذا الأمل، ولكي نصل الى هذا الهدف لابد من بذل قصارى الجهود لإيصال المادّة العلمية للطالب والاهتمام به".
وهذا يأتي متناسقا مع الحديث العلوي الشريف: (من استوى يوماه فهو مغبون) تحف العقول للحراني: ٣٥٦. هذا الحديث يؤسّس مبدأ هامّاً من مبادى العمل الصالح في الحياة، فهو يقول بأنّ حياة الإنسان الصالح هي حياة متنامية دوماً، وهي في تقدّمٍ وتطوّر وتنمية متواصلة لا تقف ولا تهدأ، إنّ الإنسان الصالح هو الإنسان الذي إذا اشتغل بعلم كان همّه أن يتقّدم في المعرفة كلّ يوم ويزداد علماً كلّ يوم، ولا يقف مغترّاً بما علم ولو ليوم واحد، وإذا اشتغل في تجارة كان لله فيها رضا فإنّه يعمل باستمرار ويتقدّم ويطوّر أدواته باستمرار، ولا يقف عند حدّ، وكذلك إذا كان يعمل في مجالٍ خدميّ للناس أو في وظيفة حكوميّة فهو لا يعيش (الروتين) القاتل ويتوقّف في تطوّره ونموّه حتى لتجده هو نفسه الذي كان قبل ثلاثين عاماً.
وفي اطار التنمية والتطوير يتمتع العديد من طلبة المدارس بمواهب وقدرات كامنة قادرة على الإبداع، ومثل هؤلاء الطلبة بحاجة ماسة الى توجيه ورعاية لمثل هذه المواهب، وللأسف فإن العديد من المعلمين يرتكبون العديد من الأخطاء التي من شأنها قتل مثل هذه المواهب والإبداعات دون اَي وعي منهم.
فإن الطفل الموهوب عادة يمتاز بتفوقه اللغوي وتميزه في القراءة والكتابة ودقة الذاكرة بالإضافة الى سعة الخيال والانتباه للتفاصيل والقدرة على حل المشكلات وسرعة التكيف مع المواقف والقدرة على الربط بين الامور وتحليل المواقف كما يتميز بكونه قياديا في اغلب الاوقات.
من اهم الأسباب التي قد تؤدي الى تدمير موهبة الطفل هو عدم الاكتشاف المبكر لها من جانب الاسرة اولا ومن جانب المدرسة لاحقا، حيث ان المعلم عامل أساسي في اكتشاف موهبة الطالب والعمل على تنميتها، ومن العوامل الاخرى التي من شأنها تدمير موهبة الطلبة هو وجود ثقافات مجتمعية عامة ترتكز على عدم الاعتراف بجدوى المواهب واهميتها في تشكيل مستقبل الطلبة، بالإضافة الى غياب دور المؤسسات العامة والخاصة التي ترعى المبدعين وذوي القدرات الخاصة.
ولما كان المعلم هو العنصر الأساسي على المستوى التنفيذي لرعاية مواهب الطلبة فإننا نتحدث عن أساليب تدريسية حديثة وأنماط سلوكية ابداعية والتي تتضمن أنشطة تدريسية موجهة لتنمية قدرات ومواهب الطلبة قائمة على الابتكار والتجديد، ومن هنا لا بد من الحديث عن العلم الحديث الممزوج بالقيم والاخلاق والفضائل.
ما من شك ان الطلبة الموهوبين هم ثروة الأمة ومستقبلها اذا ما احسنت رعايتهم فهم اهم مواردنا وأكثرها قيمة لذلك يجب التأكيد على دور المعلم في رعاية المواهب وفتح كل الأبواب الممكنة أمامها لتنمو وتتحول فيما بعد الى إنجاز مجتمعي، ان المعلم الناجح أفضل من كل الوسائل التكنولوجية وان المنهاج المناسب واساليب التدريس والتقييم الملائمة هي الأكثر جدوى، ففي نهاية المطاف الطلبة بحاجة الى معلمين متميزين قادرين على إعداد جيل من الموهوبين بما يخدم تطلعات المجتمع لمواكبة الحداثة في اطار الاصالة، ودونه خرط القتاد.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 14 ساعة
2025/07/05م
حسن الهاشمي لكي نحافظ على قيمنا ومبادئنا وأخلاقنا، ولكي نواكب التطوّر التكنلوجي في العالم الغربي، نحن بحاجة الى إيجاد صيغة متوازنة تُراعي المنهج العلمي الحديث الذي تعتمده الجامعات الغربية، مع الحفاظ على القيم والرؤية المعرفية الإسلامية، وأبرز محاور الموائمة: 1. في المناهج: الاستفادة من المنهج... المزيد
عدد المقالات : 331
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/07/02م
الحُبُّ: نقيضُ البُغضِ والحُبُّ: الودادُ ،والمَحَبَّةُ اسمٌ للحبِّ،وحَبَّبَ إِلَيْهِ الأَمْرَ: جَعَلَهُ يُحِبُّه. وَهُم يَتَحابُّون: أَي يُحِبُّ بعضُهم بَعْضاً. وحَبَّ إليَّ هذا الشيء يحَبُّ حُبّاً، والحبُّ: الوِدادُ،والحَبِيبُ هو: المُحِبُّ(١) والحبُّ أيضا: هو ميلٌ قلبي إلی الإشخاص أو إلی... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/07/02م
في زمنٍ أضحت فيه القراءة الطويلة ضرباً من الترف الفكري، وغدت الورقات المكدسة على رفوف المكتبات ذكرى يتنهد لها العشاق، يبرز "المرجع الإلكتروني للمعلوماتية" كواحةٍ للمعرفة، تجمع بين دقة الموسوعات العلمية وثراء المكتبات. لكن هذه الواحة ليست مجرد ملاذٍ للباحثين، بل ومن يبحث عن المعارف بدون جهد فيرى... المزيد
عدد المقالات : 77
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 6 ايام
2025/06/30م
زيد علي كريم يتراءى لي ضريحك وكيف كانت تلك الليلة الحزينة التي تشفى جسد عليل أصابه ما أصابه من الآلام والأحزان، من وجد متلهفا للقائك ماذا فعلت به لكي يصبح أسير حبك راغبا ومتلهفا لحضرتك المعطرة .... أنتظرت حتى الفجر وأنا تحت قبتك وبين الحرمين مابينك وبين قطيع الكفين ، فذاك يسلم وذاك يهتف ياهلا بزوار... المزيد
عدد المقالات : 85
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/07/02م
كان جالسا وفي حضنه الطفل الملكوتيّ، وكنتُ جالسا أتأمل وجهيهما، ماهذا الجمع النورانيّ (محمد والحسين) أي صلواتٍ تفي بهذا اللقاء مازلتُ صامتا، مفعما بالمحبة، أنظرُ ولا أشبع، تُرى لماذا قلبي نهم لايعرف الاكتفاء لماذا روحي عطشی لاتصل الی الامتلاء الرسول الأعظم مازال يداعب صغيره، ومازلت أنا أجوب... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/07/02م
في البيداء وردة كسيرة عطشى أحاطت بها ضاريات الفلا فلا معين لها يروى ولا ساقي لها يسقى وقفت حيرى ورمقت بناظرها رب السما رباه لا تكسر خاطر أمرأة ثكلى... صليل سيوف غدت مسموعة فأودت بحياة أخيها صرعى... رفع رأسه على الرمح فاعتلى... فأصبحت في خربة الغربى... أسيرة البلدان... ومن حواليها أطفال تبكى... كأني... المزيد
عدد المقالات : 85
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/06/22م
اليوم السبت، منذ الصغر وأنا لا أحب يوم السبت، إذ لم يكن عطلة، وكان يوما مدرسيا طويلا، ست حصص تمشي كسلحفاة عرجاء هذه المرة الأولی التي أنتظر فيها قدوم السبت لكنّ الساعةَ تسير حافية الأميال، تتعثر بالدقائق توسلتها أن تقهقه بوجهي، ولكن لاجدوی سلطة الزمن هي المتحكمة () جاء الصبح وتنفست المواعيد، يجب أن... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/06/18م
في صحراء الشمس، وعلى صهوة البيان، وقف النبيُّ (صلّى الله عليه وآله) والسماء تصغي والأرض تتهيّأ لموعدٍ خالد. فوق هامات الحجيج، ارتفع النداء: "من كنت مولاه، فهذا عليٌّ مولاه." لم تكن كلمات، بل كانت وصايا السماء، كانت يدًا مرفوعة من نور، تبايع العدل والوصاية والهدى. ومنذ ذلك اليوم، صار الغدير نبضَ... المزيد
عدد المقالات : 3
علمية
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء العشرون: تأمل في دالة الموجة التي تعرف أكثر مما نعرفه الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 3/7/2025 في مقالات سابقة، اعتدنا أن نعتبر أن الدالة الموجية تصف نظامًا معينًا (وفي الواقع، جسيمًا منفردًا). لنفترض الآن أن... المزيد
تراجع صافي الاستثمارات الأجنبية في العراق لعام 2024 والربع الأول من 2025 أظهرت البيانات الصادرة عن البنك المركزي العراقي أن صافي الاستثمارات الأجنبية في العراق خلال عام 2024 سجل عجزًا قدره 8 مليارات دولار أمريكي، نتيجة خروج صافي استثمارات أجنبية... المزيد
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء التاسع عشر: حين لا تجيب الدالة الموجية عن السؤال كله الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 1/7/2025 في هذا المقال، سوف نسأل: هل سمحت لنا نظرية الكم فقط بحساب نتائج تجاربنا أم أنها أيضًا أجابت عن المشكلات العميقة التي... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/06/23
صدر عن قسمِ الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، دليلُ القصص الفائزة في مسابقة القصة القصيرة عن الامام الحسن العسكري...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
2025/06/23
( تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com