1

بمختلف الألوان
إنَّ الفَضلَ في كتابِ اللهِ عَظيمٌ، واسِعٌ لا يُحَدُّ، فَقَد أغدَقَ اللهُ تَعالى على عِبادِهِ نِعَمًا ظاهِرَةً وباطِنَةً، مَنَحَهُمُ المالَ والبَنينَ، وأعلى شأنَهُم بالعِزَّةِ والكرامَةِ. وهذا الفَضلُ الإلهيُّ ليسَ مَحصُورًا في النِّعَمِ الدُّنيَوِيَّةِ فَحَسبُ، بَلْ يَتَجَلَّى بأسمَى... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اجتماعية
ومضات اجتماعية... العَجَل يوجب العثار والتأنّي يوجب الوقار (30)
عدد المقالات : 331
حسن الهاشمي

بات من الواضح ان عامة الناس عندما تتداول العبارات التالية: العجلة من الشيطان والتأني من الرحمن، في العجلة الندامة وفي التأني السلامة، وغيرها من الحكم التي تثني على التأني والتعقل والتشاور وتستهجن العجلة والتهور والاستبداد ـ إنما تقصد بنبذ العجلة في الأمور الدنيوية من قبيل الزواج، الشراء، اصدار الحكم قبل التبين والتثبت في الأخبار، رمي المحصنات، التهكم والتهجم على الآخرين، وغيرها الكثير لما فيها من الندامة والعثار والزلل، أما العجلة في أمور الخير والاحسان والانفاق والجهاد والعبادات والتوبة وغيرها من الأمور الأخروية فإنها مطلوبة بل مستساغة شرعا وعرفا وعقلا لما فيها من خيرات حسان واغلال للشيطان واذعان لأوامر الرحمن المنان.
أبى الله تعالى أن يجري الأمور إلا بأسبابها، فغرس الفسيلة بحاجة الى رعاية وعناية ووقت كاف حتى تصبح شجرة باسقة يانعة مثمرة، ولكي تصبح عالما أنت بحاجة الى طلب العلم والصبر عليه والجد والاجتهاد، ولكي تصبح تاجرا فأنت بحاجة الى صبر وتحمل وسعة صدر وأخلاق، وبعض الأمور العبادية محددة بالوقت كصلاة الصبح من طلوع الفجر الصادق الى طلوع الشمس، وبعضها محددة بالزمان كالصيام الواجب في شهر رمضان خاصة، وبعضها محددة بالمكان كالسعي بين الصفا والمروة في الحج والعمرة، فالعجلة لا تنفع في غرس الفسيلة ولا في طلب العلم ولا في التجارة، وكذلك لا تجدي نفعا في الاتيان بالعبادات في غير وقتها وزمانها ومكانها، وطالما ترنو للنجاح فلابد أن تطرق باب التأني والأناة والتؤدة فإنها ممدوحة في كل شئ إلا في فرص الخير كما أسلفنا.
الإنسان بطبعه خلق عجولا وهلوعا، يحب أن يرى نتيجة عمله بسرعة وعجالة ولكن الله تعالى نهاه عن هذه الخصلة الذميمة بقوله: (خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ) الأنبياء: 37. وكما قال الشاعر المتنبي: ما كل ما يتمناه المرء يدركه... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، وبالرغم من ذلك ولكي يحصل على مبتغاه من دون منغصات لابد له من الصبر والأناة والالتزام بالتوقيتات الزمانية والمكانية ولاسيما في الأمور العبادية، وإلا لا يمكن أن يحصل من العجلة ونفاذ الصبر وعدم الالتزام بالتوقيتات الا الندامة والخيبة والخسران، ناهيك عن خيبة أمله في الحصول على الأجر والثواب والرضوان الإلهي، عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول: (مع التثبت تكون السلامة، ومع العجلة تكون الندامة، ومن ابتدأ بعمل في غير وقته كان بلوغه في غير حينه) الخصال للشيخ الصدوق ج1 ص100.
عدم استعجال الحكم بمجرد سماع الخبر... رداء يتدثر به الحكماء، وكهف يحتمي به العقلاء، ومهيع يسير فيه النبلاء، لعل المخبر يكون فاسقا أو مغرضا أو كاذبا، فلابد من التأكد والتثبت والبحث والتمحيص قبل اصدار أي حكم، ولكي يكون الحكم أكثر اتزانا وأكثر تصديقا للواقع، ولكي يكون الحكم مطابقا للحق ومجانبا للباطل، ولكي نرفع عن أنفسنا غل الجهالة والندم، فإننا ملزمون ان نبتعد عن التسرع في اتهام الآخرين وقذفهم بالباطل والشرور والعدوان، كم من الناس ظلموا بسبب التسرع في الحكم عليهم ولو ان التثبت كان ساريا في مجتمع ما لم يهلك ولم يظلم أحد فيه، وكان أهله يعيشون عيشة راضية في ود وتآخ وحبور، قال تعالى في هذا المضمار: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) الحجرات: 6.
المتأني في الأقوال والأفعال يصيب كبد الحقيقة أو يكاد أن يصيبها، والمستعجل في الأقوال والأفعال يوقع نفسه في الشبهات والأخطاء أو يكاد أن يقع فيها، والتجربة العملية تحتم على الإنسان ان ينتهج نهج التأني والتعقل لشق طريقه الى النجاح وحل المشاكل التي تعتوره بكل دراية وتفهم وانشراح، حتى ان معظم الناس حينما تداهمهم المشاكل وتعصف بهم ريح الاختلاف فانهم يذهبون الى المتأني وان كان متوار عن الانظار، ويحجمون عن الذهاب الى المتهور وان كان ذا وجاهة ومنصب وقرار، فالعقلانية مطلوبة على كل حال، لأنها أرفق بحل المشاكل، وأوفر حظا في استيفاء الحقوق، وأسمى في اعطاء كل ذي حق حقه، فالتأني في الافعال يؤمن الخطل والحمق والوقيعة، والتروي في الاقوال يؤمن الزلل والفحش والبذاءة من الكلام.
رجل الدين العامل ورجل القضاء الناجح هو الذي يحاول قدر الامكان حلحلة الأمور لما فيه الخير والصلاح لجميع الأطراف، يحاول أن يقدم مبررات الخير ويؤخر تداعيات الشر، وذلك بإعطاء جرعات تفاؤلية لجميع أطراف النزاع، وهذا يتطلب منه نوعا من الحذاقة والظرافة والاستماع الجيد والتركيز على المشتركات والابتعاد عن الاختلافات، لكي يكون الى التوافق اقرب منه الى التباعد، فالمتأني في اصدار الحكم بهكذا عقلية منفتحة يكون لا محالة راضيا مرضيا لجميع الجهات حتى المتضررة منه، على عكس المتسرع فانه وان كان محقا بيد انه يكون ممجوجا ومكروها حتى عند صاحب الحق في قرارة نفسه، وهذا ما أشار اليه الإمام علي (عليه السلام) بقوله: (تأخير الشر إفادة خير) غرر الحكم للآمدي: 4569.
لا يزال العجل في الأمور الدنيوية يهدم بمعوله جدران المجتمع المتماسك ويكون موجبا للعثار والوقيعة بين أفراده، ولا يزال التأني في الأمور الاجتماعية يرمم ما يهدمه المخربون ويكون موجبا للوقار والشكيمة، يعم خيرهم جميع طبقات المجتمع يرفلون بعيش رغيد وسماحة بين أفراده منقطعة النظير، أما في الأمور الأخروية التي يصب فيها الخير والاحسان على المجتمع صبا صبا هنيئا مريئا، فإنها لا تتحمل الروية والتأخير، بل انها تبلغ ذروتها ومكامن الاستفادة المثلى منها في العجلة والاسراع لما فيها من خير ومغفرة وبركة تعم الجميع، قال الإمام علي (عليه السلام) في هذا الصدد: (ليس من عادة الكرام تأخير الإنعام) غرر الحكم للآمدي: 7489 .
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/07/05م
حسن الهاشمي لكي نحافظ على قيمنا ومبادئنا وأخلاقنا، ولكي نواكب التطوّر التكنلوجي في العالم الغربي، نحن بحاجة الى إيجاد صيغة متوازنة تُراعي المنهج العلمي الحديث الذي تعتمده الجامعات الغربية، مع الحفاظ على القيم والرؤية المعرفية الإسلامية، وأبرز محاور الموائمة: 1. في المناهج: الاستفادة من المنهج... المزيد
عدد المقالات : 331
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 5 ايام
2025/07/02م
الحُبُّ: نقيضُ البُغضِ والحُبُّ: الودادُ ،والمَحَبَّةُ اسمٌ للحبِّ،وحَبَّبَ إِلَيْهِ الأَمْرَ: جَعَلَهُ يُحِبُّه. وَهُم يَتَحابُّون: أَي يُحِبُّ بعضُهم بَعْضاً. وحَبَّ إليَّ هذا الشيء يحَبُّ حُبّاً، والحبُّ: الوِدادُ،والحَبِيبُ هو: المُحِبُّ(١) والحبُّ أيضا: هو ميلٌ قلبي إلی الإشخاص أو إلی... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 5 ايام
2025/07/02م
في زمنٍ أضحت فيه القراءة الطويلة ضرباً من الترف الفكري، وغدت الورقات المكدسة على رفوف المكتبات ذكرى يتنهد لها العشاق، يبرز "المرجع الإلكتروني للمعلوماتية" كواحةٍ للمعرفة، تجمع بين دقة الموسوعات العلمية وثراء المكتبات. لكن هذه الواحة ليست مجرد ملاذٍ للباحثين، بل ومن يبحث عن المعارف بدون جهد فيرى... المزيد
عدد المقالات : 77
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 7 ايام
2025/06/30م
زيد علي كريم يتراءى لي ضريحك وكيف كانت تلك الليلة الحزينة التي تشفى جسد عليل أصابه ما أصابه من الآلام والأحزان، من وجد متلهفا للقائك ماذا فعلت به لكي يصبح أسير حبك راغبا ومتلهفا لحضرتك المعطرة .... أنتظرت حتى الفجر وأنا تحت قبتك وبين الحرمين مابينك وبين قطيع الكفين ، فذاك يسلم وذاك يهتف ياهلا بزوار... المزيد
عدد المقالات : 85
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 5 ايام
2025/07/02م
كان جالسا وفي حضنه الطفل الملكوتيّ، وكنتُ جالسا أتأمل وجهيهما، ماهذا الجمع النورانيّ (محمد والحسين) أي صلواتٍ تفي بهذا اللقاء مازلتُ صامتا، مفعما بالمحبة، أنظرُ ولا أشبع، تُرى لماذا قلبي نهم لايعرف الاكتفاء لماذا روحي عطشی لاتصل الی الامتلاء الرسول الأعظم مازال يداعب صغيره، ومازلت أنا أجوب... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 5 ايام
2025/07/02م
في البيداء وردة كسيرة عطشى أحاطت بها ضاريات الفلا فلا معين لها يروى ولا ساقي لها يسقى وقفت حيرى ورمقت بناظرها رب السما رباه لا تكسر خاطر أمرأة ثكلى... صليل سيوف غدت مسموعة فأودت بحياة أخيها صرعى... رفع رأسه على الرمح فاعتلى... فأصبحت في خربة الغربى... أسيرة البلدان... ومن حواليها أطفال تبكى... كأني... المزيد
عدد المقالات : 85
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/06/22م
اليوم السبت، منذ الصغر وأنا لا أحب يوم السبت، إذ لم يكن عطلة، وكان يوما مدرسيا طويلا، ست حصص تمشي كسلحفاة عرجاء هذه المرة الأولی التي أنتظر فيها قدوم السبت لكنّ الساعةَ تسير حافية الأميال، تتعثر بالدقائق توسلتها أن تقهقه بوجهي، ولكن لاجدوی سلطة الزمن هي المتحكمة () جاء الصبح وتنفست المواعيد، يجب أن... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/06/18م
في صحراء الشمس، وعلى صهوة البيان، وقف النبيُّ (صلّى الله عليه وآله) والسماء تصغي والأرض تتهيّأ لموعدٍ خالد. فوق هامات الحجيج، ارتفع النداء: "من كنت مولاه، فهذا عليٌّ مولاه." لم تكن كلمات، بل كانت وصايا السماء، كانت يدًا مرفوعة من نور، تبايع العدل والوصاية والهدى. ومنذ ذلك اليوم، صار الغدير نبضَ... المزيد
عدد المقالات : 3
علمية
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء العشرون: تأمل في دالة الموجة التي تعرف أكثر مما نعرفه الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 3/7/2025 في مقالات سابقة، اعتدنا أن نعتبر أن الدالة الموجية تصف نظامًا معينًا (وفي الواقع، جسيمًا منفردًا). لنفترض الآن أن... المزيد
تراجع صافي الاستثمارات الأجنبية في العراق لعام 2024 والربع الأول من 2025 أظهرت البيانات الصادرة عن البنك المركزي العراقي أن صافي الاستثمارات الأجنبية في العراق خلال عام 2024 سجل عجزًا قدره 8 مليارات دولار أمريكي، نتيجة خروج صافي استثمارات أجنبية... المزيد
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء التاسع عشر: حين لا تجيب الدالة الموجية عن السؤال كله الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 1/7/2025 في هذا المقال، سوف نسأل: هل سمحت لنا نظرية الكم فقط بحساب نتائج تجاربنا أم أنها أيضًا أجابت عن المشكلات العميقة التي... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/06/23
صدر عن قسمِ الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، دليلُ القصص الفائزة في مسابقة القصة القصيرة عن الامام الحسن العسكري...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
2025/06/23
( تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com