Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
منظومة القيم والأخلاق المجتمعيّة... ضرورة ملحة

منذ 6 سنوات
في 2020/02/18م
عدد المشاهدات :5344
حسن الهاشمي
السير على نهج القيم والاخلاق ما دعا اليه وسار عليه الرسول الاكرم بقوله: (انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق) وكذلك الزهراء(ع) في توصيف خير الرجال: (خياركم ألينكم مناكبه وأكرمهم لنسائهم) ويقول الاديب المصري احمد شوقي في شأن الاخلاق وتأثيره في رقي المجتمعات: (وإنّما الأُمَمُ الأخلاقُ ما بَقِيتْ فإنْ هُمُ ذهبَتْ أخلاقُهُم ذهبوا) ولعلّه نلاحظ أنّ بعض الأمم والشعوب التي وصلت الى مرتبةٍ مرموقة وظاهرة للجميع من التطوّر والرقيّ والازدهار مع أنّ البعض منها لا يدين بدينٍ سماويّ، فما هو السرّ في ذلك لو دقّقنا في هذه المجتمعات لوجدنا أنّها تهتمّ وتعتني بمنظومة القيم والأخلاق كثقافةٍ تنشرها لدى أفراد المجتمع ولدى مؤسّسات الدولة، وتهتمّ بهذه الثقافة وتحوّلها الى ممارساتٍ يوميّة.
فعلا ان الخلق الحسن هو مكرمة ليس بعدها مكرمة، انه يستبطن ان تلقى أخاك بوجه طلق، تتحمل المسيء، تؤثر المعوزين على نفسك ولو كان بك خصاصة، وهذا كله ليس ببعيد عن وصف الزهراء عليها السلام بان أفضل الناس من يكون منكبه لينا يتحمل الاحمال دون ان ينهار، بخلاف من يكون منكبه يابسا فانه سرعانما ينكسر بأقل حمل يتنكبه، وهو كناية عن تحمل المرء للرزايا والبلايا والمشاكل ويحلها بطرق عقلائية دون ان يقلب على صاحبه ظهر المجن بمجرد بروز مشكلة ناسيا المحبة والمودة التي كانت سائدة بينهما، والذي يكون حليما يستوعب جميع المشاكل ويحوّلها بتصرفاته المتعقلة الى مواقف نبيلة يشار بها اليه بالبنان، لا سيما اذا كان الطرف الآخر صغيرا أو زوجة أو فقيرا أو مبتورا، فان التعامل مع هؤلاء يتجسد في الذي يتسامى ويكون قد تحلى بصفة العفو عند المقدرة، ومن المعلوم أن هذا الخلق الكريم من صفات الله العزيز القدير الذي يعفو عن عباده مع امتلاكه القدرة على الانتقام بأي صورة شاء، ومن هنا يتبين عظمة مقولة الزهراء عليها السلام ان من مصاديق التفضيل اكرام الزوجة، ومن المفترض ان تتعامل معها بلطافة كتعاملك مع الورد والرياحين لا ان تتعامل معها بقسوة كتعاملك مع الصلب والحديد، والامة الخلوقة هي تلك الامة الشامخة شموخ النخل في عز الصيف، اما الامة التي تعاني من سوء الاخلاق فإنها زائلة لا محالة عاجلا او آجلا.
القيم والأخلاق ضرورةٌ حياتيّة في جميع مجالات الحياة للفرد والمجتمع، بل لكلّ المجتمعات البشريّة لما لها من بالغ الاثر في تشذيب السلوك البشري وايقاعه على سكة الفطرة السليمة التي تتناغم مع كافة الرسالات السماوية التي هدفها الاسمى تثبيت لآدمية الانسان بتصرفاته العقلائية وتمييزه عن سائر المخلوقات التي يفترق الانسان عنها بنعمة العقل والفكر والتدبير، فما هي الأهميّة والضرورة الحياتيّة لمنظومة القيم والأخلاق في المجتمع
تُعتبر القيم والأخلاق الإنسانيّة ركيزةً أساسيّة لسلامة العلاقات الاجتماعيّة وقوّة هذا المجتمع، الذي ينشأ منه التعاون والتكافل والتعاضد الاجتماعيّ الذي يحقّق منه الفرد والمجتمع حاجاته الأساسيّة، هي ركيزةٌ أساسيّة لسلامة التعاملات الاقتصاديّة من الظلم والاستغلال، وهي ركيزةٌ أساسيّة للاستقرار النفسيّ للفرد والمجتمع، وركيزة أساسيّة لتقدّم ورقيّ وازدهار المجتمع بصورةٍ عامّة، وإهمالها أو تدهور هذه القيم الأخلاقيّة لدى أيّ مجتمع سيفقد هذا المجتمع قوّته وعزّته وكرامته وتطوّره ورقيّه.
نشر العدالة الاجتماعيّة، احترام حقوق الآخرين، احترام النظام، الدعوة الى المبادئ المهمّة كالصدق والأمانة وحفظ العهود والمواثيق، العمل والسعي للحصول على لقمة العيش، الإتقان في العمل، هذه المبادئ وغيرها اكد عليها الاسلام وعمل بها بل مارسها الرسول وعترته الطاهرة ولاسيما الزهراء البتول عليها السلام، وكل مجتمع وامة من الامم يعمل بها ويمارسها فان النجاح لا محالة سيكون حليفه سواء كان ذلك المجتمع مؤمنا بالرسالات السماوية او غير ذلك، فان لهذه القيم والاخلاق انعكاسات وتداعيات عملية على تطور الشعوب ايجابا بتبنيها وسلبا بالإعراض عنها بغض النظر عن ديانة الفرد وعدمها، مثلها كمثل الآثار الوضعية للذنوب فان لها آثار وخيمة تشمل الكافر ومدعي الايمان حين اقترافها ـ على حد سواء.
نحن لا ننكر ولا نشكّ أنّ هناك الكثير من القيم والأخلاق الإنسانيّة سائدة في مجتمعنا وظاهرة، كالكرم والتضحية والصبر والثبات والحميّة والغيرة على الدين والوطن، ولكن في نفس الوقت ممّا يؤسف له أنّ هناك بعض النواقص الأخلاقيّة والخصال الذميمة والممارسات غير الصحيحة قد انتشرت في المجتمع التي تحول دون انتشار مبدأ القيم والاخلاق، وتحتاج منّا جميعاً أن نسعى الى معالجتها مهما أمكن ذلك، ومن هذه الممارسات.
1ـ تأثر بعض الشباب بالأمور القشرية للمجتمعات الغربية وعدم الاعتناء بالأمور الجوهرية التي فيها منفعة لعامة الناس، كالتشبه بقصات الشعر وتقليد بعض المطربين ولبس الملابس الضيقة من قبل بعض الشباب ولبس الموضات النسائية غير المحتشمة من قبل بعض الفتيات، الاعتناء بهذه الأمور الزائفة وترك العلوم والتكنلوجيا والتطور في المجال الاقتصادي والرفاهي لدى الشعوب، يؤدي الى تهشيم القيم والاخلاق وبدوره يؤدي الى التخلف والتبعية والانهزام.
2ـ ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لدى عامة الناس، والتشبث بتبريرات النأي عن النفس وتكرار مقولة (ذبهه ابراس عالم واطلع منها سالم) التي هي صحيحة في مجال الفتوى وليس في مجال القيام بمهام هذه الفريضة المهمة التي تساعد في توطين القيم وترسيخ الاخلاق في اوساط الجماهير.
3ـ مشاعرُ الأنانيّة، وهي أنّ الإنسان يهتمّ ويعمل على تحقيق مصالحه الشخصيّة والفرديّة الضيّقة ولا يعتني بمصالح الآخرين، بل الأوضح من ذلك أنّ الإنسان يقدّم مصالحه الفرديّة والشخصيّة على حساب المصالح العامّة، وهذا ممّا يؤسف له أنّنا نجده متمثّلاً لدى الكثير ممّن تحمّلوا مواقع المسؤوليّة وبيدهم السُّلطة والإمكانات، الإنسان قد يبحث عن مصالحه الفرديّة لا مشكلة في ذلك إذا لم تُخلّ وتؤثّر وتضرّ بالمصالح العامّة، ولكن أن يقدّم مصالحه الخاصّة ويؤدّي ذلك الى الإضرار والإخلال والتقصير بالمصالح العامّة هنا تكمن المشكلة.
4ـ عدم التورّع عن الكذب والنفاق واتّهام الآخرين من غير دليل، وانتهاك حرمة الآخرين وتسقيطهم اجتماعيّاً، ونحو ذلك من الصفات الذميمة التي انتشرت في الآونة الأخيرة.
5ـ العصبيّة القوميّة والمذهبيّة والدينيّة والعشائريّة التي دفعت البعض الى اتّخاذ المواقف البعيدة عن الحقّ والإنصاف، وهذه في الواقع -العصبيّة بأنواعها التي ذكرناها- تزرع الأحقاد والضغائن والكراهيّة بين أبناء الوطن الواحد، وتدفع عنهم صفة التعاون والتكافل فيما بينهم.
6ـ الاعتداء والتجاوز على الآخرين سواء كان الاعتداء باليد او باللسان او بالآلات الجارحة او الاسلحة النارية، ممن يختلفون مع الآخر النوعي بالرأي أو الدين أو المذهب أو حتى الاتجاه السياسي، هذه من الصفات الذميمة التي نراها تتكرر بين الفينة والاخرى سواء على ارض الواقع أو الترويج لها في بعض وسائل التواصل الاجتماعيّ، واستخدام مثل هذا العنف لحلّ المشاكل والنزاعات واختلاف وجهات النظر لا مبرر ولا مسوغ له، في حين بالإمكان في كثيرٍ من المشاكل والنزاعات الأسريّة وغير الأسريّة أن تُحلّ بالحوار والتفاهم، وإن طال هذا الحوار بيد ان نتائجه وثماره تكون أحلى وأنقى، وإذا لم ينفع الحوار والتفاهم يُمكن اللجوء الى الوسائل القانونيّة التي تحمي المجتمع من الإخلال بالنظام العامّ.
فالزهراء البتول عليها السلام حينما تؤكد على ضرورة حفظ القيم والاخلاق والفضائل والكرامات هي بمثابة دعوة الى الانسانية جمعاء الى تكوين مجتمع فاضل يقوم على اساس احترام الفرد والنظام والعمل، وممارسة الطقوس الدينية والفكرية لكل ابناء المجتمع بحرية تامة دون الاضرار بالمصالح العامة والخاصة، وفي حال غياب سلطة الدولة عن رقابة تطبيق المبادئ والقيم وضعف تأثيرها وردعها للممارسات الخاطئة، فلا ينبغي ولا يصح لأفراد المجتمع ان يغيب دورهم كذلك في تطبيقها على ارض الواقع، بل لابد ان يكون لهم قوة تأثير مجتمعي للتحلي بالأخلاق، كما لا يصح ان يسكتوا ويغضوا النظر والتعامل باللامبالاة وعدم الاهتمام ازاء بعض الممارسات الخاطئة التي تحصل في المجتمع، فكما انها مسؤولية مؤسسات الدولة فهي كذلك مسؤولية المجتمع، وان تحقيق ذلك سيساهم ببناء مجتمع متقدم ومزدهر وسعيد ومتطور وآمن.
وكمثال على ضرورة تحويل ثقافة القيم الى ممارسات يومية ـ ولا يكفي التعامل معها على انها شعارات يتم رفعها فقط ـ هو عدم رؤية النظافة التي تمثل خُلق عظيم وثقافة رائدة في الشوارع والازقة وفي اماكن متعددة مما ابتليت بها بعض بلداننا الاسلامية، في حين ان الاسلام قد حث عليها والقوانين الوضعية في الدول المتطورة قد اكدت عليها، بيد انها قد أهملت في بعض الدول وعمل بها بل نراها متجلية في ابهى صورها في الكثير من الدول الغربية، وهنا نؤكد على ضرورة تظافر الجهود والمسؤوليات بين الدولة والمجتمع، فالدولة بحاجة الى تقديم المصالح العامة على الخاصة والاخلاص للوطن وخدمة المواطن، والمجتمع بحاجة الى وعي وثقافة لكي يتنامى عنده حس الخدمة الجمعي فانه لا يقل اهمية عن حس الخدمة الشخصي ان لم يكن افضل منه، والحقيقة ان الدولة المسؤولة والمجتمع الراقي احدهما مكمل للآخر ولا يمكن الاستغناء عنهما لإنجاح هذه المهمة الزاخرة بالعطاء والجمال والهناء، وغيرها من المهمات التي تنهض بالشعوب والبلدان حضاريا وثقافيا ومجتمعيا.

اعضاء معجبون بهذا

الانقسام الاجتماعي في العراق من التناحر إلى الوحدة الإيمانية رؤية قرآنية
بقلم الكاتب : وائل الوائلي
إن العراق، ذلك البلد المبارك الذي ازدان بضياء النهرين وتراث الأنبياء، ظلّ عبر تاريخه الحديث يعاني من آفة التناحر والانقسام، حتى كادت نيران الفرقة أن تلتهم أخضرَه ويابسَه. ولئن تعددت مظاهر هذا الانقسام بين حزبيةٍ طاغية، وعشائريةٍ متجذرة، وطائفيةٍ مميتة، فإن المنهج القرآني يظلّ المنار الوضاء الذي... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى.... المزيد
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان...
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ...
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...


منذ اسبوعين
2025/11/03
عندما نقرا تاريخ الكرة الاسيوية ونحدد فترة معينة يمكن من خلالها معرفة من هم كبار...
منذ اسبوعين
2025/11/02
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء الثالث والسبعون: عودة الميكانيكا البوهمية: لماذا...
منذ اسبوعين
2025/10/31
عندما نفكّر اليوم في القنبلة النووية تنبثق أمامنا صورة طاقة هائلة تُطلق في لحظات...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )