عند ضعف الدولة العباسية وتسلط الترك عليها ظهر شخص ذكي وطموح اختلف في أسمه ونسبه ؛ فمنهم من يقول انه فارسي من اقليم الري واسمه (بهبوز) ، في حين يقول آخرون انه علوي النسب واسمه علي بن محمد بن احمد بن عيسى بن زيد بن علي بن ابي طالب . وقام هذا الشخص بالثورة ضد العباسيين معلنا ذلك من مدينة البصرة .
وبرأيي فأن نسبه العلوي هو الأكثر صحة لكن المعلومة التي ذكرها معظم المؤرخين من انه كان نديما مقربا للبلاط العباسي في بغداد ثم سامراء يضعف من هذا الرأي . اذ كان العباسيون ينفرون جدا من النسب العلوي فكيف به نديما في البلاط .
تمكن هذا الشخص من استمالة عدد من فرسان جنوب العراق والبحرين والأحساء خاصة من تميم وبني شيبان وبني المهلب في بادئ الأمر ، مستغلا ميل الناس الشديد نحو نسبه العلوي . ثم اتجه نحو الزنوج الذين كانوا عبيدا يعملون في الزراعة والبيوت وغيرها من اماكن العمل الشاق ، وكانوا يعانون ظروفا صعبة للغاية فقد تم جلبهم من سواحل افريقيا الشرقية او من جنوب الصحراء العربية في افريقيا لتأدية الاعمال الشاقة التي كان يمتلكها سادة القوم واثرياؤهم ، فقد كانوا يعملون بلا أجور الا ما يسد رمقهم من الطعام ، وكان اغلبهم بلا أسر الا ماندر منهم .
وهكذا تمكن علي بن محمد - او بهبوز- من تجنيد هؤلاء الزنوج بعد ان اعلن المساواة بين الجميع ، وان من حق الزنوج تملك الارض وبناء البيوت ، وانه سيطلق ايديهم في اموال سادتهم ، حتى لم يبق زنجي واحد لم ينضم اليه ، بل تبعتهم اعداد غفيرة من فقراء القوم ممن كانت حالتهم لا تفرق عن حالة الزنج شيئا . ثم بنى له عاصمة على نهر ابي الخصيب سماها (المختارة) وحصنها بالأسوار والأنهار، وبدأ يجبى له الخراج من البحرين حتى بغداد مرورا بالأحواز والري ومناطق من الحجاز ثم ضرب النقود باسمه مضيفا لأسمه لقب المهدي(علي بن محمد المهدي) .
وخلال خمسة عشر عاما اطلقت يد الزنج في اموال سادتهم وفي بيوتهم بعد ان قتل عدد كبير من اولئك السادة من كبار الملاكين والتجار والأثرياء وارتكبت مجازر فضيعة ، واختلطت الأنساب حابلها بنابلها ، حتى جاء الخليفة العباسي الموفق بالله ودخل مع الزنج في حرب شعواء سانده في القضاء عليهم بنو طولون الذين استقلوا عن العباسيين في مصر. وهكذا تمكنت القوتين العباسية والطولونية من الأنتصار على الزنج وقتل صاحبهم وتقطيعه اربا اربا، ولم ينج من الزنج احد، وقتل من الجانب الآخر اعداد مهولة ؛ اذ استبسل الزنج في القتال دفاعا عن مكتسباتهم ، حتى قيل انه قد قتل في صراع العباسيين مع الزنج مايفوق المليون من البشر .







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN