مصبا- مع : ظرف على المختار بمعنى لدن , لدخول التنوين نحو خرجنا معا , ودخول من عليه نحو جئت من معه , أي من عنده , ولكن استعماله شاذّ , وهو بفتح العين , وإسكانها لغة لبنى ربيعة , فتكسر عندهم لالتقاء الساكنين نحو مع القوم , وقيل هو في السكون حرف جرّ. وقال الرمّانيّ : إن دخل عليه حرف جرّ كان اسما , وإلّا كان حرفا , تقول خرجنا معا أي في زمان واحد , وكنّا معا أي في مكان واحد , منصوب على الظرفيّة , وقيل على الحال , أي مجتمعين. والفرق بين- فعلنا معا , وفعلنا جميعا : أنّ معا تفيد الاجتماع حالة الفعل , وجميعا بمعنى كلّنا يجوز فيها الاجتماع والافتراق.
مغنى اللبيب 173- مع : اسم بدليل التنوين في قولهم معا , ودخول الجارّ في حكاية سيبويه- ذهبت من معه , وقرائة بعضهم - {هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ } [الأنبياء : 24] , وتسكين عينه لغة غنم وربيعة , لا ضرورة , خلافا لسيبويه.
شرح الكافية للرضى 204- وأمّا مع : فهو ظرف بلا خلاف عادم التصرّف لازم النصب , وظاهر كلام سيبويه أنّه مبنىّ. والاولى الحكم بإعرابه لدخول التنوين والجرّ , وإن كان دخول من عليه شاذّا , وليس موضوعا وضع الحروف , لأنّ الحقّ أنّه محذوف اللام كما يجيء , مع أنّه قد تقدّم أنّ وضع الاسم وضع الحروف مسبوق بالنظر عن الواضع الى مشابهته في الاستعمال للحرف , فلا يكون سبب بناء الاسم. والألف في معا : عند الخليل بدل من التنوين , إذ لا لام له في الأصل عنده , وهي عند يونس والأخفش وهو الحقّ :
مثل الف فتى بدل من اللام , استنكار الاعراب الموضوع على حرفين , فمع عندهما عكس أخوك , بردّ لامها في غير الاضافة وقد يحذف في الاضافة لقيام المضاف اليه مقام لامها.
كليّات 308- مع : اسم , وقد يسكن وينوّن , أو حرف خفض , أو كلمة تضمّ الشيء الى الشيء ظرف بلا خلاف , فانّه مضاف الى أحد المتصاحبين , وهو لإثبات المصاحبة ابتداء.
لسا- معع : ومع بتحريك العين , كلمة تضمّ الشيء الى الشيء , وهي اسم معناه الصحبة , وأصلها معا , وذكرها الأزهريّ في المعتلّ. قال محمّد بن السرىّ : الّذى يدلّ على أنّ مع اسم , حركة آخره مع تحرّك ما قبله , وقد يسكن وينوّن , تقول جاؤوا معا. وقال الزجّاج في- إنّا معكم : نصب معكم كنصب الظروف , تقول أنا معكم وأنا خلفكم , معناه أنا مستقرّ معكم.
والتحقيق
أنّ الأصل الواحد في المادّة : أنّها كلمة مبنيّة في صورة الاضافة , بمعنى الملازمة والانضمام.
وهذا المعنى يختلف باختلاف الموارد , كالكون مع اللّٰه , ومع الراكعين , ومع الصابرين , ومع الكافرين , ومع الظالمين , ومع الأثقال , ومع العسر , مع نوح , مع الرسول.
فالملازمة والانضمام أعمّ من أن يكون في مادّىّ أو معنوىّ , وفي مكانىّ أو زمانيّ أو غيرهما.
فالكلمة في الأصل مبنيّة على الفتح , وبناؤه لافتقار في معناه الى ما ينسب اليه ولكونه على وضع الحروف فعلا.
وأمّا الظرفيّة : فالتحقيق أنّ مفهوم الكلمة غير مربوط بمعنى الظرفيّة , فانّ الانضمام والملازمة غير الظرفيّة , والأصل فيها ما ذكرناه.
وأمّا الاعراب في صورة فقدان الاضافة : فانّ معنى الافتقار ينتفي إذا أريد منها مطلق مفهوم الانضمام والملازمة , كما في قولنا- فعلنا معا , أي منضمّا ومجتمعا وفي ذلك الحال.
ولا يخفى أنّ مفهوم الظرفيّة غير مراد وان كان في مورد استعمالها في الزمان أو المكان , كقولنا- كنّا معا : فانّ النظر الى الانضمام والملازمة , لا الى كونهم في زمان واحد.
وأمّا كونها محذوفة اللام حتّى تكون من الأسماء الثلاثيّة : فلا نلتزم بانحصار الأسماء في ثلثة أنواع , بل الأسماء الثنائيّة كثيرة , ولا سيّما في المبنيّات , كمن وما وذو وهو وهي وذا وتاوتى.
وأمّا كونها حرفا : فغير صحيح , فانّ الحرف ما أوجد معنى في غيره , ومفهوم المعيّة أي الملازمة والانضمام معنى مستقلّ في نفسه , ولا يحتاج في تحقّق مفهومه الى موضوع آخر حتّى يوجد فيه.
{يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [الحديد : 4] سبق في الحياة والعلم والإرادة : أنّ اللّٰه تعالى ذاتا وصفة غير متناه وغير محدود , ولا حدّ له بوجه زمانيّ أو مكانيّ أو ذاتيّ , وهو على كل شيء محيط , فلا يخلو زمان ولا مكان ولا عالم ولا أرض ولا سماء عن نور وجوده ولا عن احاطة علمه.
_____________________________
- مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .
- لسا = لسان العرب لابن منظور ، 15 مجلداً ، طبع بيروت 1376 هـ .