لعله من الطرق الناجعة للتوغل في تفاصيل عملية التضاعف هو أن نشبه الإنزيم المضاعف الرئيسي DNA polymerase III بمهندس معماري، والذي يطلب منه مضاعفة الحمض النووي، ومن ثم ينظر هذا المهندس إلى شريط الـ DNA ونرى ماذا يطلب منا لفعل ذلك. وبالطبع لا تعتبر عملية تضاعف الـ DNA بالعملية السهلة، لذا تبرز أمام هذا المهندس الفذ عدة مشاكل أساسية إذا تغلب عليها يمكن له الشروع في تلك العملية، ولعله يمكن إبرازها بخمس مشاكل أساسية:
المشكلة الأولى : ويمكن تسميتها بمشكلة فتح الالتفاف ( unwinding problem) وفيها لا يقدر إنزيم DNA polymerase على صهر حلزون الـ DNA المزدوج (هذا يعني: كسر الأواصر الهيدروجينية ) لكي يفصل الشريطين المراد نسخهما.
المشكلة الثانية: وهي مشكلة البدء initiation problem)) وتتمثل بعدم قدرة إنزيمات الـ DNA polymerases عموماً على تخليق سلسلة الـ DNA أو الـ RNA آنیا (de novo synthesis) وذلك لحاجتها إلى شريط DNA أو RNA موجود مسبقاً يعرف بالبادئ (primer).
المشكلة الثالثة : وتسمى بمشكلة الاتجاهية (directionality problem) وتتمثل بعدم مقدرة كل إنزيمات DNA polymerase على تحفيز إضافة النيوكليوتيدات بكلا الاتجاهين، أي من 5 إلى 3 ، و من 3 إلى 5. وبما إن شريطي حلزون الـ DNA المزدوج هما متعاكسان (من 5' إلى 3' ، ومن 3' إلى 5') بالاتجاه الكيميائي، وبما أن كل إنزيمات DNA polymerases تحفز إضافة النيوكليوتيدات عند النهاية 3' الهيدروكسيلية لسلسلة الـ DNA النامية وليس عند النهاية 5' ، وبالتالي يمكن لأشرطة الـ DNA أن تنمو في الاتجاه من 5' إلى 3' فقط وعدم قدرتها على النمو بالاتجاه المعاكس.
المشكلة الرابعة وتتعلق بطبوغرافية الـ DNA لذا سأسميها هنا بالمشكلة الطبولوجية (topological problem). وتتمثل هذه المشكلة بحدوث حالة اللف الفائق (supercoiling) عند تقدم فقاعة التضاعف replication fork إلى الإمام. ويمكن فهم هذه المشكلة عند تشبيه الـ DNA بحبل ذ جديلتين، مثبت بمسمار من أحد طرفيه بالحائط والطرف الآخر يمسكه شخص ما ليفتل جديلتيه ليتقدم باتجاه الحائط. وهنا تبرز المشكلة حيث يصل هذا الشخص إلى مرحلة يتعذر فيه تقدمه نحو الحائط أكثر من ذلك وذلك بسبب "اللف الفائق" أمام نقطة الفتل (أمام شوكة التضاعف). وهذا يعيق التقدم ويوقف العملية كنتيجة نهائية.
المشكلة الخامسة وتدعى بمشكلة نهاية التضاعف ( end replication problem) وهي تختص بالكائنات حقيقية النواة عموماً لاحتوائها على كروموسومات خطية بدلا من تلك الدائرية الموجودة في بدائية النواة كالبكتريا مثلاً.