تشهد الزيارات المليونية في العراق مساهمة فاعلة للعتبة العباسية المقدسة بالجوانب كافة، إذ تستنفر جهود منتسبيها في المجالات المختلفة لخدمة الزائرين عبر النقل والإطعام، فضلًا عن التوجيه الديني وإقامة الفعاليات الفكرية والثقافية. العتبة العبّاسية بجهودها التي امتدت إلى محافظات عدّة جسّدت التكافل بين العتبات المقدسة لخدمة الزائرين الذين يحيون مناسبات أهل البيت (عليهم السلام). فبعد خدمة زائري أربعين الإمام الحسين (عليه السلام) أسهمت العتبة العباسية في تقديم الخدمات المتنوعة للزائرين المتوجهين إلى النجف الأشرف لتقديم التعازي إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) بذكرى استشهاد الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله)، إذ افتتحت أقسام العتبة المقدسة ومنها المجمع العلمي للقرآن الكريم، وهيأة التربية والتعليم العالي ممثّلة بجامعة الكفيل مواكب لخدمة الزائرين بجوانب متنوعة، فضلا عن تقديم قسم الآليات أكثر من مئة حافلة لنقل الزائرين، بينما تولى قسم المواكب والهيئات والشعائر الحسينية في العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية المشاركة في تنظيم موكب عزاء أهالي كربلاء. خدمات متنوعة في النجف الأشرف رئيس قسم الآليات في العتبة العبّاسية المقدسة، أعلن عن إرسال مئة عجلة لنقل زائري أمير المؤمنين (عليه السلام)، الوافدين لإحياء ذكرى شهادة الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) من القطوعات الخارجية إلى مركز محافظة النجف الأشرف. بدوره أقام المجمع العلميّ للقرآن الكريم في العتبة العباسية المقدّسة ممثّلا بمعهد القرآن الكريم بالنجف الأشرف، موكبًا خدميًا للزائرين ضمن الخدمات التي تقدّمها العتبة العباسية للزائرين. وقال مدير المعهد السيد مهند الميالي إنّ "المعهد أقام الموكب للعام الثاني على التوالي، مقدّمًا أكثر من (3000) وجبة طعام، ونصف طنّ من الفواكه المتنوّعة، وقرابة (500) صندوق ماءٍ فضلاً عن العصائر"، لافتًا إلى أنّ المجمع العلمي للقرآن الكريم افتتح عددًا من المحطات التي تُقدّم فيها الخدمات المتنوّعة للزائرين، على المحاور المؤدّية إلى مدينة النجف الأشرف". كما أقام المعهد عددًا من المحطات القرآنية لتصحيح قراءة قصار السور، توزّعت في الطرق الّتي يسلكها الزائرون، وبواقع أربع محطّاتٍ من جهة محافظة كربلاء المقدّسة والديوانية وبابل، وبمشاركة أربعين معلّمًا قرآنيًا لتصحيح قراءة قصار السور وأذكار الصلاة، وبيان بعض المفاهيم القرآنية والفكرية والثقافية، إلى جانب توزيع نصائح المرجعية الدينية العليا على الزائرين، وهدايا تبركية من مرقد أبي الفضل العباس(عليه السلام)، لترسيخ الثّقافة القرآنية والهوية الدينية لدى الزائرين.
بينما قدم موكب جامعة الكفيل خدمات متنوعة للزائرين منها: أكثر من ثلاثة آلاف وجبة طعام يوميًا، إضافة إلى الوجبات البينية والمشروبات الباردة بشكل مستمر طوال أيام توافد الزائرين إلى النجف الأشرف لإحياء المناسبة الأليمة، وفقًا لمسؤول الموكب السيد مجتبى حسن صاحب.
في السياق نفسه أحيت فرقة العباس (عليه السلام) ذكرى شهادة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) عبر موكبها الخدمي في النجف الأشرف، إذ قدّم الموكب وفقًا لمعاون رئيس قسم الإعاشة في الفرقة السيد عباس غايب، نحو عشرة آلاف وجبة طعام خلال أيام الزيارة النبوية.
وعقدت الفرقة مجلسًا للعزاء بالذكرى الأليمة قرب مرقد أمير المؤمنين (عليه السلام)، حاضر فيه الشيخ عبد الله الدجيلي، متناولًا فيه قبسات من السيرة النبوية العطرة للرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله)، وبحضور جمع من محبّي أهل البيت (عليهم السلام). جود أبي الفضل (عليه السلام) يمتد إلى زائري العسكريين (عليهما السلام) في سامراء أيضًا لم يتوقف جود أبي الفضل العباس (عليه السلام)، وسعي خدمته في تقديم كل ما يمكن تقديمه للزائرين المعزين بذكرى استشهاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، إذ أرسلت العتبة العباسية المقدسة فرقًا خدمية وفنية وطبية إلى سامراء لمشاركة منتسبي العتبة العسكرية في تقديم الخدمات وتذليل الصعاب أمام الزائرين. وقال رئيس وفد العتبة المقدسة إلى سامراء السيد خليل مهدي هنون، إنّه "ضمن سلسلة مشاركاتها في الزيارات المليونية لتقديم الخدمات المتنوعة للزائرين الوافدين من أرجاء العالم شتّى، أقامت العتبة المقدسة موكبها السنوي في مدينة سامراء بذكرى استشهاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، مقدّمًا جملة من الخدمات للزائرين كوجبات الطعام الرئيسة والوجبات البينية، فضلًا عن الخدمات الأمنية والصحية وغيرها، بالتنسيق مع العتبة العسكرية المطهرة. وتابع أنّ "العتبة العباسية وفرت أعدادًا كبيرة من صناديق المياه الصالحة للشرب عبر خمس ناقلات، إضافة إلى أربع ناقلات تحمل مادة الثلج توزع على الزائرين والمواكب الخدمية في سامراء وكذلك عدد من العجلات التخصّصية (كابسات) لتنظيف المناطق القريبة من المرقد الطاهر". من جهته قدّم قسم الشؤون الدينية في العتبة العباسية المقدسة عبر موكبه الذي أُقِيم بالقرب من العتبة العسكرية المقدسة ثلاث وجبات رئيسة، إلى جانب توفير العصائر ومياه الشرب الصحية الباردة للزائرين، وتخصيص أماكن استراحة ومبيت خاصة بالنساء وآخر للرجال تتسع إلى (1500) زائر جُهزِّت بالكامل، كما فتح القسم محطة للإجابة عن الأسئلة الشرعية، وفقا لمسؤول شعبة الإرشاد والدعم في القسم الشيخ حيدر العارضي.
بينما أطلقت العتبتان المقدّستان العسكرية والعباسية، مشروع تعليم القراءة الصحيحة للزائرين، من خلال معهد القرآن الكريم بالتعاون مع دار القرآن الكريم في العتبة العسكرية عبر أربع محطّاتٍ تعليميّة، توزّعت في الحرم العسكري المطهّر ومحيطه، بهدف تعليم قراءة سورة الفاتحة وقصار السور مع أذكار الصلاة". ويُقام المشروع للعام الخامس بالتعاون بين العتبتين المقدّستين وفقًا لمدير معهد القرآن الكريم التابع للمجمع العلميّ للقرآن الكريم في العتبة العبّاسية الشيخ جواد النصراوي، ويشارك فيه (19) أستاذًا مختصًّا"، مشيرًا إلى أنّ "النجاح الكبير الذي حقّقه المشروع في زيارة الأربعين شكّل دافعًا كبيرًا لإقامة المشروع في سامراء، خدمةً للزائرين لإحياء ذكرى هذه الفاجعة الأليمة". بدوره، أعلن قسم الشؤون الطبية في العتبة العباسية المقدسة عن تقديم الرعاية الطبية لأكثر من (6000) حالة للزائرين في مدينة سامراء عبر مفارزه الطبية المنتشرة في المنطقة المحيطة بالمرقدين الطاهرين. وقالت رئيسة القسم الدكتورة هيفاء التميمي إنّ "القسم خصّص ثلاث فرق طبية، تقدم خلالها الملاكات الخدمات الطبية بالتعاون مع فرق من دائرة صحة محافظة القادسية، وهيأة الجود من مركز أم البنين (عليها السلام)، إضافة إلى توفير عجلتين للإسعاف وأدوية متعددة، مشيرة إلى أنّ "الحالات التي تلقت العلاج اختلفت أسبابها بين ارتفاع أو انخفاض السكر، وضغط الدم وغيرها من الحالات التي استوجبت التداخل لتقديم العلاج". وتابعت أنّ "ملاكاتنا عملت على مدار (24) ساعة وبواقع أكثر من شفت لضمان التواجد بشكل مستمر لخدمة زائري الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)". كما أسهمت فرقة العباس (عليه السلام) كعادتها في تقديم خدماتها الأمنية والطبية والغذائية المتنوعة لزائري مرقد الإمامين العسكريين (عليهما السلام)، فقد شارك مقاتلو الفرقة في تفتيش الزائرين عبر ثلاث نقاط تفتيشية وقعت مهمة تأمينها على عاتقها بمشاركة عدد من المتطوعين، إضافة إلى المشاركة في الخطة الأمنية بالتعاون مع العتبة العسكرية المقدسة وقيادة عمليات سامراء، عبر إدخال أجهزة ومعدّات متطورة لتأمين حركة الزائرين والمنطقة، وفقًا لقائد الفرقة الشيخ ميثم الزيدي. وأوضح "في كلّ عام تشارك الفرقة بالخطة الخدمية، لكن هذا العام كانت بشكل أوسع، إذ فتحت أفران صمون موزعةً أكثر من (30) ألف رغيف يوميًا على موكب الفرقة وبقية المواكب الخدمية في المدينة في أثناء الزيارة، إلى جانب توزيع أكثر من (10) آلاف وجبة غذائية على الزائرين، فضلًا عن معمل الثلج الذي أنتج قرابة خمسة أطنان يوميًا، وُزِّعت على المواكب الخدمية المحيطة بالمرقد الطاهر والطرق المؤدية إليه، كما وفرت الفرقة مستشفى طبيًا متنقلًا يقدّم خدماته الطبية للزائرين على مدار الساعة، وبإشراف فرق طبية مختصّة.
وفي ختام الزيارة كرّمت العتبة العسكريّة المقدّسة وفد العتبة العبّاسية المقدّسة في سامراء، لمشاركته في تقديم الخدمات لزائريها بذكرى شهادة الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام)، جاء ذلك خلال المؤتمر الذي عقدته العتبة العسكريّة بحضور وفود العتبات المقدّسة الأُخَر، والجهات والمؤسّسات المشاركة في إنجاح الزيارة.
مبدأ التعاون والتكافل الذي طبقته العتبة العباسية مع العتبات المقدسة الأخرى أسهم بتعدد الخدمات التي قُدِّمت للزائرين في الزيارات المليونية، إذ لم تقتصر الخدمات على محافظة كربلاء المقدسة ومحيط العتبة المقدسة فحسب، بل تحوّلت إلى برنامج ثابت في المناسبات الخاصّة بأهل البيت (عليهم السلام).