بلغت الحكومة الأميركية حد الاقتراض البالغ 31.4 تريليون دولار، وسط مواجهة بشأن رفع السقف بين مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، والديمقراطيين الذين ينتمي إليهم الرئيس جو بايدن، مما قد يؤدي إلى أزمة مالية في غضون بضعة أشهر.
وأبلغت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين قادة الكونغرس بمن فيهم رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي أن وزارتها بدأت في استخدام الإجراءات الاستثنائية لإدارة النقد والتي يمكن أن تؤدي لتفادي التخلف عن السداد حتى الخامس من يونيو.
وقالت يلين في رسالة إلى قيادة الكونغرس الخميس: "إنني أحث الكونغرس بكل احترام على التحرك بسرعة لحماية الثقة الكاملة للولايات المتحدة ومصداقيتها". حذرت الوزيرة سابقا من أن التخلف عن السداد ستكون نتائجه "غير قابلة للعلاج".
ما هي الإجراءات الاستثنائية؟
هي سلسلة من المناورات المحاسبية التي من شأنها تعليق المساهمات واسترداد الاستثمارات لصناديق التقاعد والرعاية الصحية الخاصة بموظفي الحكومة، مما يمنح الحكومة مساحة مالية كافية للتعامل مع نفقاتها اليومية حتى شهر يونيو.
من خلال تعليق المدفوعات، يمكن للحكومة الفيدرالية تقليل حجم الديون المستحقة، وتمكين الخزانة من الاستمرار في تمويل العمليات الحكومية، وهذا الإجراء الاستثنائي لا بأس به ما دام مؤقتا.
لكن المشكلة تكمن في احتمال استنفاد هذه "الإجراءات الاستثنائية" دون الوصول إلى اتفاق بشأن حد الدين، حيث سيكون التخلف عن سداد الديون لفترة طويلة مدمرا، مع انهيار الأسواق وتسريح العمال بسبب الذعر المصاحب لتبخر الثقة في حجر زاوية الاقتصاد العالمي.
الجمهوريون يحاصرون بايدن
يهدف الجمهوريون، الذين فازوا حديثا بأغلبية في مجلس النواب، إلى استغلال الوقت حتى استنفاد مناورات وزارة الخزانة الطارئة لإجبار بايدن ومجلس الشيوخ الذي يقوده الديمقراطيون على تخفيض الإنفاق.
وحذر رؤساء شركات ووكالة واحدة على الأقل من وكالات التصنيف الائتماني من أن المواجهة الطويلة بين الجانبين قد تهز الأسواق وتزعزع استقرار الاقتصاد العالمي المهتز بالفعل.
ويحاول الجمهوريون استخدام أغلبيتهم البسيطة في مجلس النواب وسقف الدين لفرض تخفيضات على البرامج الحكومية، ويرون أن وزارة الخزانة يمكن أن تتجنب التخلف عن السداد من خلال إعطاء الأولوية لمدفوعات الديون. لكن الخبراء الماليين شككوا في جدوى الفكرة، والتي يرفضها البيت الأبيض كليا.
وأكدت نائبة السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض أوليفيا دالتون اليوم الخميس على متن طائرة الرئاسة "لن تكون هناك مفاوضات بشأن سقف الدين. يجب على الكونغرس معالجة المسألة دون شروط كما فعل ثلاث مرات في عهد (الرئيس الجمهوري السابق) دونالد ترامب ".
وشهدت الولايات المتحدة معركة مطولة حول سقف الدين في عام 2011 أدت إلى خفض التصنيف الائتماني للبلاد وإجبارها لسنوات على تخفيضات في الإنفاق المحلي والعسكري.
وقال تشاك شومر، زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ في بيان "سياسة حافة الهاوية مع الحد من الديون ستكون ضربة هائلة للاقتصادات المحلية والعائلات الأمريكية ولن تكون أهون من أزمة اقتصادية على أيدي الجمهوريين".
قنبلة الديون
يقدر مكتب الميزانية في الكونغرس أن العجز السنوي في الميزانية سينمو من نحو تريليون دولار إلى أكثر من تريليوني دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.
يعكس عدم التوازن خلال السنوات المقبلة بشكل متزايد النفقات الحكومية لبرامج مثل الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي التي تفوق عائدات الضرائب، ويشير ذلك إلى أن الحكومة ستحتاج إلى تخفيضات شديدة في الإنفاق، أو زيادات ضريبية كبيرة، أو مزيج من الخيارين.
في عام 2011، عندما كان باراك أوباما رئيسا وبايدن نائبا له، كان هناك اتفاق بين الحزبين لرفع حد الدين بمقدار 900 مليار دولار مقابل 917 مليار دولار من التخفيضات التلقائية للإنفاق على مدى 10 سنوات. لكن تخفيض الديون لم يتحقق بالكامل.
بعد أن أصبح دونالد ترامب رئيسا في عام 2017، غذى المشرعون الجمهوريون المزيد من الزيادات في الديون من خلال تمرير تخفيضات ضريبية ممولة بالعجز، وتسارعت الديون بشكل أكبر مع بداية جائحة فيروس كورونا في عام 2020، مما تسبب في اقتراض حكومي ضخم لإخراج الولايات المتحدة من ركود عميق.
قدر مكتب الميزانية في الكونغرس، العام الماضي، أن الدين الأميركي سيتجاوز 40 تريليون دولار في عام 2032، ارتفاعا مما يزيد على 31 تريليون دولار سجلها في أواخر العام الماضي.
لماذا اعتمدت أميركا نظام حد الدين؟
قبل الحرب العالمية الأولى، كان الكونغرس بحاجة إلى موافقة المشرعين على كل إصدار للسندات، ولذلك، اعتمدت البلاد نظام حد الدين، كحل بديل لتمويل المجهود الحربي دون الحاجة إلى سلسلة ثابتة من عمليات التصويت.
منذ ذلك الحين، أصبحت الأداة التي تم إنشاؤها لتسهيل عمل الحكومة مصدرا للخلل، مما أدى إلى تأجيج الخلاف الحزبي وخلق مخاطر اقتصادية مع زيادة حجم الدين على مدار العشرين عاما الماضية.
حجم صناديق التقاعد
في نهاية السنة المالية 2021، كان هناك 986 مليار دولار في صافي أصول الخدمة المدنية وصناديق تقاعد الموظفين الفيدراليين، وفقًا لتقرير صادر عن مكتب إدارة شؤون الموظفين.
المساهمات الحكومية المطلوبة في الصناديق كبيرة بما يكفي، ليسمح لها بجعل هذه الإجراءات الاستثنائية فعالة في مواصلة تمويل أعمال الحكومة لمدة خمسة أشهر تقريبا.