أشرقت الدنيا بولادةِ الكوكبُ الدّري، والكوثر الفيّاض، تزهرُ لأهل السماء كما تزهرُ النجومُ لأهل الأرض ، يغضب الله لغضبها، ويرضى لرضاها، إنها سيدة نساء العالمين وبنت أشرف الأنبياء والمُرسلين، وزوج سيد الوصيين، فاطمة الزهـراء "عليها السلام"، إذ أقامت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة وبرعاية مباركة من قبل أمينها العام خادم الإمامين الكاظمين الجوادين الدكتور حيدر حسن الشمّري، حفلها المركزي البهيج، بحضور كوكبة من الشخصيات الدينية والاجتماعية، ونخبة من القيادات الأمنية، وجمع غفير من زائري الإمامين الكاظمين الجوادين "عليهما السلام" الذين جاءوا للتشرّف بإحياء هذا الحفل المبارك مؤكدين التزامهم بالنهج الرسالي والارتباط الوثيق بأهل بيت النبوة "عليهم السلام".
استُهل الحفل بتلاوة أيٍ من الذكر الحكيم شنّف بها أسماع الحاضرين قارئ العتبة الكاظمية المقدسة السيد عبد الكريم قاسم، بعدها كلمة الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة وألقاها أمينها العام جاء فيها قائلاً: (لا يختلف ذوي العقول المنصفة على أن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) هي المثل الأعلى الذي قدّمته الرسالة الإلهية للمرأة، فقد صاغتها يد العناية الربانية لتكون قدوةً للحياة الكريمة، وأسوةً للفضائل والقيم الإنسانية، فهي نسخة ناطقة بتعاليم الوحي الإلهي صِدّيقة لا تفعل غير الحق، ولا تتبع سوى الهدى.. فحريّ بنا أن نقتدي بالسيدة الزهراء البتول (عليها السلام)، وأن نجعل نصب أعيننا المثل الإسلامية العليا التي تجسدت فيها عليها السلام فكراً ومنهجاً وسلوكاً.
وأضاف: أن زواج الزهراء (عليها السلام) مثلاً بما فيه من تواضع المهر، وبساطة المراسيم، وسمو الخلق والمثل ومبادئ الدين على مظاهر البذخ والترف، وما يتبعه من حسن التبعّل وطيب المعاشرة مع ابن عمها الوصي المرتضى أمير المؤمنين عليه السلام وتربيتها سبطي النبي الأكرم وإمامَيِ الرحمة الحسن والحسين (عليهما السلام)، كل ذلك يعكس لنا أبعاد الرسالة الإسلامية السمحة التي رسمها الإسلام لنا صورة عن حقوق المرأة المؤمنة وواجباتها ومدى فاعليتها في الإسهام ببناء المجتمع وتطويره.. فــبَيتُ علي وفاطمة هو البيت الوحيد الذى يضم بين جدرانه زوجين معصومين مطهرين منزهين عن ارتكاب الذنوب واكتساب المآثم، ويتصفان بالفضيلة الأخلاقية والكمال الإنساني.. وكان أروع أنموذج في الصفاء والإخلاص والمودة والرحمة، تعاونا فيه بوئام وتآلف على إدارة شؤون البيت وإنجاز أعماله.. ولم تستنكف ابنة الرسول- وهي بنت أعظم رجل فى الإسلام- من العمل فى البيت بأعمال قد شقت عليها لخدمة أسرتها وقيامها بواجبها الرسالي.. فما أحوجنا ونحن نعيش في عالمٍ يغرق بالمادة وتتلاشى فيه المثل والقيم العليا أن تتعرف نساؤنا المسلمات على القدوة المثلى والأسوة الحسنة للنساء في الإسلام وأن يقتدين بسيرتها، ويستلهمن منها دروس الحياة لتربية الأجيال وتوجيهها لما فيه الصلاح والهداية، بما يسهم في بناء إنسانٍ تحيا فيه المثل الاخلاقية والعقيدة الحقّة.
وأشار: ولا يخفى على الكثير ونحن نعيش هذه الأيام مشكلة الإفراط في تعاملات النساء مع الرجال الأجانب، إذ تفتقر بعض تلك التعاملات إلى مراعاة تعاليم الدين الحنيف، وعدم التورع في بعض التصرفات، وغياب الحجاب وانتشار التبرج في معظم الأوقات، وكأن العادات والتقاليد وسلوك وتصرفات المجتمعات الغربية أصبحت هي الأساس في مفردات يوميات بعض العوائل والأسر. وعلينا هنا مراجعة أنفسنا والتأكيد على الانتماء إلى خط أهل البيت عليهم السلام بشكل صحيح وأن نفهم ما يريده منا الله تعالى ونبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة المعصومون (عليهم السلام)، وعلى نسائنا أن تتأسى بسيدة النساء فاطمة (عليها السلام) وتجعل من سيرتها نبراساً تهتدي به..).
بعدها كانت هناك مشاركة لمواكب وأهالي مدينة الكاظمية بمسيرة ولائية صدحت فيها حناجرهم بالأهازيج والردات الفاطمية.
ثم ارتقى المنصة فضيلة الشيخ مضر الصحاف ليتحف الحضور بقصيدة رائعة مطلعها:
قد أشرقت وتألقت بسناها *** صلوا عليها واهتدوا بهداها
تبعتها مشاركة لفرقة إنشاد الجوادين بقراءة أنشودة بعنوان: (ترنيمة الحُب فاطمة الزهراء)، ثم تلتها مشاركة للشاعر حاتم صبري الكاظمي بقصيدة جاء في مطلعها:
فرحاً وسروراً تزدهي الزرقاءُ *** الشمس قد وُلِدَتْ أمِ الزهراءُ
واختتم الحفل بمشاركة الرادود الحُسيني حيدر الصغير بروائع الكلمات والأهازيج معبّراً عن فيض كرم السيدة الزهراء "عليها السلام" ومناقبها وفضائلها وسجاياها العظيمة، وبحبُ آل بيت المصطفى "عليهم السلام" من خلال القصائد الولائية التي أنشدها على الحضور الكرام.