لم تكن ملحمة أربعينية
الإمام الحسين عليه السلام آخر محطة من محطات التحدي والوحدة العراقية، حيث أظهرت تلك
المناسبة بملايينها الزاحفة إلى كربلاء - التي فاقت الأربع عشرة مليوناً – التفاف العراقيين
حول قادتهم عليهم السلام، أئمة الهدى والفلاح في الدنيا والآخرة، فكانت مشاركة طوائفهم
وأديانهم وقومياتهم المختلفة في هذه المناسبة كاشفة عن توحدها حول حب الإمام الحسين
عليه السلام الذي التف الجميع حول رايته، ولم يكن ببعيد عن ذلك ما جرى من زحف مليوني
نحو مراقد سامراء المقدسة في الجمعة الماضية بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام الحسن العسكري
عليه السلام، وهكذا كان الأمر أوائل أيام هذا الاسبوع وبمناسبة ذكرى ولادة سيد الكائنات
محمد صلى الله عليه وآله، حيث اسبوع الولادة اعتباراً من 12 ربيع الأول1430هـ وحتى
مطلع الاسبوع القادم في 17 منه، حيث كان حافلاً بمشاعر الوحدة الإسلامية.
وفي السياق ذاته
وفي يوم الأحد 10ربيع الأول شهدت مدينة الأعظمية في العاصمة بغداد الحفل الرسمي بالمناسبة
الشريفة في مرقد الشيخ أبو حنيفة النعمان، حيث ألقيت فيه الخطب الدينية واستعرضت سيرة
المصطفى محمد صلى الله عليه وآله، ودعا خلالها المسؤولون إلى استلهام العبر والدروس
من سيرته الوضاءة في الصبر والثبات على الحق والعدل والحكمة والقيادة الرؤوفة الحازمة.
وقد حضر الحفل الديني
وفدٌ مشتركٌ ضم مسؤولين ومنتسبين من العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية - وكعادتها
ف يمثل هذه المناسبات - لتمتين الروابط مع أهلنا السنة، كما حضر الحفل عددٌ كبير من
المسؤولين من الرئاسات الثلاثة، ورجال الدين وأعضاء مجلس النواب، فضلا عن وفد من المحافظات
الجنوبية للبلاد. ورغم انقطاع الطرق وصعوبة التنقل بين مدينتي الكاظمية المقدسة والأعظمية،
اضطر أهالي الأولى الذهاب إلى الأعظمية سيرا على الأقدام للمشاركة في الاحتفال.
وفي تصريح لموقع
(الكفيل) أفادنا به مسؤول شعبة التنسيق والمتابعة في قسم الشؤون الفكرية والثقافية
في العتبة العباسية المقدسة الأستاذ أياد أبو طحين الذي كان ضمن وفد العتبتين المقدستين
بما شاهده من أجواء الأحتفال قائلاً:
في أجواء من الألفة والمحبة والأخوّة اجتمع
العراقيون تحت خيمة رسول الله صلى الله عليه وآله، ليعبروا عن مدى أصالتهم وانتمائهم
لدينهم ومبادئهم وأرضهم، في أيام الطهر والحفاوة والنقاء، أيام ولادة سيد الكائنات
حبيب إله العالمين ورسوله الأمين أبي القاسم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله،
حيث جدد العراقيون في هذه الأيام البيضاء إصرارهم وقدرتهم على مواصلة الحياة وتخطي
العقبات والصعوبات، ولتتحقق منهجية الإسلام في السماحة والتعايش مبيناً
فشد وفد من عتبات كربلاء المقدسة الرحال إلى مدينة الأعظمية ليشاركوا اخوتهم
افراحهم، وقد استقبل أخوتنا أهالي الأعظيمة اخوتهم من العتبتين الحسينية والعباسية
المقدستين، والعتبة الكاظمية المقدسة، بفرح غامر وسرور، مما عمّق في النفوس الروح الاخوية
التي تربطهم كعراقيين، ولتخمد بذلك ألسنة المتقولين من أصحاب الفتن والنافخين في نار
الطائفية والاقتتال.
وقد ثمن رئيس ديوان
الوقف السني الشيخ الدكتور عبد الغفور السامرائي في كلمته في الحفل دور أهالي كربلاء
المقدسة في وأد الفتنة الطائفية، وشكر لهم تجشمهم عناء السفر للحضور والمشاركة مع أخوتهم،
مبيناً وهذا الدور ليس بجديد على أهل مدينة يرقد بين ظهرانيها الإمام الحسين
عليه السلام سليل البيت النبوي، وسيد شباب أهل الجنة وحبيب رسول الله صلى الله عليه
وآله كما أشاد بدور رجال الدين الذين أنقذوا العراق وشعبه الكريم في تلك
المحنة.
وتحدث الشيخ عبد
الستار الأسدي بإسم وفد العتبتين الحسينية والعباسية المقدستين، حيث وصف الاستقبال
والحفاوة لأهالي الأعظمية بـ الكرم العربي الأصيل وبين ما لذكرى
رسول الله صلى الله عليه وآله من أثر كبير في لم الشمل ونبذ الفرقة، فهو رسول الإنسانية
جمعاء وهو من وحد الناس جميعاً تحت راية التوحيد والدين الحق، وهو صلى الله عليه وآله
من أكد على الوحدة الإسلامية بعد أن أمر بها القرآن الكريم. وثمن الشيخ الأسدي
الآواصر الأخوية المتينة بين الطائفتين وشدد على ضرورة التواصل لإنجاح
مثل هكذا لقاءات لتترجم من خلالها عملية إعادة بناء النسيج الاجتماعي العراقي، المعروف
بقربه وتلاحم أطيافه.
وقدم رئيس الوفد
دعوة بإسم الأمانتين العامتين للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية لجميع أهالي الأعظمية
لزيارة محافظة كربلاء المقدسة، وبدورهم قدموا لوفد الأمانتين المصحف الشريف تقديراً
لهما، وبدورهما قدم وفدهما لأهالي الأعظمية هدايا تقديرية.
كما خصص جمع من شيوخ
العشائر وزعماء الصحوات مأدبة عشاء على شرف وفد العتبتين المقدستين.