باتت العتبة الكاظمية المقدسة منبعاً للحكمة والرشاد ورافداً مهماً من روافد الحضارة الإنسانية، وحاضرة للعلم والفكر والمعرفة ومحط أنظار العلماء والفقهاء والأدباء إذ حرصت أمانتها العامة والقائمون على إدارتها على حفظ هذا الموروث الزاخر من خلال ترسيخ نهجها، والسعي الدائم في إيصال رسالتها الإنسانية للعالم أجمع وتطوير مشروعها العلمي والفكري وتنمية روح البحث العلمي والتواصل مع المدارس العلمية والمؤسسات الدينية والأكاديمية والجامعات العراقية، وبرعاية مباركة من قبل أمينها العام خادم الإمامين الكاظمين الجوادين الدكتور حيدر حسن الشمّري انطلقت وعلى بركة الله تعالى عصر يوم الجمعة 17 ربيع الأول 1444 هـ الموافق 14 تشرين الأول 2022، فعاليات المؤتمر العلمي الدولي السنوي الحادي عشر في رحاب الصحن الكاظمي الشريف بعنوان (منهج النبي الخاتم "صلى الله عليه وآله وسلم" حياة وهداية للعالمين)، وتحت شعار: (من نور نبينا "صلى الله عليه وآله وسلم" خلق الله كلّ خير).
افتتحت فعالياته بحضور وفود العتبات المقدسة والمزارات الشريفة، وكوكبة من الشخصيات الاجتماعية والأكاديمية البارزة وعمداء الجامعات العراقية ونُخبة من رجال الدين وفضلاء الحوزة العلمية الشريفة.
حيث بدأت وقائعه بتلاوة مباركة من كتاب الله العزيز عطّر بها قارئ العتبة الكاظمية المقدسة الحاج همام عدنان أسماع الحاضرين، وقراءة سورة الفاتحة المباركة ترحماً على أرواح الشهداء الأبرار، والاستماع لأنشودة العتبة المقدسة، بعدها كلمة الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة ألقاها نائب أمينها العام المهندس سعد محمد حسن تحدث فيها قائلاً: (نبارك لكم ذكرى ولادة الصادقين "عليهما السلام" أنه لمن دواعي السرور والفخر لهذا العام ان يتميز مؤتمرنا بإقامته وافتتاحه في ذكرى ولادة سيد الكائنات محمد "صلى الله عليه وآله وسلم" وحفيده الإمام جعفر الصادق "عليه السلام"، وأن يرتبط عنوانه بشخصية النبي الأكرم، ولكونه مؤتمراً علمياً فهو مرتبط بمدرسة الإمام الصادق "صلوات الله عليهم أجمعين"، هذا فضلاً عن كونه يفتتح في يوم الجمعة المبارك وهو اليوم الذي استبشرت جميع المخلوقات بولادة حبيب إله العالمين النبي الأعظم محمد "صلى الله عليه وآله وسلم"، فضلاً عن أنه اليوم الذي يتوقع فيه ظهور الإمام المهدي المنتظر "عليه السلام" ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجورا ليكمل رسالة جده رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" في بسط الإسلام والعدل، لذا في هذا اليوم المبارك سنبحر في سيرة المصطفى "صلى الله عليه وآله وسلم"، من خلال هذا المؤتمر ومحاوره المتعددة المعدّةِ له، ونسأل الله القبول بأن نوفق بعد الوصول إلى هذه اللحظة والبدء بأعماله).
تبعتها كلمة اللجنة التحضيرية للمؤتمر العلمي الدولي السنوي الحادي عشر والتي ألقاها عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر المهندس جلال علي محمد قائلاً: (بذلتِ اللجنةُ التحضيريةُ للمؤتمرِ العلميِّ الدوليِّ السنويِّ الحادي عشر، وجميعُ اللجانِ الفرعيةِ الأخرى، قُصارى جهودِها على مدى شهورٍ متعددةٍ من الاجتماعاتِ الدوريةِ للتهيئةِ لهذهِ المناسبةِ العلميةِ الكبيرةِ؛ ولتكونَ الفعالياتُ متنوِّعَةً، حيثُ مؤتمرُ البحوثِ العلميةِ، ومهرجانُ الشعرِ العربي الثامن الذي يقامُ في الأسبوعِ القادمِ بإذنه تعالى، ومعرضُ الكتابِ الدولي المقامِ حاليًّا بمشاركةِ دورِ نشرٍ مختلفة من العراقِ وخارجه.
وكانتِ اللجنةُ التحضيريةُ على تواصلٍ مباشرٍ مع العلماءِ الباحثينَ والمثقفينَ، من خلالِ زيارةِ المراكزِ العلميةِ والجامعاتِ العراقيةِ، وبيانِ ما يتعلقُ بأهميةِ هذا المؤتمرِ الذي يعبِّرُ عن الرسالةِ العالميةِ للنبيِّ الأكرمِ صلى الله عليه وآله وسلم، فقد تمَّ ومن خلالِ اللجنةِ الخاصةِ بتسلُّمِ البحوثِ رفدُ المؤتمرِ بستِّ وستين بحثًا من مختلفِ المراكزِ والجامعاتِ من العراقِ وخارجِه، فضلًا عن باحثي العتباتِ المقدسةِ، وبعد العرضِ الأولِ لتلكَ البحوثِ على الأساتذةِ الكرامِ في اللجنةِ لم يتم قبولُ ثلاثةَ عشرَ بحثًا؛ لعدمِ موافقتِها لمحاورِ المؤتمرِ، وبعدَ عرضِ المتبقي من البحوثِ على اللجنةِ العلميةِ للمؤتمرِ، بمراجعةِ البحثِ من خبيرَيْنِ علميَّيْنِ مختصَّيْنِ، فقد تم قبولُ أربعينَ بحثًا ٱجتازَتْ درجةُ البحثِ على السبعين، وهي درجةُ قبولِ البحوثِ في مؤتمَرِنا العلمِيِّ، على وُفْقِ تقسيمِ الدرجاتِ المُعْلَنِ عنهُ في مطويةِ المؤتمرِ المنشورةِ).
بعدها أجاد الشاعر الأستاذ رياض عبد الغني الحسن بقصيدة شعرية رائعة عنوانها: (يا سيّدَ الكون) ومنها هذه الأبيات:
يا سيدَ الكونِ هل للكونِ من سببٍ *** إلاّكّ أخرَجَهُ من هوَّةِ العدَمِ
قد جاء مولدُكَ الزاكي ليرفعَهُ *** إلى الوجودِ بمعنىً منْهُ منسجمِ
فكان خلقُكَ مفتاحَ الوجودِ، به *** خُطَّتْ مسيرتهُ باللوح والقلمِ
كما تخلل الحفل مشاهدة تقرير تلفزيوني أعدته قناة الجوادين استعرض خلاله أعمال اللجنة التحضيرية واللجان الفرعية وأدوارها واستعداداتها لإقامة هذا المؤتمر العلمي.
بعدها استمع الحاضرون في الجلسة الافتتاحية إلى ورقتين بحثيتين الأولى بعنوان: (الممارسات الميدانية الذكية للقيادة النبوية) للباحث الأستاذ الدكتور يوسف حجيم الطائي، والأخرى بعنوان: (قداسة الإنسان عند النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله وسلم" وأثرها على التعايش السلمي في المجتمع) للباحث الأستاذ مساعد دكتور أحمد حسن السعيدي.
لتبدأ بعد ذلك الجلسات العلمية البحثية التي توزعت على القاعات الثلاث في الصحن الكاظمي الشريف وهي: قاعة الحمزة بن عبد المطلب "عليه السلام" وقاعة مكتبة الجوادين العامة، وقاعة مدرسة الجوادين الدينية.