في ظل الأوضاع التي تمر بها ألمانيا، ورغبتها في إيجاد بدائل لمصادر الطاقة التي تعتمد عليها بشكل خاصة خاصة الغاز الذي توفر موسكو أكثر من استهلاك برلين منه، طالب وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، الألمان بالبدء في ترشيد الاستهلاك؛ ليصبحوا أكثر استقلالية عن الوقود الأحفوري الروسي؛ حيث يبحث أكبر اقتصاد في أوروبا عن طرق لخفض واردات الغاز والنفط من موسكو؛ ردًا على الحرب الروسية على أوكرانيا.
ومع المطالبات الأميركية والأوكرانية المتكررة، بوقف واردات
الغاز الروسية، قال هابيك "إن ألمانيا يمكن أن تصبح أقل اعتمادًا إذا قلل المواطنون من استهلاكهم للطاقة"، مقترحًا استخدام القطار أو ركوب الدراجات بدلًا من القيادة كلما أمكن ذلك.
وأضاف هابيك: "كل كيلومتر لا يُقَاد هو مساهمة في تسهيل الابتعاد عن إمدادات الطاقة الروسية. نحن نحمي المناخ أيضًا".
وأوضح هابيك أن خفض 10% من استهلاك الطاقة الفردي أمر ممكن، مضيفًا أن أصحاب العمل يمكن أن يُسهِموا من خلال منح العمال خيار العمل من المنزل حيثما كان ذلك ممكنًا.
وتظهر البيانات الرسمية أن ما يزيد قليلًا على ثلث
النفط الخام الألماني جاء من روسيا، خلال العام الماضي، وحتى غزو أوكرانيا في فبراير، لم تكن السلطات تنظر إلى اعتماد أكبر اقتصاد في
أوروبا على الطاقة الرخيصة من روسيا على أنه مشكلة.
غياب البدائل
الخبير المقيم في برلين، زاهي علاوي، يقول إن "مطالبة أعضاء الحكومة الالمانية وخاصة حزب الخضر بترشيد الطاقة ليس جديدا ولكن الآن هناك حاجة ملحة في ظل الحديث عن الاستغناء عن مصادر الطاقة الروسية الفحم والغاز البترول ومحاولة إيجاد بدائل هي غير متوفرة الآن، فالمخزون الاحتياطي من الغاز في ألمانيا لا يكفي لفترة طويلة ومن هنا أتت الحاجة للمطالبة بترشيد استهلاك الطاقة عليه يساعد في زيادة المخزون، يضاف إلى ذلك أن تحسن الطقس نحو الدفئ يخفف استهلاك الطاقة لكن هذا لن يكون كاف دون وجود بدائل".
وأضاف علاوي، لموقع "اقتصاد سكاي"، أنه على المدى القريب والمتوسط لا يمكن لألمانيا الاستغناء عن مصادر الطاقة الروسية خاصة البترول والغاز، لأنها تعتمد على الغاز الروسي بنسبة تصل إلى 56% ، ولا يوجد بدائل يمكن أن تغطي الحاجة لأنها تستخدم في الصناعة وتدفئة المنازل، وحتى لو متاح استيراد الغاز من قطر أو من أميركا، إلا أن نقل هذه الكميات يحتاج إلى بنية تحتية غير متوفرة في ألمانيا حتى الآن، إضافة إلى أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تلبي سوى 15% من احتياجات ألمانيا وأوروبا من الغاز، إضافة إلى نقل الغاز الأميركي إلى أوروبا سيؤثر على أسعار لأنه عملية النقل تكون مكلفةة، عكس نقل الغاز الروسي الذي لا يبعد مسافات طويلة، وتحاول
ألمانيا حاليا الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة لكنها لن تلبي كل الحاجات التي لا تلبي سوى 30% من حاجة البلاد.
وأشار إلى أن الساسة الألمان أكدوا عدم قدرتهم عن الاستغناء عن مصادر الطاقة الروسية رغم المطالبات المتكررة من أميركا وأوكرانيا، وهو غير مطروح على الطاولة حاليا، وقد تحتاج ألمانيا إلى فترة تمتد بين عامين و5 أعوام للتخلي عن مصادر الطاقة الروسية.
وكشف علاوي، أن ألمانيا تدرس حاليا عودة الاعتماد على الفحم مرة أخرى مع العلم أنه مضر للبيئة، ولكن حتى أعضاء حزب الخضر يفكرون في التخلي في مبادئ عدم استخدام الفحم الحجري، إلا أن هذه المطالب بدأت تتلاشى شيئا فشيئا وبدء التفكير في العودة دراسة استخراج الفحم الموجود في البلاد لسد حاجات البلاد من الطاقة.
الطاقة المتجددة
ارتفع توليد
الكهرباء من طاقة الرياح في ألمانيا إلى مستوى قياسي خلال فبراير الماضي، ليشكل 77% من إجمالي توليد الطاقة المتجددة للشهر نفسه، وأظهر تقرير صادر عن شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي، أن توليد الكهرباء من طاقة الرياح في ألمانيا تجاوز المستويات القياسية المسجلة في 2020، ليصل إلى 20.6 تيراواط/ساعة في فبراير.
بحسب التقرير، فإن طاقة الرياح شكلت 45% من مزيج الطاقة في ألمانيا خلال فبراير، إذ كان توليد الكهرباء من هذا المصدر المتجدد أعلى بنحو 80% عن مارس 2021.
كما يشهد توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في ألمانيا زيادة قوية؛ إذ ارتفعت السعة التشغيلية نهاية العام الماضي، لتصل إلى 60 غيغاواط، لتكون أقل بنحو 3 غيغاواط فقط من طاقة الرياح.
وارتفع توليد الكهرباء من طاقة الرياح في جميع أنحاء أوروبا إلى 59.7 تيراواط/ساعة خلال فبراير الماضي، لتتجاوز حصة الغاز الطبيعي عند 41.4 تيراواط/ساعة، في حين تفوقت عليها الطاقة النووية فقط عند 60.2 تيراوط/ساعة.
خطط مستقبلية
تخطط ألمانيا لإدراج طاقة الكتلة الحيوية في تعديل قانون مصادر الطاقة المتجددة؛ إذ ستؤدي هذه الطاقة دورًا مهمًا باعتبارها مصدرًا لتخزين الكهرباء، ومع ذلك فإن صعوبة تخزين الكهرباء الناتجة عن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تقف عقبة رئيسة أمام تطوير الطاقات المتجددة.
وتهدف ألمانيا إلى أن تصبح محايدة مناخيًا بحلول عام 2045، ولتحقيق ذلك ستعمل على زيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج توليد الطاقة إلى 80% بحلول عام 2030.