في تصعيد جديد مع الغرب، أعلنت روسيا اعتزامها تصدير الغذاء والمحاصيل إلى "الدول الصديقة" فقط، على أن يباع بالروبل أو بعملات تلك الدول، واعتبر محللون ذلك سلاحا جديدا ستكتوي بنيرانه أوروبا، التي تعد أكبر مستورد للمنتجات الزراعية الروسية.
وقال نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي،
دميتري ميدفيديف، الأحد: "سنقوم فقط بتوريد المنتجات الغذائية والزراعية لأصدقائنا.. لحسن الحظ لدينا الكثير منهم، وهم ليسوا في
أوروبا أو
أميركا الشمالية على الإطلاق".
وأكد ميدفيديف أن الأولوية في الإمدادات الغذائية ستكون للسوق المحلية والتحكم بالأسعار فيها، لافتا إلى أن الإمدادات الزراعية للأصدقاء ستكون
بالروبل، أو بعملاتهم الوطنية بنسب متفق عليها.
وتأتي تصريحات ميدفيديف بعد مطالبة
موسكو أخيرا المشترين الأجانب بدفع ثمن الغاز الروسي بالروبل، ردا على تجميد أصول روسيا في الغرب بسبب هجومها على أوكرانيا.
إفريقيا وجهة روسيا البديلة
ويقول كيث بويفيلد، زميل معهد الشؤون الاقتصادية في لندن، إن روسيا بدأت تستخدم أسلحتها تباعا ضد الغرب، بدءا من الطاقة ثم المحاصيل الزراعية، ردا على العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها مع بدء الحرب في أوكرانيا.
وأضاف بويفيلد في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية": "لكن في حال تنفيذ قرارها (روسيا) فهي بحاجة إلى إيجاد أسواق جديدة على وجه السرعة بهدف توفير موارد دخل، لأنها تخضع للعقوبات في أوروبا والولايات المتحدة".
وتابع: "سنرى حملة لإمداد دول مثل سوريا ولبنان التي هي في أمسّ الحاجة إلى الحبوب ولم تنتقد الهجوم الروسي. نصف إفريقيا بقيت على الحياد فيما يتعلق بالحرب، لذا أتوقع أننا سنشهد حملة مبيعات روسية كبيرة لإفريقيا".
ولفت إلى "إمكانية أن تفعل كما فعلت مع الغاز أن تبيعه بأسعار مخفضة لجذب زبائن جدد في إفريقيا والشرق الأوسط".
قائمة الدول غير الصديقة
وفي 7 مارس، أعلنت
الحكومة الروسية وضع قائمة بدول "غير صديقة"، وتضم "الدول التي فرضت أو انضمت إلى العقوبات" ضد روسيا على خلفية حرب أوكرانيا.
وتشمل القائمة: الولايات المتحدة وكندا ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأوكرانيا والجبل الأسود وسويسرا وألبانيا وأندورا وأيسلندا وليختنشتاين وموناكو والنرويج وسان مارينو ومقدونيا واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وميكرونيسيا ونيوزيلندا وسنغافورة وتايوان، فيما لم تضم القائمة أي دولة عربية أو إفريقية.
ووفق "نيويورك تايمز"، فإن "كارثة وشيكة" تهدد العالم تتمثل في نقص المواد الغذائية الرئيسية، بعد أن أدت الحرب إلى التأثير في صادرات القمح والحبوب الرئيسية من كلا البلدين اللذين يمثلان مصدرا رئيسيا لها.
وأشارت الصحيفة إلى أن حصة كبيرة من القمح العالمي والذرة والشعير محاصرة في روسيا وأوكرانيا بسبب الحرب، في حين أن كمية أكبر من الأسمدة العالمية عالقة في روسيا وبيلاروسيا. والنتيجة هي ارتفاع أسعار الغذاء العالمي والأسمدة.
وحذرت الأمم المتحدة من أن الحرب في أوكرانيا تهدد بتدمير جهود البرنامج لتوفير الغذاء لحوالى 125 مليون شخص على مستوى العالم، لأن أوكرانيا انتقلت "من سلة خبز للعالم إلى بلد يقف مواطنوه في طوابير للحصول على الخبز".
صادرات روسيا الغذائية
وبلغ حجم صادرات المنتجات الزراعية من روسيا في العام 2021 مستوى 37.7 مليار دولار، وذلك بناء على بيانات مركز "أغروأكسبورت" التابع لوزارة الزراعة الروسية.
وبذلك تكون هذه الصادرات قد ارتفعت في 2021 بواقع 7.2 مليار دولار مقارنة بالعام 2020، وحينها بلغت صادرات المنتجات الزراعية 30.5 مليار دولار.
واحتلت محاصيل الحبوب الحصة الأكبر في إجمالي الصادرات الزراعية، حيث تم تصدير حبوب بقيمة 11.441 مليار دولار، بزيادة في العام 2021 نسبتها 12 بالمئة عن العام 2020.
ووفقا للبيانات، فقد جاء الاتحاد الأوروبي كأكبر مستورد للمنتجات الزراعية الروسية، حيث اشترت دول الاتحاد منتجات زراعية من روسيا في العام 2021 بقيمة 4.716 مليار دولار، بزيادة نسبتها 41 بالمئة عن العام 2020.
القمح أكثر من السلاح
وبعد الاتحاد الأوروبي في المرتبة الثانية، جاءت تركيا، التي استوردت منتجات زراعية من روسيا بقيمة 4.33 مليار دولار (زيادة في 2021 بنسبة 38 بالمئة مقارنة بـ2020)، فيما احتلت الصين المرتبة الثالثة، حيث استوردت منتجات زراعية روسية بقيمة 3.554 مليار دولار.
واللافت أن قيمة صادرات المنتجات الزراعية تجاوزت قيمة صادرات الأسلحة الروسية بنحو 1.5 مرة، حيث تشير البيانات إلى أن صادرات الأسلحة والمعدات العسكرية الروسية بالمتوسط بلغت نحو 13 مليار دولار.