أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-09-2014
2507
التاريخ: 27-11-2015
1612
التاريخ: 16-12-2015
2268
التاريخ: 11-12-2015
2026
|
الألوهيّة[1]
1- مفهوم الألوهيّة:
لفظ الجلالة "الله" أصله الإله، حُذِفَت الهمزة، لكثرة الاستعمال، وإِلَه، من أَلِهَ الرجل يأله، بمعنى عَبَدَ، أو مِن أَلِهَ الرجل أو وَلِهَ الرجل، أي تحيّر... سُمِّي إلهاً، لأنّه معبود أو لأنّه ممّا تحيّرت في ذاته العقول، والظاهر أنّه عَلَم بالغَلَبة، وقد كان مستعملاً دائراً في الألسن قبل نزول القرآن، يعرفه العرب في الجاهليّة، كما يُشعِر به قوله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾[2]، وقوله تعالى: ﴿فَقَالُواْ هَذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَآئِنَا﴾[3]. وممّا يدلّ على كونه عَلَمَاً، أنّه يُوصَف بجميع الأسماء الحسنى وسائر أفعاله المأخوذة من تلك الأسماء من غير عكس، فيقال: الله الرحمن الرحيم، ويقال: رحم الله، وعلم الله، ورزق الله. ولا يقع لفظ الجلالة صفة لشيء منها، ولا يُؤخَذ منه ما يُوصَف به شيء منها. ولمّا كان وجوده سبحانه، وهو إله كلّ شيء يهدي إلى اتّصافه بجميع الصفات الكماليّة، كانت الجميع مدلولاً عليها به، بالالتزام، وصحّ ما قيل: إنّ لفظ الجلالة اسم للذات الواجب الوجود المستجمع لجميع صفات الكمال، وإلا فهو عَلَم بالغلبة، لم تعمل فيه عناية غير ما يدلّ عليه مادّة إِلَه.
2- حقيقة الألوهيّة:
اسم الجلالة "الله"، عَلَم بالغلبة، كما تقدّم، ويُراد به الذات المقدّسة الإلهيّة، التي هي حقيقة لا سبيل للبطلان إليه، ووجود لا يتطرّق العدم والفناء إليه، والوجود الذي هذا شأنه، لا يُمكن أن يُفرَض له حدّ محدود، ولا أمد ممدود، لأنّ كلّ محدود فهو معدوم وراء حدّه، والممدود باطل بعد أمده، فهو تعالى ذات غير محدود، ووجود غير متناه بحدّ.
وإنّ للتوحيد مراتب مختلفة بعضها فوق بعض، ولا يكمل حتّى يُعطَى الإله الواحد حقّه من الألوهيّة المنحصرة، ولا يقتصر على مجرّد تسميته إلهاً واحداً، بل ينسب إليه كلّ ما له نصيب من الوجود والكمال، كالخلق، والرزق، والإحياء، والإماتة، والإعطاء، والمنع، وأن يخصّ الخضوع والعبادة به، فلا يتذلّل لغيره بوجه من الوجوه، بل لا يُرجى إلا رحمته، ولا يُخاف إلا سخطه، ولا يُطمع إلا في ما عنده، ولا يُعكف إلا على بابه. وبعبارة أخرى: أنْ يُخلص له، علماً وعملاً، وهو قول أمير المؤمنينعليه السلام: "وكمال توحيده الإخلاص له".
فالألوهيّة المطلقة تجمع كلّ كمال، من غير أن تحدّ بحدّ، أو تقيّد بقيد، فلها القدرة المطلقة، قال تعالى: ﴿ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾[4].
3. نفي الشريك في الألوهيّة:
قال تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾، فقوله تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾، يفيد بجملته اختصاص الألوهيّة بالله عزّ اسمه، ووحدته فيها وحدة تليق بساحة قدسه تبارك وتعالى، وذلك أنّ لفظ الواحد بحسب المتفاهم عند هؤلاء المخاطَبين لا يدلّ على أزيد من مفهوم الوحدة العامّة التي تقبل الانطباق على أنواع مختلفة لا يليق بالله سبحانه إلا بعضها، فهناك وحدة عدديّة، ووحدة نوعيّة، ووحدة جنسيّة، وغير ذلك، فيذهب وهم كلّ من المخَاطَبين إلى ما يعتقده ويراه من المعنى، ولو كان قيل: "والله إله واحد"، لم يكن فيه توحيد، لأنّ أرباب الشرك يرون أنّه تعالى إله واحد، كما أنّ كلّ واحد من آلهتهم إله واحد، ولو كان قيل: "وإلهكم واحد" لم يكن فيه نصّ على التوحيد، لإمكان أن يذهب الوهم إلى أنّه واحد في النوع، وهو الألوهيّة، نظير ما يُقال في تعداد أنواع الحيوان: الفرس واحد، والبغل واحد، مع كون كلّ منهما متعدّداً في العدد، لكن لمّا قيل: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾، فأثبت معنى إله واحد - وهو في مقابل إلهين اثنين، وآلهة كثيرة - على قوله: "إلهكم"، كان نصّاً في التوحيد، بقصر أصل الألوهيّة على واحد من الآلهة التي اعتقدوا بها. وقوله تعالى: ﴿لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾، جيء به لتأكيد نصوصيّة الجملة السابقة في التوحيد، ونفي كلّ توهّم أو تأويل يمكن أن يتعلّق بها، والنفي فيه نفي الجنس، والمراد بالإله ما يصدق عليه الإله حقيقة وواقعاً، وحينئذ فيصحّ أن يكون الخبر المحذوف هو موجود أو كائن، أو نحوهما، والتقدير لا إله بالحقيقة والحقّ بموجود، وحيث كان لفظة الجلالة مرفوعاً لا منصوباً، فلفظ إلا ليس للاستثناء، بل وصف بمعنى غير، والمعنى لا إله غير الله بموجود.
فقد تبيّن أنّ قوله تعالى: ﴿لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾، مسوقة لنفي غير الله من الآلهة الموهومة المتخيّلة، لا لنفي غير الله وإثبات وجود الله سبحانه، كما توهّمه كثيرون، ويشهد بذلك أنّ المقام إنّما يحتاج إلى النفي فقط، ليكون تثبيتاً لوحدته في الألوهيّة، لا الإثبات والنفي معاً، على أنّ القرآن الشريف يعدّ أصل وجوده تبارك وتعالى بديهيّاً، لا يتوقّف في التصديق العقلي به، وإنّما يعني عنايته بإثبات الصفات، كالوحدة، والفاطريّة، والعلم، والقدرة، وغير ذلك.
فتبيّن أنّ الله سبحانه لا يقبل النفي أصلاً، إلا بظاهر من القول من غير أن يكون له معنى معقول. والملاك في ذلك كلّه أنّ الإنسان إنّما يثبت الإله تعالى من جهة الحاجة العامّة في العالم إلى من يقيم أود وجوده، ويدبّر أمر نظامه، ثمّ يثبت خصوصيّات وجوده، فما أثبته من شيء، لسدّ هذه الخلّة، ورفع تلك الحاجة، فهو الله سبحانه، ثمّ إذا أثبت إلهاً غيره، أو أثبت كثرة، فإمّا أن يكون قد أخطأ في تشخيص صفاته والحدّ في أسمائه، أو يثبت له شريكاً أو شركاء تعالى عن ذلك، وأمّا نفيه وإثبات غيره فلا معنى له.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|