أعلنت مومباي عن خطط تفصيلية للتخلص من
انبعاثات الكربون بحلول عام 2050، قبل عقدين من المستهدف الوطني للهند، لتصبح بذلك أول مدينة في جنوب آسيا تعلن عن جدول زمني.
تضمنت خطة المدينة، التي تعد مركزاً مالياً للهند، وموطن أكبر شركات جنوب آسيا وبورصات الأوراق المالية والبنك المركزي، والتي تم الإعلان عنها، اليوم الأحد، تغييرات شاملة في طريقة إدارة الطاقة والمياه والهواء والنفايات والمساحات الخضراء والنقل للسكان البالغ عددهم 19 مليون نسمة.
قالت أديتيا ثاكيراي، وزيرة البيئة في ولاية ماهاراشترا، وعاصمتها مومباي: "ليس لدينا متسع من الوقت". وأكدت أنه في حالة عدم التدخل، سوف يكلف تغير المناخ، الهند 35 تريليون دولار على مدار الخمسين عاماً القادمة.
تعد مدينة مومباي، هي الأغنى في الهند، لكنها في المقابل تُمثل موطناً للفقر المُدقع، حيث الأحياء الفقيرة وقرى الصيد الممتدة على طول الساحل الجنوبي، والتي تعود إلى فترة الحكم البريطاني. ومن المتوقع بحلول عام 2050 أن يتسبب ارتفاع مستوى سطح البحر في إغراق تلك الأجزاء من المدينة. وتبلغ تكلفة التغير المناخي الإجمالية على المدينة 920 مليون دولار.
تم رسم خطة مومباي وفقاً لبيانات من مسؤولين ومواطنين وباحثين وشركات، حيث تُركز على إحداث تغييرات في 6 مجالات، هي الاستثمار في الإسكان، وكهربة النقل العام، وإضافة مزيد من الطرق الصالحة للسير، والصرف الصحي المقاوم للفيضانات، والاحتفاظ بالمياه بعيداً عن المسطحات المائية، فضلاً عن الاستثمار في المياه النظيفة والصرف الصحي، وتطوير قدرات الطاقة الشمسية على الأسطح.
يقول سوراب بوناميا، مستشار الحكومة، إن مومباي قد تفكر في جمع الأموال من خلال إصدار سندات خضراء كانت قد أعلنت عنها الحكومة الفيدرالية. فيما قال تانماي تاكل، المستشار السياسي لحكومة الولاية، إن المدينة سوف تتلقى تمويلًا من ولاية ماهاراشترا، التي تخطط أيضاً لجمع الأموال، من أجل تمويل مشاريع الحد من آثار تغير المناخ من خلال الحكومة الفيدرالية والبنوك العالمية.
تتفوق مومباي على باقي المدن من حيث تنفيذ الأهداف المناخية بفضل قدرتها على جمع تلك الاستثمارات إلى جانب الميزانية السنوية البالغة 6 مليارات دولار. وقالت "ثاكيراي": "تهدف سياساتنا لفتح الأبواب أمام دخول تلك الاستثمارات".
أوضح نيخيل أناند أستاذ الأنثروبولوجيا في "جامعة بنسلفانيا"، أن خطة مومباي قد تساعد الهند بإعادة التفكير في نماذج التنمية الحالية التي تقدم النمو الاقتصادي على المعايير البيئية. وفي حالة نجاح مومباي قد يتحول تركيز الهند لقضايا أخرى أكثر أهمية من بينها وصول المياه النظيفة والخدمات لعدد كبير من السكان المشردين في المدينة.
وقال "أناند": "متابعة التنمية التي تضمن العدالة المناخية في المستقبل القريب أمر غير قابل للتفاوض وتحتاج خطة العمل المتعلقة بالمناخ الاهتمام بتحقيق الاستقرار لتلك الأنظمة حتى يمكنها إحداث تغيير مؤثر في حياة مواطنيها".
تهدف المدينة لخفض إجمالي انبعاثاتها المسببة للاحتباس الحراري البالغة 23.42 مليون طن أو 1.8 طن للفرد في عام 2019 إلى الصفر خلال العقود الثلاثة المقبلة. تأتي أكبر الاستثمارات في مجال الطاقة المسؤول عن 72% من إجمالي الانبعاثات، حسبما تظهر وثائق الخطة بينما تشكل انبعاثات السيارات والنفايات النسبة المتبقية.
تشمل أولويات مومباي قصيرة الأجل شراء 2100 سيارة كهربائية بحلول عام 2023 بتكلفة 130 مليار روبية (1.7 مليار دولار). كما ستقوم المدينة أيضاً بالإنفاق على مشاريع مثل إعادة تأهيل منازل ذوي الدخل المنخفض بمعدات ذات كفاءة في استهلاك الكهرباء.
لكن لا تزال الخطط المتعلقة ببعض الجوانب الحاسمة في تحول مومباي غير واضحة، مثل كيفية تحويل ذروة استهلاك الكهرباء البالغ 3400 ميغاوات إلى مصادر طاقة متجددة. وكانت شركات خاصة كبرى من بينها "تاتا غروب" (Tata Group) وشركات الملياردير غوتام أداني، التي تزود المدينة بالطاقة اعتماداً على محطات الفحم أعلنت عن ضخ استثمارات لتحقيق أهداف الانتقال إلى صفر انبعاثات كربونية.
تعمل مدن كبرى أخرى في جنوب آسيا من بينها نيودلهي وبنغالور وتشيناي وكلكتا ودكا وكراتشي على إعداد خطط عمل مناخية. حيث تستعد المدن الهندية لتدفق نحو 870 مليون مهاجر يبحثون عن ملاذ من ضعف المحاصيل وندرة المياه والعواصف الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة.
اختتمت "ثاكيراي" قائلة إن: "التغيرات التي تشهدها السياسات في الوقت الحالي سوف تستمر على اختلاف الحكومات، فهناك شعور بكافة أنحاء الهند لأهمية تحقيق تلك التغيرات".