تزايدت الضغوط والدعوات من قبل العديد من الدول الغربية لوقف استخدام روسيا لنظام "سويفت" المالي، وهو نظام تراسل عالمي بين البنوك لتسهيل التحويلات والمدفوعات المالية، وسط انقسام أوروبي حول هذه الخطوة العقابية التي يتم التلويح بها على خلفية الاجتياح الروسي لأوكرانيا.
وأعلن حاكم البنك المركزي الروسي أن :"لدينا بديل عن نظام سويفت ويمكن للمتعاملين داخليا وخارجيا استعماله، موضحا أن "البنية التحتية المالية الروسية ستعمل بدون أعطال".
ويسمى النظام الروسي البديل SPFS، والذي تم إنشاؤه في العام 2014، على خلفية تهديدات واشنطن، بطرد موسكو من نظام سويفت المالي، بعد اندلاع أزمة شبه جزيرة القرم مع أوكرانيا.
ويضم نظام سويفت قرابة 300 مصرف روسي، تمثل ما نسبته 1.5 بالمئة من حجم المدفوعات، والسادسة عالميا من حيث الرسائل عبر سويفت.
وتعليقا على احتمالات إخراج روسيا من شبكة سويفت المالية، يقول عمار قناة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، في جامعة سيفاستبول في القرم، في حوار مع "سكاي نيوز عربية": "التلويح بورقة عزل روسيا عن نظام سويفت المالي، بدأ منذ العام 2014 والرئيس الروسي حينها اعتبر الأمر كإعلان
حرب على روسيا، ومنذاك وهي تحاول ايجاد أنظمة مالية بديلة، حيث في العام 2015 أنشأت في شبه جزيرة القرم نظاما بديلا خاصا بها وبشركائها وحلفائها، كون القرم كانت عرضة لعقوبات غربية واسعة، وثمة أيضا نظام صيني مشابه لهذا الروسي".
وفي حال إخراج روسيا من نظام
سويفت، يقول قناة:"ستخسر دول الاتحاد الأوروبي خاصة بتعاملاتها في قطاعات الطاقة كثيرا، وستتشكل صدمة حتى للاقتصاد العالمي، وبلا شك روسيا أيضا ستتأثر سلبا، لكنها لن تكون ضربة قاصمة للاقتصاد الروسي، وصغر حجمه نسبيا هنا نقطة تصب في صالحه، حيث سيتمكن من التكيف مع خروج موسكو من سويفت".
ويتابع أستاذ العلاقات الدولية:"إيجاد بدائل ممكن، ولا ننسى هنا العلاقات الاقتصادية الاستراتيجية بين
روسيا والصين التي يمكنها أن تلعب دور الوسيط في هذه المعادلات والمعاملات المالية والاقتصادية، فالاقتصادان الصيني والروسي مترابطان بشكل قوي على مدى العقدين الماضيين، من خلال مختلف الصفقات التجارية خاصة في مجال الغاز".
روسيا من الدول الأولى المصدرة للمواد الغذائية الأساسية كالقمح والذرة والشعير، وأكبر المستوردين منها
الصين وألمانيا، كما يوضح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، مردفا:"ولذلك العبث معها وفرض العقوبات الشديدة عليها سيخلق أزمة غذائية عالمية، ولهذا فالعقوبات الغربية ستكون آنية في محاولة للضغط عليها، كونها إن طالت ستتضرر مصالح الدول الأوروبية بشكل فادح".
من طرفه، يقول تيمور دويدار الخبير الاقتصادي والمستشار في قطاع الأعمال والعلاقات الدولية، في حوار مع "سكاي نيوز عربية": "حجم التعاملات بالنظام الروسي البديل عن سويفت، بسيط حيث تشارك فيه دول كالصين والبرازيل والهند، ووتيرة عمله بطيئة قياسا بمنظومة سويفت السريعة للغاية، وعموما لم يتم سوى تعليق مشاركة عدة بنوك روسية في سويفت لا أكثر".
إخراج موسكو من نظام سويفت ستكون له تأثيرات سلبية طبعا، كما يرى دويدار، لكنها يضيف: "لن تكون قاتلة ومدمرة للاقتصاد الروسي، لكن ستتأثر سرعة وتيرة انجاز المعاملات المالية والتجارية مثلا، وهذا جدلا طبعا حيث لا أتوقع أنه سيتم اخراج روسيا من هذا النظام".
يمكن تطوير النظام الروسي البديل عن سويفت، حسب الخبير الاقتصادي الروسي، الذي يضيف: "يمكن أن يستخدمه الشركاء التجاريون لروسيا، وهم كثر وكما أسلفنا تشارك فيه أصلا دول كبرى كالصين والهند، ورغم أن استخدامه ضئيل ومحدود، لكنه قد يفعل من الآن وصاعدا".
في الأوساط المالية الروسية ليس هناك قلق من إقصاء روسيا من نظام سويفت المالي، كما يشرح المستشار الاقتصادي الروسي، متابعا: "وحتى إن حدث ذلك فهذا ليس نهاية العالم ولن يكون كارثة في روسيا، والضرر الأكبر في حال حدوث ذلك، سيتجسد في عدم التداول بالدولار واليورو في روسيا".
ويختم دويدار: "الجدل مستمر حتى بين الدول الأوروبية والموضوع لم يحسم بعد، ولا أتصور أن تتفق تلك الدول على اتخاذ هذه الخطوة".
ونظام SPFS هو اختصار لنظام نقل الرسائل المالية، ويقوم بصياغة ومعالجة التنسيقات الموحدة للرسائل المصرفية الإلكترونية.
ولدى SPFS تدابير أمنية متكاملة تبطئ معاملاته وتزيد من تكاليفه المالية أيضا، وهو نفذ أول معاملة ناجحة له في عام 2017، ولديه الآن أكثر من 400 مؤسسة مالية في شبكته، وتسعى روسيا لضم حلفائها لهذا النظام.
ويبلغ عدد الدول المشاركة في النظام، والتي تتعامل من خلاله 23 دولة من الدول الحليفة لروسيا وتربطها المصالح المشتركة معها.
ووفقا للبنك المركزي الروسي، فإن ما نسبته 20 بالمئة من التحويلات المحلية تتم من خلال SPFS.
هذا ويقدر حجم صادرات روسيا من النفط والغاز والمعادن إلى الاتحاد الأوروبي وأميركا، بما يصل إلى 700 مليون دولار أميركي يوميا.
وعزل روسيا عن استخدام نظام سويفت، من شأنه حسب خبراء أن يقود لهروب رؤوس الأموال ولتقلبات حادة في الروبل الروسي، وقد يؤدي لانكماش الاقتصاد الروسي بنحو 5 بالمئة.