زادت رهانات المتداولين على أنَّ بنك
الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ رفع أسعار الفائدة بأكبر زيادة في عقدين، بعد أن عزز تقرير الوظائف القوي بشكل غير متوقَّع التكهنات بأنَّ الاقتصاد على شفا خطر الإنهاك.
يشير مؤشر تسعير تداولات المقايضة لليلة واحدة، والمرتبط بتواريخ اجتماعات الاحتياطي الفيدرالي، إلى أنَّ سعر الفائدة على المستوى الفيدرالي يبلغ حوالي 0.44% بعد اجتماع مارس، أي حوالي 36 نقطة أساس فوق الفائدة المتبعة حالياً. ويعكس ذلك بشكل أساسي أنَّ المتداولين يطرحون احتمالات متساوية تقريباً بشأن بدء "الاحتياطي الفيدرالي" تشديد السياسة النقدية مع أول زيادة بمقدار نصف نقطة مئوية منذ عام 2000، بدلاً من ربع نقطة نموذجية.
تعكس هذه الرهانات المتزايدة إعادة التسعير الدراماتيكية التي اجتاحت الأسواق المالية في أعقاب صدور تقرير الوظائف، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة. وبنهاية الخميس الماضي؛ بلغت فرصة متداولي المقايضات 20% فقط لزيادة 50 نقطة أساس في اجتماع مارس. وعلاوة على ذلك؛ يتم تسعير حوالي 135 نقطة أساس، أو ما يقرب من خمسة تحركات بمقدار ربع نقطة مئوية ونصف، من خلال اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر، بزيادة 10 نقاط أساس عن إغلاق يوم الخميس.
قالت ديان سونك، كبيرة الاقتصاديين في "غرانت ثورنتون" ( Grant Thornton LLP): "سيستند الاحتياطي الفيدرالي إلى هذه البيانات لتبرير رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في مارس. من المتوقَّع أن يكون الرفع بـ 25 نقطة أساس أخرى بحلول يونيو المقبل، مع قرار البدء في تقليص الميزانية العمومية الضخمة للاحتياطي الفيدرالي".
زيادة الوظائف
في حين يقترب المتداولون من توقُّع زيادة أكبر في
أسعار الفائدة باجتماع مارس؛ صرّح مسؤولو "الاحتياطي الفيدرالي"، قبل تقرير يوم الجمعة، بشكل واضح بأنَّ مثل هذه الخطوة لم تكن على جدول أعمالهم. ولم يؤيد أي من المسؤولين الستة في "الفيدرالي"، الذين تحدثوا حتى الآن هذا الأسبوع، فكرة زيادة نصف نقطة في مارس، فقد أشار جيمس بولارد، وهو رئيس الاحتياطي الفيدرالي في "سانت لويس"، إلى خمسة ارتفاعات هذا العام، أو واحدة أخرى كل ربع سنة، قائلاً: "ليس رهاناً سيئاً للغاية".
تأتي التوقُّعات الأكثر تشددّاً من المتداولين بالولايات المتحدة بعد أن حفّزت بيانات الوظائف الأمريكية الحجة الداعية إلى تشديد السياسة النقدية بشكل أسرع. وزادت الوظائف غير الزراعية بمقدار 467 ألف وظيفة في يناير، بعد زيادة معدّلة بـ 510 ألف في ديسمبر الماضي، الأمر الذي أثار دهشة الاقتصاديين الذين توقُّعوا زيادة في حالات الإصابة بـ "كوفيد-19" التي تلقي بظلالها على التوظيف. وكان التقدير الأعلى في استطلاع "بلومبرغ" هو زيادة 250 ألف وظيفة. وتسارع نمو الأجور أيضاً، مما يضيف دليلاً على أنَّ سوق العمل المتأزمة قد تشعل التضخم.
قال رايان سويت، رئيس أبحاث السياسة النقدية في وكالة "موديز أناليتكس" (Moody’s Analytics Inc)، تعقيباً على تقرير التوظيف: "التقرير يعزز التوجّه لرفع الفائدة في شهر مارس. احتمالات الارتفاع بمقدار 50 نقطة أساس أعلى قليلاً، ولكنَّها ما تزال غير مرجحة. وسوف يستنتج الاحتياطي الفيدرالي من ذلك بأنَّ الاقتصاد يتجه نحو التوظيف الكامل، وهذا سيجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للبنك لتهيئة الوصول إلى الهدف بشكل سلس".
زيادة حتمية
وفي ظل النقاش الدائر حول زيادة مرتقبة في مارس؛ يعد الأمر الواضح هو أنَّ الأسواق تواصل إقحام دورة الزيادة لتكون أقرب من بداية هذا العام. ويتم تسعير صفقات المقايضة في ثلاث زيادات بالأسعار خلال شهر يونيو، مما يشير إلى ارتفاع واحد في كل من اجتماعات الاحتياطي الفيدرالي في مارس ومايو ويونيو. وتترقب الأسواق أيضاً أن يبدأ البنك هذا العام في تقليص حيازاته الضخمة من الأصول من خلال عدم تجديد السندات المستحقة، مما يؤدي إلى إنهاء مصدر آخر لدعم أسواق المال.
وقال روبرتو بيرلي، الشريك في "كورنر ستون ماركو" (Cornerstone Macro) في واشنطن: "يعزز تقرير التوظيف هذا الفكرة القائلة بأنَّه من الحكمة الابتعاد عن النظام الحالي للتكيف الاستثنائي مع السياسة. فالزيادة المتوقَّعة في مارس، والتي كانت مرجحة للغاية بالفعل؛ أصبحت الآن أمراً مُسلّماً به. ومن المحتمل أن تتقلّص الميزانية العمومية، أو التشديد الكمي، بترتيب قصير نسبياً، بحوالي الربع أو اثنين على الأكثر فيما بعد.".