تسعى دول لعزل نفسها بفرض قيود جديدة على السفر بسبب المتحور الجديد من كورونا المسمى "أوميكرون". فما مدى خطورة هذا المتحور؟ وهل يمكنه التحايل على جهاز المناعة؟ علماء فيروسات ألمان يحاولون تقديم إجابة.
واصل المتحور الجديد من فيروس كورونا والذي أطلق عليه اسم "أوميكرون" انتشاره في مختلف أرجاء العالم الأحد (28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021). واكتشف متحور أوميكرون لأول مرة في جنوب إفريقيا ورُصد منذ ذلك الحين في بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والدنمرك وبلجيكا وبتسوانا وإسرائيل وأستراليا وهونغ كونغ.
المتحور الجديد لم يتم بحثه بشكل كافٍ. ومع ذلك ، فإن المتحور "أوميكرون" يذكرنا بالمرحلة الأولية من متحور دلتا، بحسب ما يقول موقع شبيغل أونلاين الألماني.
في بداية الإصابات بسلالة دلتا لم يكن أحد يعلم الكثير عنها لكن بعد فترة وجيزة تمت السيطرة على أماكن العدوى بها في مناطق عديدة. فهل سينطبق نفس الكلام على متحور أوميكرون أم سيكون هذا الأخير أسوأ من دلتا؟، يتساءل موقع شبيغل.
من المحتمل أن يكون أوميكرون شديد العدوى لكن الخبراء لا يعرفون بعد ما إذا كان يسبب إصابة أشد أو أقل شدة بمرض كوفيد-19، ولا تزال الأبحاث جارية حول مدى خطورة المتحور على الأشخاص الملقحين وغير الملقحين. وهناك مخاوف على مستوى العالم من أن يكون أوميكرون مقاوما للقاحات وأن يطيل أمد جائحة كوفيد-19 المستمرة منذ نحو عامين. وقد صنفت منظمة الصحة العالمية (WHO) الأسبوع الماضي ذلك المتحور "مقلقا". فماذا يقول الخبراء عن أوميكرون؟
البيانات الواردة من جنوب إفريقيا تسمح بإجراء تقييمات أولية من قبل علماء وخبراء صحة، وبينهم علماء ألمان. أحد هؤلاء هو كريستيان دروستن، كبير علماء أبحاث الفيروسات في مستشفى برلين شاريتيه. ويقول دروستن إنه "على الرغم من أن تحور الفيروس يعني إمكانية تصور معدل إصابة أعلى، إلا أنه لم يتم إثبات ذلك حتى الآن".
ويؤكد العالم الألماني البارز أن الأرقام في جنوب إفريقيا وحدها لا تشير بالضرورة إلى زيادة قابلية انتقال العدوى، أيضًا لأن عدد الإصابات هناك قد انخفض مؤخرًا بشكل كبير، وأن هذا الانخفاض ربما هو ما جعل حالات التفشي الفيروسي الجديدة تبدو كبيرة الحجم، بحسب ما نقل شبيغل أونلاين.
ويقول دروستن إن الأصل الجغرافي لنشأة أوميكرون ليس بالضرورة جنوب إفريقيا، ويوضح: "البلدان المجاورة التي لديها روابط سفر قوية مع جنوب إفريقيا لديها مستوى أقل من مراقبة الفيروسات من جنوب إفريقيا. بالإضافة إلى ذلك يقع مطار جوهانسبرغ في المقاطعة التي ظهر الفيروس فيها لأول مرة في جنوب إفريقيا".
وبالنسبة للحماية من أوميكرون عبر التطعيم يقول دروستن: "بناءً على التقديرات الحالية، ينبغي للمرء أن يفترض أن اللقاحات المتاحة ستستمر في توفير الحماية، فالحماية من الأمراض الخطيرة تكون قوية بشكل خاص ضد التحولات الفيروسية".
ويوضح دروستن: أن التغييرات الجينية تشير إلى أن هذا الفيروس يمكن أن يقوم بعملية تحايل على جهاز المناعة، وأن الأوضاع في جنوب إفريقيا أيضا تجعل من المعقول أيضا أن يكون بمقدور أوميكرون التحايل على دفاع مناعي مبني ضد سلالات سارس-كوف2 الأخرى. والإصابات المكتشفة حاليا تحدث بشكل كبير جدًا بين أشخاص تعافوا بالفعل والعدوى بأوميكرون تقع لأشخاص سبق لهم الإصابة بدلتا أو بمتحور آخر، يتابع دروستن.
"التطعيم يعطي مستوى معينا من الحماية"
أما كارستن فاتسل، الأمين العام للجمعية الألمانية لعلم المناعة (DGfI) فيرى أن إصدار تصريحات حول مسار المرض غير ممكن حاليًا، "فلدينا عدد قليل جدًا من الحالات في الوقت الحالي".
أما لوتار فيلر، رئيس معهد روبرت كوخ (RKI) فيقول إن "كل الأشخاص الذين يتم تطعيمهم لا يبدأون من الصفر عندما يصابون بمتغير جديد. وفي كل الأحوال يكون لديهم مستوى من الحماية بسبب التطعيم، ومن الضروري معرفة ذلك".
"هدية مبكرة لعيد الميلاد!"
كارل لاوترباخ، الطبيب وخبير الصحة بالحزب الاشتراكي الديمقراطي، يرى أنه في ضوء المعلومات الواردة من جنوب إفريقيا فإن علم الأوبئة يتوقع أنه ربما يكون لأوميكرون مسار مرضي بسيط. وكتب لاوترباخ على تويتر: "ستكون هدية مبكرة لعيد الميلاد إذا ما جاء مسار أوميكرون خفيفا" مضيفا أنه "مع وجود العديد من الطفرات سيكون من الممكن تصور ذلك".
وأشار لاوترباخ إلى مقال نشرته صحيفة "تلغراف" البريطانية نقلت فيه كلاما عن الطبيبة الجنوب أفريقية أنجليك كوتزي، رئيس الجمعية الطبية لجنوب إفريقيا، بأن أعراض الفيروس الجديد كانت غير عادية، لكنها خفيفة.
وتقول كوتزي عن نفسها إنها كانت أول من أشار إلى احتمال وجود نوع جديد من الفيروس بعد أن زار مرضى عيادتها في بريتوريا وظهرت عليهم أعراض كورونا غير عادية إلى حد ما، بحسب ما يقول موقع شبيغل.
لكن لاوترباخ دعا في تغريدته أيضا إلى توخي الحذر "لأن هناك مسألة تتحدث ضد هذا" التفاؤل، وهو أن "6 % فقط من سكان جنوب إفريقيا تزيد أعمارهم عن 65 عاما، (بينما) سكان ألمانيا هم الأكبر سنا في أوروبا مع الكثير من المصابين بأمراض مزمنة".