بعد عدة تأخيرات وتجاوزات في التكلفة، أصبح تلسكوب جيمس ويب الفضائي جاهزا تقريبا للانطلاق إلى الفضاء.
ووصل التلسكوب الذي تبلغ قيمته 10 مليارات دولار، والذي يعد خلفا لهابل، إلى غويانا الفرنسية يوم الثلاثاء، بعد رحلة بحرية استغرقت 16 يوما على متن السفينة "إم إن كوليبري".
وشهدت الرحلة التي قطعت 1500 ميل، مغادرة التلسكوب لمحطة الأسلحة البحرية Seal Beach في كاليفورنيا في 26 سبتمبر، ودخول قناة بنما في 5 أكتوبر، قبل أن يشق طريقه إلى Port de Pariacabo، غويانا الفرنسية.
وبعد تفريغه من سفينة الشحن، يُنقل إلى موقع الإطلاق في كورو، غويانا الفرنسية، حيث سيخضع للاستعدادات لمدة شهرين قبل إطلاقه في الفضاء بصاروخ Ariane 5 في 18 ديسمبر.
وصُمم التلسكوب ضمن مشروع مشترك بين ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الكندية CSA. وسيسمح لعلماء الفلك بالرجوع إلى تاريخ الكون أكثر من أي وقت مضى.
وقال مدير ناسا بيل نيلسون، في بيان: "يعد تلسكوب جيمس ويب الفضائي إنجازا هائلا، صُمم لتغيير نظرتنا للكون وتقديم علوم مذهلة. وسينظر إلى الوراء على مدى 13 مليار سنة، إلى الضوء الذي ظهر بعد الانفجار الكبير مباشرة، مع القدرة على إظهار الإنسانية في أبعد مسافات رأيناها على الإطلاق. ونحن الآن قريبون جدا من حل ألغاز الكون، بفضل مهارات وخبرات فريقنا الهائل".
وفي يونيو، قال متحدث باسم ناسا لموقع "ديلي ميل"، إن الإطلاق سيحدث "في موعد لا يتجاوز 31 أكتوبر".
وعلى الرغم من أنه غالبا ما يوصف بأنه خليفة هابل، إلا أن مارسيا ريك، الأستاذة في علم الفلك في مرصد ستيوارد بجامعة أريزونا، تعتقد أنه "وحش جديد تماما ومختلف".
وقالت في بيان منفصل: "أحدثت التلسكوبات مثل هابل وسبيتزر ثورة في فهمنا للكون. ولكن مع ويب، سنتمكن من استكشاف المجرات الأقرب كثيرا إلى الانفجار العظيم أكثر من أي وقت مضى".
وسيرصد التلسكوب الكون في الأشعة تحت الحمراء القريبة والمتوسطة - بأطوال موجية أطول من الضوء المرئي.
وللقيام بذلك، فإنه يحمل مجموعة من أحدث الكاميرات وأجهزة قياس الطيف. ولديه أكبر مرآة فلكية أرسلت إلى الفضاء على الإطلاق، وهي عملاق يبلغ طوله 21 قدما و4 بوصات.
وتأتي المرآة محمية بغطاء شمسي من خمس طبقات، والذي قالت وكالة ناسا سابقا إنه مصمم للحفاظ على برودة مرايا ويب والأدوات العلمية عن طريق منع ضوء الأشعة تحت الحمراء من الأرض والقمر والشمس.
وقال بيتر روملر، مدير مشروع وكالة الفضاء الأوروبية، لـ"بي بي سي نيوز": "ليس لدينا المعدات اللازمة للقيام بأي من عمليات النشر هنا، لذا سنقتصر فقط على التبديل والفحوصات الكهربائية لنرى أن كل شيء على ما يرام".
وبدأ المهندسون بتجميع التلسكوب عام 2013 في مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا في جرينبيلت بولاية ماريلاند.
وفي عام 2017، شحن إلى مركز جونسون للفضاء التابع لوكالة ناسا في هيوستن للاختبار المبرد، وبعد عام، شحن إلى Space Park في كاليفورنيا، وخضع للاختبار لمدة ثلاث سنوات.
وفور إزالة التلسكوب من حاوية الشحن وتشغيل الفحوصات النهائية لحالته، سيتم تهيئته للطيران ثم تركيبه فوق صاروخ Ariane 5، قبل وضعه في مكانه للإطلاق.
وقال المدير المشارك لمديرية المهام العلمية في ناسا، توماس زوربوشن: "الآن بعد أن وصل ويب إلى كورو، نجهزه للإطلاق في ديسمبر - وبعد ذلك سنراقب بقلق خلال الأسابيع والأشهر القليلة القادمة ونحن نطلق ونجهز أكبر تلسكوب فضائي بني على الإطلاق".
وسيقوم صاروخ Ariane 5 بتسليم التلسكوب مباشرة إلى مدار نقل دقيق باتجاه وجهته، نقطة Lagrange الثانية (L2).
وتقع نقطة Lagrange بين جسمين دائريين كبيرين، في هذه الحالة الشمس والأرض، ويتموضع L2 في وسط الجسمين.
وبعد الانفصال عن المشغل، سيواصل التلسكوب رحلته الطويلة التي تستغرق أربعة أسابيع إلى L2 وحده، قبل أن يصبح راسخا ويبدأ الملاحظات.
وعندما يصل إلى موقعه النهائي في المدار، على بعد مليون ميل من الأرض، وفقا لمدير برنامج ناسا غريغ روبنسون، سيكون أكبر وأقوى تلسكوب أرسل إلى الفضاء على الإطلاق.
يذكر أن بناء التلسكوب بدأ منذ 25 عاما، في عام 1996، بميزانية قدرها 500 مليون دولار أمريكي، مع إطلاقه المقترح في عام 2007.
ومنذ ذلك الحين، أدت الانتكاسات المستمرة، ومشكلات الإنتاج والمشكلات اللاحقة، إلى ارتفاع في الميزانية وإطلاق متأخر.
وفي يوليو 2020، أُجّل إطلاق التلسكوب إلى 31 أكتوبر 2021 من مارس 2021، ويرجع ذلك جزئيا إلى جائحة "كوفيد-19".
وكانت بعض التأخيرات تتعلق بالمسائل الفنية، ما أدى إلى ارتفاع سعر التلسكوب من التقدير الأولي البالغ 1.6 مليار دولار إلى 10 مليارات دولار.
وسيقدم نظرة ثاقبة غير مسبوقة في تكوين الغلاف الجوي للكواكب الغازية القزمة.
وفي وقت سابق من هذا العام، قال باحثون في جامعة ولاية أوهايو إن التلسكوب يمكن أن يكتشف بصمة حياة على كواكب أخرى في أقل من 60 ساعة، وقد يفعل ذلك بحلول عام 2026.