ولد محمد المهدي بن المنصور عام 126ببلدة ايذج (1)، وأمه اروى بنت منصور بن عبد الله الحميري، وتكنى بأم منصور كما تكنى بأم موسى، وكان اسمر طويلا جعد الشعر على احدى عينيه نكتة بيضاء.

بويع بالخلافة بعد وفاة اباه المنصور في ذي الحجة عام 158، وعندما بلغه نبأ وفاة والده كتم الخبر يومين، ثم نادى في الناس الصلاة جامعة فأجتمع الناس فخطبهم فقال: ( ان امير المؤمنين عبد دعي فأجاب، وامر فأطاع، واغرورقت عيناه، فقال: قد بكى رسول الله عند فراق الاحبة ولقد فارقت عظيما ...... ، والله لأفنين عمري بين عقوبتكم والإحسان اليكم).

وأول من عزاه بأبيه وهناه بالخلافة او دلامة فقال:

عينــاي واحـدة ترى مسرورة *** بأميرها جذلى وأخرى تذرف

تبكي وتضحـك تارة ويسوؤها *** ما انكرت ويسـرهـا ما تعرف

فيسوؤها موت الخليفة محرما *** ويسرها ان قــام هذا الاراف 

واشتهر عنه انه كان يحب اللعب بالحمام والسباق بينها، فدخل عليه جماعة من المحدثين فيهم غياث بن إبراهيم (2) فحدثه حديث أبو هريرة: (لا سبق الا في خف او نعل او حافر). وزاد في الحديث (او جناح) فأمر له بعشرة الاف. ولما خرج قال: والله أني لأعلم ان غياثا كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). ثم امر بالحمام فذبح ولم يذكر غياثا بعدها.

بنى مسجد الرصافة عام 159، ووسع المسجد الحرام عام 167.

وولى القضاء أبا يوسف (3) عام 166، وتتبع الزنادقة وعمل على ابادتهم.

بايع لولديه موسى الهادي عام 160 ثم لهارون الرشيد، وذلك بعد ان أكره ابن عمه عيسى بن موسى على خلع نفسه....

تزوج عام 169 ابنة عمه ام عبد الله بن صالح بن علي، كما تزوج وهو في المدينة رقية بنت عمرو العثمانية، وأعتق جاريته الخيزران وتزوج بها، وهي ام ولديه الهادي والرشيد وكان مفتتنا بها.

(1) ايذج: كورة وبلد بين خوزستان واصبهان، وهي وسط الجبال، تقوم الزراعة فيها على الامطار ويشرب أهلها من عين سليمان.

(2) غياث بن إبراهيم كذاب: ترك الناس حديثه، وقال يحيى بن معين ليس بثقة، وقال الجوزجاني: سمعت اكثر من واحد يقول: انه يضع الحديث. وقال البخاري: تركوه.

(3) أبو يوسف: يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الانصاري، الكوفي، البغدادي: صاحب ابي حنيفة وتلميذه وأول من نشر مذهبه. كان فقيها علامة، من حفاظ الحديث، لزم أبا حنيفة فغلب عليه الرأي، ولي القضاء أيام المهدي، والهادي والرشيد، ولد بالكوفة عام 113، وتوفى ببغداد وهو على القضاء عام 182.