أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-06-2015
20528
التاريخ: 26-1-2016
4136
التاريخ: 21-06-2015
2008
التاريخ: 11-3-2016
2950
|
هو أبو عامر محمّد بن عبد اللّه بن محمّد بن عبد اللّه بن عامر بن الوليد بن يزيد ابن عبد الملك المعافريّ القحطانيّ (من عرب الجنوب) ، و أمّه أمّ عبد اللّه بريهة بنت يحيى بن زكريّا التميميّة (من عرب الشمال) من بني برطال في قرطبة. و كان عبد الملك المعافريّ هو الذي دخل الأندلس مع طارق بن زياد ثمّ سكن بلدة طرّش في الجزيرة الخضراء (جنوبيّ الأندلس) حيث أقام لنفسه أسرة وجيهة قويّة. و أمّا أبو حفص عبد اللّه (والد المنصور بن أبي عامر) فكان معروفا بالتقوى و العلم و بالزهد في مناصب الدولة، و قد مات عند طرابلس الغرب، في أثناء رجوعه من الحجّ، في أواخر أيّام عبد الرحمن الناصر (ت 350) .
و أمّا المنصور بن أبي عامر نفسه فقد ولد (في طرّش!) سنة 326(٩٣٧-٩٣٨ م) .
و لمّا شبّ قدم إلى قرطبة طلبا للعلم فتلقّى اللغة على أبي عليّ البغداديّ القاليّ (ت 356) و أبي بكر بن القوطيّة (ت 367) ، كما سمع الحديث من أبي بكر بن معاوية القرشيّ. ثمّ إنّ ابن أبي عامر أصبح كاتبا لدى القاضي أبي بكر محمّد بن إسحاق بن السليم (306-367 ه) .
و في سنة 356(967 م) عهد الحكم المستنصر إلى ابن أبي عامر بجميع شؤون ابنه الأمير هشام و جعله ناظرا على أملاك زوجته صبح (1). و في سنة 358 أصبح قاضيا للجند في إشبيلية و لبلة ثمّ (361 ه) أصبح صاحب الشرطة. و قد استطاع ابن أبي عامر بلباقته و دهائه و كرمه أن ينال حظوة لدى أهل البلاط جميعهم.
و لمّا مات الحكم المستنصر بويع لهشام بالخلافة، في رابع صفر من سنة 366(٢/ ٩/967 م) ، و لقّب «المؤيّد» ، قبل أن تتمّ له اثنتا عشرة سنة، فأقامت أمّه صبح نفسها وصيّة عليه. في ذلك اليوم جعل هشام خطط الشرطة الوسطى و السكّة و المواريث لابن أبي عامر. و في عاشر صفر جعل هشام الحجابة (رئاسة الوزارة) لجعفر ابن عثمان المصحفي (راجع، فوق، ص 294) و جعل ابن أبي عامر وزيرا للمصحفي.
و في سنة 366 نفسها كثر الاضطراب في أقاصي الأندلس و خيف من هجوم النصارى على شماليّ الأندلس، فعقدت صبح مجلسا ضمّ رجال الدولة و فيهم غالب بن عبد الرحمن الصقلبي-و كان قائدا قديرا تولّى الجيش و الغزوات منذ أيام عبد الرحمن الناصر-و جعفر بن عثمان المصحفي و ابن أبي عامر. فأجمع أهل المجلس على وجوب تجهيز جيش كبير للجهاد، فلم يجسر أحد على القيام شخصيّا بالحرب. فتقدّم ابن أبي عامر لتولّي مثل هذه الغزوة. و كانت صبح حريصة على تثبيت مكانة ابنها بكلّ سبيل فأعطت ابن أبي عامر كلّ ما طلبه من مال و جند. و كان ابن أبي عامر داهية فجعل غالبا القائد الأعلى للجيش (حتّى إذا هزم الجيش كان اللوم على غالب) و تولّى هو القيادة الفعلية. و سار الجيش في رجب من سنة 366(آذار-مارس ٩٧٨ م) . و انتصر ابن أبي عامر نصرا عظيما فزاد ذلك في مكانته عند الناس و عند صبح.
و في أواخر تلك السنة نفسها أدرك ابن أبي عامر مدى قوّته و مدى ضعف من حوله فاستبدّ بالأمر و حجب هشاما فأصبح الحاكم الفعلي في الأندلس. ثمّ بدأ في التفكير بالتخلّص من خصومه. و في سنة 368 للهجرة بدأ ببناء مدينة الزاهرة، شرق قرطبة على النهر الأعظم (نهر الوادي الكبير) و جعلها مقرّا له و عاصمة للأندلس (لأنّ الزهراء مقرّ عبد الرحمن الناصر و ابنه الحكم المستنصر كانت مقرّا لخصومه السياسيّين) . و تمّ بناء الزاهرة سنة ٣٧٠ ه فانتقل ابن أبي عامر إليها. و في السنة التالية تلقّب «المنصور» فأصبح يعرف في التاريخ باسم المنصور بن أبي عامر.
و قد دبّر المنصور بن أبي عامر مقتل نفر كثيرين كان يخشاهم على نفوذه الشخصي أو على الدولة المروانية في الأندلس: دبّر مقتل غالب الصقلبيّ (٣٧٠ ه) و المصحفي (٣٧٢ ه) و جعفر بن عليّ بن حمدون (٣٧٢ ه) و الشريف الحسني الإدريسي حسن بن قنّون (375 ه) و كان في المغرب فجهّز عليه جيشا كبيرا. و لمّا استسلم حسن بن قنّون للجيش أمر المنصور بحمله إلى قرطبة ثمّ دبّر مقتله.
و قاد المنصور بن أبي عامر خمسين غزوة بنفسه (أو: ثماني و خمسين) كان مظفّرا فيها كلّها، و بسط سلطان العرب في الأندلس بعد أن كان ذلك السلطان قد تراجع في شماليّ البلاد و شرقيّها. و ضبط البلاد ضبطا محكما.
و كان المنصور بن أبي عامر مصابا بالنقرس (2). و قد توفّي في مدينة سالم، و هو راجع من الغزو، ليلة الاثنين لثلاث ليال بقين من رمضان في سنة 392(٨/٨/ ١٠٠٢ ه) مبطونا (3) . و جاء في «تاريخ العرب» (المطوّل) للدكتور فيليب حتّى (4): «أمّا المؤرّخ الراهب الذي دوّن هذه الحادثة فقد علّق عليها بإيجاز معبّرا عن شعور نصارى إسبانية تجاهها فكتب: في سنة ١٠٠٢ مات المنصور فدفن في جهنّم» .
قال ابن خلدون: و من الوزراء أولئك «الذين عظمت آثارهم و عفّت (5) على الملوك أخبارهم كالحجّاج و بني المهلّب و البرامكة و بني سهل بن نوبخت و كافور الإخشيديّ و ابن أبي عامر و أمثالهم فغير نكير الإلماع بآبائهم و الإشارة إلى أحوالهم لانتظامهم في عداد الملوك» .
و قد كان المنصور بن أبي عامر من دهاة العرب و الحازمين في الأمور و ذوي الشجاعة و البأس. و كذلك كان قاسيا شديد القسوة في سبيل الحفاظ على الدولة و في سبيل نفسه أحيانا كثيرة. و كان له أيضا أشياء متفرقة من النثر الحكميّ و من الشعر المتين، و إن لم يكن على شعره نضارة و لا عذوبة لأنّه من شعر العلماء و الفرسان.
مختارات من آثاره:
- لمّا غضب المنصور بن أبي عامر على جعفر المصحفيّ و ألقاه في السجن كتب جعفر إلى المنصور يتذلّل له و يعرض عليه نفسه ليكون مؤدّبا لابنيه عبد اللّه و عبد الملك. فقال المنصور:
«أراد (جعفر) أن يستجهلني و يسقطني عند الناس، و قد عهدوا منّي ببابه مؤمّلا ثمّ يرونه اليوم بدهليزي معلّما» .
- و علم أن امرأة مسلمة كانت أسيرة منذ زمن في كنيسة عند غرسيه ملك البشكنس (برغم معاهدة بينهما تقضي بإطلاق جميع الأسرى) فقال:
«كان قد عاهدني ألاّ يبقى في أرضه مأسورة و لا مأسور و لو حملته في حواصلها النسور. و قد بلغني، بعد، مقام فلانة المسلمة بتلك الكنيسة. و و اللّه، لا أنتهي عن أرضه حتّى أكتسحها» .
- و قال يوما: «إنّ الملك لا ينام إذا نامت الرعيّة. و لو استوفيت نومي لما كان في دور هذا البلد العظيم عين نائمة» .
قال المنصور بن أبي عامر يعبّر عن طموحه إلى الاستيلاء على المشرق لكشف الظلم عن أهل المشرق:
منع العين أن تذوق المناما... حبّها أن ترى الصّفا و المقاما (6)
لي ديونٌ بالشرق عند أناسٍ... قد أحلّوا بالمشعرين الحراما (7)
إن قضوها نالوا الأماني، و إلاّ ... جعلوا دونها رقابا و هاما (8)
عن قريب ترى خيول هشامٍ... يبلغ النيل خطوها و الشاما (9)
- و قال في الحماسة و الفخر:
رميت بنفسي هول كلّ عظيمةٍ... و خاطرت، و الحرّ الكريم مخاطرُ
و ما صاحبي إلاّ جنان مشيّعٍ... و أسمر خطّيّ و أبيض باتر (10)
و إنّي لزجّاء الجيوش إلى الوغى... أسودا تلاقيها أسود خوادر (11)
و سدت بنفسي أهل كلّ سيادةٍ... و فاخرت حتّى لم أجد من أفاخر
و ما شدتّ بنيانا، و لكن زيادةً... على ما بنى عبد المليك و عامر (12)
رفعنا المعالي بالعوالي حديثة... و أورثناها في القديم معافر (13)
____________________
١) السيّدة صبح البشكنسية (من البشكنس: سكان الطرف الشمالي الغربي من إسبانية) كانت زوج الحكم المستنصر و أمّ ابنه هشام. و كان الحكم يسمّيها «جعفر» تحبّبا. كانت امرأة قديرة. و كانت- بلا ريب - ذات أثر كبير في رفع مكانة ابن أبي عامر. و في الروايات كلام كثير على صلة صبح بابن أبي عامر و اختلاف أكثر.
2) النقرس: داء الملوك (مرض يحدث في مفاصل القدم) و يبدو أنّه ناشئ عن تجمّع الرواسب في مفاصل العظام. و سمّي «داء الملوك» (الأغنياء) لكثرة ترف هؤلاء في مآكلهم و لإخلادهم إلى الراحة فتكثر الرواسب في أجسامهم.
3) المبطون: الذي يشتكي بطنه (انتفاخ بطنه من ماء أو نحوه) .
4) تاريخ العرب لحتّي (نقله إلى العربية إدوارد جرجي و جبرائيل جبّور) بيروت 1951،3:635.
5) المقدّمة (بيروت، مكتبة المدرسة،1961) ص 5٢.
6) الصفا و المقام (مقام إبراهيم) في مكّة من المشاعر (مناسك الحجّ. حيث تجب أو تسنّ العبادة) .
7) ديون (هنا) : ثأر. أناس (من الحكّام) . قد أحلّوا الحرام: ظلموا حتّى أصبح ما يحرم فعله مسموحا (عادة) .
8) إن قضوها (إن أصلحوا هذا الظلم من تلقاء أنفسهم) . جعلوا دونها رقابا (أجبروني على قطع تلك الرقاب) و هاما (جمع هامة: رأس) .
9) هشام: هشام المؤيّد (الخليفة الأمويّ في الأندلس) و كان المنصور بن أبي عامر قد حجبه (استبدّ مكانه في الحكم) . الشآم و الشام: سورية.
10) صاحبي: رفيقي. جنان: قلب. مشيع: شجاع. أسمر: رمح. خطّيّ (من بلاد الخطّ: الشاطئ الشرقيّ من شبه جزيرة العرب، و كانت الرماح، أو القصب الفارسي الذي تصنع منه الرماح تجلب إليه من الهند) كناية عن جودة تلك الرماح. أبيض: سيف. باتر: قاطع.
11) أزجى و زجّى: أرسل، بعث. أسود: أبطال. خوادر جمع خادر (و هو الأسد الذي يكون في خدره: في الأجمة أو الغابة الصغيرة) كناية على الشجاعة في ذلك الأسد و المفاجئة.
12) ما شدّت (بنيت بناء جديدا) و لكن زيادة (زدت على البناء الذي كان قد بناه) عبد الملك و معافر (من أجداد المنصور بن أبي عامر) .
13) العوالي: الرماح (بالحرب، بالقوّة) .
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|