أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-11-2016
1128
التاريخ: 23-8-2017
1409
التاريخ: 23-8-2017
1270
التاريخ: 2024-07-15
438
|
... الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَشْغَلُهُ مِنْ الْحَيِّزِ ، أَوْ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ ، أَوْ وَسَائِطَ ( وَيَجِبُ كَوْنُهُ غَيْرَ مَغْصُوبٍ ) لِلْمُصَلِّي وَلَوْ جَاهِلًا بِحُكْمِهِ الشَّرْعِيِّ أَوْ الْوَضْعِيِّ لَا بِأَصْلِهِ أَوْ نَاسِيًا لَهُ أَوْ لِأَصْلِهِ عَلَى مَا يَقْتَضِيه إطْلَاقُ الْعِبَارَةِ وَفِي الْأَخِيرَيْنِ لِلْمُصَنِّفِ " رَه " قَوْلٌ آخَرُ بِالصِّحَّةِ ، وَثَالِثٌ بِهَا فِي خَارِجِ الْوَقْتِ خَاصَّةً ، وَمِثْلُهُ الْقَوْلُ فِي اللِّبَاسِ .
وَاحْتَرَزْنَا بِكَوْنِ الْمُصَلِّي هُوَ الْغَاصِبُ عَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَهُ ، فَإِنَّ الصَّلَاةِ فِيهِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ صَحِيحَةٌ فِي الْمَشْهُورِ ، كُلُّ ذَلِكَ مَعَ الِاخْتِيَارِ ، أَمَّا مَعَ الِاضْطِرَارِ كَالْمَحْبُوسِ فِيهِ فَلَا مَنَعَ ( خَالِيًا مِنْ نَجَاسَةٍ مُتَعَدِّيَةٍ ) إلَى الْمُصَلِّي أَوْ مَحْمُولِهِ الَّذِي يُشْتَرَطُ طَهَارَتُهُ عَلَى وَجْهٍ يَمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَوْ لَمْ تَتَعَدَّ أَوْ تَعَدَّتْ عَلَى وَجْهٍ يُعْفَى عَنْهُ كَقَلِيلِ الدَّمِ أَوْ إلَى مَا لَا يُتِمُّ الصَّلَاةَ فِيهِ لَمْ يَضُرَّ ( طَاهِرَ الْمَسْجَدِ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ ، وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُعْتَبَرُ مِنْهُ فِي السُّجُودِ مُطْلَقًا .
( وَالْأَفْضَلُ الْمَسْجِدُ ) لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ ، أَوْ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى إطْلَاقِ الْمَسْجِدِ عَلَى بَيْتِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا كَمَا يُنَبَّهُ عَلَيْهِ ( وَتَتَفَاوَتُ ) الْمَسَاجِدُ ( فِي الْفَضِيلَةِ ) بِحَسْبِ تَفَاوُتِهَا فِي ذَاتِهَا أَوْ عَوَارِضِهَا كَكَثِيرِ الْجَمَاعَةِ : ( فَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ ) وَمِنْهُ الْكَعْبَةُ وَزَوَائِدُهُ الْحَادِثَةُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمَا أَفْضَلَ ، فَإِنَّ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهَا فَضَّلَهُ بِذَلِكَ الْعَدَدِ ، وَإِنْ اخْتَصَّ الْأَفْضَلُ بِأَمْرٍ آخَرَ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ ، كَمَا يَخْتَصُّ بَعْضُ الْمَسَاجِدِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي وَصْفٍ بِفَضِيلَةٍ زَائِدَةٍ عَمَّا اشْتَرَكَ فِيهِ مَعَ غَيْرِهِ ( وَالنَّبَوِيُّ ) بِالْمَدِينَةِ ( بِعَشْرَةِ آلَافِ ) صَلَاةٍ ، وَحُكْمُ زِيَادَتِهِ الْحَادِثَةِ كَمَا مَرَّ ( وَكُلٌّ مِنْ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَالْأَقْصَى ) سُمِّيَ بِهِ بِالْإِضَافَةِ إلَى بُعْدِهِ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ( بِأَلْفِ ) صَلَاةٍ ( وَ ) الْمَسْجِدُ ( الْجَامِعُ ) فِي الْبَلَدِ لِلْجُمُعَةِ ، أَوْ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ تَعَدَّدَ ( بِمِائَةٍ ، وَ ) مَسْجِدُ ( الْقَبِيلَةِ ) كَالْمَحَلَّةِ فِي الْبَلَدِ ( بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ ، وَ ) مَسْجِدُ ( السُّوقِ بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ ) .
( وَمَسْجِدُ الْمَرْأَةِ بَيْتُهَا ) بِمَعْنَى أَنَّ صَلَاتَهَا فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ خُرُوجِهَا إلَى الْمَسْجِدِ ، أَوْ بِمَعْنَى كَوْنِ صَلَاتِهَا فِيهِ كَالْمَسْجِدِ فِي الْفَضِيلَةِ ، فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى طَلَبِهَا بِالْخُرُوجِ ، وَهَلْ هُوَ كَمَسْجِدٍ مُطْلَقٍ ، أَوْ كَمَا تُرِيدُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ فَيَخْتَلِفُ بِحَسْبِهِ ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي .
( وَيُسْتَحَبُّ اتِّخَاذُ الْمَسَاجِدِ اسْتِحْبَابًا مُؤَكَّدًا ) { فَمَنْ بَنَى مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ } ، وَزِيدَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ { كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ } وَهُوَ كَمَقْعَدِ الْمَوْضِعِ الَّذِي تَكْشِفُهُ الْقَطَاةُ وَتُلَيِّنُهُ بِجُؤْجُئِهَا لِتَبِيضَ فِيهِ ، وَالتَّشْبِيهُ بِهِ مُبَالَغَةٌ فِي الصِّغَرِ ، بِنَاءً عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِرَسْمِهِ حَيْثُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي أَقَلِّ مَرَاتِبِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْمَلْ لَهُ حَائِطٌ وَنَحْوُهُ .
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْجَذَّاءُ رَاوِي الْحَدِيثِ : مَرَّ بِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَقَدْ سَوَّيْت بِأَحْجَارٍ مَسْجِدًا فَقُلْت : جُعِلْت فِدَاك نَرْجُو أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ ذَاكَ فَقَالَ : نَعَمْ وَيُسْتَحَبُّ ، اتِّخَاذُهَا ( مَكْشُوفَةً ) وَلَوْ بَعْضُهَا لِلِاحْتِيَاجِ إلَى السَّقْفِ فِي أَكْثَرِ الْبِلَادِ لِدَفْعِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ ( وَالْمَيْضَاةُ ) وَهِيَ الْمُطَهِّرَةُ لِلْحَدَثِ وَالْخَبَثِ ( عَلَى بَابِهَا ) لَا فِي وَسَطِهَا عَلَى تَقْدِيرِ سَبْقِ إعْدَادِهَا عَلَى الْمَسْجِدِيَّةِ وَإِلَّا حُرِّمَ فِي الْخَبَثِيَّةِ مُطْلَقًا وَالْحَدَثِيَّةِ إنْ أَضَرَّتْ بِهَا .
( وَالْمَنَارَةُ مَعَ حَائِطِهَا ) لَا فِي وَسَطِهَا مَعَ تَقَدُّمِهَا عَلَى الْمَسْجِدِيَّةِ كَذَلِكَ وَإِلَّا حُرِّمَ ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَوْنِهَا مَعَ الْحَائِطِ اسْتِحْبَابَ أَنْ لَا تَعْلُوَ عَلَيْهِ ، فَإِنَّهَا إذَا فَارَقَتْهُ بِالْعُلْوِ فَقَدْ خَرَجَتْ عَنْ الْمَعِيَّةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ ( وَتَقْدِيمُ الدَّاخِلِ ) إلَيْهَا ( يَمِينُهُ وَالْخَارِجِ ) مِنْهَا ( يَسَارَهُ ) عَكْسُ الْخَلَاءِ تَشْرِيفًا لِلْيُمْنَى فِيهِمَا ( وَتَعَاهُدُ نَعْلِهِ ) وَمَا يَصْحَبُهُ مِنْ عَصَا وَشَبَهِهِ ، وَهُوَ اسْتِعْلَامُ حَالِهِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ احْتِيَاطًا لِلطَّهَارَةِ ، وَالتَّعَهُّدُ أَفْصَحُ مِنْ التَّعَاهُدِ لِأَنَّهُ يَكُونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ الرِّوَايَةَ .
( وَالدُّعَاءُ فِيهِمَا ) أَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ بِالْمَنْقُولِ وَغَيْرِهِ ( وَصَلَاةُ التَّحِيَّةِ قَبْلَ جُلُوسِهِ ) وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الدُّخُولِ وَلَوْ عَنْ قُرْبٍ وَتَتَأَدَّى بِسُنَّةٍ غَيْرِهَا وَفَرِيضَةٍ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا مَعَهَا ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّحِيَّةِ أَنْ لَا تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ بِالْجُلُوسِ بِغَيْرِ صَلَاةٍ ، وَقَدْ حَصَلَ ، وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ عَدَمَ التَّدَاخُلِ .
وَتُكْرَهُ إذَا دَخَلَ وَالْإِمَامُ فِي مَكْتُوبَةٍ ، أَوْ الصَّلَاةُ تُقَامُ ، أَوْ قَرُبَ إقَامَتُهَا بِحَيْثُ لَا يَفْرُغُ مِنْهَا قَبْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا ، أَوْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ مَانِعٌ عَنْهَا فَلْيَذْكُرْ اللَّهَ تَعَالَى .
وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الطَّوَافُ ، كَمَا أَنَّ تَحِيَّةَ الْحَرَمِ الْإِحْرَامُ وَمِنًى الرَّمْيُ ( وَيَحْرُمُ زَخْرَفَتُهَا ) وَهُوَ نَقْشُهَا بِالزُّخْرُفِ ، وَهُوَ الذَّهَبُ ، أَوْ مُطْلَقُ النَّقْشِ كَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الذِّكْرَى ، وَفِي الدُّرُوسِ أَطْلَقَ الْحُكْمَ بِكَرَاهَةِ الزَّخْرَفَةِ وَالتَّصْوِيرِ ، ثُمَّ جَعَلَ تَحْرِيمَهُمَا قَوْلًا .
وَفِي الْبَيَانِ حَرَّمَ النَّقْشَ وَالزَّخْرَفَةَ وَالتَّصْوِيرَ بِمَا فِيهِ رُوحٌ ، وَظَاهِرُ الزَّخْرَفَةِ هُنَا النَّقْشُ بِالذَّهَبِ ، فَيَصِيرُ أَقْوَالُ الْمُصَنِّفِ بِحَسْبِ كُتُبِهِ ، وَهُوَ غَرِيبٌ مِنْهُ .
( وَ ) كَذَا يُحْرَمُ ( نَقْشُهَا بِالصُّوَرِ ) ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ دُونَ غَيْرِهَا ، وَهُوَ لَازِمٌ مِنْ تَحْرِيمِ النَّقْشِ مُطْلَقًا لَا مِنْ غَيْرِهِ ، وَهُوَ قَرِينَةٌ أُخْرَى عَلَى إرَادَةِ الزَّخْرَفَةِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ خَاصَّةً ، وَهَذَا هُوَ الْأَجْوَدُ .
وَلَا رَيْبَ فِي تَحْرِيمِ تَصْوِيرِ ذِي الرُّوحِ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ فَفِيهَا أَوْلَى أَمَّا تَصْوِيرُ غَيْرِهِ فَلَا ( وَتَنْجِيسُهَا ) وَتَنْجِيسُ آلَاتِهَا كَفُرُشِهَا لَا مُطْلَقِ إدْخَالِ النَّجَاسَةِ إلَيْهَا فِي الْأَقْوَى .
( وَإِخْرَاجُ الْحَصَى مِنْهَا ) إنْ كَانَتْ فُرُشًا أَوْ جُزْءًا مِنْهَا ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ قُمَامَةً اُسْتُحِبَّ إخْرَاجُهَا وَمِثْلُهَا التُّرَابُ ، وَمَتَى أُخْرِجَتْ عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيمِ ( فَتُعَادُ ) وُجُوبًا إلَيْهَا أَوْ إلَى غَيْرِهَا مِنْ الْمَسَاجِدِ ، حَيْثُ يَجُوزُ نَقْلُ آلَاتِهَا إلَيْهِ وَمَا لَهَا لِغِنَاءِ الْأَوَّلِ ، أَوْ أَوْلَوِيَّةِ الثَّانِي .
( وَيُكْرَهُ تَعْلِيَتُهَا ) بَلْ تُبْنَى وَسَطًا عُرْفًا ( وَالْبُصَاقُ فِيهَا ) وَالتَّنَخُّمُ وَنَحْوُهُ وَكَفَّارَتُهُ دَفْنُهُ .
( وَرَفْعُ الصَّوْتِ ) الْمُتَجَاوِزِ لِلْمُعْتَادِ ، وَلَوْ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ .
( وَقَتْلُ الْقَمْلِ ) فَيُدْفَنُ لَوْ فُعِلَ ( وَبَرْيُ النُّبْلِ وَ ) هُوَ دَاخِلٌ فِي ( عَمَلِ الصَّنَائِعِ ) وَخَصَّهُ لِتَخْصِيصِهِ فِي الْخَبَرِ فَتَتَأَكَّدُ كَرَاهَتُهُ ( وَتَمْكِينُ الْمَجَانِينِ وَالصِّبْيَانِ ) مِنْهَا مَعَ عَدَمِ الْوُثُوقِ بِطَهَارَتِهِمْ ، أَوْ كَوْنِهِمْ غَيْرَ مُمَيِّزِينَ ، أَمَّا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الْمَوْثُوقُ بِطَهَارَتِهِ الْمُحَافِظُ عَلَى أَدَاءِ الصَّلَوَاتِ فَلَا يُكْرَهُ تَمْكِينُهُ ، بَلْ يَنْبَغِي تَمْرِينُهُ كَمَا يُمَرَّنُ عَلَى الصَّلَاةِ .
( وَإِنْفَاذُ الْأَحْكَامِ ) إمَّا مُطْلَقًا ، وَفِعْلُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُ بِمَسْجِدِ الْكُوفَةِ خَارِجٌ ، أَوْ مَخْصُوصٌ بِمَا فِيهِ جِدَالٌ وَخُصُومَةٌ ، أَوْ بِالدَّائِمِ لَا مَا يَتَّفِقُ نَادِرًا ، أَوْ بِمَا يَكُونُ الْجُلُوسُ فِيهِ لِأَجْلِهَا لَا بِمَا إذَا كَانَ لِأَجْلِ الْعِبَادَةِ فَاتَّفَقَتْ الدَّعْوَى ، لِمَا فِي إنْفَاذِهَا حِينَئِذٍ مِنْ الْمُسَارَعَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا ، وَعَلَى أَحَدِهَا يُحْمَلُ فِعْلُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَلَعَلَّهُ بِالْأَخِيرِ أَنْسَبُ ، إلَّا أَنَّ دَكَّةَ الْقَضَاءِ بِهِ لَا تَخْلُو مِنْ مُنَافَرَةٍ لِلْمَحَامِلِ .
( وَتَعْرِيفُ الضَّوَالِّ ) إنْشَادًا وَنِشْدَانًا وَالْجَمْعُ بَيْنَ وَظِيفَتَيْ تَعْرِيفِهَا فِي الْمَجَامِعِ وَكَرَاهَتِهَا فِي الْمَسَاجِدِ فِعْلُهُ خَارِجُ الْبَابِ ( وَإِنْشَادُ الشِّعْرِ ) لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَنْهُ ، { وَأَمْرِهِ بِأَنْ يُقَالَ لِلْمُنْشِدِ ، فَضَّ اللَّهُ فَاكَ } ، وَرُوِيَ نَفْيُ الْبَأْسِ عَنْهُ ، وَهُوَ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْكَرَاهَةِ .
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الذِّكْرَى : لَيْسَ بِبَعِيدٍ حَمْلُ إبَاحَةِ إنْشَادِ الشِّعْرِ عَلَى مَا يَقِلُّ مِنْهُ وَتَكْثُرَ مَنْفَعَتُهُ ، كَبَيْتِ حِكْمَةٍ ، أَوْ شَاهِدٍ عَلَى لُغَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَشَبَهِهِ ، لِأَنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ { النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ كَانَ يُنْشَدُ بَيْنَ يَدَيْهِ الْبَيْتُ وَالْأَبْيَاتُ مِنْ الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ } .
وَأَلْحَقَ بِهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ مَا كَانَ مِنْهُ مَوْعِظَةً ، أَوْ مَدْحًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَالْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ ، أَوْ مَرْثِيَّةً لِلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَا تُنَافِي الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمَسَاجِدِ ، وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ ، وَنَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَشْعَارِ الْعَرَبِ الْخَارِجَةِ عَنْ هَذِهِ الْأَسَالِيبِ .
( وَالْكَلَامُ فِيهَا بِأَحَادِيثِ الدُّنْيَا ) لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَمُنَافَاتِهِ لِوَضْعِهَا فَإِنَّهَا وُضِعَتْ لِلْعِبَادَةِ .
( وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ ) وَهُوَ الْبَيْتُ الْمَخْصُوصُ الَّذِي يُغْتَسَلُ فِيهِ لَا الْمَسْلَخُ وَغَيْرُهُ مِنْ بُيُوتِهِ وَسَطْحِهِ نَعَمْ تُكْرَهُ فِي بَيْتِ نَارِهِ مِنْ جِهَةِ النَّارِ ، لَا مِنْ حَيْثُ الْحَمَّامُ .
( وَبُيُوتِ الْغَائِطِ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ ، وَلِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا يُبَالُ فِيهِ وَلَوْ فِي إنَاءٍ ، فَهَذَا أَوْلَى ( وَ ) بُيُوتِ ( النَّارِ ) وَهِيَ الْمُعَدَّةُ لِإِضْرَامِهَا فِيهَا كَالْأَتُونِ وَالْفُرْنِ لَا مَا وُجِدَ فِيهِ نَارٌ مَعَ عَدَمِ إعْدَادِهِ لَهَا ، كَالْمَسْكَنِ إذَا أُوقِدَتْ فِيهِ وَإِنْ كَثُرَ ( وَ ) بُيُوتِ ( الْمَجُوسِ ) لِلْخَبَرِ وَلِعَدَمِ انْفِكَاكِهَا عَنْ النَّجَاسَةِ ، وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِرَشِّهِ .
( وَالْمَعْطِنِ ) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَاحِدُ الْمَعَاطِنِ ، وَهِيَ مَبَارِكُ الْإِبِلِ عِنْدَ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ ( وَمَجْرَى الْمَاءِ ) وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ لِجَرَيَانِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَاءٌ ( وَالسَّبَخَةُ ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَاحِدُ السِّبَاخِ ، وَهِيَ الشَّيْءُ الَّذِي يَعْلُو الْأَرْضَ كَالْمِلْحِ ، أَوْ بِكَسْرِهَا وَهِيَ الْأَرْضُ ذَاتُ السِّبَاخِ ( وَقُرَى النَّمْلِ ) جَمْعُ قَرْيَةٍ ، وَهِيَ مُجْتَمَعُ تُرَابِهَا حَوْلَ حُجْرَتِهَا ( وَ ) فِي نَفْسِ ( الثَّلْجِ اخْتِيَارًا ) مَعَ تَمَكُّنِ الْأَعْضَاءِ ، أَمَّا بِدُونِهِ فَلَا مَعَ الِاخْتِيَارِ .
( وَبَيْنَ الْمَقَابِرِ ) وَإِلَيْهَا وَلَوْ قَبْرًا ( إلَّا بِحَائِلٍ وَلَوْ عَنَزَةٍ ) بِالتَّحْرِيكِ ، وَهِيَ الْعَصَا فِي أَسْفَلِهَا حَدِيدَةٌ مَرْكُوزَةٌ أَوْ مُعْتَرِضَةٌ ( أَوْ بَعْدَ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ ) وَلَوْ كَانَتْ الْقُبُورُ خَلْفَهُ ، أَوْ مَعَ أَحَدِ جَانِبَيْهِ فَلَا كَرَاهَةَ .
( وَفِي الطَّرِيقِ ) سَوَاءٌ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِالْمَارَّةِ ، أَمْ فَارِغَةً إنْ لَمْ يُعَطِّلْهَا وَإِلَّا حُرِّمَ ( وَ ) فِي ( بَيْتٍ فِيهِ مَجُوسِيُّ ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَيْتُ لَهُ ( وَإِلَى نَارٍ مُضْرَمَةٍ ) أَيْ مُوقَدَةٍ وَلَوْ سِرَاجًا أَوْ قِنْدِيلًا ، وَفِي الرِّوَايَةِ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ إلَى الْمَجْمَرَةِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْإِضْرَامِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَبِهِ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي غَيْرِ الْكِتَابِ ، ( أَوْ ) إلَى ( تَصَاوِيرَ ) وَلَوْ فِي الْوِسَادَةِ ، وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِسَتْرِهَا بِثَوْبٍ وَنَحْوِهِ .
( أَوْ مُصْحَفٍ ، أَوْ بَابٍ مَفْتُوحَيْنِ ) سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْقَارِئُ وَغَيْرُهُ نَعَمْ يُشْتَرَطُ الْإِبْصَارُ وَأُلْحِقَ بِهِ التَّوَجُّهُ إلَى كُلِّ شَاغِلٍ مِنْ نَقْشٍ وَكِتَابَةٍ ، وَلَا بَأْسَ بِهِ .
( أَوْ وَجْهِ إنْسَانٍ ) فِي الْمَشْهُورِ فِيهِ وَفِي الْبَابِ الْمَفْتُوحِ وَلَا نَصَّ عَلَيْهِمَا ظَاهِرًا ، وَقَدْ يُعَلَّلُ بِحُصُولِ التَّشَاغُلِ بِهِ .
( أَوْ حَائِطٍ يَنِزُّ مِنْ بَالُوعَةٍ ) يُبَالُ فِيهَا ، وَلَوْ نَزَّ بِالْغَائِطِ فَأَوْلَى ، وَفِي إلْحَاقِ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ وَجْهٌ .
( وَفِي مَرَابِضِ الدَّوَابِّ ) جَمْعُ مَرْبَضٍ ، وَهُوَ مَأْوَاهَا وَمَقَرُّهَا وَلَوْ عِنْدَ الشُّرْبِ ( إلَّا ) مَرَابِضَ ( الْغَنَمِ ) فَلَا بَأْسَ بِهَا لِلرِّوَايَةِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهَا سَكِينَةٌ وَبَرَكَةٌ ( وَلَا بَأْسَ بِالْبِيعَةِ وَالْكَنِيسَةِ مَعَ عَدَمِ النَّجَاسَةِ ) نَعَمْ يُسْتَحَبُّ رَشُّ مَوْضِعِ صَلَاتِهِ مِنْهَا وَتَرْكُهُ حَتَّى يَجِفَّ .
وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ دُخُولِهَا إذْنُ أَرْبَابِهَا ؟ احْتَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الذِّكْرَى تَبَعًا لِغَرَضِ الْوَاقِفِ ، وَعَمَلًا بِالْقَرِينَةِ ، وَفِيهِ قُوَّةٌ ، وَوَجْهُ الْعَدَمِ إطْلَاقُ الْأَخْبَارِ بِالْإِذْنِ فِي الصَّلَاةِ بِهَا .
( وَيُكْرَهُ تَقَدُّمُ الْمَرْأَةِ عَلَى الرَّجُلِ ، أَوْ مُحَاذَاتُهَا لَهُ ) فِي حَالَةِ صَلَاتِهِمَا مِنْ دُونِ حَائِلٍ ، أَوْ بَعْدَ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ ( عَلَى ) الْقَوْلِ ( الْأَصَحِّ ) وَالْقَوْلُ الْآخَرُ التَّحْرِيمُ ، وَبُطْلَانُ صَلَاتِهِمَا مُطْلَقًا ، أَوْ مَعَ الِاقْتِرَانِ ، وَإِلَّا الْمُتَأَخِّرَةَ عَنْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ .
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَحْرَمِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ ، وَالْمُقْتَدِيَةِ ، وَالْمُنْفَرِدَةِ ، وَالصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ ، وَالْمَنْدُوبَةِ .
( وَيَزُولُ ) الْمَنْعُ كَرَاهَةً وَتَحْرِيمًا ( بِالْحَائِلِ ) الْمَانِعِ مِنْ نَظَرِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ وَلَوْ ظُلْمَةً وَفَقْدِ بَصَرٍ فِي قَوْلٍ ، لَا تَغْمِيضَ الصَّحِيحِ عَيْنَيْهِ فِي الْأَصَحِّ ( أَوْ بَعْدَ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ ) بَيْنَ مَوْقِفِهِمَا ( وَلَوْ حَاذَى سُجُودُهَا قَدَمَهُ فَلَا مَنْعَ ) وَالْمَرْوِيُّ فِي الْجَوَازِ كَوْنُهَا تُصَلِّي خَلْفَهُ ، وَظَاهِرُهُ تَأَخُّرُهَا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ عَنْهُ ، بِحَيْثُ لَا يُحَاذِي جُزْءٌ مِنْهَا جُزْءًا مِنْهُ ، وَبِهِ عَبَّرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ ، وَهُوَ أَجْوَدُ .
( وَيُرَاعَى فِي مَسْجَدِ الْجَبْهَةِ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ ، وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُعْتَبَرُ مِنْهُ فِي السُّجُودِ ، لَا مَحَلُّ جَمِيعِ الْجَبْهَةِ ( أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَرْضِ ، أَوْ نَبَاتِهَا غَيْرِ الْمَأْكُولِ وَالْمَلْبُوسِ عَادَةً ) بِالْفِعْلِ ، أَوْ بِالْقُوَّةِ الْقَرِيبَةِ مِنْهُ بِحَيْثُ يَكُونُ مِنْ جِنْسِهِ ، فَلَا يَقْدَحُ فِي الْمَنْعِ تَوَقُّفُ الْمَأْكُولِ عَلَى طَحْنٍ وَخَبْزٍ وَطَبْخٍ ، وَالْمَلْبُوسِ عَلَى غَزْلٍ وَنَسْجٍ وَغَيْرِهَا ، وَلَوْ خَرَجَ عَنْهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ مِنْهُ كَقِشْرِ اللَّوْزِ ارْتَفَعَ الْمَنْعُ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْجِنْسِيَّةِ .
وَلَوْ اُعْتِيدَ أَحَدُهُمَا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ دُونَ بَعْضٍ ، فَالْأَقْوَى عُمُومُ التَّحْرِيمِ نَعَمْ لَا يَقْدَحُ النَّادِرُ كَأَكْلِ الْمَخْمَصَةِ وَالْعَقَاقِيرِ الْمُتَّخَذَةِ لِلدَّوَاءِ مِنْ نَبَاتٍ لَا يَغْلِبُ أَكْلُهُ .
( وَلَا يَجُوزُ السُّجُودُ عَلَى الْمَعَادِنِ ) لِخُرُوجِهَا عَنْ اسْمِ الْأَرْضِ بِالِاسْتِحَالَةِ وَمِثْلُهَا الرَّمَادُ وَإِنْ كَانَ مِنْهَا وَأَمَّا الْخَزَفُ فَيُبْنَى عَلَى خُرُوجِهِ بِالِاسْتِحَالَةِ عَنْهَا ، فَمَنْ حَكَمَ بِطُهْرِهِ لَزِمَهُ الْقَوْلُ بِالْمَنْعِ مِنْ السُّجُودِ عَلَيْهِ ، لِلِاتِّفَاقِ عَلَى الْمَنْعِ مِمَّا خَرَجَ عَنْهَا بِالِاسْتِحَالَةِ وَتَعْلِيلُ مَنْ حَكَمَ بِطُهْرِهِ بِهَا ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْقَوْلُ بِالِاسْتِحَالَةِ بِذَلِكَ ضَعِيفًا كَانَ جَوَازُ السُّجُودِ عَلَيْهِ قَوِيًّا .
( وَيَجُوزُ ) السُّجُودُ ( عَلَى الْقِرْطَاسِ ) فِي الْجُمْلَةِ إجْمَاعًا لِلنَّصِّ الصَّحِيحِ الدَّالِّ عَلَيْهِ ، وَبِهِ خَرَجَ عَنْ أَصْلِهِ الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ جَوَازِ السُّجُودِ عَلَيْهِ ، لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ جُزْأَيْنِ لَا يَصِحُّ السُّجُودُ عَلَيْهِمَا ، وَهُمَا النُّورَةُ وَمَا مَازَجَهَا مِنْ الْقُطْنِ ، وَالْكَتَّانِ ، وَغَيْرِهِمَا ، فَلَا مَجَالَ لِلتَّوَقُّفِ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا خَصَّهُ بِالْقِرْطَاسِ ( الْمُتَّخَذِ مِنْ النَّبَاتِ ) كَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالْقِنَّبِ ، فَلَوْ اُتُّخِذَ مِنْ الْحَرِيرِ لَمْ يَصِحَّ السُّجُودُ عَلَيْهِ ، وَهَذَا إنَّمَا يُبْنَى عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ كَوْنِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِمَّا لَا يُلْبَسُ بِالْفِعْلِ حَتَّى يَكُونَ الْمُتَّخَذُ مِنْهَا غَيْرَ مَمْنُوعٍ ، أَوْ كَوْنُهُ غَيْرُ مَغْزُولٍ أَصْلًا إنْ جَوَّزْنَاهُ فِيمَا دُونَ الْمَغْزُولِ ، وَكِلَاهُمَا لَا يَقُولُ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَأَمَّا إخْرَاجُ الْحَرِيرِ فَظَاهِرٌ عَلَى هَذَا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ السُّجُودُ عَلَيْهِ بِحَالٍ .
وَهَذَا الشَّرْطُ عَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ السُّجُودِ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَيْسَ بِوَاضِحٍ لِأَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِمُطْلَقِ النَّصِّ أَوْ تَخْصِيصٌ لِعَامِّهِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُزِيلُهُ عَنْ حُكْمِ مُخَالَفَةِ الْأَصْلِ ، فَإِنَّ أَجْزَاءَ النُّورَةِ الْمُنْبَثَّةِ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ مِنْ جَوْهَرِ الْخَلِيطِ جُزْءٌ يَتِمُّ عَلَيْهِ السُّجُودُ كَافِيَةٌ فِي الْمَنْعِ ، فَلَا يُفِيدُهُ مَا يُخَالِطُهَا مِنْ الْأَجْزَاءِ الَّتِي يَصِحُّ السُّجُودُ عَلَيْهَا مُنْفَرِدَةً .
وَفِي الذِّكْرَى جَوَّزَ السُّجُودَ عَلَيْهِ إنْ اُتُّخِذَ مِنْ الْقِنَّبِ ، وَاسْتَظْهَرَ الْمَنْعَ مِنْ الْمُتَّخَذِ مِنْ الْحَرِيرِ ، وَبَنَى الْمُتَّخَذَ مِنْ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ عَلَى جَوَازِ السُّجُودِ عَلَيْهِمَا ، وَيُشْكِلُ تَجْوِيزُهُ الْقِنَّبَ عَلَى أَصْلِهِ ، لِحُكْمِهِ فِيهَا بِكَوْنِهِ مَلْبُوسًا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ عُمُومَ التَّحْرِيمِ ، وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا : فِي النَّفْسِ مِنْ الْقِرْطَاسِ شَيْءٌ ، مِنْ حَيْثُ اشْتِمَالُهُ عَلَى النُّورَةِ الْمُسْتَحِيلَةِ مِنْ اسْمِ الْأَرْضِ بِالْإِحْرَاقِ ، قَالَ : إلَّا أَنْ نَقُولَ الْغَالِبُ جَوْهَرُ الْقِرْطَاسِ أَوْ نَقُولَ : جُمُودُ النُّورَةِ يَرُدُّ إلَيْهَا اسْمَ الْأَرْضِ .
وَهَذَا الْإِيرَادُ مُتَّجَهٌ لَوْلَا خُرُوجُ الْقِرْطَاسِ بِالنَّصِّ الصَّحِيحِ وَعَمَلِ الْأَصْحَابِ ، وَمَا دُفِعَ بِهِ الْإِشْكَالُ غَيْرُ وَاضِحٍ ، فَإِنَّ أَغْلَبِيَّةَ الْمُسَوِّغِ لَا يَكْفِي مَعَ امْتِزَاجِهِ بِغَيْرِهِ وَانْبِثَاثِ أَجْزَائِهِمَا بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ ، وَكَوْنُ جُمُودِ النُّورَةِ يَرُدُّ إلَيْهَا اسْمَ الْأَرْضِ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ ، وَعَلَى قَوْلِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَوْ شَكَّ فِي جِنْسِ الْمُتَّخَذِ مِنْهُ - كَمَا هُوَ الْأَغْلَبُ - لَمْ يَصِحَّ السُّجُودُ عَلَيْهِ ، لِلشَّكِّ فِي حُصُولِ شَرْطِ الصِّحَّةِ .
وَبِهَذَا يَنْسَدُّ بَابُ السُّجُودِ عَلَيْهِ غَالِبًا ، وَهُوَ غَيْرُ مَسْمُوعٍ فِي مُقَابِلِ النَّصِّ وَعَمَلِ الْأَصْحَابِ .
( وَيُكْرَهُ ) السُّجُودُ ( عَلَى الْمَكْتُوبِ ) مِنْهُ مَعَ مُلَاقَاةِ الْجَبْهَةِ لِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السُّجُودِ خَالِيًا مِنْ الْكِتَابَةِ ، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ، بِنَاءً عَلَى كَوْنِ الْمِدَادِ عَرَضَا لَا يَحُولُ بَيْنَ الْجَبْهَةِ وَجَوْهَرِ الْقِرْطَاسِ ، وَضَعْفُهُ ظَاهِرٌ .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|