المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



لماذا نبحث عن معرفة الله؟  
  
433   10:19 صباحاً   التاريخ: 3-10-2014
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : محاضرات الاستاذ الشيخ جعفر السبحاني
الجزء والصفحة : ص 25
القسم : العقائد الاسلامية / التوحيد / النظر و المعرفة /

حصيلة السؤال هو : إنَّ البحث عن ما وراء المادة بحث لا صلة له بالحياة ، وليس من الموضوعات التي تقع في إطار الحياة التي يحياها الإِنسان في أدوار عمره المختلفة ، من صباه إلى شبابه إلى كهولته وشيخوخته. والبحث عمّا وراء الطبيعة وأنَّ هناك موجودات عليا مجردة عن المادة وأحكامها ، كالملائكة والعقول والنفوس ، وفوقها مبدعها ومبدع جميع العوالم : مادّيها ومجرّدها ، لا ينفع في الحياة ولو أُثبت بألف دليل ، فَصَرْفُ الوقت حول هذه المباحث يعوق الشاب عن القيام بوظائفه اللازمة.

والإِجابة عن هذا السؤال واضحة بعد الإِطّلاع على ما ذكرنا ، فقد عرفت أنَّ للدّين دوراً قوياً وتأثيراً عظيماً في تكامل العلوم كما أنه ضمان للأخلاق ، وخير دعامة لها ، بل ضمان لتنفيذ القوانين الصالحة ، والحصن الحصين في متقلبات الأحوال.

فإذا كان له ذلك الشأن العظيم في حياتنا العلمية و الأخلاقية والاجتماعية فطي الصفح عنه والاشتغال بغيره ، خسارة عظيمة للإِنسانية. فما يتشدَّق به المادي من أنَّ البحث عن الدّين وما وراء الطبيعة لا صلة له بالحياة ، مكذوب على الدين وكلام خال عن التحقيق. نعم ، ما ذكرنا من دور الدّين وتأثيره في الجوانب الحيوية من الإِنسان ، إنَّما هو من شؤون الدّين الحقيقي الذي يواكب العلم و الأخلاق و لا يخالفهما ، وأما الأديان المختلفة المنسوبة إلى الوحي و السماء بكذب وزور فخارجة عن موضوع بحثنا.

دفع الضرر المحتمل :

إِنَّ هناك عاملا روحياً يحفّزنا إلى البحث عن هذه الأمور الخارجة عن إطار المادة والماديات ، وهو أنَّ هناك مجموعة كبيرة من رجالات الإِصلاح والأخلاق الذين فدو أنفسهم في طريق إصلاح المجتمع و تهذيبه ، وراحوا ضحية رقيّه ، توالوا على مدى القرون و الأعصار ودعوا المجتمعات البشرية إلى الاعتقاد بالله سبحانه وصفاته الكمالية ، وادَّعوا أنَّ له تكاليف على عباده و وظائف وضعها عليهم ، و أنَّ الحياة لا تنقطع بالموت و ليس الموت آخرها و آخر مقطع منها ، وإنما هو جسر يعبر به الإِنسان من دار إلى دار ، ومن حياة ناقصة إلى حياة كاملة ، وأنَّ من قام بتكاليفه و وظائفه فله الجزاء الأوفى ، وأمّا من خالف واستكبر فله النكاية الكبرى.

هذا ما سمعته آذان أهل الدنيا من رجالات الوحي والإِصلاح ، ولم يكن هؤلاء متهمين بالكذب والإِختلاق ، بل كانت علائم الصدق لائحة من خلال حياتهم و أفعالهم و أذكارهم. عند ذاك يدفع العقل الإِنسان المفكر إلى البحث عن صحة مقالتهم دفعاً للضرر المحتمل أو المظنون الذي يورثه مقالة هؤلاء. وليس إخبار هؤلاء بأقل من إخبار إنسان عادي عن الضرر العاجل أو الآجل في الحياة الإنسانية ، فترى الإنسان العاقل يهتمّ بإخباره و يتفحص عن وجوده حتى يستريح من الضرر المخبر عنه.

وهذا ما اعتمد عليه علماء الكلام في إثبات لزوم البحث عن معرفة الله سبحانه. فأوجبوا هذا البحث دفعاً لذاك الضرر المحتمل أو المظنون.

معرفة الله و شكر المُنعِم :

لا شك أنَّ الإِنسان في حياته غارق في النعم ، فهي تحيط به منذ نعومة أظفاره إلى أخريات حياته ، وهذا الشيء مما لا يمكن لأحد إنكاره.

ومن جانب آخر إنَّ العقل يستقل بلزوم شكر المنعم ، ولا يتحقق الشكر إلاَّ بمعرفته.

وعلى هذين الأمرين يجب البحث عن المنعِم الذي غمر الإِنسان

بالنّعم و أفاضها عليه ، فالتعرف عليه من خلال البحث إجابة لهتاف العقل ودعوته إلى شكر المنعِم المتفرع على معرفته.

هذه الوجوه الثلاثة (دور الدّين في الحياة ، دفع الضرر المحتمل ، ولزوم شكر المنعم عقلا) التي ألمعنا إليها بالإِجمال تحفز الإِنسان إلى البحث عن معرفة الله والاهتمام بها أكثر من اهتمامه بما هو دخيل على حياته المادية ، وإنما يعرض من يعرض عن هذه المسائل لعلل روحية غير خافية على الباحث ، إذ لا شك أنَّ معرفة الله ، والاعتقاد به لا ينفكّ عن الالتزام بقيود وحدود في الحياة و رعاية الأصول الأخلاقية و الاجتماعية ، و القيام بالوظائف الفردية ، و كل ذلك ينافي الحرية المطلقة والإِباحية التي يتوخاها الماديون و المنسلكون  في عدادهم. فإنكار الدّين و المبدأ ليس إنكاراً لنفسه بل للفرار مما يترتب عليه من الضمانات والإلتزامات ، والقيود والحدود.

وهي تخالف هوى الإِنسان الإباحي الذي لا يرى أصلا في الحياة إلاّ اللذة.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.