المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2764 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأنشطة الاتصالية للعلاقات العامة- ثالثا: النشاط الاتصالي الدعائي
2023-02-09
اعلم ان الشجار امر صحي (مادام في حدود المعقول(
19-4-2017
The Sun as a position finder
4-9-2020
Ramanujan Theta Functions
31-8-2019
القبائل العربية
6-2-2017
تأثير الموضعي Position Effect
9-9-2019


جهود العرب القدامى في الدراسات الدلالية (الجهود الدلالية عند الشافعي)  
  
187   11:41 صباحاً   التاريخ: 16-8-2017
المؤلف : منقور عبد الجليل
الكتاب أو المصدر : علم الدلالة اصوله ومباحثه في التراث العربي
الجزء والصفحة : ص112- 118
القسم : علوم اللغة العربية / علم الدلالة / جهود القدامى في الدراسات الدلالية / جهود اخرى / جهود الشافعي /


الجهود الدلالية عند الشافعي (150 هـ 204هـ): 
من خلال كتابه "الرسالة".
يعد الإمام الشافعي أول من وضع الأبواب الأولى لعلم أصول الفقه، بحيث بيّن العام من الألفاظ والخاص، كما أشار إلى طرق تخصيص الدلالة وتعميمها باعتماد القرائن اللفظية والعقلية، وكيفية استنباط الأحكام بالاعتماد على التحليل المستند على النقل، يقول الشافعي: و"رسول الله عربي اللسان والدار، فقد يقول القول عاماً يريد به العام، وعاماً يريد به الخاص".(1)
وأقدم ما وصلنا مكتوباً في علم أصول الفقه هو كتاب "الرسالة" للشافعي يُجمع على ذلك العلماء المحدثون والأقدمون على السواء، وكان الكتاب محاولة لوضع قواعد لفهم النصوص القرآنية وتحديد الدلالة المقصودة وفق منهج أظهر مافيه هو القياس الفقهي. يقول الدكتور علي سامي النشار:"يجمع مؤرخو "علم الأصول" على أن أول محاولة لوضع مباحث الأصول كعلم نجدها عند الشافعي، وأنه لم يكن قبل هذا العهد ثمة محاولات لوضع منهج أصولي عام يحدد للفقيه الطرائق التي يجب أن يسلكها  في استنباط الأحكام" ولم ينفرد المحدثون من باحثي المسلمين أو من المستشرقين بهذا القول وحدهم. بل إن علماء المسلمين الأقدمين شاركوا فيه بحيث نرى إماماً عظيماً كابن حنبل (214 هـ ـ 285هـ)، يقول: "لم نكن نعرف العموم والخصوص حتى ورد الشافعي"، كما يقول الجويني (شارح ممتاز من شراح الرسالة): "أنه لم يسبق الشافعي أحد في تصنيف الأصول ومعرفتها"، كما يقول ابن رشد: "النظر في القياس الفقهي وأنواعه هو شيء استنبط بعد الصدر الأول(2) تلك المصطلحات التي أعطاها الشافعي أبعاده الدلالية، وأضحت معروفة الحدود في علم أصول الفقه إلى يومنا هذا، لا يمكن أن نعطيها قدرها من الإبداع العلمي، إلا إذا أخذناها في عصرنا الأول الذي ظهرت فيه، ذلك أنه ليس من اليسير أن يتوصل عالم إلى حصر أدوات علمه النظرية في بداية تشكل بنية العقل العربي، وخاصة وأن فقه القرآن وتأويل معانيه الراجحة، كانت آنذاك تعتمد على النقل والأثر لقرب عهدها بعصر الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقد طرح هذا النضج المبكر لدى الشافعي بمعرفته طرق تحديد الدلالات عدة أسئلة تحاول إيجاد التحليل الكافي لذلك النضج المعرفي المبكر، 
ص112
وتقف على أصول منهج الشافعي وروافده المعرفية، فمن المحققين من رد تلك القواعد الفقهية التي استنبطها الشافعي إلى تلك الإرهاصات الأولية التي تمظهرت في تعامل جمهور الصحابة العلماء مع المسائل المستجدة بعد وفاة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، يقول ابن خلدون:"ثم نظرنا في طرق استدلال الصحابة والسلف بالكتاب والسنة فإذا هم يقايسون الأشباه منها بالأشباه، ويناظرون الأمثال بالأمثال بإجماع منهم (…)، فإن كثيراً من الواقعات بعده ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ لم تندرج في النصوص الثابتة فقايسوه بما ثبت وألحقوها بما نص عليه، بشروط في ذلك الإلحاق، تصحح تلك المساواة بين الشبيهين أو المثلين (…) واتفق جمهور العلماء على أن هذه هي "أصول الأدلة"(3) ويكاد يجمع المؤرخون أن مناهج العلماء المسلمين مدينة بشكل بارز إلى منهج الشافعين  بل إن من تلا الشافعي  ما وسعه إلا أن يقتفي أثر منهجه ويسير على سنن القواعد الأصولية، التي أرساها والتي يكون قد أخذها، أو استوحاها ممن سبقه من العلماء الأحناف ومن جمهور الصحابة الفقهاء، يقول الدكتور سامي النشار:"… وفي الحقيقة إن تاريخ  وضع المنهج الأصولي يذهب إلى حد أبعد من عصر الشافعي بكثير، بحيث لا يجب  أن نلتمسه فقط عند العلماء الأحناف في السنوات التي تسبق عصر الشافعي، بل في عصر الصحابة أنفسهم ولدى الكثير من فقهائهم، وعن هؤلاء الفقهاء أخذت معظم القوانين التي يحتاج إليها في استفادة الأحكام"(4) ونشير في هذا المجال إلى تلك الأبحاث التي أثارها المتكلمون معتمدين على المنهج العقلاني في تحليل الأحكام وتأويل النصوص، ولاشك أن علماء الأصول بدءاً من الشافعي قد أفادوا من طرق المتكلمين في استنباط الأحكام ومقايسة الأشباه وإلحاق الأمثال ببعضها لتشكيل القانون المنطقي المطرد، وقد أخذ العلماء الأحناف بالقياس العقلي حيث كانوا يلحقون الأصول بالفروع على نقيض الشافعي الذي سوف يطلع فيما بعد بمنهج يقيم فيه الفروع على الأصول(5) ويتجاوز القياس  الحنفي إلى نظرية للمعرفة تعتمد أساساً على النصوص المنقولة وعلى علاقة الألفاظ بالمعاني  يقول فخر الدين الرازي: "كان الناس قبل الشافعي يتكلمون في مسائل أصول الفقه ويستدلون ويعترضون، ولكن ماكان لهم قانون  كلي مرجوع إليه في معرفة دلائل الشريعة، وفي كيفية معارضتها وترجيحها، فاستنبط الشافعي علم أصول الفقه ووضع للخلق قانوناً كلياً يرجع في معرفة مراتب أدلة الشرع
ص113
 إليه.(6)
بينما يذهب بعض المؤرخين إلى إلحاق فكر الشافعي  في استنباط الأحكام وتحديد القواعد الأصولية، بفكر اليونان ويسوقون لذلك عللا وأدلة ترجح ذلك، منها أن كتب اليونان في المنطق والفلسفة كانت قد نقلت إلى اللغة العربية قبل الشافعي، فضلاً على ذلك كان الإمام ـ كما يذكر هؤلاء المؤرخون ـ على معرفة باللغة اليونانية. كما ذهب  ابن القيم إلى أن الشافعي في قوله بالقياس الأصولي يشارك أرسطو  في قوله بالتمثيل ظنياً(7)، أي كلا من قياس الشافعي وتمثيل أرسطو لا يفضيان إلى اليقين. غير أن هذه العلل والأدلة وغيرها مما ذكره المتقدمون أو المتأخرون من المؤرخين لا تثبت إثباتاً قطعياً تأثر الشافعي بالمنطق الأرسطي خاصة إذا علمنا أن الشافعي في طرق الاستدلال لا يعتمد على العقل إلا لمما، بل إن اعتماده يكاد يقتصر كلياً على النقل، ومقارنة النصوص ببعضها، وإسناد بعضها ببعض في إثبات الدلالة يقول مصطفى عبد الرازق وهو يصف منهج الشافعي في كتابه "الرسالة": "الاتجاه المنطقي إلى وضع الحدود والتعاريف أولاً ثم الأخذ في التقسيم مع التمثيل والاستشهاد لكل  قسم، وقد يعرض الشافعي لسرد  التعاريف المختلفة ليقارن بينها، وينتهي به التمحيص إلى تخيير ما  يقتضيه منها ـ ومنها أسلوبه في الحوار الجدلي المشبع بصور المنطق ومعانيه، حتى لتكاد تحسبه لما فيه من دقة البحث ولطف الفهم وحسن التصرف في الاستدلال والنقض ومراعاة النظام المنطقي حواراً فلسفياً على رغم اعتماده على النقل أولاً وبالذات واتصاله بأمور شرعية خالصة".(8) وما هو ثابت لدى المحققين في حياة الشافعي العلمية، أنه كان يدعو إلى ضرورة الإلمام الشامل بفنون اللغة العربية، لأن فهم النصوص لا يتأتى بغير ذلك، فأصحاب العربية أخلق بتأويل وفهم معاني القرآن والسنة، ينقل معروف الدواليبي إشادة الشافعي  بأهل العربية فيقول: "أصحاب العربية جن الإنس  يبصرون ما لا يبصر غيرهم"(9).. ومصطلح "العربية" كان يطلق عصرئذٍ على علوم العربية كالنحو والبلاغة، ويعني  ذلك أن الشافعي كان ذا اطلاع واسع بعلم العربية، وطرق تأدية المعاني من غير لبس، وظاهر ذلك من المباحث اللسانية والدلالية التي أثارها في كتابه "الرسالة"، 
ص114
وملخصه كتاب: "أحكام القرآن"، لقد عقد الإمام الشافعي باباً عن الاختلاف بين الأحاديث في رسالته مثبتاً أن اتفاق العبارات لا يعني اتفاق المدلولات. يقول الشافعي موضحاً وكاشفاً أسرار بلاغة الحديث الشريف: "ويسن بلفظ مخرجه عام جملة بتحريم شيء أو بتحليله ويسن في غيره خلاف الجملة فيستدل على أنه لم يرد بما حرم ما أحل ولا بما أحل ما حرم"(10).. إن هذا الفهم العميق لمقاصد الكلام ينم عن امتلاك الشافعي لحس لغوي، مطّلع على سنن القول ودلالاته، ومراس طويل للفصيح من لسان العرب، بل إن رصف الألفاظ وحسن وقوعها في سياق الجملة، مما يبين عن دلالة اللفظ الذي كان مبهماً في صيغته المعجمية، وهي إشارة إلى فضل تسييق اللفظ من أجل تحديد دلالته، وهو ما نادت به النظرية السياقية (Theorie Contextuelle)  حيث استقر لدى أصحابها من علماء الدلالة، أنْ ليس للفظ من دلالة إلا دلالته السياقية، يقول الشافعي في إشارته إلى معنى اللفظ السياقي عند العرب في كلامها: "وتبتدئ الشيء من كلامها يبين أول لفظها فيه عن آخره، وتبتدئ الشيء يبين آخر لفظها منه عن أوله(11)، وتأكيداً لذلك يضع الإمام عنواناً لباب سماه:"الصنف الذي يبين سياقه معناه"(12).. ويمكن أن نلمس نظرية الشافعي المعرفية بعرض السبل التي يدرك بها الإنسان معنى السياق وقد حصرها الإمام في النصوص الدينية وفي اللغة العربية وسنن العرب في كلامها فضلاً عن الحس السليم في تمييز الخاص والعام والظاهر والخفي الدلالة ونظرية المعرفة تعني الطرق المنطقية التي توصلنا إلى إدراك ماهية الأمور المعقولة والمحسوسة وهي نظرية أسقطت من تناولها البحث في ذات الله تعالى، وفي الفضاء والقدر (الجبر والاختيار)، وفي الخلود (بعد الموت) كما قال بذلك كبار الفلاسفة(13)، ومن تمام المعرفة اللغوية التي ينص عليها الشافعي، هو العلم بمعاني اللغة واتساع لسانها، وهي الإشارة إلى وجود المجاز الذي عدّ عند أهل العربية القدامى من طرق توسيع المعنى، وكذلك ينبه الشافعي إلا أن الكلام قد يخرج عن ظاهره كما يخرج عن  عمومه  وطريق معرفة ذلك هي القرينة اللفظية، يقول موضحاً ذلك كله، ومحدداً طرق المعرفة والاستدلال: "فإنما خاطب الله بكتابه العرب بلسانها على ما تعرف من معانيها، وكان مما تعرف من معانيها اتساع لسانها، وأن فطرته أن يخاطب بالشيء منه عاماً ظاهراً يراد به العام 
ص115
الظاهر ويستغني بأول هذا منه عن آخره، وعاماً ظاهراً  يراد به العام ويدخله الخاص، فيستدل على هذا ببعض ما خوطب به فيه وعاماً ظاهراً يراد به الخاص، وظاهراً يعرف في سياقه أنه يراد  به غير ظاهرة(14)، إن هذا التعيين الدقيق لمنافذ المعرفة، وهذا التقسيم الواضح لأصناف اللفظ والدلالة، يؤكد أن الشافعي في الصدر الأول كان ذا وعي لغوي كبير بمستويات الكلام، وهو ما جعله حقيقة في طليعة العلماء الذين وضعوا منهجاً بيّنا في استنباط الأحكام، وحصر الدلالات المختلفة، بالنظر الدقيق لظاهر الخطاب اللغوي وباطنه، ثم إن المادة اللغوية التي كان الشافعي يرتكز عليها أساساً لإصدار السنن الدلالية المطردة هو نصوص القرآن الكريم وما صح من الحديث الشريف، وهذا ما يعطي لتلك الأحكام مكانتها من الدقة وصيرورتها لأن تكون شاملة لكلام العرب، وسننها في فن القول والكتابة، ويكفي أن نعرض لعناوين بعض  الأبواب التي بحثها الشافعي لنستشف عمق التقسيم لمستويات الكلام عنده، يقول:"باب بيان ما أنزل من الكتاب عاماً يراد به العام ويدخله الخصوص"،  "باب ما أنزل من الكتاب عام الظاهر وهو يجمع العام والخصوص"،"باب مانزل من الكتاب عام الظاهر يراد به كله الخاص(15)، وغيرها من الأبواب، إن أحاديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي أدنى مستوى من الفصاحة وحسن التأليف من القرآن الكريم تكتسي عند الشافعي مقاماً رفيعاً وهي أقرب إلى كلام العرب الفصحاء، مستوى من القرآن الكريم الذي يبقى من أعلى مستويات الكلام على الإطلاق. وفي ذلك مايجيز سحب تلك القوانين التي خصها الشافعي أحاديث النبي على كلام العرب. والقصد من ذلك تبيين معالم المشروع اللساني الذي يهدف اللغويون إلى وضعه في العصر الحديث، بحيث تكتسب تلك القواعد الأصولية  التي  شملت نصوص القرآن والحديث الشريف طابع الشمولية لكل أقسام الكلام في اللغة العربية، وقد ربط الشافعي تحليله لبنية الخطاب على أساس موقعه من المتلقي الذي يتخذ منه موقفاً من محموله، وذلك ظاهر في أن الخطاب يحمل تأليفاً لمدلولاته ليس غريباً عما اعتاد سماعه المتلقي الذي يقوم بعملية تفكيك لبنية الخطاب بعد حصر مدلولاته، والوقوف على مقاصد صاحب الخطاب. ويقول الشافعي مبيناً موقف المسلمين الفقهاء من الحديث النبوي الذي التبست دلالاته فلم يعرف أظاهر عام هو أم باطن خاص: "…. وهكذا غير هذا من حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  
ص116
هو على الظاهر من العام حتى تأتي الدلالة عنه كما وصفت [بطرق تحديد الدلالة لفظياً] أو بإجماع المسلمين: أنه على باطن دون ظاهر، وخاص دون عام، فيجعلونه بما جاءت عليه الدلالة ويطيعونه في الأمرين جميعاً".(16)
كما كان للشافعي رؤية دلائلية للعلامة غير اللغوية إذ في معرض تفسيره للفظ "العلامات" الوارد في القرآن الكريم. استند في تحديد مدلولها على العقل، يقول الله تعالى: "وعلامات وبالنجم هم يهتدون"(17) قال الشافعي: "فخلق الله لهم (أي للمسلمين) علامات ونصب لهم  المسجد الحرام، وأمرهم أن يتوجهوا إليه.  إنما توجههم إليه بالعلامات التي خلق لهم، والعقول التي ركبها فيهم التي استدلوا بها على معرفة العلامات(18) وأثار الشافعي مسألة الترادف في اللغة وقد أثبته في معرض بحثه عن دلالة لفظ "شطر" الوارد ذكره في قوله تعالى مخاطباً نبيه ـ عليه الصلاة والسلام  ـ: "ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام"(19)، لقد أحصى الشافعي ألفاظاً تناظر لفظ "شطر" في الدلالة منها: وجهة ـ قصد ـ تلقاء.
ثم قال: "وكلها بمعنى واحد وإن كانت بألفاظ مختلفة"(20) وقد أُدرج موضوع "الترادف" ضمن مباحث الدلالة في العصر الحديث، لكونه له ارتباط بتأدية المعنى بأشكال لغوية  مختلفة  وهي مسألة أضحت مدار جدل كبير بين علماء اللغة المحدثين أثبتها البعض وأنكرها البعض الآخر، كما ناقشها الأقدمون وانقسموا إلى قسمين: مثبت للترادف ومنكر لوجوده في اللغة، وقد ألف هؤلاء كتباً عديدة للتدليل على صحة زعمهم، نذكر من بينهم الرّماني صاحب كتاب "الألفاظ المترادفة"، وكراع النمل  صاحب كتاب "المنتخب" والفيروز آبادي الذي ألف كتاباً أسماه "الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف". أما المنكرون لوجود الترادف من الأقدمين فنذكر منهم: ابن فارس في كتابه  "الصاحبي" وأبو هلال العسكري  في كتابه "الفروق في اللغة"..
أما المحدثون فقد وسعوا من دائرة الجدل اللغوي حول مسألة الترادف، وساق كل فريق دلائل تثبت أو تنكر وجود الترادف في اللغة الإنسانية كلها، فقال المثبتون أنه لا خلاف في وجود الترادف  بأقسامه: (المتقارب دلالياً ـ شبه الترادف 
ص117
ـ الترجمة ـ التفسير)(21) وإنما الخلاف في وجود الترادف الكامل بين لفظين أو أكثر ذلك أن هذا النوع يقتضي التطابق التام بين المكونات الأساسية لجميع الألفاظ التي  تبدو مترادفة فضلاً عن التناظر التام بين سماتها الدلالية، أما المنكرون فقد استندوا على نفي الترادف، لكون الاختلاف الفونولوجي بين الألفاظ يقتضي اختلافاً في المعنى(22) ويبدو أن ما قدمه المثبتون من العلل ومن التقسيم لأصناف الترادف في اللغة، هو أرجح وأقوى مما قدمه المنكرون، وذلك هو ما مال إليه الشافعي بعد معاينته لتلك العلاقات  التي تربط الألفاظ ببعضها في القرآن الكريم، ولا يفوتنا أن نسجل كذلك إثارة الشافعي لمسألة المشترك اللفظي في لسان العرب ففي تفسيره لقوله تعالى في حق نبيه الكريم: "وأزواجه أمهاتهم"(23) حيث يقول: "مثل ما وصفت: من اتساع لسان العرب وأن الكلمة الواحدة تجمع معان مختلفة"(24) وبذلك غدا الشافعي  بما خطه من القواعد ووضعه من السنن، مصدر إلهام لجميع علماء الأصول، بحيث اتخذت "رسالته" كأساس لأي استنباط دلالي من القرآن الكريم، والحديث الشريف، وغدت أبوابها معروفة لدى علماء الدين الذين عكفوا عليها شرحاً وتمحيصاً. يقول الدكتور سامي النشار: "واستمرت رسالة الشافعي سنوات طويلة تسيطر على المناهج الأصولية في العالم الإسلامي. ولم يبدأ التحقيق والتمحيص فيها إلا بعد أكثر من قرن حين بدأ الإمام محمد بن عبد الله أبو بكر الصيرفي (320هـ ـ 932) يضع شرحه عليها. وقد حفظ لنا التاريخ أسماء تسعة(25)  من شراح الرسالة"(26)، وكما أثبت المؤرخون إفادة الشافعي  من تلك الحركة العلمية التي قام بها المتكلمون، فقد أعطى الشافعي دفعاً قوياً لعلم الكلام، وذلك أن أضحى بفضله  صنف من الأصوليين يمزجون بين طريقة المتكلمين وطريقة الفقهاء في الاستدلال آخذين بالمنهج الذي أرسى أطره الشافعي، من ذلك تجريد القواعد العامة من المسائل الفقهية، كما صنع صاحب الإحكام في أصول الأحكام. 
ص118
_____________________
( ) الرسالة ـ ص 213.
(2) فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال ـ ص 15.
(3) المقدمة ـ ص 551.
(4) منهج البحث عند مفكري الإسلام ـ ص 81.
(5) المرجع السابق ـ ص 82.
(6) مناقب الشافعي ـ ص 98-102 ـ نقله د. سامي النشار في كتابه منهج البحث عند مفكري الإسلام ـ  ص 83.
(7) مفتاح السعادة ـ ج 2 ـ ص 232.
(8) تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية ـ ص 245.
(9) المدخل وإلى علم أصول الفقه ـ ص 76.
(10) كتاب الرسالة ـ ص 214.
(1 ) المصدر السابق، ص 52.
(2 ) المصدر نفسه، ص 62.
(3 ) بحوث ومقارنات في تاريخ العلم وتاريخ الفلسفة في الإسلام، ص 107.
(4 ) كتاب "الرسالة"، ص 52.
(5 ) المصدر السابق، ص 53-56-58.
(6 ) المصدر نفسه، ص 322.
(7 ) سورة النحل، الآية 16.
(8 ) كتاب "أحكام القرآن"، ص 70.
(9 ) سورة البقرة، الآية 150.
(20) كتاب الأحكام، ص 68-69.
(21) د.أحمد مختار عمر، انظر علم الدلالة، ص 220-221-223.
(22) المرجع السابق، ص 224.
(23) سورة الأحزاب،  الآية 06.
(24) أحكام القرآن، ص 167.
(25) هؤلاء التسعة هم: الصيرفي : النيسابوري. حسان بن محمد. القفال محمد بن علي، الحافظ أبو بكر الجورفي، أبو زيد الجروي، يوسف بن عمر . جمال الدين الفهمسي أو ابن الفاكهاني وأبو قاسم عيسى بن ناجي. 
(27) منهج البحث عند مفكري الإسلام، ص 87.





هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.