المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9142 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الامام علي وولده الحسين (عليهما السلام)
30-3-2021
coda (n.) (Co)
2023-07-04
رقم قياسي النسبي Relative Index Number
10-11-2015
شروط استخدام المنهج التجريبي
10-3-2022
نوم رجلين او امرأتين
2-7-2019
معامل التوهين attenuation coefficient
4-12-2017


نهاية المعركة  
  
2987   09:08 صباحاً   التاريخ: 23-5-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص181-184.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-5-2017 3057
التاريخ: 5-11-2015 3744
التاريخ: 1-6-2017 2974
التاريخ: 11-12-2014 3900

وضعت الحرب أوزارها، وتباعد الجانبان، وقد تحمّل المسلمون من الخسائر في الارواح ثلاثة أضعاف ما تحمّله المشركون وكان عليهم أن يبادروا إلى دفن الشهداء على النحو الذي أمرهم به الدين.

ولكنهم فوجئوا بأمر فضيع، فقد اغتنمت نسوة من قريش وفي طليعتهن هند زوجة ابي سفيان فرصة انشغال المقاتلين المسلمين وارتكبن بحق الشهداء الابرار، جناية فظيعة لم يعرف لها تاريخ البشرية مثيلا، فهن لم يكتفين بالانتصار الظاهري بل عمدن إلى التمثيل بشهداء المسلمين، تمثيلا مروعا فخمشن وجوههم، وقطّعن الأنوف، وجدعن الاذان، وسملن العيون، وقطعن أصابع الأيدي والأرجل، والمذاكير، وصنعن منها القلائد والاساور، نكاية بالمسلمين، واطفاء للحقد الدفين، وبذلك الحقن بهنّ وبأوليائهنّ عارا لا ينسى.

فان جميع الامم والشعوب ـ متفقة على أن الميت الذي لا يستطيع دفاعا عن نفسه، ولا يتوقع منه ضرر يجب احترامه، ويحرم اهانته وان كان عدوا، ولكن هندا زوجة أبي سفيان ومن كان برفقتها من نساء المشركين مثّلن بأجساد القتلى شر تمثيل، وصنعن مما قطّعن منها الاساور والقلائد، وبقرت هند  بالذات صدر حمزة بطل الاسلام الفدائيّ، وأخرجت كبده، ولاكته بين أسنانها ولكنها لفظته ولم تستطع أكله.

وقد بلغ هذا العمل من القبح، والسوء أن تبرّأ منه أبو سفيان وقال : في قتلاكم مثلة لم آمر بها .

وقد عرفت هند بسبب فعلتها الشنيعة هذه بآكلة الاكباد، ودعي أبناؤها في ما بعد ببني آكلة الاكباد.

ولما أبصر رسول الله (صلى الله عليه واله) حمزة بن عبد المطلب، ببطن الوادي وقد بقر بطنه عن كبده، ومثّل به فجدع أنفه واذناه، حزن حزنا شديدا وغاضه تمثيلهم به فقال : ما وقفت موقفا قطّ أغيظ إليّ من هذا!.

ثم إنّ المؤرّخين يتفقون على أنّ المسلمين تعاهدوا في ذلك الموقف ( وربما نسب هذا إلى النبيّ نفسه ) لئن أظفرهم الله بالمشركين يوما أن يمثّلوا بهم مثلة لم يمثّلها أحد من العرب أو يمثلوا بدل الواحد ثلاثين.

ولم يمض زمان حتى نزل جبرئيل بقوله تعالى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126] ، ولقد كشف الاسلام مرة اخرى ومن خلال هذه الآية ـ التي تتضمن أصلا اسلاميا في مجال القضاء مسلما به ـ عن وجهه الانسانيّ العاطفيّ، وأظهر للجميع بأن الدين الاسلامي ليس شريعة انتقام، وثأر، فهو يعلّم أتباعه بأن لا يغفلوا في أشدّ اللحظات والحالات النفسية هياجا وغضبا عن قانون العدالة، والحق، وبهذا يكون الاسلام قد راعى مبادئ العدالة والانصاف على الدوام، وصانها من الانهيار، والسقوط.

ولقد أصرّت صفية أخت حمزة أنّ ترى جثمان أخيها، إلاّ أنّ النبيّ (صلى الله عليه واله) أمر ابنها الزبير أن يحبسها ويصرفها عن ذلك لكي لا ترى ما بأخيها فلا تحتمل الصدمة.

فقالت صفية : قد بلغني أن قد مثّل بأخي وذلك في الله، فما أرضانا بما كان من ذلك! لاحتسبنّ ولأصبرنّ إن شاء الله.

فأخبر الزبير رسول الله (صلى الله عليه واله) بمقالتها فقال (صلى الله عليه واله) : خلّ سبيلها، فأتته، فنظرت إليه فصلّت عليه، واسترجعت، واستغفرت له، ثم أمر به رسول الله (صلى الله عليه واله) فدفن.

حقا أن قوّة الإيمان أعظم القوى، فهي تحبس الانسان وتحفظه في أصعب الحالات، وتفيض على صاحبه حالة من السكينة والوقار.

ثم إن رسول الله (صلى الله عليه واله) صلى على شهداء أحد الأبرار، وأمر بدفنهم واحدا واحدا أو اثنين اثنين، وأمر بأن يدفن عمرو بن الجموح  و عبد الله بن عمرو  في قبر واحد.

قائلا : ادفنوا هذين المتحابّين في قبر واحد .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.