أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-1-2023
1239
التاريخ: 1-02-2015
3032
التاريخ: 30-01-2015
1605
التاريخ: 12-10-2014
1658
|
أمر سبحانه بإطاعة الرسول وأُولي الأمر ، وقال : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء : 59] .
تأمر الآية بإطاعة الله كما تأمر بإطاعة الرسول وأُولي الأمر لكن بتكرار الفعل ، أعني : { وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ } وما هذا إلاّ لأنّ سنخ الإطاعتين مختلف ، فإطاعته سبحانه واجبة بالذات ، وإطاعة النبي وأُولي الأمر واجبة بإيجابه سبحانه.
والمهم في الآية هو التعرُّف على المراد من أُولي الأمر ، فقد اختلف فيه المفسرون على أقوال ثلاثة :
1. الأُمراء ، 2. العلماء ، 3. صنف خاص من الأُمّة ، وهم أئمّة أهل البيت عليهم السلام.
وبما انّه سبحانه أمر بإطاعة أُولي الأمر إطاعة مطلقة ، غير مقيَّدة بما إذا لم يأمروا بالمعصية يمكن استظهار أنّ أُولي الأمر المشار إليهم في الآية والذين وجبت طاعتهم على الإطلاق ، معصومون من المعصية والزلل ، كالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى اقترنوا في لزوم الطاعة في الآية.
وبعبارة أُخرى : انّه سبحانه أوجب طاعتهم بالإطلاق ، كما أوجب طاعته ، وطاعة رسوله ، ولا يجوز أن يوجب الله طاعة أحد على الإطلاق إلاّ من ثبتت عصمته ، وعلم أنّ باطنه كظاهره ، وأمن منه الغلط والأمر بالقبيح ، وليس ذلك بحاصل في الأُمراء ، ولا العلماء سواهم ، جلّ الله عن أن يأمر بطاعة من يعصيه ، أو بالانقياد للمختلفين في القول والفعل ، لأنّه محال أن يطاع المختلفون ، كما أنّه محال أن يجتمع ما اختلفوا فيه. (1)
وقد أوضحه الرازي في تفسيره ، وذهب إلى أنّ المقصود من أُولي الأمر هم المعصومون في الأُمّة ، وإن لم يخض في التفاصيل ، ولم يستعرض مصاديقهم ، لكنّه بيّن المراد منهم بصورة واضحة ، وقال :
والدليل على ذلك انّ الله تعالى أمر بطاعة أُولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية ، ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع ، لابدّ وأن يكون معصوماً عن الخطأ ، إذ لو لم يكن معصوماً عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته ، فيكون ذلك أمراً بفعل ذلك الخطأ ، والخطأ لكونه خطأً منهي عنه ، فهذا يُفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد وانّه محال.
فثبت انّ الله تعالى أمر بطاعة أُولي الأمر على سبيل الجزم ، وثبت أنّ كلّ من أمر الله بطاعته على سبيل الجزم ، وجب أن يكون معصوماً عن الخطأ ، فثبت قطعاً أنّ أُولي الأمر المذكور في هذه الآية لابدّ وأن يكون معصوماً. (2)
وقد أوضح السيد الطباطبائي دلالة الآية على عصمة أُولي الأمر ببيان رائق وإليك نصّه ، قال : الآية تدل على افتراض طاعة أُولي الأمر هؤلاء ، ولم تقيّده بقيد ولا شرط ، وليس في الآيات القرآنية ما يقيّد الآية في مدلولها حتى يعود معنى قوله : { وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ } إلى مثل قولنا : وأطيعوا أُولي الأمر منكم فيما لم يأمروا بمعصية أو لم تعلموا بخطئهم ، فإن أمروكم بمعصية فلا طاعة عليكم ، وإن علمتم خطأهم فقوِّموهم بالردّ إلى الكتاب والسنّة وليس هذا معنى قوله : { وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ }.
مع أنّ الله سبحانه أبان ما هو أوضح من هذا القيد فيما هو دون هذه الطاعة المفترضة ، كقوله في الوالدين : {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} [العنكبوت : 8] فما باله لم يُظهر شيئاً من هذه القيود في آية تشتمل على أُس أساس الدين ، وإليها تنتهي عامة اعراق السعادة الإنسانية.
على أنّ الآية جمع فيها بين الرسول وأُولي الأمر ، وذكر لهما معاً طاعة واحدة ، فقال : { وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ } ، ولا يجوز على الرسول أن يأمر بمعصية أو يغلط في حكم ، فلو جاز شيء من ذلك على أُولي الأمر ، لم يسع إلاّ أن يذكر القيد الوارد عليهم فلا مناص من أخذ الآية مطلقة من غير أن تقيّد ، ولازمه اعتبار العصمة في جانب أُولي الأمر ، كما اعتبر في جانب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من غير فرق. (3)
وبذلك تبيَّن أنّ تفسير أُولي الأمر بالخلفاء الراشدين أو أُمراء السرايا أو العلماء أمر غير صحيح ، لأنّ الآية دلَّت على عصمتهم ولا عصمة لهؤلاء ، فلابدّ في التعرُّف عليهم من الرجوع إلى السنَّة التي ذكرت سماتهم ولا سيما حديث الثقلين حيث قورنت فيه العترة بالكتاب ، فإذا كان الكتاب مصوناً من الخطأ ، فالعترة مثله أخذاً بالمقارنة.
ونظيره حديث السفينة : « مَثَل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ». (4)
إلى غير ذلك من الأحاديث التي تنصُّ على عصمة العترة الطاهرة ، فإذاً هذه الأحاديث تشكّل قرينة منفصلة على أنّ المراد من أُولي الأمر هم العترة أحد الثقلين.
بل يمكن كشف الحقيقة من خلال الإمعان في آية التطهير ، وقد عرفت دلالتها على عصمة أهل البيت الذين عيَّنهم الرسول بطرق مختلفة.
وعلى ضوء ذلك فآية التطهير ، وحديث الثقلين ، وحديث السفينة إلى غيرها من الأحاديث الواردة في فضائل العترة الطاهرة كلّها تدل على عصمتهم.
هذا من جانب ومن جانب آخر دلَّت آية الإطاعة على عصمة أُولي الأمر ، فبضم القرائن الآنفة الذكر إلى هذه الآية يتضح المراد من أُولي الأمر الذين أمر الله سبحانه بطاعتهم وقرن طاعتهم بطاعة الرسول.
وأمّا الرواية عن النبيّ : فقد روى ابن شهر اشوب عن تفسير مجاهد انّ هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام حين خلّفه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة ، فقال : « يا رسول الله ، أتخلّفني بين النساء والصبيان ؟ » فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : « يا علي ، أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ، حين قال له : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ ) ، فقال : أبلىٰ والله ؛ ( وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) قال : علي بن أبي طالب ولاّه الله أمر الأُمَّة بعد محمّد حين خلّفه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمدينة فأمر الله العباد بطاعته وترك خلافه ». (5)
وأمّا ما رُوي عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام حول الآية فحدث عنها ولا حرج ، فلنقتصر في المقام على رواية واحدة نقلها الصدوق بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال :
لمّا أنزل الله عزّ وجلّ على نبيّه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) قلت : يا رسول الله ، عرفنا الله ورسوله ، فمن أولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك ؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : « هم خلفائي يا جابر وأئمة المسلمين من بعدي ، أوّلهم علي بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ علي بن الحسين ، ثمّ محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر ستدركه يا جابر ، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام ، ثمّ الصادق جعفر بن محمد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ علي بن موسى ، ثمّ محمّد بن علي ، ثمّ علي بن محمّد ، ثمّ الحسن بن علي ، ثمّ سَمِيِّ محمّد وكنيتي ، حجة الله في أرضه وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي ، ذاك الذي يفتح الله تعالى على يديه مشارق الأرض ومغاربها ، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيه على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان ».
يا جابر هذا من مكنون سر الله ومخزون علم الله ، فاكتمه إلاّ عن أهله ». (6)
__________________
1. مجمع البيان : 3 / 100.
2. التفسير الكبير : 10 / 144.
3. الميزان : 4 / 391.
4. الحاكم : المستدرك : 3 / 151 أخرجه مسنداً إلى أبي ذر.
5. المناقب لابن شهر اشوب : 3 / 15 ، ط المطبعة العلميّة.
6. البرهان في تفسير القرآن : 1 / 381 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
جمعية العميد تدعو الجامعات العراقية لحضور مؤتمرها العلمي السابع
|
|
|