أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-26
943
التاريخ: 2023-07-20
1087
التاريخ: 17-10-2014
2187
التاريخ: 17-10-2014
2183
|
المجمل في اللغة : ما يتناول الجملة، وقيل المجمل ما يتناول جملة الأشياء او ينبئ عن الشيء على وجه الجملة من دون البيان والتفصيل، فهو ما لا يفهم المراد به الا بغيره(1)، فو اسم لما يكون معناه مشتبها وغير ظاهر فيه، والمبين اسم لما يكون معناه واضحا وغير مشتبه، فالمجمل: ما لم تتضح دلالته وهو ما جهل فيه مراد المتكلم ومقصوده اذا كان لفظا وما جهل فيه مراد المخاطب ومقصوده، ومرجع ذلك الى ان المجمل هو اللفظ الذي لا ظاهر له، ويقابله المبين وهو ما كان له ظاهر يدل على مقصود قائله على وجه الظن الراجح او اليقين(2).
وبعبارة أخرى: ان المجمل ذلك التعبير الذي يترك على عواهنه من دون إيضاح، فاذا وضح ويبين واتبع بما يرفع ابهامه سمي المبين، فالمجمل هو التعبير الذي يحتاج الى إيضاح وبيان لرفع الابهام، فقوله تعالى:
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185].
يتحدث عن نزول القرآن في شهر رمضان، على الاجمال.
وجاء قوله تعالى : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان: 3].
فبينت ان انزال القرآن في شهر رمضان، كان في ليلة مباركة من ذلك الشهر العظيم، وسكتت الآية هنا عن تعيين تلك الليلة، وجاء قوله تعالى:
{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } [القدر: 1].
فبينت تلك الليلة، فالقرآن انزل في شهر رمضان على الاجمال، وفي ليلة مباركة، على اجمال أوضح، وفي ليلة القدر التي يبين ان فيها نزل القرآن العظيم(3).
والمجمل منه ما جاء بيانه في السورة نفسها، ومنه من ابتعد عنه بيانه في سورة أخرى، ومنه ما جاء بيانه من السنة الشريفة، لما تقتضيه المصلحة الراجحة والحكمة البالغة ولم يذكر ذلك على وجه التفصيل ومن تلك المصالح افادة الاعمام، ليذهب السامع عند ذلك كل مذهب ويتعرف بالعجز ويقر بالقصور، ليكون بيانه موكولا الى النبي (صلى الله عليه واله)، وذلك مصداق لقول الحق سبحانه:
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].
فأمرهم مثلا بالصلاة والزكاة على طريق الاجمال وليكون بيانه بعد التشوق والتشوف اليه لأنه يكون الذ للنفس واشرف عندها واقوى لحفظها وذكرها وارعى لمقام الولاية للنبي (صلى الله عليه واله). ومن ذلك قوله جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238].
وقد شغلت مسالة تعيين الصلاة الوسطى حيزا من جهد المفسرين وكتبهم، حتى امتلات بتنوع الاقوال ومستنداتها، وهذا أيضا من المصالح التي ترتبت على هذا الاجمال، لما فيه من الدواعي للتأمل في مدى الاهتمام بأمر الصلاة من المولى سبحانه، ومن العبد تبعا لذلك، وهكذا فتعرضوا لتقصي بيان اجمال الآية من ناحية ان لفظ الوسطى يحتمل ان يكون بمعنى الفضلى او بين صلاتين او غيره، فهل هي الظهر او العصر او المغرب او غير ذلك مما ذكروه(4)، فمن ذلك، قولهم انها:
1- صلاة الجماعة(5).
2- صلاة الصبح(6)).
3- صلاة الظهر(7).
4- صلاة العصر(8).
5- صلاة المغرب(9).
6- صلاة العشاء الآخرة(10).
7- صلاة الجمعة(11).
8- صلاة الصبح والعصر معا(12).
9- صلاة العتمة والصبح(13).
10- الصلوات الخمس بجملتها(14).
11- صلاة الضحى وهي التي (حثهم في كتابه وعلى لسان رسوله في ذلك الوقت على صلاة ووعدهم عليها الجزيل من ثوابه، من غير ان يفرضها عليهم)(15).
12- انها مخفية بين الصلوات وغير معينة، ليجتهد الناس في المحافظة على جميع الصلوات، وذلك كاخفاء اسمه تعالى الأعظم، وليلة القدر بين عدة ليال، وساعة الاستجابة بين ساعات الجمعة(16).
وهذا التنوع في التفسير مما اسهم فيه الاجمال بنحو كبير، يراه المتتبع لكتب التفاسير مترافقا مع اختلاف المدارك التفسيرية عقلية ونقلية والتي عول عليها المفسرون في فهم النص، فكانت اختلافات النقول عن الصحابة من احاديث شريفة في مقام بيان اجمال الآية، ومن تفسيرات الصحابة انفسهم لها اثر كبير في اختلاف الفهوم لدى من تبعهم من المفسرين، حتى نقل عن سعيد بن المسيب قوله: (كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله) فيها هكذا في الاختلاف، وشبك من أصابعه)(17).
وهذا الاختلاف فسح مجالا لذهنية المفسر في النظر الى لحاظات التوسط بين الصلوات من حيث الليل او النهار او من حيث التقدم في تشريع الظهر أولا او النظر الى ما يترتب على الاخفاء من المصلحة او الإفادة من احاديث متفرقة ومعالجتها لما ينفع في مقام البيان لهذا الاجمال، الى غير ذلك من التأملات والحراك الفكري.
بيد ان هذا الاجمال نوع من بين أنواع عديدة منه، فمنها ما كان مبينه في القرآن الكريم مع اختلافه في البعد والقرب، ومنها ما كان بيانه من السنة الشريفة، ومنها ما يرجع في بيانه الى اللغة، ومنها ما يفهم من سياق المجمل او مبينه، ومنها ما يتعدد بيانه، الى غير ذلك مما يفسح المجال امام الفكر للتنقيب عن معان ودلالات يحتملها النص.
وبعد هذه الجولة في اثر المباحث القرآنية في تنوع الفهم التفسيري لدى علماء التفسير، يود البحث ان يشير مرة أخرى الى حسن هذا التنوع ما دام ملتزما بالضوابط والاسس التفسيرية للنص القرآني والتي سيعرض البحث أهمها في الفصول اللاحقة.
فالقرآن كنز لا تنفد حزائنه ولا تنقضي عجائبه فهو كلام الله تعالى انزله ليبقى منارا للإنسانية ما شاء تعالى ان تبقى، فحمل من العلوم التي لا غنى للإنسان عنها على هذا المدى، وما التفسير الا باب بل نافذة بل كوة يطلع منها على يسير مما احتمل هذا القرآن بحسب قابلية عين ذلك المطلع، فعن امير المؤمنين واعلم الناس بعد الرسول (صلى الله عليه واله) بالقرآن الكريم، قوله: (لو شئت اوقر سبعين بعيرا من تفسير ام القرآن لفعلت)(18)، لذا كل ما كان الانسان اقرب للكمال، كان اعرف في معاني هذا المقال فانه من الله عز وجل.
فالإنسان ما يزال على مدى الازمان يكتشف المزيد في باب التفسير، مما يدلل على ان هذا القرآن لم يزل حيا على مر العصور، فان اغواره ما تزال تحتضن المزيد من المعاني والاسرار، التي يرى هذا الانسان انه عاجز عن الوصول الى غاية مداها. بل بات جليا ان الانسان كلما ثور القرآن، فانه يجده جديدا عليه في معانيه ومراميه، فكيف بالمفسرين؟ الذين ما زالوا كلما اجتهدوا في استجلاء مرامي ذلك النص، فيطلعون على معنى جديد للآيات القرآنية فكلما ترقت البشرية في مداركها ومعارفها، كلما كانت اقدر على اكتشاف معاني القرآن، واستشراف مراد خطاب الباري جل وعلا فيه، فعن علي امير المؤمنين (عليه السلام)، انه قال في بيان جملة مما حمل القرآن الكريم بان (فيه علم ما مضى، وعلم ما يأتي الى يوم القيامة، وحكم ما بينكم، وبيان ما اصبحتم فيه تختلفون)(19).
وهذه السعة في ما اشتمل القرآن الكريم من المعاني فتحت باب التنوع التفسيري بحسب القابليات والفهوم، وما اتى به البحث من الشواهد ما هو الا إشارة الى ذلك التنوع غير المتنافي.
ـــــــــــــــــــــ
1) ينظر: الجوهر – الصحاح: 5/ 1790 – 1791 وأبو هلال العسكري – الفروق اللغوية/ 129 – 130.
2) ينظر: الطوسي – التبيان: 8/ 249 والراوندي – فقه القرآن: 1/ 7 و320 وج2/ 82 والزركشي – البرهان: 2/ 183 والسيوطي – الاتقان: 2/ 10 و 49 – 54 والآلوسي – تفسير الآلوسي: 1/ 247 وج2/ 127 وج4/ 190 – 193 وعبد الرحمن السعدي – تيسير الكريم الرحمن: 34 والشنقيطي – أضواء البيان: 5/ 184.
3) ينظر: محمد حسين علي الصغير – محاضرات علوم القرآن على طلبة الدراسات العليا – 2006م.
4) الطبري: جامع البيان: 2/ 750 والنحاس: معاني القرآن 1/ 239 والشريف المرتضى: رسائل المرتضى 1/ 275 والشيخ الطوسي: التبيان 2/ 276 والقطب الراوندي: فقه القرآن 1/ 113 – 140 والقرطبي: تفسير القرطبي 3/ 209.
5) ينظر: الطوسي – التبيان: 2/ 276.
6) ينظر: الشافعي – احكام القرآن: 1/ 59.
7) ينظر: العياشي – تفسير العياشي: 1/ 127.
8) ينظر: القمي – تفسير القمي: 1/ 79.
9) ينظر: ابن ابي حاتم الرازي – تفسير ابن ابي حاتم: 2/ 448.
10) ينظر: ابن عطية الاندلسي – المحرر الوجيز: 1/ 323.
11) ينظر: الطبرسي – مجمع البيان: 2/ 127.
12) ينظر: الرازي – تفسير الرازي: 6/ 161.
13) ينظر: أبو حيان الاندلسي – تفسير ابي حيان: 2/ 250.
14) ينظر: ابن عطية الاندلسي- المحرر الوجيز: 1/ 323.
15) الطبري: جامع البيان 2/ 769.
16) ينظر: ابن عربي – احكام القرآن: 1/ 299.
17) الثعلبي – تفسير الثعلبي: 2/ 195.
18) السيوطي – الاتقان: 2/ 490.
19) الكليني – الكافي: 1/ 61.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|