المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



تحججاتُ قريش العجيبة  
  
3587   03:34 مساءً   التاريخ: 28-4-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص432-438.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد البعثة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-12-2014 4015
التاريخ: 22-4-2017 3175
التاريخ: 4-5-2017 3537
التاريخ: 4-5-2017 3359

اجتمع عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و أبو سفيان بن حرب و النضر بن الحارث و أبو البختري و الوليد بن المغيرة و ابو جهل و العاص بن وائل وغيرهم بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة ثم قال بعضهم لبعض : إبعثوا إلى محمَّد فكّلِمُوه وخاصموه حتّى تعذروا فيه فبعثوا إليه ؛ فجاءهم رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) سريعاً وهو يظن أن قد بدا لهم فيما كلَّمهم فيه بداء وانهم قد غَيَّروا مواقفهم وكان يحبّ رشدهم وهدايتهم حتّى جلس إليهم.

فقالوا له : يا محمَّد إنّا قد بعثنا إليك لنكلّمكَ وانّا واللّه ما نعلم رجلا من العرب أدخلَ على قومه مثلَ ما أدخلتَ على قومك لقد شتمتَ الآباء وعبتَ الدّين وشتمت الآلهة ... ومضوا يعددون أُموراً من هذا القبيل ثم اقترحوا عليه اُموراً ذكرها اللّه تعالى بتمامها في الآية 90 إلى 93 من سورة الإسراء حيث يقول حاكياً عن لسانهم :

 وَقالُوا لن نُؤمن لَك حَتى

1 ـ {تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} [الإسراء: 90] .

2 ـ {أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا} [الإسراء: 91].

3 ـ {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} [الإسراء: 92] .

4 ـ {أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا} [الإسراء: 92].

5 ـ {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ} [الإسراء: 93].

6 ـ {أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ} [الإسراء: 93]!!

* * *

وحيث أنَّ مضمون هذه الآيات هو عدم تلبية النبيّ لِمطالبِ قُريش حيث قال : {سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: 93] قد تذرع به المستشرقون للايقاع بالرسالة المحمَّدية لذلك نعمد هنا إلى توضيح مفاد هذه الآيات والعلل المنطقيّة لعدم تلبية النبيّ مطالب قريش ومقترحاتهم.

الجواب : إنَّ الأنبياء لا يأتون بالمعاجز في كل ظرف وزمان فإن للإعجاز شروطاً خاصة لم تتوفر في هذه الاقتراحات وهذه الشروط هي :

أولاً : أن لا تكون المعجزة من الاُمور المستحيلة الّتي لا يمكن تحقّقها فإنّ مثلَ هذه الاُمور خارجة عن إطار القدرة ولا تتعلق بها مشيئة اللّه تعالى ولا مشيئة أيّ صاحب إرادة مطلقاً.

وعلى هذا الأساس إذا طلب الناسُ من النبيّ أمراً محالا فقوبل طلبهم بعدم الاهتمام من قبل النبيّ لم يكن ذلك دليلا على إنكار صدور المعجزة على أيدي الأنبياء قط.

وهذا الشرط لم يكن متوفراً في بعض مقترحات المشركين المذكورة ( المقترح الرابع ) فانهم طَلبوا من النبي (صـلى الله علـيه وآله) ان يأتي لهم باللّه سبحانه وتعالى ليقابِلوه وجهاً لوجه ويروه جهرة ومن قريب ورؤية اللّه تعالى امر محال لأن رؤيته تستلزم أن يكون سبحانه محدوداً بالزمان والمكان وأن يكون جسماً وذا لون وصورة وهو تعالى منزهٌ عن المادّة ولوازم المادية.

بل حتّى مقترحُهم الثالث لو كان المقصود منه أن تسقط السماء عليهم ( لا أن تسقط قطعة من الصخر على رؤوسهم وتقتلهم ) فان ذلك هو أيضاً من المحالات إذ أن المشيئة الالهية تعلّقت بان يفعل اللّه هذا في نهاية العالم والنبي (صـلى الله علـيه وآله) كان قد أخبر المشركين بهذا الأمر أيضاً كما يدل عليه قولُهم : كما زعمتَ .

إنَّ إنهدامَ المنظومة الشمسيّة وتبعثرَ النجوم وتساقطها وإن لم يكن في حد ذاته بالأمر المحال ولكنّه ـ حسب المشيئة الإلهية الحكيمة وإرادته النافذة القاضية بأن يستمر النوع البشري ويصل إلى مرحلة الكمال ـ يعدّ محالا ولا يمكن أن يفعل حكيمٌ خلاف ما يقتضيه هدفه وغايته.

ثانياً : حيث أنّ الغاية المنشودة من اقتراح وطلب الإعجاز هو أن يستدِلّ به على صدق دعوى النبيّ وصحة انتسابه إلى اللّه وبالتالي يكون بدافع تحصيل سند على ارتباطه بعالم ما فوق الطبيعة لذلك فان أيّ اقتراح ومطالبة بالمعجزة لا تتوفر فيها هذه الصفة يعني على فرض أن يلبيّ النبيُ طلبَهم ويأتي لهم بالمعجزة لا يكون ذلك دليلا على ارتباطه بعالم الغيب فحينئذ لا معنى ولا موجب لأن يقوم النبيُّ بما لا يرتبط بشؤونه ولا يخدم هدفه.

وقد كانت بعض مقترحات المشركين المذكورة من هذا النوع وذلك مثل تفجير ينبوع من الأرض أو أن تكون له جَنّة من نخيل وعنب أو أن يكون له بيتٌ من زخرف وذهب فإنّ مثل هذه الاُمور لا تدل على نبوّة من يمتلكها إذ ما اكثر الذين يمتكلون واحدة من هذه الأشياء وليسوا مع ذلك بأنبياء بل ربما يملكون اكثر من ذلك ومع ذلك لا يشم فيهم رائحة الايمان فضلاً عن النبوة. 

فاذا لم ترتبط هذه الأشياء بمقام النبوّة ولا تكون دليلا على صدق من يدّعيها كان الإتيان بها أمراً لغواً وعبثاً تعالى عنه مقام النبوّة وجلّت عنه منزلة الأنبياء.

وقد يقال : إنّ هذه الاشياء لا تدل على صدق دعوى النبي إذا حصلت عن طريق الأسباب العادية ولكنّها لو حصلت بصورة غير عاديّة ولا متعارفة كانت ولا شك من المعاجز الالهية ودلت على صدق النبي وصحة دعواه.

ولكنّ الظاهر أن هذه فكرةٌ باطلة لان المشركين كانوا يهدفون من اقتراحاتهم هذه أن يكون النبيُّ صاحب مال وثروة فقد كانوا يستبعدون أن يكون نبيُّ اللّه ورسولُه فقيراً لا يملك شيئاً من الثروة والمال وكانوا يعتقدون أنّ الوحي الالهي يجب أن ينزل على رجل غنيّ ذي طول وحول ولذلك قالوا مستغربين ومستنكرين : {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: 31] ؟!!

أي لماذا لم ينزل هذا القرآن على رَجُل ثَريّ من مكة أو الطائف.

وممّا يدلّ على أن الهدف كان هو أن يملك النبيُ مثل هذه الاُمور بأي طريق كان ولو بالطريق العاديّ أنهم كانوا يريدون هذه الاشياء للنبيّ نفسه إذ قالوا : {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ} [الإسراء: 93] .

وبعبارة اُخرى : كانوا يقولون إذا أنت لا تمتلك بستاناً أو بيتاً من ذهب فأننا لن نؤمن لك!!

ولو كان الهدف هو أن يحصل هذان الأمران بواسطة القدرة الغيبية لم يكن وجه حينئذ لقولهم : ما لم يكن لَكَ بيتٌ من زخرف فأننا نؤمن بك بل كان يكفي أن يقولوا : إذا لم تحدِث وتوجد بيتاً وجنّة فأننا لن نؤمن لك.

أمّا قولهم في مطلع اقتراحاتهم : تُفجّرَ لَنا منَ الأَرض يُنبوُعاً فان مقصودَهم لم يكن هو أن يستخرج لهم بالإعجاز ينبوعاً لينتفعوا به بل يفعل ذلك لكي يؤمنوا به.

ثالثاً : انَ المقصود من المعجزة هو الاهتداء في ضوئها إلى صحّة دعوى النبيّ وصدق مقاله والإيمان بمنصبه والإعتقاد بمقامه وعلى هذا إذا كان بين المقترحين للمعجزة من يكونُ الاتيان له بالإعجاز سبباً لإيمانه بالنبيّ فحينئذ كان الاتيان بالمعجزة وتلبية اقتراحه أمراً مستحسناً وغير مقبوح عقلا.

أما إذا كان المقترحون يقترحون عناداً ولجاجاً أو يطلبون ما يطلبونه لهواً وتسليةً كما يفعل الناس مع السحرة والمرتاضين فانَ منزلة الأنبياء أجلّ ـ حينئذ ـ من أن يلبيَّ مثلَ هذه المقترحات ويستجيب لمثل هذه المطالب وقد كانت بعض إقتراحات المشركين من هذا النمط.

فان مطالبتهم بأن يصعَدَ النبيُّ إلى السماء أو أن يُنزل من السماء كتاباً يقرأونه لم يكن بهدف إكتشاف الحقيقة لأنهم لو كانوا ممن يهدف الوصول إلى الحقيقة فلماذا لم يكتفوا بمجرّد صعوده إلى السماء بل كانوا يصرّون على أن يضمَّ أمراً آخر إلى عروجه وصعوده ( وهو أن ينزّل معه كتاباً )!!

ثم أنه يُستفاد من آيات اُخرى غير هاتين الآيتين ايضاً أنهم كانوا سيعاندون ويصرون على كفرهم حتّى بعد نزول الكتاب عليهم من السماء كما يصرح بذلك قوله تعالى : {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الأنعام: 7].

فمن غير المستبعد أن يكون الكتابُ المنزّلُ في قرطاس إشارة إلى إقتراح المشركين الّذي جاء ضمن آيات سورة الاسراء أي قولهم : {أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ} [الإسراء: 93] فقال اللّه سبحانه : حَتّى لَو فعلنا لهم ذلك لكفروا واحجموا عن الإيمان.

رابعاً : إنَّ طلبَ المعجزة إنّما هو لأجل أن يستتبع الاتيانُ بها الإيمانَ بالرسالة والانضمام إلى صفوف المؤمنين فاذا كانت نتيجةُ المعجزة هي إباء المقترحين استلزم ذلك نقض الغرض المنشود من المعجزة وانتفاء فائدتها.

فاذا كان المقصود من سقوط السماء عليهم هو نزول الصخور السماوية لابادتهم فان هذا الطلب لا يتفق أبداً مع هدف الإعجاز وهو من أوضح مصاديق نقض الغرض.

وبالتالي ينبغي أن نذكّر بنقطة وهي : أنّ النبي (صـلى الله علـيه وآله) على خلاف ما تصوّر المستدلّون بهذه الآية على نفي أية معجزة لرسول الإسلام ـ لم يصف نفسه بالعجز وعدم القدرة على الاتيان بالمعجزة بل أفاد بقوله : {سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: 93] أمرين :

1 ـ تنزيه اللّه فهو بقوله : سبحانَ ربّي نزّه اللّه تعالى عن كل عجز ونقص كما نزّهه عن الرؤية ووصفه بالقدرة على كل شيء ممكن.

2 ـ محدوديّة قدرة النبيّ إذ بقوله (صـلى الله علـيه وآله) : {هَلْ كُنْتُ إلا بَشراً رَسُولا} أفاد بأنه امرئ مأمور لا أكثر وأنه مطيعٌ لأمر اللّه وإرادته فهو يأتي بما يريد ربُّه والأمرُ إلى اللّه كله وليس للنبيّ أن يُلبّي أيَ طلب واقتراح بارادته.

وبعبارة اُخرى : ان الآية ركّزت في مقام الجواب على طلبهم بعد تنزيه اللّه عن العجز والرؤية على كلمتي : البشر والرسول والهدف هو انه : إذا أنتم قد طلبتم هذه الاُمور منّي من جهة إنني بشر كان طلبكم هذا طلباً غير صحيح لأن هذه الاُمور تحتاج إلى قدرة الهية.

وإن طلبتموها منّي من جهة اني نبيُّ رسولٌ فان النبي والرسولَ ما هو إلاّ إمرئ مأمورٌ يفعلُ ما يأذن به اللّه وليس له ان يفعل ما يشاء هو دون إرادة اللّه تعالى.

وبهذا اتضح أن هذه الآيات لا تدلُّ على ما استدل به النافون لمعاجز النبي الاكرم (صـلى الله علـيه وآله).

وكان ممّا تَحججت به قريش على رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) انّهم قالوا :

لَوْ كانَ مُحمَّداً نبيّاً لشغَلته النبوةُ عن النساء ولأمكنه جمع الآيات ( اي لأتته الآيات دفعة واحدة ) ولأمكنه منعُ الموت عن اقاربه ولما مات أبو طالب وخديجة فنزل قولُه تعالى : {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ * يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ * وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [الرعد: 38 - 40] ، وبذلك ردّ عليهم .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.