أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-15
320
التاريخ: 28-4-2017
3335
التاريخ: 22-4-2017
3118
التاريخ: 4-5-2017
3183
|
يمكن التعرف على شخصية أي واحد وتقييمها من خلال ما يرميه به اعداؤه من شتائم وسباب وما يكيلون له من اتهامات ونسب فَإن العدو يسعى دائماً إلى أن يتهم خصمَه بنوع من أنواع التهم ليُضِلَّ الناس ويصرفهم عنه وليتمكن بما يحوكُه حوله من أراجيف وأباطيل الحط من شأنه في المجتمع واسقاطه من الانظار والأعين.
ان العدوّ الذكيّ يسعى دائماً إلى أن ينسب إلى منافسه ما يُصدِّقه ولو فئة خاصة من الناس على الاقل ويوجبُ شكَّهم في صدقه ويتجنب تلك النِسَب التي لا تصدَّق في شأنه ولا تناسبُ اخلاقه وافعاله المعروفة عنه ولا تمسه بشكل من الأشكال لأنه سوف لا يَجني في هذه الحالة إلا عكسَ ما يقصد وخلاف ما يريد.
ومن هنا يستطيع المؤرخُ المحققُ أن يتعرف على الشخصية الواقعية لمن يدرسه وعلى مكانته الإجتماعية وأخلاقه وسجاياه ولو من خلال ما ينسبُه الأعداء إليه وما يكيلون له من أكاذيب وإفتراءات ونسب باطلة واتهامات لأنّ العدوّ الّذي لا يخاف أحداً لا يقصّرُ في كيل كلِّ تهمة تنفعُهُ وتخدمُ غرضَه إلى الطرف الآخر ويستخدم هذا السلاح ( أي سلاح الدعاية ) ما استطاع وما ساعدته معرفُته بالظروف ودرايته بالفَرص.
فاذا لم ينسَب إليه أيُّ شيء من تلك النسب الباطلة فان ذلك إنما هو لأجل طهارة جيبه ونقاء صفحته وتنزُّه شخصيته عن تلك النسب ولأنّ المجتمع لم يكن ليعبأ بها ولم يصدّقها في شأنه.
ولو أننا تصفّحنا اوراق التاريخ الإسلامي لرأينا أن قريشاً مع ما كانت تكنُّ من عداء وتحِملُ من حِقد على رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) وكانت تسعى بكل جهدها أن تهدم صرح الإسلام الجديد الظهور وأن تحطّ من شأن مؤسسه وبانيه لم تستطع مع ذلك أن تستفيد من هذا السلاح وتستخدمه كاملا.
فقد كانت تفكّر في نفسها : ماذا تقول في حق رسول اللّه؟ وماذا ترى تنسب إليه؟؟
هل تتهمه بالخيانة المالية وها هم جماعة منهم قد ائتمنوه على أموالهم؟! كما أن حياته الشريفة طوال الاربعين سنة الماضية جسدت امانته امام الجميع فهو الامين بلا منازع؟
هل تتهمه بالجري والانسياق وراء الشهوة واللّذة؟ وكيف تقول في حقه مثل هذا الكلام مع أنه بدأ حياته الشبابية بالتزويج بزوجة كبيرة السنّ إلى درجة مّا وبقي معها حتّى لحظة انعقاد هذه الشورى في دار الندوة بهدف الدعاية ضدَه ولم يُعهَد منه زلّة قدم في هذا السبيل قط؟!
وبالتالي بماذا تتهم محمَّداً الصادق الأمين الطاهر العفيف وأية تهمة ترى يمكن أن تُصدَّق في حقه أو يحتمل الناس صدقها في شأنه ولو بنسبة واحد في المائة؟
لقد تحيَّر سادة دار الندوة وأقطابها في كيفية استخدام هذا السلاح سلاح الدعاية ضدّ رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) فقرَّروا في نهاية الأمر أن يطرحوا هذا الأمر على صنديد من صناديد قريش ويطلبوا رأيه فيه وهو الوليد بن المُغيرة وكان ذا سنّ فيهم ومكانة فقال لهم :
يا معشر قريش إنه قد حضر هذا الموسم وان وفود العرب ستقدَم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا فاجمعوا فيه رأياً واحداً ولا تختلفوا فيكذّبُ بعضكم بعضاً ويردُ قولُكم بعضُه بعضاً.
قالوا : فأنت يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأياً نقول به.
قال : بل أنتم قولوا أسمَع.
قالوا : نقول كاهن.
قال : لا واللّه ما هو بكاهن لقد رأينا الكُهّانَ فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه.
قالوا : فنقول : مجنون.
قال : ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته.
قالوا : فنقول : ساحر.
فقال : ما هو بساحر لقد رأينا السحّار وسحرهم فما هو بنفثهم ولا عقدهم.
وهكذا تحيَّروا في ما ينسبون إلى رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله).
وأخيراً اتفقوا على أن يقولوا : أنه ساحر جاء بقول هو سِحرٌ يفرق به بين المرء وابيه وبين المرء وأخيه وبين المرء وزوجته وبين المرء وعشيرته.
ويدلُّ عليه ما أوجده من الخلاف والإنشقاق والتفرُّق بين أهل مكة الَّذين كان يضرب بهم المثل في الوحدة والاتفاق .
وقد ذكر المفسِّرون في تفسير سورة المدثر هذه القصة بنحو آخر فقالوا : لمّا اُنزل على رسول اللّه {حم * تنزيلُ الْكِتاب ...} قام إلى المسجد و الوليد بن المغيرة قريب منه يسمع قراءته فلما فطن النبيُ (صـلى الله علـيه وآله) لاستماعه لقراءته أعاد قراءة الآية فتركت الآية في نفس الوليد تأثيراً شديداً فانطلق إلى منزله ولم يخرج منه أيّاماً فسخرت منه قريشٌ وقالت : صبأ ـ واللّه ـ الوليدُ ثم مشى رجال من قريش إليه وسألوه رأيه في قرآن محمَّد واقترح كل واحد منهم أمراً ولكنه رد عليها بالنفي جميعاً فقالت قريش إذن ما هو؟ فتفكر الوليد في نفسه ثم قال : ما هو إلاّ ساحرٌ أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله ووُلده ومواليه فهو ساحر وما يقوله سحر يؤثر .
ويرى المفسرون أن الآيات التالية في شأنه إذ يقول اللّه تعالى : {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ} [المدثر: 11 - 24]... ( إلى قوله : ) {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ} [المدثر: 49، 50].
* * *
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|