المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

دور القاضي الإداري في إثبات الدعوى الإدارية
1-2-2023
تطبيقات التحويل المباشر للطاقة
24-6-2021
أنواع النجاسات
17-10-2018
التنظيم الرسمي وغير الرسمي
4-5-2016
تحضير بولي (N – معوض سلفون اميدو ماليئمايد)
2024-04-23
أبو عبد الرحمن محمد بن فضيل بن غزوان
5-2-2018


عمل النبي في رعي الغنم  
  
7304   11:28 صباحاً   التاريخ: 18-4-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص252-255.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله قبل البعثة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-11-2015 3470
التاريخ: 22-11-2015 5427
التاريخ: 10-12-2014 4672
التاريخ: 25-3-2022 2229

يحمل القادة الالهيون العظماء وأصحاب الرسالات السماوية على كواهلهم مسؤوليات كبرى ومهام عظمى تلازم ـ في الأغلب ـ التعرض للمتاعب والمصاعب والعذاب وتحمل الأذى بل وربما التعرض للقتل والاغتيال وكلما كبرت الاهداف عظمت المشاكل والمتاعب.

وعلى هذا الاساس فان نجاح القادة الرساليّين يتوقف على مدى صبرهم واستقامتهم في وجه الاتهامات والمضايقات وفي وجه الأذى والعذاب؛ لأن الصبر والتحمل في جميع مراحل الجهاد والعمل هو الشرط الاساسيّ للوصول إلى المقصود وإلى تحقيق الهدف المنشود والغاية المطلوبة.

من هنا ليس لقائد حقيقي أن يخشى كثرة العدو وليس له ان ينسحب أو يضعف لقلّة الاتباع والمؤيدين وبالتالي ليس له أن يقلق للنوائب فتخور عزيمته أو ترخو إرادته مهما عظمت حلق البلاء واشتدت ومهما تزايدت أو تواترت.

إنّنا نقرأ في تاريخ الأَنبياء وقصصهم اُموراً يعسر على الإنسان العاديّ هضمها ويصعب تصوُّرها.

فعن نوح النبيّ (عليه‌ السلام) نقرأ أنه دعا قومه تسعمائة وخمسين عاماً ولم تنتج هذه الدعوة الطويلة المضنيةُ سوى قلة من المؤمنين والمؤيدين الذين لم يتجاوز عددهم الواحد والثمانين وهذا يعني أنه لم يوفق في كل اثنى عشر عاماً الا لهداية شخص واحد.

إنَّ إرادة الصبر وقوَّة التحمّل والتصبر تظهر لدى الإنسان شيئاً فشيئاً فلابدّ أن تتلاحق حوادثٌ صعبةٌ ولابد أن يمرَّ المرء بنوائب مزعجة حتّى تأنس روحُه بالأمور الثقيلة والقضايا الصعبة.

لقد قضى رسولُ (صـلى الله علـيه وآله) شطراً من حياته قبل البعثة في رعي الغنم في الصحاري والقفار ليكون بذلك صبوراً في تربية الناس الذين سيكلَّف بقيادتهم وهدايتهم وليستسهل كل صعب في هذا المجال.

إن ادارة المجتمع البشريّ من أصعب الأمور الّتي تواجه القادة ورجال الاصلاح، والمقدرة على الإدارة هذه لا تسنح ولا تتهيَّأ لأَحد إلاّ بعد مزاولة الاُمور الصعبة وممارسة الأعمال الشاقة وربما يكون قيام النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) برعي الغنم من هذا الباب ولهذا جاء في الحديث:

 ما بَعثَ اللّهُ نَبيِّاً قَطُّ حَتّى يَسْتَرْعيْه الغَنم ليُعلّمهُ بذلِكَ رعْيَةَ النّاسِ .

لقد قضى النبيُّ (صـلى الله علـيه وآله) شطراً من عمره الشريف في هذا المجال وينقل كثيرٌ من ارباب السير والمؤرخين هذه العبارة عنه (صـلى الله علـيه وآله) : ما مِنْ نَبيّ إلاّ وَقَدْ رَعى الغَنم قِيْلَ : وَأَنتَ يا رَسُول اللّه؟

فقال : أنا رَعيْتُها لأَهْل مَكَّة بِالقَراريْطِ .

إنَ شخصية عظيمة يُفتَرضُ فيها أن تواجه ـ في المستقبل ـ أشخاصاً عنودين كأبي جهل وابي لهب وأن تصنع ممن انحطت أفكارهم حتّى أنهم سجدوا لكل حَجر ومَدر أفراداً لا يخضعون لأي شيء سوى ارادة الحق ومشيئته لابدَّ أن تتسلح قبل ذلك بسلاح الصبر وتتجهز بأداة التحمل وتتزود مسبقاً بقدرة الاستقامة على طريق الهدف وهذا لا يكون إلاّ بتعويد النفس على هذه الصفات وحملها على مشاق الاعمال .

ويمكن أن نذكر هنا سَبباً آخر أيضاً وهو ان رجلا حرّ النفس والعقل كرسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) تجري في شرايينه وعروقه دماء الغيرة والشجاعة كان يشق عليه ان يشاهد كل ذلك الظلم والحيف الّذي كان يمارسه طغاة مكة وعتاة قريش وزعماؤها الظالمون القساة بحق الضعفاء والمحرومين وكذا كان يشق عليه ان يرى تظاهرهم بالعصيان والفسوق في حرم اللّه وعند بيته المعظم.

إن اعراض سُكّان مكة عن عبادة اللّه الواحد الحق وطوافهم حول تلك الأصنام الخاوية هي ـ بلا ريب ـ أسوأ واقبح ما يكون في نظر الرجل الفاهم والعاقل العالم واثقل ما يكون عليه.

من هنا رأى النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) أن يقضي ردحاً من الزمن في الصحاري والقفار وعند سفوح الجبال الّتي كانت يومئذ بعيدة بطبيعة الحال عن تلك المجتمعات الفاسدة وأحوالها وأوضاعها ليستريح ( أو يتخلص ) بعض الشيء من آلامه الروحية الناشئة مِن رؤية تلك الأوضاع المزرية والأحوال المشينة.

على أَنَّ هذا الأمر لا يعني أن للرجل المتقي أن يسكت على الفساد والظلم ويقرّ عليهما.

ويفرّق بين حياته وحياة الآخرين ويعتزل عنهم ويتخذ موقف اللامبالاة تجاه الأوضاع المنحرفة والاحوال الشاذة بل ان النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) لما كان مأموراً من جانب اللّه سبحانه بالسكوت والانتظار؛ لأنه لم تكن ظروف البعثة والهداية قد توفرت وتهيأت بعد لذلك اتخذ (صـلى الله علـيه وآله) مثل هذا الموقف.

ولقد كان هذا العمل ( أي الاشتغال برعي الاغنام في البراري والقفار وعند السهول وسفوح الجبال ) فرصة جيدة؛ لأن يتمكن النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) من النظر في خلق السماوات والتطلع في النجوم والكواكب وأحوالها وأوضاعها وبالتالي الامعان في الآيات الأنفسية والآفاقية التي هي جميعاً من آيات وجود اللّه تعالى ومن مظاهر قدرته وحكمته وعلمه وإرادته.

ان قلوب الأنبياء والمرسلين مع أنها منوَّرة بمصابيح المعرفة المشرقة ومضاءة بأنوار الايمان والتوحيد منذ بدء فطرتها وخلقتها ولكنهم مع ذلك لا يرون انفسهم في غنىً عن النظر في عالم الخلق والتفكر في الآيات الالهية إذ من خلال هذا الطريق يصلون إلى أعلى مراتب الايمان ويبلغون اسمى درجات اليقين وبالتالي يتمكنون من الوقوف على ملكوت السماوات والأرضين.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.