أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-10-2014
![]()
التاريخ: 24-04-2015
![]()
التاريخ: 25-04-2015
![]()
التاريخ: 25-04-2015
![]() |
ارتحل النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فعكف المسلمون على دراسة القرآن ، ولكن أوّل ما فوجئوا به كان هو قصور باع لفيف منهم عن معرفة معاني بعض ألفاظه ، فما هذا إلاّ لأنّ في القرآن ما قد ورد بغير لغة أهل الحجاز. انّ القرآن وإن نزل بلغة أهل الحجاز بشكل عام ، لكن ربّما وردت فيه ألفاظ ذائعة بين القبائل الأُخرى ، وقد عقد السيوطي باباً فيما ورد في القرآن بغير لغة أهل الحجاز (1) ، وأظنّ أنّه قد أفرط في هذا الباب ، ولكنّه لا يمكن إنكار هذا الأصل في القرآن الكريم من أساسه ، وممّا يشهد بذلك ( مفاجأة المسلمين بغريب القرآن ) ما رواه القرطبي في تفسيره فقال :
عن عمر أنّه قال على المنبر : ما تقولون في قوله تعالى : {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ} [النحل : 47].
تَخَوَّفَ الرحلُ مِنها تامكاً قَرداً كَما تخوّفَ عُود النبعة السفن (2)
فقال عمر : أيّها الناس عليكم بديوانكم لا يضلّ ، قالوا : وما ديواننا ؟ قال : شعر الجاهلية ، فانّ فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم.
روى أبو الصلت الثقفي أنّ عمر بن الخطاب : قرأ قول الله : {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا } [الأنعام : 125] بنصب الراء وقرأها بعض من عنده من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بخفض الراء ، فقال : أبغوني رجلاً من كنانة ، واجعلوه راعياً وليكن مدلجياً ، فأتوه به ، فقال له عمر : يا فتى ! ما الحرجة فيكم ؟ فقال : الحرجة فينا الشجرة تكون بين الأشجار الّتي لا تصل إليها راعية ولا وحشيّة ولا شيء ، فقال عمر : كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شيء من الخير. (3)
روى عبد الله بن عمر قال : قرأ عمر بن الخطاب هذه الآية : ( مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) ، ثمّ قال : ادعوا لي رجلاً من بني مدلج ، قال عمر : ما الحرج فيكم ؟ قال : الضيق. (4) وكم لهذه القصص من نظائر في التاريخ ، وهذا هو نافع بن الأزرق ، لمّا رأى عبد الله بن عباس جالساً بفناء الكعبة ، وقد اكتنفه الناس ويسألونه عن تفسير القرآن ، فقال لنجدة بن عويمر (5) الحروري : قم بنا إلى هذا الذي يجترئ على تفسير القرآن بما لا علم له به ، فقاما إليه فقالا : إنّا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله فتفسّرها لنا وتأتينا بمصادقة من كلام العرب ، فانّ الله تعالى أنزل القرآن بلسانٍ عربي مبين ، فقال ابن عباس : سلاني عمّا بدا لكم ، فقال نافع : أخبرني عن قول الله تعالى : {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} [المعارج: 37] قال : العزون : الحلَق الرقاق ، فقال : هل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم. أما سمعت عبيد بن الأبرص وهو يقول :
فجاءُوا يُهْرَعُونَ إليه حتى يكونُوا حولَ منبِرْهَ عِزينا
ثمّ سألاه عن أشياء كثيرة عن لغات القرآن الغريبة ففسّرها مستشهداً بالشعر الجاهلي ، ربّما تبلغ الأسئلة والأجوبة إلى مائتين ، ولو صحّت تلك الرواية لدلّت قبل كلّ شيء على نبوغ ابن عباس في الأدب العربي ، وإلمامه بشعر العرب الجاهلي حيث استشهد على كلّ لغة فسّرها بشعر منهم ، وقد جاءت الأسئلة والأجوبة في الاتقان. (6)
وهذه الأحاديث والأخبار تعرب عن أنّ الخطوة الأُولى لتفسير القرآن الكريم كانت تفسير غريبه وتبيين ألفاظه التي ربّما تشكل على البعض ، ولعلّ ذلك كان الحافز القوي للفيف من جهابذة الأُمّة ، حيث استثمروا تلك الخطوة وبلغوا الغاية فيه من غير فرق بين السنّة والشيعة ، ونحن نذكر في هذا المجال ما ألّفه علماء الشيعة وأُدباؤهم بعد ابن عباس ، ونكتفي من الكثير بمشاهيرهم الذين كان لهم دوي في الأوساط اللغوية والأدبية ، ونترك من لم يكن له ذلك الشأن ، فليكن ذلك عذراً لمن يقف على مؤلّفات لهم في غريب القرآن ، ولم نذكرها في تلك القائمة.
1. غريب القرآن ، لأبان بن تغلب بن رباح البكري ( المتوفّى 141 ه ) من أصحاب علي بن الحسين والباقر والصادق عليهم السلام ، وكانت له منزلة عندهم ، وقد نصّبه أبو جعفر الباقر عليه السلام للإفتاء ، وقال : « اجلس في مسجد المدينة وأفت الناس فانّي أحبّ أن يرى في شيعتي مثلك » ، وقال أبو عبد الله عليه السلام لمّا أتاه نعيه : « والله أوجع قلبي موت أبان ». وقال النجاشي : عظيم المنزلة في أصحابنا ، وكان قارئاً من وجوه القرّاء فقيهاً لغوياً ، سمع من العرب وحكى عنهم ، وكان أبان رحمه الله مقدّماً في كلّ فن من العلم ، في القرآن والفقه والحديث والأدب واللغة والنحو. وله كتب منها تفسير غريب القرآن وكتاب الفضائل ، ولأبان قراءة مفردة مشهورة عند القرّاء. مات أبان في حياة الإمام الصادق سنة ( 141 ه ). (7)
2. غريب القرآن : لمحمد بن السائب الكلبي ( المتوفّى 146 ه ) وهو من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ووالد هشام بن محمد بن السائب الكلبي العالم المشهور والنسّابة المعروف. (8)
4. غريب القرآن : لعبد الرحمن بن محمد الأزدي الكوفي ، جمعه من كتاب أبان ومحمد بن السائب الكلبي ، وأبي روق عطية بن الحارث ، فجعله كتاباً واحداً فبيّن ما اختلفوا فيه وما اتّفقوا عليه ، فتارة يجيء كتاب أبان مفرداً ، وتارة يجيء مشتركاً. (11)
ويظهر من سند الشيخ الطوسي إليه في الفهرست أنّه ممّن صحب أبان بن تغلب ، وينقل عنه ابن عقدة المتوفّى عام ( 333 ه ) بواسطة حفيده ( أبو أحمد بن الحسين بن عبد الرحمن الأزدي ) ، فالرجل من علماء القرن الثاني.
5. غريب القرآن : للشيخ أبي جعفر أحمد بن محمد الطبري الآملي الوزير الشيعي المتوفّى عام ( 313 ه ). (12)
6. غريب القرآن : للشيخ أبي الحسن علي بن محمد العدوي الشمشاطي النحوي المعاصر لابن النديم الذي ألّف فهرسته عام ( 377 ه ).
قال النجاشي : « كان شيخنا بالجزيرة ، وفاضل أهل زمانه وأديبهم ، له كتب كثيرة منها كتاب « الأنوار والثمار ». قال لي سلامة بن ذكاء : إنّ هذا الكتاب ألفان وخمسمائة ورقة يشتمل على ذكر ما قيل في الأنوار والثمار من الشعر ». ثمّ عدّ كتبه ، ومنها كتاب غريب القرآن إلى أن قال : قال سلامة : وكتاب مختصر الطبري ، حيث حذف الأسانيد والتكرار ، وزاد عليه من سنة ثلاث وثلاثمائة إلى وقته فجاء نحو ثلاثة آلاف ورقة ، وتمّم كتاب « الموصل » لأبي زكريا زيد بن محمد ، وكان فيه إلى سنة( 321 ه ) ، فعمل فيه من أوّل سنة ( 322 ه ) إلى وقته ، وذكر النجاشي فهرس كتبه ، منها غريب القرآن. (13)
7. غريب القرآن : للشيخ فخر الدين الطريحي المتوفّى عام ( 1085 ه ) ، وقد طبع في النجف الأشرف في جزء واحد عام ( 1372 ه ) ، وأسماه المؤلّف ب « نزهة الخاطر وسرور الناظر وتحفة الحاضر ».
8. مجمع البحرين ومطلع النيرين : وهو في غريب القرآن والحديث ولغتهما للشيخ الطريحي أيضاً ، وهو كتاب كبير معجم للغاتهما ، طبع في ستة أجزاء.
9. البيان في شرح غريب القرآن : للشيخ قاسم بن حسن آل محيي الدين طبع بالنجف عام ( 1374 ه ) ، بإشراف وتصحيح مرتضى الحكمي.
10. غريب القرآن : للسيد محمد مهدي بن السيد الحسن الموسوي الخرسان يقع في جزءين. (14)
هذه عشرة كاملة نكتفي بها ، وهناك كتب أُلّفت في توضيح مفردات القرآن بغير اللغة العربية ، فمن أراد فليرجع إلى الفهارس.
فإذا كانت هذه الكتب تهدف إلى تفسير غريب القرآن وتبيين مفرداته ، فهناك كتب تهدف إلى تفسير غريب جمله التي جاءت في القرآن بصورة المجاز أو الكناية أو الاستعارة على الفرق الواضح بينها ، وإليك بعض ما أُلّف في ذلك المجال :
1. مجاز القرآن : لشيخ النحاة الفرّاء يحيى بن زياد بن عبد الله الديلمي الكوفي الذي توفّى في طريق مكّة عام ( 207 ه ). (15)
2. المجاز من القرآن : لمحمّد بن جعفر أبو الفتح الهمداني ، المعروف ب « المراغي ». يقول النجاشي : كان وجيهاً في النحو واللغة ببغداد ، حسن الحفظ ، صحيح الرواية فيما نعلمه ، ثمّ ذكر كتبه وقال : كتاب ذكر المجاز من القرآن. (16)
3. مجازات القرآن : للشريف الرضي وهو أحسن ما أُلّف في هذا المجال ، وأسماه « تلخيص البيان في مجازات القرآن » ، وقد طبع مرّات أحسنها ما قام بطبعه مؤتمر الذكرى الألفيّة للسيد الشريف الرضي عام (1406) ، وهو من أنفس الكتب.
هؤلاء مشاهير المؤلّفين في غريب القرآن ولغته ومجازاته ، وهناك عدّة أُخرى جالوا في هذا الميدان ، لكن لا على وجه الاستقلال ، بل أدرجوه في التفسير. فهذا هو الشيخ الطوسي يبيّن مفردات القرآن واشتقاقاتها بوجه دقيق في تبيانه ، كما أنّ أمين الإسلام الطبرسي قام بهذه المهمّة في تفسيره « مجمع البيان » ، ولو قام الباحث باستخراج ما ذكره هذان العلمان في مجال مفردات الكتاب العزيز لجاء كتاباً حافلاً.
وفي الختام ننبّه على نكتة ، وهو أنّ التفسير اللغوي للقرآن صار أمراً رائجاً في عصرنا هذا واشتهر باسم التفسير البياني ، ومن المصرّين على هذا النمط من التفسير أمين الخولي المصري ، والكاتبة المصرية عائشة بنت الشاطئ ، وقد انتشرت منهما في ذلك المجال كتب ، وقاما بتفسير القرآن بالرجوع إلى نفس القرآن الكريم ، والتفتيش عن موارد استعمالها في جميع الآيات ، وهذا النمط من التفسير يعالج جانباً واحداً من مهمّة التفسير ، وهناك جوانب أُخرى لا يستغني الباحث عنها إلاّ بالتمسّك بصحيح الأثر وغيره.
__________________
1. الإتقان : 2 / 69 ـ 104.
2. التفسير ( للقرطبي ) : 10 / 110 ، تَمَكَ السنام : طال وارتفع ، القرد : المتراكم بعض لحمه فوق بعض ، النبعة : شجرة من أشجار الجبال ، يتخذ منها القسي ، السفن : القشر.
3. الدر المنثور : 3 / 45.
4. كنز العمال : 1 / 257.
5. الرجلان من رؤوس الخوارج ، توفي نافع عام ( 65 ه ) وتوفي نجدة عام ( 69 ه ).
6. الإتقان : 2 / 55 ـ 88.
7. رجال النجاشي : 1 / 73 برقم 6 ؛ بغية الوعاة : 76 ؛ تهذيب التهذيب : 1 / 93 ؛ الطبقات الكبرى : 6 / 36 ؛ ميزان الاعتدال : 1 / 5 وغيرهم من أصحاب المعاجم.
8. رجال النجاشي : 1 / 78 ؛ تنقيح المقال : 3 / 119.
9. كذا في رجال النجاشي ، وفي فهرست الشيخ « أبي ورق » ، والصحيح هو الأوّل ذكره ابن النديم أيضاً : ص 57.
10. رجال النجاشي : 1 / 78 ؛ الطبقات الكبرى : 6 / 368 ؛ خلاصة الأقوال : 131 ؛ معجم الأُدباء : 1 / 107 برقم 2.
11. فهرست الطوسي : 641 ؛ رجال النجاشي : 1 / 78. وفي الثاني « الحارث » مكان « الحرث » كما عرفت الاختلاف في « روق » و « ورق ».
12. فهرست ابن النديم : 58.
13. رجال النجاشي : 2 / 93 برقم 687 ، وترجمة الياقوت في معجم الأُدباء : 14 / 240 برقم 39.
14. الذريعة إلى تصانيف الشيعة : 16 / 50 برقم 308.
15. الذريعة إلى تصانيف الشيعة : 17 / 351 برقم 1567.
16. رجال النجاشي : 2 / 319 برقم 1054.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تقدم دعوة إلى كلية مزايا الجامعة للمشاركة في حفل التخرج المركزي الخامس
|
|
|