أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-04-2015
1989
التاريخ: 27-09-2015
2067
التاريخ: 25-04-2015
2378
التاريخ: 13-10-2014
2658
|
إلى جانب هذا الفهم الساذج للقرآن الذي لا يسمح لنا بإطلاق «اسم العلم» عليه نلاحظ ملامح خبرة خاصة بدأت بالنمو والتجمّع عند عدد من الصحابة نتيجة عوامل متعدّدة ذاتيّة وموضوعيّة ، فحرصهم بشكل أكثر من غيرهم على الاستفادة من مجالس الرسول صلّى اللّه عليه وآله وحفظ ما يرد في كلامه من شرح للنص القرآني أو تعليق عليه ومحاولة الواعين منهم التعرّف على تفصيلات أكبر مقدار ممكن من المعاني القرآنية. أو بسبب ظروفهم الموضوعيّة التي كانت تفرض وجودهم مع الرسول في المدينة، وفي غزواته المتعددة. ولدينا عدة نصوص تشير إلى هذا المعنى في عدد من الصحابة :
1. عن عبد الرحمن السلمي قال : حدثنا الذين كانوا يقرءون القرآن. إنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلّى اللّه عليه وآله عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل ... قالوا فتعلّمنا القرآن والعلم والعمل جميعا. ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة . (1)
2. عن شقيق بن سلمة، خطبنا عبد اللّه بن مسعود فقال : واللّه أخذت من في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بضعا وسبعين سورة واللّه لقد علم أصحاب النبي صلّى اللّه عليه وآله أنّي من أعلمهم بكتاب اللّه وما أنا بخيرهم . (2)
3. عن أبي الطفيل : قال شهدت عليّا عليه السّلام يخطب وهو يقول : «سلوني فو الله لا تسألوني عن شيء الّا أخبرتكم، وسلوني عن كتاب اللّه فو الله ما من آية إلّا وأنا أعلم أ بليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل» (3) .
4. عن نصير بن سليمان الأحمسي عن أبيه عن علي عليه السّلام قال : «و اللّه ما نزلت آية إلّا وقد علمت فيم نزلت وأين نزلت إنّ ربي وهب لي قلبا عقولا، ولسانا سئولا» . (4)
فنحن نلاحظ في هذه النصوص أنّ بذور المعرفة التفسيرية القائمة على العناية والتخصص، إنّما كانت على مستوى خاص من الصحابة، الأمر الذي أدّى إلى ولادة التفاوت بين المسلمين في جميع المعارف الإسلامية، وبالتالي في خصوص المعرفة التفسيرية.
بعد هذا يمكننا أن نتصوّر بوضوح التطوّر الذي سارت به هذه المعرفة الخاصّة حتى انتهت إلى الفارق الكبير الذي أخذ يفصّل مستوى الخبرة الخاصّة عن مستوى الخبرة العامة، الأمر الذي سمح للباحثين أن يطلقوا علم التفسير على هذه الخبرة الخاصّة التي كان يتمتع بها هؤلاء الأشخاص.
ومن أجل أن نتعرّف على ملامح هذا الفاصل لا بد من ملاحظة العاملين التاليين :
1. إن المسلمين بصورة عامة أخذت معرفتهم التفسيرية تتضاءل بسبب تضاؤل خبرتهم العامّة، لأنّ التوسّع الإسلامي جعل كثيرا من الأفراد والشعوب تنضمّ إلى الجماعة الإسلامية وهم لا يملكون ذلك المستوى العام من الخبرة، ففقدوا بعض العناصر التي كانت تعتمد عليها الخبرة العامة سواء كانت مرتبطة بالجانب اللّغوي للقرآن أم بالجانب الاجتماعي والحياتي لهم فلم يكن الأفراد الجدد تتوفر فيهم المعرفة اللغوية التي كانت متوفّرة لدى عامة المسلمين الذين عاصروا نزول الوحي، كما لم يكونوا مطّلعين على الحوادث التأريخية التي ارتبطت بها بعض الآيات القرآنية والعادات والتقاليد العربية كما هو الحال بالنسبة إلى الأشخاص الذين عاشوا هذه الأحداث والعادات والتقاليد.
2. وفي الجانب الآخر نجد أنّ الخبرة الخاصّة أخذت بالتضخم والنموّ نتيجة الشعور المتزايد بالحاجة الى فهم القرآن، ومواجهة المشاكل الجديدة على ضوء مفاهيمه وأفكاره، وكثرة طلب تفهّم القرآن من قبل المسلمين الجدد الذين يريدون أن يتعرفوا على الإسلام بجوانبه المتعددة من خلال تعرّفهم على القرآن الكريم الذي يقوم بدور المعبّر الصحيح عنه.
ولعلّنا نجد في النص التاريخي التالي ما يعبّر لنا عن هذا التفاوت في المعرفة بين الصحابة، هذا الشيء الذي نريد أن نتصوره كبداية لتكوّن علم التفسير.
عن مسروق، قال : «جالست أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه وآله فوجدتهم كالإخاذ (الغدير) فالإخاذ يروي الرجل والإخاذ يروي الرجلين، والإخاذ يروي العشرة والإخاذ يروي المائة، والإخاذ لو نزل به أهل الأرض لأصدرهم . (5)
وعلى ضوء المعلومات السابقة يمكن أن نرجع بتأريخ التفسير كعلم إلى أواخر عصر الرسول حيث تصوّرنا وجود هذه البذرة في ذلك الوقت وإن كنّا لا نتمكن من الجزم بتكوّن علم التفسير إلّا في الفترة التي أعقبت وفاة النبي صلّى اللّه عليه وآله.
________________________________
(1) الاتقان في علوم القرآن ، ج 2، ص 176، ط 1368.
(2) البخاري ، فتح الباري ، ج 1، ص 422، طبع 1378.
(3) انظر كنز العمّال ، ج 2، ص 564.
(4) البخاري، فتح الباري ، ج 2، ص 187.
(5) نقل هذا الحديث في « التفسير والمفسّرون» ، ج 1 ، ص 36.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|