المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16459 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ولوطا اذ قال لقومه اتاتون الفاحشة ما سبقكم بها من احد من العالمين}
2024-05-19
{فاخذتهم الرجفة فاصبحوا في دارهم جاثمين}
2024-05-19
{فعقروا الناقة وعتوا عن امر ربهم}
2024-05-19
{وتنحتون الـجبال بيوتا}
2024-05-19
{هـذه ناقة اللـه لكم آية}
2024-05-19
معنى الرجس
2024-05-19

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير آية (12-14) من سورة المائدة  
  
3717   05:34 مساءً   التاريخ: 28-2-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الميم / سورة المائدة /


قال تعالى : {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (12) فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة : 12- 14] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

لما بين سبحانه اليهود ، وهمهم بقتله ، وأنه دفع عنه شرهم ، عقبه بذكر أحوال اليهود ، وخبث سرائرهم ، وقبح عادتهم في خيانة الرسل ، تسلية لنبيه فيما هموا به ، فقال : {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} أي : عهدهم المؤكد باليمين ، بإخلاص العبادة له ، والإيمان برسله ، وما يأتون به من الشرائع {وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} أي : أمرنا موسى بأن يبعث من الأسباط الاثني عشر ، اثني عشر رجلا ، كالطلائع ، يتجسسون ، ويأتون بني إسرائيل بأخبار أرض الشام ، وأهلها الجبارين ، فاختار من كل سبط رجلا يكون لهم نقيبا أي : أمينا كفيلا ، فرجعوا ينهون قومهم عن قتالهم ، لما رأوا من شدة بأسهم ، وعظم خلقهم ، إلا رجلين منهم : كالب بن يوفنا ، ويوشع بن نون ، عن مجاهد ، والسدي .

وقيل : معناه أخذنا من كل سبط منهم ضمينا بما عقدنا عليهم من الميثاق في أمر دينهم ، عن الحسن ، والجبائي وقيل : معناه اثني عشر رئيسا . وقيل : شهيدا على قومه ، عن قتادة . وقال البلخي : يجوز أن يكونوا رسلا ، ويجوز أن يكونوا قادة . وقال أبو مسلم : بعثوا أنبياء ليقيموا الدين ، ويعلموا الأسباط التوراة ، ويأمروهم بما فرض الله عليهم ، وأمرهم به {وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ} قيل : إنه خطاب للنقباء عن الربيع . وقيل : خطاب لبني إسرائيل الذين أخذ منهم الميثاق ، ويجوز أن يدخل فيهم النقباء عن أكثر المفسرين أي : قال الله لهم ، فحذف لدلالة الكلام عليه ، إني معكم بالنصر والحفظ ، أنصركم على عدوي وعدوكم ، الذين أمرتكم بقتلهم ، إن قاتلتموهم ووفيتم بعهدي وميثاقي الذي أخذته عليكم .

ثم ابتدأ سبحانه فقال {لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ} يا معشر بني إسرائيل {وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ} أي : أعطيتموها {وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي} أي : صدقتم بما أتاكم به رسلي من شرائع ديني . وقيل : إنه خطاب للنقباء {وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} أي : نصرتموهم ، عن الحسن ، ومجاهد ، والزجاج . وقيل : عظمتموهم ، ووقرتموهم ، وأطعتموهم ، عن ابن زيد ، وأبي عبيدة {وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} أي : أنفقتم في سبيل الله وأعمال البر نفقة حسنة ، يجازيكم بها ، فكأنه قرض من هذا الوجه . وقيل : معنى قوله حسنا عفوا عن طيبة نفس ، وان لا يتبعه من ، ولا أذى . وقيل : يعني حلالا {لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} أي : لأعطين على ما مضى من إجرامكم بعفوي وإسقاطي عنكم ، وبال ذلك {وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} ظاهر المعنى {فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ} أي : بعد بعث النقباء وأخذ الميثاق {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} أي : أخطأ قصد الطريق الواضح ، وزال عن منهاج الحق . وفي هذا دلالة وإشارة إلى أن الحق بين الغلو والتفريط ، كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام : " اليمين والشمال مضلة ، والطريق الوسطى هي الجادة " إلى آخر كلامه .

{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة : 13] .

ثم عطف سبحانه على ما تقدم فقال {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ} فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : لا تعجبن يا محمد من هؤلاء اليهود الذين هموا أن يبسطوا أيديهم إليك وإلى أصحابك ، وينكثوا العهد الذي بينك وبينهم ، ويغدروا بك ، فإن ذلك دأبهم وعادة أسلافهم الذين أخذت ميثاقهم على طاعتي في زمن موسى ، وبعثت منهم اثني عشر نقيبا ، فنقضوا ميثاقي وعهدي ، فلعنتهم بنقضهم ذلك العهد والميثاق .

وفي الكلام محذوف اكتفي بدلالة الظاهر عليه ، وتقديره : فنقضوا ميثاقهم ، فلعناهم بنقضهم ذلك الميثاق ، والعهد المؤكد أي : طردناهم وأبعدناهم من رحمتنا على وجه العقوبة ، عن عطاء ، وجماعة . وقيل : معناه مسخناهم قردة وخنازير ، عن الحسن ، ومقاتل . وقيل : عذبناهم بالجزية عن ابن عباس . وكان نقضهم الميثاق من وجوه ، فمنها أنهم كذبوا الرسل ، وقتلوا الأنبياء ، ونبذوا الكتاب ، وضيعوا حدوده وفرائضه ، عن قتادة . ومنها أنهم كتموا صفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، عن ابن عباس {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} أي : يابسة غليظة ، تنبو عن قبول الحق ، ولا تلين ، عن ابن عباس ومعناه : سلبناهم التوفيق واللطف الذي تنشرح به صدورهم حتى ران على قلوبهم ، ما كانوا يكسبون ، وهذا كما يقول الإنسان لغيره : أفسدت سيفك إذا ترك تعاهده حتى صدئ ، وجعلت أظافيرك سلاحك : إذا لم يقصها . وقيل : معناه بينا عن حال قلوبهم ، وما هي عليها من القساوة ، وحكمنا بأنهم لا يؤمنون ، ولا تنجع فيهم موعظة ، عن الجبائي . وقيل : معنى قاسية : رديئة فاسدة مثل الدراهم القسية ، إذا كانت زائفة ، وهذا راجع إلى معنى اليبس أيضا ، لأنها تكون يابسة الصوت لما فيها من الغش والفساد . ويقال للرحيم لين القلب ، ولغير الرحيم يابس القلب .

{يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} أي : يفسرونه على غير ما أنزل ، ويغيرون صفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فيكون التحريف بأمرين أحدهما : سوء التأويل ، والآخر :

التغيير والتبديل كقوله تعالى {وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران : 78] . {وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} وتركوا نصيبا مما وعظوا به ، ومما أمروا به في كتابهم من اتباع النبي ، فصار كالمنسي عندهم ، ولو آمنوا به واتبعوه ، لكان ذلك لهم حظا . وقيل : معناه ضيعوا ما ذكرهم الله به في كتابه مما فيه رشدهم ، وتركوا تلاوته ، فنسوه على مر الأيام {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ} يعني على خيانة أي : معصية ، عن ابن عباس . وقيل : كذب ، وزور ، ونقض عهد ، ومظاهرة للمشركين على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وغير ذلك مما كان يظهر من اليهود ، من أنواع الخيانات . وقيل : إن معناه تطلع على فرقة خائنة أي : جماعة خائنة منهم ، إذا قالوا قولا خالفوه ، وإذا عاهدوا عهدا نقضوه {إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} لم يخونوا {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} ما داموا على عهدك ، ولم يخونوك . عنى بهم القليل الذي استثناهم ، عن أبي مسلم .

وقيل : معناه فاعف عنهم إذا تابوا وبذلوا الجزية ، عن الحسن ، وجعفر بن مبشر ، واختاره الطبري . وقيل : إنه منسوخ بقوله {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة : 29] الآية ، عن قتادة . وقيل : منسوخ بقوله {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال : 58] ، عن الجبائي . {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} ظاهر المعنى .

{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة : 14] .

ثم بين سبحانه حال النصارى في نقضهم ميثاق عيسى عليه السلام ، كما بين حال اليهود في نقضهم ميثاق موسى عليه السلام ، فقال {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ} أي : ومن الذين ذكروا أنهم نصارى ، أخذنا الميثاق بالتوحيد والإقرار بنبوة المسيح ، وجميع أنبياء الله ، وأنهم كانوا عبيد الله ، فنقضوا هذا الميثاق ، وأعرضوا عنه . وهذا إشارة إلى أنهم ابتدعوا النصرانية التي هم عليها اليوم ، وتسموا بها ، ولهذا لم يقل من النصارى ، إلا أنه سبحانه أطلق هذا الاسم في مواضع عليهم ، لأنه صار سمة لهم ، وعلامة ، عن الحسن {فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} مر بيانه {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} اختلف فيه ، فقيل : المراد بين اليهود والنصارى ، عن الحسن ، وجماعة من المفسرين . وقيل : المراد بين أصناف النصارى خاصة ، من اليعقوبية ، والملكائية ، والنسطورية ، من الخلاف والعداوة ، عن الربيع ، واختاره الزجاج ، والطبري . وإنما أغرى بينهم العداوة بالأهواء المختلفة في الدين ، وذلك أن النسطورية قالت : إن عيسى ابن الله . واليعقوبية قالت : إن الله هو المسيح ابن مريم . والملكائية ، وهم الروم : قالوا : إن الله ثالث ثلاثة : الله ، وعيسى ، ومريم . وقيل : يأمر بعضهم أن يعادي بعضا ، عن الجبائي . فكأنه يذهب إلى الأمر بمعاداة الكفار ، وأن هؤلاء يكفر بعضهم بعضا . وقوله {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} عنى به أن المعاداة تبقى بينهم إلى يوم القيامة : إما بين اليهود والنصارى ، وإما بين فرق النصارى . وقيل : الوجه في قوله تعالى {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} أنه أخبر أنهم اختلفوا فيما بينهم ، وكلهم على خطأ وضلال ، وقد جعل الله سبحانه على كل مقالة من مقالاتهم التي أخطأوا فيها ، دلائل عرف بها بعضهم خطأ بعض ، فتعادوا على ذلك ، وتباغضوا ، ولم تعرف كل فرقة منهم خطأ أنفسهم ، فلما لم يصل كل منهم إلى المعرفة بخطأ صاحبه إلا من جهة كتاب الله ودلائله ، والتعادي بينهم ، كان من أجل ذلك ، جاز أن يقول : {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ} على هذا الوجه ، عن جعفر بن حرث . وقيل : الوجه في ذلك أنا أخطرنا على بال كل منهم ما يوجب الوحشة والنفرة عن صاحبه ، وما يهيج العصبية والعداوة ، عقوبة لهم على تركهم الميثاق {وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ} عند المحاسبة {بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} في الدنيا من نقض الميثاق ، ويعاقبهم على ذلك بحسب استحقاقهم ، فكأنه لما قال سبحانه {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} بين بعد ذلك أنه من وراء الانتقام منهم ، وأنه سيجازيهم على صنيعهم ، وقبيح فعلهم .

_____________________________

1 . تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 295-300 .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هذه الآيات (1) :

تحدث سبحانه في كتابه العزيز عن الكفار والمشركين بعامة ، وعن مشركي قريش بصورة خاصة لما لاقاه النبي ( صلى الله عليه وآله ) منهم ، وتحدث عن المنافقين الذين أظهروا الإسلام ، وأبطنوا الكفر ، وعن اليهود والنصارى ، ولكنه تحدث عن اليهود أكثر من الجميع ، لأنهم أكثر خلق اللَّه عنادا للحق ، وحقدا على الإنسانية ، ومر الكثير عنهم في سورة البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، ومعظم هذه السورة ، أي المائدة فيهم وفي النصارى .

{ ولَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً } . ذكر سبحانه انه بعث من بني إسرائيل اثني عشر نقيبا ، ولم يبين : هل كان هؤلاء الاثنا عشر زعماء أسباطهم الذين يمثلون 12 فرعا من يعقوب ، وهو إسرائيل ، أو هم أنبياء أو أوصياء ؟ لم يذكر اللَّه شيئا من ذلك ، ونحن نسكت عما سكت اللَّه عنه . . أجل ، ان الآية صريحة في انه قد كان للَّه ميثاق مع بني إسرائيل ، يتضمن أن يقوم بنو إسرائيل بأمور خمسة ، وان اللَّه يثيبهم بأمرين إذا وفوا ، وإذا نكثوا استحقوا منه تعالى الطرد والعذاب ، أما الأمور التي التزموا بأدائها والوفاء بها فهي :

1 - إقامة الصلاة . { لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ } .

2 - إيتاء الزكاة . { وآتَيْتُمُ الزَّكاةَ } .

3 - الإيمان برسل اللَّه . { وآمَنْتُمْ بِرُسُلِي } .

4 - نصرة الرسل . { وعَزَّرْتُمُوهُمْ } .

5 - بذل المال في سبيل اللَّه . ( وأَقْرَضْتُمُ اللَّهً قَرْضاً حَسَناً ) . ويدل عطف القرض على الزكاة على انه كان الواجب في أموالهم أمرين : الزكاة ، والبذل في سبيل اللَّه . ولقاء القيام بهذه الأمور الخمسة التي جاءت شرطا في الميثاق يثيبهم اللَّه بأمرين وقعا جزاء لهذا الشرط ، وهما :

1 - العفو عن السيئات . { لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ } .

2 - الجنة . { ولأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ } .

هذا هو ميثاق اللَّه مع بني إسرائيل شرطا وجزاء ، وبعد ان بيّنه سبحانه خاطبهم بقوله : { فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ } . ومن ضل الصراط المستقيم فعاقبته الخزي والخذلان .

{ فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ } . انهم ينقضون كل عهد إلا عدم نقض العهد والميثاق ، وهذه سمة لهم لا تفارقهم أبدا ، كما ان لعنة اللَّه عليهم لا تنفك عنهم أبدا . . للتلازم والتلاحم بين نقض العهد ، وبين لعنة اللَّه . { وجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً } . كل من لا يتقي الشر والمعاصي فميت قلبه . قال الإمام علي ( عليه السلام ) :

من قل ورعه مات قلبه .

وتسأل : كيف نسب سبحانه قسوة قلوبهم إليه ؟ أليس معنى هذا انهم غير مسؤولين عن هذه القسوة ، لأنها من اللَّه ، لا منهم ؟ .

الجواب : ان اللَّه بيّن لهم طريق الخير ، وأمرهم به ، وبيّن طريق الشر ، ونهاهم عنه ، وأخذ منهم الميثاق على السمع والطاعة ، فأعطوه إياه ، ثم خانوا ونكثوا ، وأصروا على العصيان والتمرد ، فتركهم وشأنهم ، ولم يلجئهم إلى عمل الخير ، إذ لا تكليف مع الإلجاء ، ولأنه تعالى لم يلجئهم صح ان ينسب القسوة إليه ، ومن أراد زيادة في التوضيح فليرجع إلى ما قلناه عند تفسير الآية 88 من سورة النساء ، فقرة الإضلال من اللَّه سلبي ، لا إيجابي .

{ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ } . تقدم تفسيره في سورة النساء الآية 45 .

{ ونَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ } . ذكّروا بالتوراة ، فحرفوا منها ما يتنافى مع أهوائهم ، وابقوا ما يشتهون . وإذ نقضوا ميثاق اللَّه ، وحرّفوا كتابه الذي أنزله إليهم من السماء - فبالأولى أن ينقضوا ما يعطونه من مواثيق للعرب وغير العرب ، وان يحرفوا قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن .

{ ولا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ } . لم يكتف يهود الجزيرة العربية آنذاك بإنكار نبوة محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، حتى تآمروا عليه مع أعدائه ، وبيتوا له المكر والغدر ، فخاطبه اللَّه بقوله : { لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ } . أي انك لاقيت - يا محمد - الكثير من اليهود ، وستلاقي أيضا الكثير منهم ، وان أحسنت إليهم ، لأن المحسن والمسيء عندهم سواء { إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ } وهم الذين أسلموا وصدقوا في إسلامهم كعبد اللَّه بن سلام ومن معه . ورغم ذلك كله فان اللَّه أمر نبيه أن يقابل إساءتهم بالإحسان : { فَاعْفُ عَنْهُمْ واصْفَحْ إِنَّ اللَّهً يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } .

وتسأل : أبعد أن وصفهم سبحانه بأقبح الأوصاف ، وان الخير لا يرجى منهم بحال ، أبعد هذا يأمر نبيه بالصفح والعفو عنهم ؟ وهل يعرف اليهود معنى الصفح والعفو ؟ وهل يجوز الصفح عن الأفاعي والعقارب ؟

وأجيب عنه بأجوبة منها ان ضمير عنهم يعود على القليل منهم الذين أسلموا وأخلصوا . ومنها ان هذه الآية منسوخة بآية السيف . وهذان الجوابان محتملان ، أما الأول فلأن الضمير بظاهره يعود على الأقرب ، وأما الثاني فلوجود النسخ في القرآن .

ويجوز أن يكون الأمر بالصفح عنهم نزل بعد أن قوي الإسلام ، وأصبح في حصن حصين لا يضره كيد اليهود ولا غيرهم من الكافرين .

{ ومِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ } . بعد ان بيّن سبحانه حال اليهود من نقض الميثاق والتحريف بيّن حال النصارى وانهم واليهود سواء من هذه الجهة . . ولكن جل ثناؤه ذكر في الآية السابقة نوع الميثاق الذي نقضه اليهود ، ولم يذكر شيئا عن نوع الميثاق الذي أخذه على النصارى ، وغير بعيد ان اللَّه سبحانه أطلق الكلام بالنسبة إلى النصارى لوضوح الميثاق الذي أخذه منهم ، وهو التوحيد { فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ } . والذي ذكروا به هو الإنجيل الذي أنزله اللَّه على عيسى ( عليه السلام ) وينص صراحة على التوحيد ، وعلى نبوة محمد ( صلى الله عليه وآله ) باسم أحمد ، فحرّفوه تماما كما حرّف اليهود التوراة .

ومن أقوى الأدلة على تحريف الإنجيل ان رؤساء الكنيسة وعلماء التاريخ في الأناجيل الأربعة التي اعتمدها النصارى في القرن الرابع « قد اختلفوا فيما بينهم فيمن كتب الأناجيل ؟ ومتى كتبت ؟ وبأية لغة ؟ وكيف فقدت نسخها الأصلية ؟

وهذه الخلافات موجودة بالتفصيل في « دائرة المعارف الفرنسية الكبرى » . ذكر هذا وكثيرا غيره صاحب تفسير المنار .

{ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ والْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ } . ولا شيء يقال في تفسير هذه الجملة خير مما قاله الشيخ أبو زهرة في كتاب « محاضرات في النصرانية » .

لذا ننقل عبارته بحروفها :

« لقد وقع بين الذين قالوا : إنا نصارى من الخلاف والشقاق والعداء في التاريخ القديم والحديث مصداق ما قصه سبحانه في كتابه الصادق الكريم ، فقد سال من دمائهم على أيدي بعضهم البعض ، ما لم يسل من حروبهم مع غيرهم في التاريخ كله ، سواء أ كان ذلك بسبب الخلافات الدينية ، أو بسبب الخلافات على الرياسة الدينية ، أو بسبب الخلافات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وفي خلال القرون الطويلة لم تسكن هذه العداوات ، ولم تخمد هذه الحروب والجراحات ، وهي ماضية إلى يوم القيامة ، كما قال أصدق القائلين » .

________________________

1. تفسير الكاشف ، ج3 ، ص 29-32 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى : { وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً } (الآية) قال الراغب : النقب في الحائط والجلد كالثقب في الخشب. قال : والنقيب الباحث عن القوم وعن أحوالهم ، وجمعه نقباء .

والله سبحانه يقص على المؤمنين من هذه الأمة ما جرى على بني إسرائيل من إحكام دينهم وتثبيت أمرهم بأخذ الميثاق ، وبعث النقباء ، وإبلاغ البيان ، وإتمام الحجة ثم ما قابلوه به من نقض الميثاق ، وما قابلهم به الله سبحانه من اللعن وتقسية القلوب (إلخ).

فقال : { وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ } وهو الذي يذكره كثيرا في سورة البقرة وغيرها : { وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً } والظاهر أنهم رؤساء الأسباط الاثني عشر ، كانوا كالولاة عليهم يتولون أمورهم فنسبتهم إلى أسباطهم بوجه كنسبة أولي الأمر إلى الأفراد في هذه الأمة لهم المرجعية في أمور الدين والدنيا غير أنهم لا يتلقون وحيا ، ولا يشرعون شريعة وإنما ذلك إلى الله ورسوله { وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ } إيذان بالحفظ والمراقبة فيتفرع عليه أن ينصرهم إن أطاعوه ويخذلهم إن عصوه ولذلك ذكر الأمرين جميعا فقال : { لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ } والتعزير هو النصرة مع التعظيم ، والمراد بالرسل ما سيستقبلهم ببعثته ودعوته كعيسى ومحمد عليه ‌السلام وسائر من بعثه الله بين موسى ومحمد عليه ‌السلام { وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً } وهو الإنفاق المندوب دون الزكاة الواجبة { لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ } فهذا ما يرجع إلى جميل الوعد. ثم قال : { فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ }.

قوله تعالى : { فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً } ، ذكر تعالى جزاء الكفر بالميثاق المذكور ضلال سواء السبيل ، وهو ذكر إجمالي يفصله ما في هذه الآية من أنواع النقم التي نسب الله سبحانه بعضها إلى نفسه كاللعن وتقسية القلوب مما تستقيم فيه النسبة ، وبعضها إلى أنفسهم مما وقع باختيارهم كالذي يعني بقوله : { وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ } فهذا كله جزاؤهم بما كفروا بآيات الله التي على رأسها الميثاق المأخوذ منهم ، أو جزاء كفرهم بالميثاق خاصة فإن سواء السبيل الذي ضلوه هو سبيل السعادة التي بها عمارة دنياهم وأخراهم.

فقوله : { فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ } الظاهر أنه هو الكفر الذي توعد الله عليه في الآية السابقة ، ولفظة { ما } في قوله : { فَبِما } للتأكيد ، ويفيد الإبهام لغرض التعظيم أو التحقير أو غيرهما ، والمعنى : فبنقض ما منهم لميثاقهم { لَعَنَّاهُمْ } واللعن هو الإبعاد من الرحمة { وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً } وقسوة القلب مأخوذ من قسوة الحجارة وهي صلابتها والقسي من القلوب ما لا يخشع لحق ولا يتأثر برحمة ، قال تعالى : { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ } : ( الحديد : 16 ) .

وبالجملة عقبت قسوة قلوبهم أنهم عادوا { يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ } بتفسيرها بما لا يرضى به الله سبحانه وبإسقاط أو زيادة أو تغيير ، فكل ذلك من التحريف ، وأفضاهم ذلك إلى أن فاتهم حقائق ناصعة من الدين { وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ } ولم يكن إلا حظا من الأصول التي تدور على مدارها السعادة ، ولا يقوم مقامها إلا ما يسجل عليهم الشقوة اللازمة كقولهم بالتشبيه ، وخاتمية نبوة موسى ، ودوام شريعة التوراة ، وبطلان النسخ والبداء إلى غير ذلك.

{ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ } أي على طائفة خائنة منهم ، أو على خيانة منهم { إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } وقد تقدم مرارا أن استثناء القليل منهم لا ينافي ثبوت اللعن والعذاب للجماعة التي هي الشعب والأمة (2) قوله تعالى : { وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا } ، قال الراغب : غري بكذا أي لهج به ولصق ، وأصل ذلك من الغراء وهو ما يلصق به ، وأغريت فلانا بكذا نحو ألهجت به.

وقد كان المسيح عيسى بن مريم نبي رحمة يدعو الناس إلى الصلح والسلم ، ويندبهم إلى الإشراف على الآخرة ، والإعراض عن ملاذ الدنيا وزخارفها ، وينهاهم عن التكالب لأجل هذا العرض الأدنى (3) فلما نسوا حظا مما ذكروا به أثبت الله سبحانه في قلوبهم مكان السلم والصلح حربا ، وبدل المؤاخاة والموادة التي ندبوا إليها معاداة ومباغضة كما يقول : { فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ }. وهذه العداوة والبغضاء اللتان ذكرهما الله تعالى صارتا من الملكات الراسخة المرتكزة بين هؤلاء الأمم المسيحية وكالنار الآخرة التي لا مناص لهم كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق .

ولم يزل منذ رفع عيسى بن مريم عليه ‌السلام ، واختلف حواريوه والدعاة السائحون من تلامذتهم فيما بينهم نشب الاختلاف فيما بينهم ، ولم يزل ينمو ويكثر حتى تبدل إلى الحروب والمقاتلات والغارات وأنواع الشرد والطرد وغير ذلك حتى انتهى إلى حروب عالمية كبري تهدد الأرض بالخراب والإنسانية بالفناء والانقراض.

كل ذلك من تبدل النعمة نقمة وإنتاج السعي ضلالا { وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ }.

__________________________

1. تفسير الميزان ، ج5 ، ص 205-207 .

2. ومن عجيب القول ما في بعض التفاسير أن المراد بالقليل عبد الله بن سلام وأصحابه مع أن عبد الله بن سلام كان قد أسلم قبل نزول السورة بمدة ، وظاهر الآية استثناء بعض اليهود الذين لم يكونوا قد أسلموا إلى حين نزول الآية.

3. راجع في ذلك إلى بيانات المسيح ع في مختلف مواقفه المنقولة عنه في الأناجيل الأربعة .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

{وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ } [المائدة : 12] .

لقد أشارت هذه الآية أوّلا إلى قضية الوفاء بالعهد ، وقد تكررت هذه الإشارة في مناسبات مختلفة في آيات قرآنية عديدة ، وربّما كانت إحدى فلسفات هذا التأكيد المتكرر على أهمية الوفاء بالعهد وذم نقضه ، هي إعطاء أهمية قصوى لقضية ميثاق الغدير الذي سيرد في الآية (٦٧) من هذه السورة .

والآية في بدايتها تشير إلى العهد الذي أخذه الله من بني إسرائيل على أن يعملوا بأحكامه ، وإرساله إليهم بعد هذا العهد اثني عشر زعيما وقائدا ليكون كل واحد منهم زعيما لطائفة واحدة من طوائف بني إسرائيل الاثنتي عشر ـ حيث تقول الآية الكريمة : {وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً} .

والأصل في كلمة «نقيب» إنّها تعني الثقب الكبير الواسع ، وتطلق بالأخص على الطرق المحفورة تحت الأرض ، وسبب استخدام كلمة نقيب للدلالة على الزعامة ، لأنّ زعيم كل جماعة يكون عليما بأسرار قومه ، وكأنّه قد صنع ثقبا كبيرا يطلع من خلاله على أسرارهم ، كما تطلق كلمة نقيب أحيانا على الشخص الذي يكون بمثابة المعرف للجماعة ، وحين تطلق كلمة «مناقب» على الفضائل والمآثر ، يكون ذلك لأنّ الفضائل لا تعرف إلّا عن طريق البحث والتنقيب في آثار الشخص .

وذهب بعض المفسّرين إلى أنّ كلمة «نقيب» الواردة في الآية موضوع البحث إنما تعني ـ فقط ـ العارف بالأسرار ، لكننا نستبعد هذا الأمر استنادا لما يدلنا عليه التاريخ والحديث وهو أن نقباء بني إسرائيل هم زعماء الطوائف الإسرائيلية ، جاء في تفسير «روح المعاني» عن ابن عباس قوله : «إنّهم كانوا وزراء ثمّ صاروا أنبياء بعد ذلك» . أي أنّهم كانوا وزراء للنّبي موسى عليه‌ السلام ثمّ نالوا منزلة النّبوة بعده (2) .

ونقرأ في أحوال النّبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه حين قدم أهل المدينة في ليلة العقبة لدعوته صلى الله عليه وآله وسلم إلى منطقة العقبة ، أمر الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم أهل المدينة لينتخبوا من بينهم اثني عشر نقيبا على عدد نقباء بني إسرائيل ، وبديهي أنّ مهمّة هؤلاء كانت زعامة قومهم وليس فقط إخبار النّبي بتقارير عن أوضاعهم (3) .

لقد وردت روايات عديدة من طرق السنة ، وهي تلفت الانتباه ـ لما فيها من إشارة إلى خلفاء النّبي الأئمّة الإثني عشر عليهم السلام وبيان أن عددهم يساوي عدد نقباء بني إسرائيل ـ ننقل هنا قسما من هذه الروايات :

١ـ ينقل «أحمد بن حنبل» ـ وهو أحد أئمّة السنّة الأربعة ، عن «مسروق» أنّه سأل عبد الله بن مسعود : كم عدد الذين سيحكمون هذه الأمّة؟ فرد ابن مسعود قائلا : «لقد سألنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : «اثني عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل» (4) .

٢ـ وجاء في تاريخ «ابن عساكر» نقلا عن ابن مسعود ، أنّهم سألوا النّبي عن عدد الخلفاء الذين سيحكمون هذه الأمّة ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : «إنّ عدّة الخلفاء بعدي عدة نقباء موسى» (5)

٣ـ وورد في «منتخب كنز العمال» عن جابر بن سمرة قوله «سيحكم هذه الأمّة اثنا عشر خليفة بعدد نقباء بني إسرائيل» (6) .

وجاء مثل هذا الحديث أيضا في كتاب (ينابيع المودة) في الصفحة ٤٤٥ وكذلك في كتاب (البداية والنهاية) ، ج ٦ في الصفحة ٢٤٧ أيضا .

* * *

وتشير الآية بعد ذلك إلى وعد الله لبني إسرائيل حيث تقول : {وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ} .

وإنّ هذا الوعد سيتحقق إذا التزم بنو إسرائيل بالشروط التالية :

١ ـ أن يلتزموا بإقامة الصّلاة كما تقول الآية : {لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ} .

٢ ـ وأن يدفعوا زكاة أموالهم : {وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ} .

٣ ـ أن يؤمنوا بالرسل الذين بعثهم الله ويحترموا وينصروا هؤلاء الرسل ، حيث تقول الآية {وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} (7) .

٤ـ وبالإضافة إلى الشروط الثلاثة المذكورة أعلاه ، أن لا يمتنع بنو إسرائيل عن القيام ببعض أعمال الإنفاق المستحب التي تعتبر نوعا من معاملات القرض الحسن مع الله سبحانه وتعالى حيث تقول الآية : {وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً} .

ثمّ أردفت الآية الكريمة ببيان نتائج الوفاء بالشروط المذكورة بقوله تعالى : {لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} .

كما بيّنت الآية مصير الذين يكفرون ولا يلتزمون بما أمر الله حيث تقول : {فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ} .

لقد أوضحنا في الجزء الثّاني من تفسيرنا هذا لما ذا اصطلح القرآن المجيد على الإنفاق ، أنّه قرض لله سبحانه ؟

ويبقى في هذا المجال ـ أيضا ـ سؤال أخير وهو لما ذا تقدمت مسألتا الصّلاة والزكاة على الإيمان بموسى عليه‌ السلام ، في حين أنّ الإيمان يجب أن يسبق العمل ؟

ويجيب بعض المفسّرين على هذا السؤال بقولهم : إن المراد بعبارة «الرسل» الواردة في الآية هم الأنبياء الذين جاءوا بعد النّبي موسى عليه‌ السلام وليس موسى نفسه ، لذلك فإن الأمر الوارد هنا بخصوص الإيمان بالرسل يحمل على أنّه أمرّ لمّا يستقبل من الزمان ، فلا يتعارض لذلك وروده بعد الأمر بالصّلاة والزكاة ، كما يحتمل ـ أيضا ـ أن يكون المراد بعبارة «الرسل» هم «نقباء» بني إسرائيل حيث أخذ الله الميثاق من بني إسرائيل بأن يكونوا أولياء معهم ، (ونقرأ في تفسير «مجمع البيان» أنّ بعضا من المفسّرين القدماء ، احتملوا أن يكون نقباء بني إسرائيل رسلا من قبل الله ، ويؤيد هذا الاحتمال الرأي الأخير الذي ذهبنا إليه) .

 

{ فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [المائدة : 13] .

 

إنّ هذه الآية الكريمة جاءت تشير إلى نقض بني إسرائيل للعهد الذي أخذه الله عليهم والذي ذكرته الآية السابقة .

كما ذكرت هذه الآية نتائج وعواقب هذا النقض حيث تقول : {فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً} (8) .

والحقيقة هي أن هؤلاء عوقبوا بهذين الجزاءين بسبب نقضهم لميثاقهم ، فقد حرموا من رحمة الله ، وتحجرت أفكارهم وقلوبهم فلم تعد تبدي أي مرونة أمام الحقائق .

وتشرح الآية آثار هذا التحجّر فتقول : {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ . . .} و {وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ . . .} .

ولا يستبعد أن تكون علامات وآثار نبيّ الإسلام محمّد صلى الله عليه وآله وسلم والتي أشير إليها في آيات قرآنية أخرى ، جزءا من الأمور التي نسيها بنو إسرائيل ـ كما يحتمل أن تكون هذه الجملة القرآنية إشارة إلى ما حرفه أو نسيه جمع من علماء اليهود أثناء تدوينهم للتوراة من جديد بعد أن فقدت التوراة الأصلية ، وإنّ ما وصل إلى هؤلاء من كتاب موسى الحقيقي كان جزءا من ذلك الكتاب وقد اختلط بالكثير من الخرافات ، وقد نسي هؤلاء حتى هذا الجزء الباقي من كتاب موسى عليه‌ السلام .

ثمّ تتطرق الآية إلى ظاهرة خبيثة طالما برزت لدى اليهود ـ بصورة عامّة ـ إلّا ما ندر منهم ، وهي الخيانة التي كانت تتكشف للمسلمين بين فترة وأخرى ، تقول الآية الكريمة في هذا المجال : {وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ (9) مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ . . .} .

وفي الختام تطلب الآية من النّبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يعفو عن هؤلاء ويصفح عنهم ، مؤكّدة أنّ الله يحب المحسنين ، وذلك في قوله تعالى : {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} .

ولنرى هل أنّ المراد في الآية أن يعفو النّبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الأخطاء السابقة للأقلية الصالحة من اليهود ، أم أنّ المراد هو العفو عن الأغلبية الطالحة منهم؟

إنّ ظاهر الآية يدعم ويؤيّد الاحتمال الثّاني ، لأنّ الأقلية الصالحة لم ترتكب ذنبا أو خيانة لكي يطلب من النّبي صلى الله عليه وآله وسلم العفو عنهم ـ والظن الغالب هو أنّ العفو والصفح المطلوبان في الآية يشملان ـ فقط ـ تلك الحالات التي كان اليهود يوجهون فيها أذاهم وتحرشاتهم واستفزازاتهم إلى النّبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا يشملان أخطاء اليهود وجرائمهم بحق الأهداف والمبادئ الإسلامية ، حيث لا معنى للعفو في هذا المجال .

{وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ } [المائدة : 14] .

 

العداء الأبدي :

لقد تناولت الآية السابقة ظاهرة نقض بني إسرائيل للعهد الذي أخذه الله منهم ، أمّا الآية الأخيرة ـ هذه ـ فهي تتحدث عن نقض العهد عند النصارى الذين نسوا قسما من أوامر الله التي كلّفوا بها ـ فتقول الآية في هذا المجال : {وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} فهذه الآية تدل بوضوح على أنّ النصارى ـ أيضا ـ كانوا قد عقدوا مع الله عهدا على أن لا ينحرفوا عن حقيقة التوحيد ، وأن لا ينسوا أوامر وأحكام الله ، وأن لا يكتموا علائم خاتم النّبيين صلى الله عليه وآله وسلم ، لكنّهم تورطوا بنفس ما تورط به اليهود مع فارق واحد ، وهو أنّ القرآن الكريم يصرّح بالنسبة لليهود بأنّ القليل منهم كانوا من الصالحين ، بينما يذكر القرآن بأنّ مجموعة من النصارى اختارت طريق الانحراف ، حيث يفهم من هذه التعبير أنّ المنحرفين من اليهود كانوا أكثر من المنحرفين من النصارى .

إنّ تاريخ تدوين الأناجيل المتداولة يدل على أنّها كتبت بعد المسيح عليه‌ السلام بسنين طويلة وبأيدي بعض المسيحيين ، وهذا هو دليل وجود الكثير من التناقض الصريح فيها ، ويدلنا هذا ـ أيضا ـ على أنّ كتبة الأناجيل قد نسوا ـ بصورة تامّة ـ أجزاء غير قليلة من الإنجيل الأصلي ، ووجود خرافات في الأناجيل المتداولة من قبيل قصة صنع المسيح عليه‌ السلام للخمرة (10) الأمر الذي يرفضه العقل ويتنافى حتى مع بعض آيات التوراة والإنجيل المتداولين ، وكذلك قصّة مريم المجدلية (11) وغيرها من القصص ، كلها دليل على ذلك التناقض .

أمّا كلمة «نصارى» التي وردت في الآية فهي صيغة جمع نصراني ، فقد وردت تفاسير مختلفة حولها ، ومنها أن المسيح قد تربى في صباه ببلدة الناصرة ، وقيل ـ أيضا ـ أنّ هذه الكلمة هي نسبة إلى نصران ، وهي قرية يوليها المسيحيون احتراما خاصا ، ويحتمل ـ أيضا ـ أن يكون وجه التسمية ناشئا عن قول المسيح عليه‌ السلام كما تحكية الآية عنه إذ تقول : {كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ} [يوسف : 14] فسمّي المسيحيون لذلك بالنصارى .

ولما كان جمع من النصارى يقولون ما لا يفعلون ، ويزعمون أنّهم من أنصار المسيح عليه‌ السلام يقول القرآن في هذه الآية : {وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى . . .) وهم لم يكونوا صادقين في دعواهم هذه ، لذلك تستطرد الآية الكريمة فتبيّن نتيجة هذا الادعاء الكاذب ، وهو انتشار عداء أبدي فيما بينهم حتى يوم القيامة ، كما تقول الآية : {فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ} .

كما ذكرت الآية نوعا آخر من الجزاء والعقاب لهذه الطائفة النصرانية ، وهو أنّهم سوف يعلمون نتيجة أعمالهم وسيرونها بأعينهم حيث تقول الآية : {سَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ} .

_________________________

1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 453-461 .

2. تفسير روح المعاني ، ج ٦ ، ص ٧٨ .

3. سفينة البحار ، في مادة «نقيب» .

4. مسند أحمد ، ص ٣٩٨ ، طبعة مصر ، سنة ١٣١٣.

5. كتاب فيض القدير في شرح الجامع الصغير ، ج ٢ ، ص ٤٥٩.

6. منتخب كنز العمال في حاشية مسند أحمد ، ج ٥ ، ص ٣١٢.

7. إنّ عبارة «عزرتموهم» مشتقة من مادة «تعزير» أي المنع أو العون ، أمّا حين تسمى بعض العقوبات الإسلامية بالتعزير فذلك لأنّ هذه العقوبات تكون في الحقيقة عونا للمذنب لكي يرتدع عن مواصلة الذنب ، وهذا دليل على أنّ العقوبات الإسلامية لا تتسم بطابع الانتقام بل تحمل طابعا تربويا لذلك سمّيت بالتعزير.

8. إنّ كلمة «لعن» تعني في اللغة «الطرد والإبعاد» وحين ينسب اللعن إلى الله فإنه يعني الحرمان من رحمته ، أمّا كلمة «قاسية» فهي في الأصل مشتقة من المصدر «قساوة» وتطلق على الأخص على الحجر الصلد ، ولذلك أطلقت على الذين لا يبدون أي مرونة من جانبهم أمام الحقائق التي تتكشف لهم .

9. إنّ كلمة «خائنة» مع كونها اسما للفاعل ، فهي في هذه الآية تكون بمعنى المصدر وتطابق كلمة الخيانة . . . وقد جرت عادة العرب على استخدام مثل هذه الاستعمالات في أشعارهم حيث جاؤوا باسم الفاعل وعنوا به المصدر في كلمات مثل «العافية» والخاطية» وقد احتملوا أيضا أنّ تكون كلمة «خائنة» صفة للطائفة .

10. إنجيل يوحنا ، الإصحاح ٢ ، الآيات ٢ ـ ١٢ .

11. إنجيل لوقا ، الإصحاح ٧ ، الآيات ٣٦ ـ ٤٧ .

 

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



بمشاركة 60 ألف طالب.. المجمع العلمي يستعدّ لإطلاق مشروع الدورات القرآنية الصيفية
صدور العدد الـ 33 من مجلة (الاستغراب) المحكمة
المجمع العلمي ينظّم ورشة تطويرية لأساتذة الدورات القرآنية في كربلاء
شعبة التوجيه الديني النسوي تختتم دورتها الثانية لتعليم مناسك الحجّ