المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

علاقات العرب الخارجية
1-2-2017
مشكلات البيئة - التلوث البيئي – (مفهومه)
2023-03-07
collective (adj.)
2023-07-06
سلامة بن محمد بن إسماعيل الأرزني
5-11-2017
التطهير باستبراء الحيوان الجلال
6-12-2016
معنى كلمة مهن‌
2-1-2016


التربية الإسلامية الصحيحة  
  
3700   01:29 مساءً   التاريخ: 29-1-2017
المؤلف : د نبيل السمالوطي
الكتاب أو المصدر : بناء المجتمع الإسلامي
الجزء والصفحة : .....
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

تلك التربية التي تستهدف الحفاظ على الفطرة النقية، فكما يحدثنا رسولنا الكريم: (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه ينصرانه أو يهودانه أو يمجسانه). ويقوله سبحانه وتعالى: (خلقت عبادي حنفاء فاحتالتهم الشياطين) وهناك مجموعة من الخصائص التي تميز التربية الإسلامية نوجزها فيما يلي:

1- التربية الإسلامية تربية تكاملية:

حيث لا تركز على أحد جوانب الإنسان، وإنما تعتني بالتنشئة المتكاملة للإنسان جسمًا وعقلًا وسلوكًا ووجدانًا، وبالعلاقات بين الإنسان وغيره، وبينه وبين ربه. فهي تحرر العقل من الأوهام، وتحرر النفس من العبودية لغير الله، وتحرر الجسم من الوقوع في أسر اللذات والشهوات، وتقيم علاقات بين الناس قوامها الأخوة والمساواة والعدل والحب.

2- التربية الإسلامية تربية متوازية:

حيث تحرص على تحقيق التوازن الدقيق المعجز بين مطالب الدنيا ومطالب الآخرة، يقول تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}[القصص:77] . وهي ترفض التطرف سواء في الجانب المادي ـ الشهوات - أو في الجانب الروحي - الرهبانية.

3- التربية الإسلامية تربية سلوكية وعملية:

حيث لا تكتفي بالقول وإنما تركز كذلك على الفعل والسلوك والعمل، ويتضح هذا في أسس الإسلام الخمسة التي تقتضي القول والممارسة وهي: الشهادة بأنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، والصلاة والزكاة والصيام والحج، كما يتضح من أسلوب مخاطبة الله سبحانه للمؤمنين حيث يقرن الإيمان بالعمل الصالح - الذين آمنوا وعملوا الصالحات- ويقول تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 34]

4- التربية الإسلامية تجمع بين الفردية والجماعية:

فإذا كان كل مسلم مسئول عن معتقداته وأفكاره وأعماله مسئولية فردية أمام الله، فإن كل راع مسئول مسئولية فردية عن رعيته، والإسلام ينبذ الأنانية ولا يقيم أي وزن للنعرات العرقية أو العنصرية أو الطبقية أو اللونية... ويحث الإنسان على التعاون... وتعاونوا على البر والتقوى، ويقول (عليه السلام): (الخلق كلهم عيال الله فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله) وتقوم جماعية الإسلام استنادًا إلى أساسين هما: وحدة الأصل {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}[النساء:1]. وكل البشر لآدم وآدم من تراب بالإضافة إلى النفخة الإلهية ووحدة العقيدة، وهذا هو ما نادى به كل الرسل {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلام}[آل عمران:18] . {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْه} [آل عمران:85]. {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَك}[البقرة:128]. وتؤكد التربية الإسلامية على أهمية القدوة والوسط الاجتماعي في تنشئة الفرد، واهتمت بتكوين العادات الحسنة منذ النشأة الأولى للطفل بمخالطته للنماذج الطبية، وإبعاده عن قرناء السوء، فمثل الجليس الصالح، والجليس السوء، كبائع المسك ونافخ الكير. واهتمت التربية بالوسط الأسري لأهمية دوره في الحفاظ على نقاء الإنسانية.

5- التربية الإسلامية تركز على تقوية جانب المراقبة لله:

ذلك لأنه مهما بلغت من قوة القوانين، فلن تكفل المجتمع الصالح، فالفرق بين مراقبة الله والخضوع للقانون، فرق بين الالتزام الداخلي والإلزام الخارجي، والإنسان الذي يراقب ربه فإنه يراقب الله سبحانه في السر والعلن ذلك أنه سبحانه: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُور}[غافر:19]. وتهتم التربية الإسلامية بإيجاد المراقبة الدائمة لله بحيث تعصمه من الشطط والانحراف.

6- التربية الإسلامية تربية لفطرة الإنسان:

وتسمو بغرائزه، فالإنسان مسلم بفطرته، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}[الأعراف:172] . ويقول (عليه السلام): (ما من مولود إلا يولد على الفطرة وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) والتربية الإسلامية تربية لفطرة الإنسان لأن الإسلام دين الفطرة حيث تتفق كافة تعليماته مع فطرة الإنسان وطبيعة تكونه الجسمي والروحي والوجداني... إلخ {ولا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} . ويقول (عليه السلام): (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه)، وأساس التكليف في الإسلام الاستطاعة فلا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها. ويربي الإسلام الفرد على الاعتدال {كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا}{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِين} ، والإسلام لا يحرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق، لكنه ينظم ويهذب إشباع الإنسان لدوافعه بشكل يتفق مع مبادئ الإسلام أو الشريعة الإسلامية.

7- التربية الإسلامية توجه الإنسان نحو الخير:

يقول تعالى مخاطبًا نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِين}، ويقول تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[آل عمران:110] والتربية الإسلامية موجهة باستمرار إلى ما فيه خير الفرد دنيويًّا - جسميًّا وروحيًّا واجتماعيًّا، وفي الآخرة حيث يفوز برضوان الله والجنة. فالإسلام يربي الإنسان على الخلق الفاضل وحسن معاملة الناس وحب الآخرين (ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وتستهدف التربية الإسلامية الحفاظ على مقصود الشرع من حفظ الدين والعقل والعرض والنفس والمال.

8- التربية الإسلامية تربية مستمرة:

فهي تستمر مع الإنسان من المهد إلى اللحد، حيث يجب على المسلم التزود باستمرار من العلوم بكافة أنواعها {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر:28] ، وينبهنا بل يطالبنا القرآن الكريم بإمعان النظر والتأمل والتفكر في مخلوقات الله؛ لأن أي تفكير صحيح - في النفس أو في التاريخ أو في الكون- سوف يدعم الإيمان الكامل اليقيني بوحدانية الله سبحانه.

9- التربية الإسلامية تتسم بالعالمية والشمول:

ينبذ الإسلام التعصب والفروق العرقية والطبقية واللونية ويقيم معيارًا واحدًا للتمييز بين كل البشر، وهو معيار التقوى والعمل الصالح وفعل الخير. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات:13] . والمسلمون متساوون في العبودية المطلقة لله وهم جميعًا إخوة فيما بينهم {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة} والمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، فالمسلمون في كل أنحاء الدنيا، يجمع بينهم عقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويجمع بينهم أداء الفرائض واعتناق القيم الإسلامية وأداء

السلوك الإسلامي الموحد.

10- التربية الإسلامية محافظة ومجددة:

فهي محافظة بما تقوم عليه من مبادئ سماوية خالدة، وتقاليد ثابتة، وقيم أصلية تمتد بجذورها إلى ما يزيد على أربعة عشر قرنًا من الزمان. وتعمل التربية الإسلامية على ترسيخ هذه المبادئ في نفوس النشء، وصياغة الشخصية الإسلامية المتكاملة التي تؤمن بربها وبالرسل والكتب والملائكة واليوم الآخر والقدر خيره وشره. غير أن التربية الإسلامية ليست جامدة ولا متحجرة فهي تصلح لكل زمان ومكان، والمسلمون تتجدد أحوالهم المعيشية بتغير الأزمنة - مع الاحتفاظ بالمبادئ والقيم الإسلامية - ولهذا يجب على التربية الإسلامية أن تنقل للنشء كل علوم العصر المادية التي لا تتعارض مع القيم الإسلامية من أجل رفع شأن المسلمين والنهضة المستمرة بالمجتمع الإسلامي والوفاء بالمطالب المتجددة للمسلمين.

هذه هي أهم أهداف وأسس التربية الإسلامية، وهناك مجموعة من الأساليب والسبل التي يحاول بها الإسلام الوصول إلى هذه الأهداف نوجزها فيما يلي:

أولا: أسلوب القدوة الصالحة: فهو أنجح الأساليب في تربية النشء، وخاصة في فترة الاكتساب خلال فترة الطفولة المبكرة والمتأخرة، وقد ضرب لنا الرسول -عليه السلام- أحسن الأمثلة في القدوة الصالحة بسلوكه وخلقه، قال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِر}[الأحزاب:21]، وشبه الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) الجليس الصالح والجليس السوء ببائع المسك ونافخ الكير. ويجب أن يضرب الآباء والأساتذة الدعاة المثل الصالح حتى يحتذي بهم الأبناء والدارسون والمستمعون. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}[الصف:1-2] .

ثانيا: أسلوب الترغيب والترهيب: يعد الثواب والعقاب هو الأسلوب الذي يتفق مع الفطرة الإنسانية، والذي ثبت صلاحيته في كل زمان ومكان.

ويستخدم القرآن الكريم هذا الأسلوب في حض المؤمنين على فعل الخير والتمسك بمبادئ الشريعة الإسلامية واجتناب الكبائر والفواحش والرذائل وكل ما يقرب إلى النار، فهناك الحدود التي يجب تطبيقها في المجتمع الإسلامي على كل مخالف للشرع، وهناك الثواب الدنيوي والأخروي، كما أن هناك العقاب الدنيوي والأخروي. {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا}[فصلت:30] وإذا كان كل بني آدم خطاء، فإن خير الخطائين التوابون كما أخبرنا الرسول، عليه الصلاة والسلام.

ثالثا: أسلوب الموعظة والنصح: يقول مخاطبًا النبي (عليه السلام): {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}[النحل: 25]. وقال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران:104]. وقال (عليه السلام): (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) رواه مسلم. وهذا الأسلوب التربوي من أنجح الأساليب في إقناع الدارسين والمتمعنين وإرشادهم إلى ما فيه رضا الله و فلاحهم في الدنيا والآخرة.

رابعًا: أسلوب الإقناع والاقتناع: يقوم الإسلام على مبدأ {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّين}، وقد استخدم القرآن الكريم العديد من أساليب الإعجاز والإقناع العقلي من أجل ترشيد الناس وهدايتهم - منها أسلوب سيدنا إبراهيم مع الذي حاجه في ربه، وأسلوب موسى (عليه السلام) مع فرعون... إلخ- ومن خلال الحوار والإقناع والاقتناع - القائم على أساس سليم - تتضح الحقائق ويزداد الناس اقتناعًا بالعقيدة الإسلامية السمحة.

خامسًا: أسلوب التعلم بالمحاولة والخطأ: وكان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) يعلم أصحابه بهذا الأسلوب أحيانًا، حيث كان يراقبهم في أثناء تطبيق تعاليم الإسلام ثم يصحح لهم أخطاءهم، حتى يتعلموا من خلال الممارسة و التجرية. ومن أشهر الأدلة على ذلك ما جاء في حديث - المسيء صلاته - فقد رأينا في هذا الحديث كيف أن الأعرابي دخل المسجد فصلى وأخطأ وسلم على الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) فرده الرسول ليصلي، حتى فعل ذلك ثلاث مرات، وفي الثالثة طلب من الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) أن يعلمه - وجود الدافعية في التعليم - فعلمه.

سادسًا: التعليم بالأساليب الحسية: كان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) يستخدم الأساليب الحسية ـ لسهولتها - من أجل شرح الأمور المعنوية، فكان على سبيل المثال يخط خطًا على الرمال وخطين عن يمينه وخطين عن شماله، ثم يذكر للصحابة عليهم رضوان الله أن الخط الوسط يمثل سبيل الله، والخطوط الجانبية هي سبل الشيطان، ويتلو قوله تعالى:

{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[الأنعام: 153] .

سابعًا: أسلوب الحوار الموجه: استخدام الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) أسلوب الاستجواب والحوار الموجه في تعليم أصحابه عليهم رضوان الله، مثال هذا ما فعله (صلى الله عليه واله وسلم) مع معاذ بن جبل.

ثامنًا: الأسلوب القصصي: وقد استخدم القرآن الكريم الأسلوب القصصي في عرض وقائع وأحداث التاريخ السابق للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) لما لهذا الأسلوب من أثر عميق، وإيجابي في نفس الإنسان...

تاسعًا: أسلوب المعرفة النظرية والممارسة العملية: تحتل المعلومات النظرية أهمية كبرى في حد ذاتها؛ لأنها تنمي عقل الإنسان وتساعد على تكوين خلفية ثقافية تمكنه من التعامل مع مجتمعه، وتساعده على القيام بدور المواطنة الصالحة. وقد تعالت الصيحات من جانب المربين يتساءلون حول جدوى المعرفة النظرية، وانتقدوا جانبًا من التعليم المعاصر لأنه لفظي نظري، يفتقر إلى مغزاه الوظيفي والتطبيقي والاجتماعي. غير أن هذا القول لا يقلل من أهمية المعرفة النظرية لأنها الأصل والأساس في كل التطبيقات العملية والسلوكية. والإسلام يحترم العلم وأهله، {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُون}[الزمر:9] {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات}[المجادلة:11]. وإذا كان الإسلام يعتني بالعلم النظري فإنه يركز كذلك على التطبيقات العملية للعلم. وقد استعاذ الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) من علم لا ينفع. ويجب على المربين أن يقرنوا العلم بالعمل والنظرية بالتطبيق، فالإيمان بالله ورسوله له تطبيقاته السلوكية. والصلاة والصوم والزكاة والحج تمثل مبادئ شرعية لها تطبيقاتها السلوكية.

وبالإضافة إلى كل ما سبق فالإسلام دين عظيم متكامل يرسم صورة مجتمع فاضل بكافة نظمه السياسية والاقتصادية والعسكرية والتربوية والأسرية... وصدق تعالى إذ يقول: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْء}[الأنعام:38] .




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.