المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4543 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


جزئية البسملة من السورة والجهر بها من بدع الشيعة المخالف للكتاب والسنة  
  
3036   09:56 صباحاً   التاريخ: 12-1-2017
المؤلف : ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : الشيعة (شبهات وردود)
الجزء والصفحة : ص 167 - 179
القسم : العقائد الاسلامية / شبهات و ردود / الفقه /

[جواب الشبهة] :

عندما يتشرف أتباع أهل البيت (عليهم السلام) بحج بيت الله، ولأجل الحفاظ على الوحدة عملاً بتوجيهات أهل البيت (عليهم السلام) يقومون بمشاركة أهل السنّة في صلاة الجماعة، للحصول على فضيلة الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي (صلى الله عليه وآله). وأول شيء يثير انتباههم عدم قراءة أئمّة الجماعة المحترمين (بسم الله الرحمن الرحيم) في بداية سورة الحمد، أو يقرأونها اخفاتاً حتى في الصلوات الجهرية مثل صلاة الصبح والمغرب والعشاء.

في الوقت الذي يشاهدون أن سورة الحمد تتكون من سبع آيات في جميع المصاحف الموجودة في مكة والتي تطبع غالباً هناك، والبسملة جزءٌ منها، وهذا ما أثار استغرابهم، لماذا يصل وضع أهم آية في القرآن وهي البسملة إلى هذا المصير.

ويزداد استغرابهم عندما ننقل لهم قصّة اختلاف الروايات لدى أهل السنّة حول البسملة، ولابدّ أولاً من مراجعة الفتاوى في هذه المسألة، وبعدها ننتقل إلى الروايات الواردة في البحث.

إنقسم فقهاء أهل السنّة بشكل عام إلى ثلاث فرق:

الأولى: تقول بوجوب قراءة البسملة في بداية سورة الحمد، فيجهر بها في الصلوات الجهرية، وتقرأ إخفاتاً في الصلوات الإخفاتية. وذهب إلى هذا القول الإمام الشافعي وأتباعه.

الثانية: تقول بوجوب قراءتها إخفاتاً مطلقاً، وذهب إليه الحنابلة (أتباع أحمد بن حنبل).

الثالثة: تقول بعدم قراءتها مطلقاً، وذهب إليه أتباع الإمام مالك، وقريب منه ما ذهب إليه أتباع أبي حنيفة أيضاً .

وعبارة ابن قدامة الفقيه المشهور لدى أهل السنّة في كتابه «المغني» هي: «أنّ قراءة (بسم الله الرحمن الرحيم) مشروعة في أوّل الفاتحة، وأوّل كل سورة في قول أكثر أهل العلم، وقال مالك والأوزاعي: لا يقرؤها في أوّل الفاتحة... ولا تختلف الرواية عن أحمد أنّ الجهر بها غير مسنون.....

ويروى عن عطاء وطاووس ومجاهد وسعيد بن جبير، الجهر بها وهو مذهب الشافعي» (1). حيث نقل في هذه العبارة الأقوال الثلاثة.

وجاء في تفسير المنار عن وهبة الزحيلي :

«قال المالكية والحنفية ليست البسملة بآية من الفاتحة ولا غيرها إلاّ من سورة النمل....

إلاّ أنّ الحنفية قالوا يقرأ المنفرد بسم الله الرحمن الرحيم مع الفاتحة في كل ركعة سراً....

وقال الشافعية والحنابلة: البسملة آية من الفاتحة يجب قراءتها في الصلوات، إلاّ أنّ الحنابلة قالوا كالحنفية يقرأ بها سرّاً ولا يجهر بها، وقال الشافعية: يسرّ بها في الصلاة الإخفاتية، ويجهر بها في الصلاة الجهرية» (2).

فبناءً على ما تقدم يكون قول الشافعية أقرب إلى قول فقهاء الشيعة من بقية الأقوال، إلاّ أنّ أصحابنا يرون استحباب الجهر بالبسملة في جميع الصلوات، ومتفقون على وجوب قراءتها في سورة الحمد، وعلى أنّها جزء من كل السور المشهورة والمعروفة.

وفي الحقيقة يصاب الباحث بالحيرة عندما يرى أنّ النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله)الذي عاش بين ظهرانيهم لمدّة ثلاث وعشرين سنة، كان يصلي جماعة في أكثر صلواته بحضورهم، ويسمعون ما يقوله في صلواته، وبعد فترة قصيرة يختلفون في كيفية صلاته بشكل فظيع، فبعضهم لا يجيز من قراءة البسملة، وبعضهم يوجب ذلك، وبعضهم يوجب قراءتها إخفاتاً، وبعضهم يوجب قراءتها جهراً في الصلوات الجهرية!!

ألا يشير هذا الاختلاف العجيب، وغير المتوقع إلى أنّ هذه المسألة لم تكن عادية، وأنّ هناك فريقاً سياسياً يعمل بخفاء لوضع أحاديث متناقضة ومتضادة وينسبونها إلى النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) وسنأتي على شرحها فيما بعد.

يروي البخاري في صحيحه حديثاً يمكن من خلاله كشف القناع عن تلك المؤامرات التي تحاك، فيقول: «ينقل مُطَرِّف عن عمران بن الحصين قوله: عندما كان علي(عليه السلام) يصلي في البصرة، قلت: ذكَّرنا هذا الرجل صلاةً كنّا نصلِّيها مع رسول الله(صلى الله عليه وآله)»(3).

نعم، لقد اتضح أنّهم قاموا بتغيير كل شيء حتى الصلاة.

ينقل الشافعي في الكتاب المعروف «الأم» عن وهب بن كيسان: «كلُّ سنن رسول الله(صلى الله عليه وآله) قد غُيِّرت حتى الصلاة»(4).

الجهر بالبسملة في الأحاديث النبوية:

هناك طائفتان من الروايات في كتب أهل السنة المعروفة حول هذه المسألة، وهي مختلفة تماماً، وهذا ما أدى إلى اختلاف فتاواهم، والعجيب في الأمر أنّ راوياً معيناً ينقل عدّة روايات متناقضة ومتضادة، وسنلاحظها في الأحاديث القادمة.

الطائفة الأولى:

الروايات التي تعتبر البسملة جزءاً من سورة الحمد، بل ترى استحباب قراءتها جهراً أو وجوب قراءتها.

في هذه الطائفة نكتفي بذكر خمس روايات عن خمسة رواة معروفين:

1. ينقل الدار قطني في كتابه «السنن» حديثاً عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) صاحب المقام الشامخ المعلوم للجميع الذي رافق النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في السفر والحضر وفي الخلوة والجلوة، فيقول: «كان النبي (صلى الله عليه وآله) يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في السورتين جميعاً» (5).

2. ينقل الحاكم في المستدرك عن أنس بن مالك الخادم الخاص للنبي (صلى الله عليه وآله) منذ أيّام شبابه يقول: «صلّيت خلف النبي (صلى الله عليه وآله) وخلف أبي بكر، وخلف عمر، وخلف عثمان، وخلف علي كلهم كانوا يجهرون بقراءة بسم الله الرحمن الرحيم»(6).

3. ينقل الدار قطني عن عائشة التي كانت ملازمة للنبي (صلى الله عليه وآله) ليلاً ونهاراً بشكل طبيعي تقول: «إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم»(7).

4. تنقل كتب الصحاح عن أبي هريرة الراوي المعروف لإخواننا أهل السنّة ـ حيث تنقل كتب الصحاح وغيرها الكثير من رواياته ـ يقول: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة» .

وقد ورد هذا الحديث في ثلاثة كتب معروفة: 1 ـ السنن الكبرى (8); ومستدرك الحاكم (9); 3 ـ سنن الدار قطني (10).

5. وفي حديث آخر: إنّ جبرائيل أيضاً عندما أراد تعليم النبي (صلى الله عليه وآله)الصلاة قرأ البسملة بصوت مرتفع، حيث ينقل الدار قطني عن نعمان بن بشير قوله: إنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «أمّنِي جبرائيل عند الكعبة فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم» (11). وروايات أخرى كثيرة.

والملفت للنظر أنّ بعض العلماء المعروفين الذين أتوا على ذكر أحاديث الجهر بالبسملة صرحوا في ذيل بعض الروايات أنّ رواة الحديث عموماً من الثقات، مثل: الحاكم في المستدرك.

وهنا يجب أن نضيف: أنّ البسملة في المصادر الفقهية والحديثية لأهل البيت (عليهم السلام) ذكرت بعنوانها جزءاً من سورة الحمد، ورواياتها متواترة تقريباً، وروايات أخرى صرّحت بالجهر بالبسملة.

ولأجل المزيد من الاطلاع على هذه الروايات يراجع كتاب وسائل الشيعة (12). ونقلت في هذا المجال عشرات الروايات عن أهل البيت(عليهم السلام)في الكتب مثل: الكافي، وعيون أخبار الرض ا(عليه السلام)، ومستدرك الوسائل (13).

ألا يجب الإنتباه لحديث الثقلين ـ الذي نقله الفريقان عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) والذي يصرّح: بالتمسك بالقرآن وأهل البيت حتى لا يضل الناس بعده ـ أن نلجأ إلى أهل البيت (عليهم السلام) عندما تواجهنا مثل هذه المسائل الخلافية لاتباعهم؟!

الطائفة الثانية:

الروايات التي لا تعتبر البسملة جزءاً من سورة الحمد، ويمنعون الجهر بها، ومن جملتها:

1. نقرأ في صحيح مسلم حديثاً نقله عن قتاده أنّ أنساً، قال: «صليت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحداً منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم» (14). ولاحظوا أنّ هذا الحديث لم يأت على ذكر قراءة علي(عليه السلام)!

فعلاً إنّه لأمر مريب أن يذكر شخص معين ـ مثل: أنس ـ بصراحة: أنّه صلّى خلف النبي (صلى الله عليه وآله) والخلفاء الثلاثة الأوائل وعلي (عليه السلام) ـ وأنّهم قرأوا البسملة بصوت مرتفع، وفي مكان آخر يقول: أنّه صلى خلف الرسول (صلى الله عليه وآله) والخلفاء الثلاثة الأوائل، ولم يقرأ أي واحد منهم البسملة، فما بالك بالجهر بها بصوت مرتفع.

ألا يستنتج المفكر هنا أنّ أيدي الوضّاعين قامت بوضع الحديث الثاني لإبطال الحديث الأول ـ وسيتضح دليله قريباً ـ ونسبوا ذلك إلى أنس، ولم يذكروا اسم علي(عليه السلام) حتى لا تنكشف المؤامرة; لأنّ الجميع يعرف أنّ الإمام علياً(عليه السلام) وأتباعه يجهرون بالبسملة.

2. ينقل البيهقي في سننه عن عبد الله بن مغفل، قال: «سمعني أبي وأنا أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، فقال: أي بني محدث؟ صليت خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحداً منهم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم» (15). ونلاحظ هنا عدم ذكر اسم الإمام علي (عليه السلام) أيضاً.

3. نقرأ في المعجم الوسيط للطبراني عن ابن عباس قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم هزء منه المشركون، وقالوا محمّد يذكر إله اليمامة ـ وكان مسيلمة يسمى «الرحمن» فلما نزلت هذه الآية أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن لا يجهر بها»؟!

وآثار الوضع فيها واضحة; وذلك:

أولاً: إنّ كلمة الرحمن لم يقتصر ذكرها في القرآن في البسملة، بل ذكرت ستاً وخمسين مرّة في موارد مختلفة، وفي سورة مريم كررت في ست عشرة آية، فبناءً على ذلك يجب عدم قراءة سور القرآن الأخرى، لأجل أنّ لا نكون مورداً لسخرية المشركين.

ثانياً: المشركون يستهزئون بجميع الآيات القرآنيّة، لهذا نقرأ في آيات متعددة في القرآن الكريم، ومن جملتها قوله تعالى: (...إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ...)( النساء، الآية 140) ونقرأ: (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً...)( المائدة، الآية 58)، فهل أمر الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله)بترك الأذان أو بقراءته بصوت خافت، حتى لا نكون مورداً لاستهزاء المشركين؟

وفي الأصل كان المشركون يستهزئون بشخص الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله): (وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلا هُزُواً...)(الأنبياء، الآية 36)، فإذن بناءً على ذلك يجب على النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) أن يختفي عن الأنظار.

وبغض النظر عن هذا كله، يقول الله سبحانه وتعالى لنبيه الأكرم(صلى الله عليه وآله)بشكل صريح: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)( الحجر، الآية 95).

ثالثاً: إنّ مسيلمة لم يكن شخصية يحسب لها هذا الحساب، وأصغر من أن يقوم النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) بإخفاء الآيات القرآنيّة بسبب أن اسمه «رحمان»، أو يقرأها بإخفات، وخصوصاً أن ادعاءات مسيلمة هذه كانت قد انتشرت في القرن العاشر الهجري، حيث كان الإسلام في ذروة قوته وقدرته.

هذه الحقائق تشير بوضوح إلى أنّ واضعي هذا الحديث كانوا مبتدئين إلى حدّ كبير في عملهم، وغير واعين.

4. نقرأ في الحديث الذي ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن عباس، يقول: «الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قراءة الأعراب»(16).

وفي الوقت نفسه لدينا حديث آخر عن علي بن زيد بن جدعان يقول: «إنّ العبادلة (عبد الله بن عباس، عبد الله بن عمر، عبد الله بن الزبير) كانوا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم يجهرون بها»(17).

والأكثر من هذا، كانت سيرة الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) الجهر بالبسملة، وهذا مشهور في جميع الكتب الشيعية وكتب أهل السنّة، فهل كان الإمام علي (عليه السلام) من الأعراب؟ ألا تكون هذه الأحاديث المتناقضة والمتضادة دليلاً على أنّ المسألة كانت ذا بعد سياسي؟

نعم، الحقيقة هي أنّ الإمام علياً (عليه السلام) كان يجهر بالبسملة، وكان معاوية يصرّ ـ بعد شهادة الإمام علي (عليه السلام) وخلال خلافة الإمام الحسن (عليه السلام) وبعد استلامه للسلطة ـ على محو كل الآثار والمظاهر العلوية في العالم الإسلامي، إضافة إلى اعتقاده بأنّ التأثير الفكري والمعنوي للإمام علي(عليه السلام)على أفكار عامة المسلمين، سيشكل تهديداً لسلطته.

والشاهد على هذا الكلام نقرأه في الحديث الذي ذكره الحاكم في المستدرك ـ والذي صرّح بأنّه معتبر ـ عن أنس بن مالك (الخادم الخاص للنبي): «جاء معاوية إلى المدينة وشارك في إحدى الصلوات الجهرية ]المغرب أو العشاء[ فقرأ البسملة في سورة الحمد ولم يقرأها مع السورة الثانية، وعندما سلّم في صلاته، ارتفع صوت مجموعة من المهاجرين والأنصار ] ولعل مشاركتهم في الصلاة كانت حفظاً لأرواحهم [ من جميع الأطراف: «أسرقت الصلاة أم نسيت؟!».

فقام معاوية في الصلاة التالية بقراءة البسملة في بداية سورة الحمد، وفي بداية السورة كذلك(18).

ولعل معاوية أراد بهذا العمل معرفة مدى حساسية المهاجرين والأنصار تجاه الجهر بالبسملة، ولكنه استمر في عمله هذا في بقية المناطق كالشام وغيرها.

القرآن ما بين الدفتين؟

إنّ الموجود بين الدفتين هو القرآن يقيناً، والبسملة جزء من القرآن، وما يقوله بعضهم: إنّ البسملة ليست جزءاً من القرآن، بل هي للتفريق بين السور فقط ، فيرد عليه :

أولاً: إنّ هذا الكلام لا يشمل سورة الحمد. لأنّ البسملة جزء من سورة الحمد ومعدودة من آياتها السبع، كما هو الحال في جميع النسخ القرآنيّة.

ثانياً: لماذا هذا التفريق لم يتحقق في سورة براءة؟ فإذا قيل: إنّ سياق الآيات في آخر سورة الأنفال لا يرتبط بسياق الآيات في بداية سورة براءة: فنقول إنّ هناك سوراً كثيرة في القرآن لا ترتبط نهايتها ببداية السورة التالية، ومع ذلك جاءت البسملة للتفريق بينهما.

فالحق: إنّ البسملة هي جزء من كل سورة، كما هو الحال في ظاهر القرآن، وأمّا عدم ذكر البسملة في بداية سورة براءة; فلأنّ سورة براءة تبدأ بإعلان الحرب على الذين نقضوا العهود، وهذا لا يتناسب مع ذكر الرحمن والرحيم; لأنّهما مظهر للرحمة العامة والخاصة.

خلاصة البحث:

بحث جزئية البسملة في سورة الحمد يتلخص بما يلي:

أولا: إنّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) قرأ البسملة في بداية سورة الحمد، وفي بداية السور الأخرى; وذلك وفقاً للروايات الكثيرة التي نقلت عن أكثر الناس قرباً من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجهر بالبسملة، طبقاً للعديد من الروايات.

ثانياً: إنّ الروايات المخالفة للروايات المذكورة آنفاً والتي تصرّح: إنّ البسملة ليست جزءاً من السورة أصلاً، أو أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان يقرأها بصوت خافت، فهي مشكوكة، بل هي موضوعة; وذلك بحسب القرائن الموجودة في نفس الروايات، وبنو أمية هم وراء هذا الموضوع لتحقيق بعض الأغراض السياسية، لأنّ جهر الإمام علي(عليه السلام)بالبسملة أصبح مشهوراً ومعروفاً، وسياسة بني أمية كانت تقتضي مخالفة كل ما يرتبط بالإمام علي (عليه السلام)، حتى وإن كان موافقاً لسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله).

وقد اعترض الصحابة بشدّة على معاوية في هذا الموضوع، والشواهد والقرائن التي ذكرناها سابقاً تؤكد ذلك.

1. كان أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) يجهرون بالبسملة اتباعاً لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) الذي نهل من علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لسنوات عديدة، فهم متفقون على هذا الرأي حتى أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «اِجْتَمَعَ آلُ مُحَمْد (صلى الله عليه وآله) عَلَى الجَهْرِ بِبِسْمِ اللهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ»(19).

وإذا كان المفترض ـ على الأقل في هذه المسائل ـ أن يعملوا برواية الثقلين والأخذ بروايات أهل البيت (عليهم السلام) فيجب على جميع فقهاء أهل السنّة كالشافعي أن يجهروا بالبسملة، أو يعتبروها واجباً في الصلوات الجهرية كحد أدنى.

2. ننهي بحثنا ـ من باب حسن الختام ـ بنقل عبارتين للفخر الرازي من كتابه التفسير الكبير:

أ) يقول: «إنّ عَلياً كان يبالغ في الجهر بالتسمية، فلمّا وصلت الدولة إلى بني أمية بالغوا في المنع من الجهر سعياً في إبطال آثار علي (عليه السلام)» (20).

إنّ شهادة هذا العالم الكبير من أهل السنّة توضح بما لا شك فيه أنّ الحكم بإخفاء البسملة أو حذفها كان وسيلة لتحقيق أهداف سياسية.

ب) يضيف في موضع آخر من الكتاب بعد أن استعرض نقل البيهقي: أنّ عمر بن الخطاب، وابن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير جميعاً كانوا يجهرون بالتسمية: أمّا أنّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان يجهر بالتسمية فقد ثبت بالتواتر، ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) فقد اهتدى، والدليل عليه قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): «اللهم أدر الحق مع علي حيث دار» (21).

___________________

1. المغني لابن قدامة، ج 1، ص 521 .

2. تفسير المنار، ج 1، ص 46 .

3. صحيح البخاري، ج 1، ص 190 .

4. الأم، ج 1، ص 269 .

5. سنن الدار قطني، ج 1، ص 302. ونفس الحديث نقله السيوطي في تفسير الدر المنثور، ج1، ص 22 .

6. مستدرك الصحيحين، ج 1، ص 232 .

7. تفسير الدر المنثور، ج 1، ص 23 .

8. السنن الكبرى، ج 2، ص 47.

9. مستدرك الصحيحين، ج 1، ص 208.

10. سنن الدار قطني، ج 1، ص 306.

11. سنن الدار قطني، ج 1، ص 309 .

12. وسائل الشيعة، أبواب القراءة في الصلاة، باب 11، 12، 21، 22 .

13. مستدرك الوسائل، الأبواب المتعلقة بقراءة القرآن في الصلاة.

14. صحيح مسلم، ج 2، ص 12، باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة.

15. السنن الكبرى، ج 2، ص 52 .

16. مصنف ابن أبي شيبة، ج 2، ص 89 .

17. تفسير الدر المنثور، ج 1، ص 21 .

18. مستدرك الصحيحين، ج 1، ص 233 .

19. مستدرك الوسائل، ج 4، ص 189 .

20. التفسير الكبير للفخر الرازي، ج 1، ص 206 .

21. نفس المصدر، ص 204 ـ 205.




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.