أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-10
1200
التاريخ: 2024-07-24
471
التاريخ: 2024-09-10
292
التاريخ: 2024-07-15
505
|
كانت توجد طائفة من وظائف الدولة يُعين فيها ضباط الميدان بعد انتهاء خدمتهم العسكرية، وهذه كانت مراكز معينة في الإدارة الحربية، وكان لا يشغلها إلا من له ماضٍ مجيد في ساحات الوغى. مثال ذلك «أمنمحاب» ويُسمَّى «مح» الذي حارب مع «تحتمس الثالث» في غزواته (1)، وقد ترقى خلال حروب هذا الفرعون من جندي بسيط إلى أن تقلد لقب «فارس «(2)، وعندما احتفل «أمنحتب الثاني» بعيد «أوبت» (الأقصر) بعد توليته العرش كان «أمنمحب» هذا يدير سكان قاربه، فطلبه الفرعون للمثول بين يديه في القصر وخاطبه قائلًا: «إني أعرفك منذ ذلك العهد الذي كنت لا أزال فيه صبيًّا في المهد، فقد كنت وقتئذٍ رفيق والدي، من أجل ذلك أكل إليك الآن نيابة الجيش، ويجب عليك أن تعد نفسك مسئولًا عن حرسي الخاص من الآن.» فهذا الضابط كما نرى قد وصل على حسب هذه النقوش بخدمته الطويلة إلى مرتبة نائب الجيش. وخلافًا «لأمنمحاب» هذا نجد ضباط ميدان آخرين ممن كانوا يشغلون وظيفة «فارس»، رُقي كل منهم إلى نائب للجيش فيما بعد؛ ففي عهد «تحتمس الثالث» نجد نائب الجيش المسمى «تحوتي مس «(3) وفي عهد «أمنحتب الثاني» نجد «أمنمحاب» السابق الذكر، ثم «بح سوخر» في عهد «أمنحتب الثاني» أيضًا، وفي عهد «تحتمس الرابع» نجد «باسر «(4) و«باتونر «(5) وغيرهم. ولكن ما يلفت النظر هو أن هؤلاء وبخاصة في الأمثلة القديمة لا يحملون لقب «كاتب»، وهو اللقب الذي كان يدل على أن صاحبه من عداد الموظفين، ومن لا يحمله لا يُعد حاصلًا على ثقافة الموظف الحكومي في ذلك الوقت، بل في كل زمن؛ لأن إتقان فن الكتابة كان المؤهل الوحيد لتولي وظائف الحكومة، ونشاهد ذلك بوجه خاص في حالتي «أمنمحب» و«بح-سوخر»؛ فقد كان كلاهما ضابطَ ميدانٍ وحسب، ولكن من المدهش أن «رعموسي» على الرغم من أنه كان يحمل لقب «فارس» فإنه مع ذلك يتمتع بلقب كاتب. وأهم عمل يقوم به ممثل الجيش هو الإشراف على المؤن الخاصة بالجنود والحاميات، ولذلك نجده مصورًا على جدران قبور هؤلاء الرجال الذين يحملون هذا اللقب، وقد عُثر على صورهم بالتأكيد في مقبرة «أمنمحب«(6)، وفي مقبرة «بح-سوخر«(7)، ومن الجائز كذلك أنه مصور في مقبرة «تحوتي مسو»، فاستمع لما جاء في المتن الذي في مقبرة «أمنمحب» ومقبرة «بح سوخر«(8): »إحضار الضباط والجنود إلى القصر لإطعامهم الخبز واللحم والنبيذ والفطير والخضر وكل شيء جميل مفرح … على يد نائب الجيش «فلان».» ومناظر هذه القبور التي تتشابه في الرسم وفي التركيب ترينا نائب الجيش واقفًا أمام موظف المؤن وأمامه كاتب وهو يستعرض المشاة والفرسان يقودهم ضباطهم. ويُلحظ أن الجنود لا يحملون سلاحًا ما بل حقيبة للطعام، ويُشاهد الفارس وهو يقود جواده من عربته. وفي إدارة المؤن نشاهد سلات الخبز وأباريق الجِعة معدة ليأخذ منها الجنود جرايتهم. على حين أنه يُشاهد الضباط في نفس الزمان والمكان وهو يأكلون من أنصبتهم الوفيرة. أما المكلف بملاحظة توزيع هذه المؤن فهو كاتب حسابات الخبز (9). ومن الجائز أن توزيع هذه المؤن كان يتم على ثلاث دفعات في الشهر؛ إذ وجدنا في مرسوم «حور محب» النص التالي: «لقد حضر إلى موظفي «قنبت» … ثلاث دفعات في الشهر … كأنه عيد، وكل إنسان يجلس أمام نصيبه من كل ما لذَّ وطاب … ويمدحون كل شيء جميل … وقائد الجيش وكل ضابط وكل رجل …» ويُلاحظ هنا أن تهشيم المتن كان عائقًا للإدلاء بأي حكم فاصل (10). على أن ذكر نائبين للجيش في مرسوم «حور محب» في هذا الصدد الذي وُجد متنه مهشمًا لا يمكننا استنباط شيء حاسم منه: «وعندما توجد سفن لتسليم الجزية لمخازن ولإدارة جلالته، وهي التي تحت إشراف نائب الجيش … و… وحاملو الجزية للحريم. وحاملو القربان الذين يسلمون الجزية لنائبي الجيش …» هذا الكلام يبحث بلا شك في مخازن المؤن (11)، ولا نزاع في أن جرايات الخبز كانت تأتي من إدارة مخازن الغلال، ولهذا السبب نجد في مقبرة «أمنمحاب» أن مدير مخازن الغلال مصوَّر في منظر توزيع المؤن، ويصحبه التفسير التالي (12): » مدير مخازن جلالته يحسب الجرايات المخبوزة.» ومن ذلك نستنبط أنه كانت توجد إدارتان موزع عملهما بين نائب الجيش ومدير المخازن، وكلاهما ينحصر في عمل واحد، أما فيما يخص مواد المعيشة الأخرى مثل اللحم والخضر والسمك والجِعة … إلخ، فيظهر بحسب ما جاء في منشور «حور محب» أن قرًى وضياعًا معينة كانت تورد جزيتها إلى مخازن نائب الجيش مباشرة لا إلى مدير مخازن الغلال. وهذا الوضع نفسه نلاحظه في تغذية رجال الشرطة؛ إذ كانت ترد إليهم المؤن مباشرة من القرى (13)، ولا نعرف على وجه التحقيق الجهة التي تتبعها الإدارة التي تمد الجنود بالمواد الغفل مثل الجلود وكل المواد اللازمة لإصلاح السلاح، أتتبع إدارة نائب الجيش هي الأخرى أم لا؟ على أنه كان هناك عقاب خاص بجمع الجلود خلسة ذُكر في (14)» حور محب «. وتدل النقوش على أنه كان يوجد في البلاد نائبان للجيش في آن واحد، ويثبت هذا ما ذكرناه في نص منشور «حور محب»، وكذلك ما جاء في نص قانون يرجع إلى عهد «تحتمس الرابع «(15)، والظاهر أن أحدهما كان للوجه القبلي والآخر كان للوجه البحري. ولا نعلم على وجه التأكيد إذا كان هذا التقسيم هو الذي دعا إلى الاختلاف في تركيب صيغة اللقبين اللذين كان يحملهما كل من «أمنمحاب» وكان يُلقب نائب الجيش و«بح سوخر» الذي كان من المحتمل يُلقب «نائب الملك« (16) أولًا، ويصف لنا «نب آمون» حامل العلم في السفينة المسماة «مريت آمون» كيف أنه ذات يوم بعد حملة مظفرة أرسل الفرعون «تحتمس الرابع» أمرًا لأمير البحر الخاص ﺑ «نب آمون» الذي كان قد وصل إلى شيخوخة موقرة في خدمة جلالته بمهارة؛ لأنه كان يقوم بعمل كل ما قد أمر به دون حدوث أية شكاية منه … وفيه أمر جلالته بتعيينه رئيس شرطة «طيبة الغربية»، فقد أعلن هنا بصراحة تامة أن مركز رئيس شرطة «طيبة الغربية» قد شغله جندي قديم ظهر حتى الآن بأعماله العظيمة، ويؤكد لنا ذلك حياة «ددي» الذي سبقه في عهد كل من «تحتمس الثالث» «وأمنمحتب الأول»؛ إذ عُين رئيسًا للشرطة في «طيبة الغربية» مع أنه كان جنديًّا بسيطًا. ومن المدهش أن ترقيته تشبه كل الشبه ترقية «نب آمون» السابق الذكر؛ إذ في الواقع إنه رُفع من رتبة حامل العلم في حرس الملك الخاص إلى هذه المكانة العالية؛ وهذا مما يدلنا على أن رئيس الشرطة كان يُنتخب من الضباط الحاملين رتبة العلَم. وكانت وظيفة رئيس الشرطة في مرتبة «فارس»، وكان معظم الجنود الذين تحت إمرته من المصريين والنوبيين الذين كانوا في البلاد بمثابة جنود شرطة على الحدود وفي الجبانات، وأكبر دليل محس على ذلك شرطة «طيبة» وشرطة «تل العمارنة «(17). والظاهر أنه كان يوجد في أمهات البلاد فِرَق كلٌّ منها تحت إشراف رئيس شرطة، وقد عرفنا من ذلك «منف«(18) و«فقط« (19) وكانت الأخيرة من الأهمية بمكان؛ لأنها كانت الطريق لجلب الذهب من «وادي الحمامات»، ولذلك كان من الضروري وضع نقطة شرطة قوية هناك، وفي العهد الإهناسي نعلم أن أمير المقاطعة في هذه الجهة المسمى «وسر» كان يُلقب مديرًا للبلاد الأجنبية الغربية والشرقية (20). وفي عهد الأسرة الثامنة عشرة كان رئيس شرطة «قفط» يعمل باتصال وثيق مع مدير مناجم الذهب التابعة «لقفط»، وقد ظهر هذا الموظف في الرسوم التي على مقبرة «من خبرو رع سنب» عند تسليم الذهب لرئيس الكهنة (اقرن كذلك تمثال) مدير مناجم الذهب المستخرج من «قفط» الخاصة «بآمون» والمسمى «ورسو» في عهد «أمنحتب الثاني«(21).وهذا الذهب كان يُورد ضريبة لمعبد «آمون«(22) كانت تُجبى فعلًا في عهد الأسرة الثامنة عشرة، وكذلك كانت الشرطة في «بروسير«(23) وهي بلدة «أبوصير» الحالية، وبلدة «روزت-ن-با-رع» على الحدود الشرقية من الدلتا(24). ولقد كان الجزء الغربي من «طيبة» ذا أهمية عظمى؛ لما يشتمل عليه من المعابد والمعاهد التي كانت مكدسة بالذخائر، هذا فضلًا عن أنه كان يوجد في هذه الجهة عمال يشتغلون في الجبانات هناك بأعمال العمارة، ولهذا السبب كان رئيس شرطة غربي «طيبة» يحتل المكانة الأولى، على أننا من جهة أخرى لا يمكن أن نجزم بوجود رئيس شرطة في «طيبة الشرقية «(25). وفي عهد الرعامسة حينما كانت حكومة مدينة «طيبة» يديرها عمدتان أو حاكمان أحدهما لطيبة الشرقية والآخر لطيبة الغربية، كان الأخير لا يزال يحتفظ بلقب رئيس شرطة الجبانة المقدسة العظيمة لملايين السنين لجلالة الملك في طيبة الغربية، وقد كان تحت إمرته قُوَّاد فِرَق، كل منهم يُسمَّى كذلك «رئيس شرطة الجبانة«(26)، وفي عهد الأسرة الثامنة عشرة ظهر بجانب قواد الفرق هؤلاء الذين كانوا يُسمون رؤساء شرطة ضباطٌ آخرون يُلقب كل منهم «حامل علم الشرطة«(27) وكان الوزير هو المشرف على رئيس الشرطة في «طيبة الغربية» في عهد الأسرة الثامنة عشرة، وكذلك على عمدة «طيبة الغربية» الذي كان في يده السلطة على الشرطة في عهد الرعامسة بوصفه «مدير المدينة»، وقد كانت تُعرض عليه كل قضية (28)، وإذا اتفق أنه تغيب في مكان ما كان لزامًا أن يرسل خلفه شرطيًّا يحمل له الأخبار (29)، وقد كانت العلامة المميزة لجنود الشرطة في «طيبة الغربية» علمًا مصورًا عليه غزالة (30)، أما في «تل العمارنة» فكانت درعًا مستطيل الشكل رُسم عليه عدو يضربه الفرعون (31). (راجع كذلك موضوع الشرطة «مزاي» Gardiner Onomastica I, 73ff. & II, 269ff). ويُشاهد رؤساء الشرطة ممثلين على جدران مقابرهم وهم يتسلمون التقارير التي كان يأتي بها رجال الطواف، إذ يُرى رئيس الشرطة واقفًا مع آخرين وهو يفتش الحي، ويميز مكانته عن الآخرين أنه يحمل سهمًا عظيمًا بدلًا من العصا التي تُحمل عادة (32)، وبجانب هذا نراه يراقب — كما نشاهد في «إختاتون «(33) ــ نقط الشرطة للحراسة التي وُضعت حول العاصمة، وكان يقبض على المجرم ويقدمه للمحاكمة (34)، وكذلك كان يشترك في تجنيد المقترعين (35). والظاهر أن تموين الشرطة بالمواد الغذائية كان يشبه في نظامه تموين الجيش؛ إذ كان لرجال الشرطة نائب يُسمَّى «نائب رجال الشرطة»، وقد ظهر ممثلًا على جدران مقبرة «نب آمون» بوصفه مرؤوسا (36) له، ونشاهد على مقبرة «معحو» في تل العمارنة صورة تدل على المواد الغذائية التي كان يقدمها الأهلون ضريبة إلى مخازن رئيس الشرطة مباشرة، وهو نفس النظام المتبع في تموين الجيش (37)، وهذه السخرة لتغذية الجنود كانت جارية في البلاد منذ عهد الدولة القديمة (38).
..........................................
1- راجع: “Mem. Miss. Arch. Franç.” V, p. 224 (Tomb No. 85); Urk. IV, p. 889ff; Stela. “Brit. Mus. Stelae”, VII 23; Cone. Funeraire Paris Bibl. Nat. 1337; Stuhlfragm. Munchen 487; Sethe, A. Z., XLIV, p. 87.
2- راجع: Porter and Moss, “Bibliography”, I, p. 182; Wegner, Mitt. Deutsch Inst. Kairo”, IV, Pls. 28a, 29a?.
3- راجع: Mem. Miss. Arch. Franç, V, p. 287.
4- راجع: Bapyrus (Munchen), A. Z., LXIII, p. 105.
5- راجع: A. Z., 63, p. 105.
6- راجع: Wreszinski, “Atlas”, I, Pl. 94.
7- راجع: Ibid, Pls. 280, 281.
8- راجع: Urk. IV, p. 911; Mem. Miss. Arch. Franç., V, p. 289.
9- راجع: Wreszinski, “Atlas”, Pl. 186.
10- راجع: Harmhebdekret B. 8 a–8.
11- راجع: Ibid. line 16 .
12- راجع: Urk. IV, p. 912.
13- راجع: Davies, “El Amarna”, IV, Pl. XXIV.
14- راجع: Horemhebdekret line 25, 28.
15- راجع: Vierey, “Mem. Miss. Arch. Franç.”, V, p. 8, 216.
16- راجع: Davies, “Tomb of Two Officials”, PP. 19–38, Pls. XIX–XXXVIII.
17- راجع: Davies, “El Amarna”, IV, p. 12–18.
18- راجع: Quibell, “Excavations at Sakkara”, (1907-8), Pl. LXXXI, (XIX, Dynasty).
19- راجع: Davies, “The Tomb of Menkheperra snob”, Pl. IX.
20- راجع: Cairo Mus. No. 1442.
21- راجع: J. E. A., II, p. 5.
22- راجع: Kees, “Kulturgeschichte”, p. 255.
23- راجع: A. Z., XLIII, p. 40.
24- راجع: Pap. Anastasi V, 25, 3.
25- راجع: Pap. Abbot I, line 9ff.
26- راجع: J. E. A., XIII, p. 30, Pl. XV, 15.
27- راجع: Davies,“Tomb of Two Officials”, p. 29.
28- راجع: Davies, “El Amarna”, IV, Pls. XXIV, XXVI.
29- راجع: Pap. Abbot III, p. 22.
30- راجع: Urk. IV, p. 994.
31- راجع: Davies, Ibid. IV, Pl. XVII.
32- راجع: Davies, “Tomb of Two Officials”, Pl. XXI.
33- راجع: Davies, El Amarna, IV, Pl. XXII.
34- راجع: Ibid. IV, Pl. XXVI.
35- راجع: Ibid, Pls. XXIV–XXV.
36- راجع: Ibid, Pl. XXVII.
37- راجع: Davies, “El Amarna” , IV, Pl. XXIV.
38- راجع: A. Z., XLII, p. 9, lines 19-20.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|