التقية جائزة في مقابل الكفّار فقط وهي غير مشروعة بين المسلمين انفسهم |
525
09:08 صباحاً
التاريخ: 12-1-2017
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2016
482
التاريخ: 12-1-2017
353
التاريخ: 12-1-2017
413
التاريخ: 18-11-2016
446
|
[جواب الشبهة] :
إنّ بعض المخالفين عندما يواجهون الروايات الصريحة المذكورة سابقاً لا يبقى مجال لهم إلاّ القبول بمسألة مشروعية التقية، ولكنّهم يخصّون ذلك في مقابل الكفّار فقط، ولا يرون مشروعية التقية في مقابل المسلمين.
وإضافة إلى وضوح عدم الفرق بينهما بناءً على الأدلة السابقة نقول:
1. إذا كان معنى التقية هو حفظ النفس والمال والعِرض في مقابل المتعصبين والأشخاص الأشرار، فما الفرق بين بعض المسلمين الجهلة المتعصبين والكفّار؟
وإذا كان العقل هو الذي يحكم بحفظ هذه الأمور وعدم هدرها بدون مبرر، فما هو الفرق بينهما؟
ونحن نعرف أنّ هناك أفراداً غير واعين وقعوا تحت تأثير الإعلام المسموم والدعايات السيئة، هؤلاء يرون أن هدر الدم الشيعي يقربهم إلى الله، فإذا تورط شيعي مخلص من أتباع الإمام علي (عليه السلام) وأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) مع هؤلاء وسألوه ما هو مذهبك؟ فهل يحكم العاقل والواعي بأن يجيب بصراحة بأنّه «شيعي» ليعرض نفسه للجناية وقطع رقبته؟!
وبعبارة أخرى، فلو أصدرنا حكماً بحرمة التقية بناءً على كلامهم في مقابل الأعمال التي قام بها المشركون مع عمّار بن ياسر، أو في مقابل مسيلمة الكذاب مع أصحاب النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، أو في مقابل أعمال حكّام بني أمية وبني العبّاس، وكذلك في مقابل أعمال بعض المسلمين غير الواعين اتجاه شيعة علي (عليه السلام) لكان هذا سبباً في هلاك مئات الآلاف المخلصين من أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، لأنّ هؤلاء الحكام الظلمة مسلمون في الظاهر!!!
فلو لم يؤكد أهل البيت (عليهم السلام) على مسألة التقية بكثرة حتى أنّهم قالوا: «تسعة أعشار الدين التقية» (1) لوصل عدد قتلى الشيعة في عصر بني أمية و بني العباس إلى مئات الآلاف، أضعاف عدد الذين قتلوهم بوحشية و بلا رحمة.
فهل مع هذه الظروف يمكن أن يكون هناك شك أو ترديد في مشروعية التقية؟!
ونحن لا ننسى تلك الدماء التي أريقت بين أهل السنّة لسنوات عدّة بسبب الاختلافات المذهبية، ومن جملتها مسألة القرآن، هل هو حادث أم قديم؟، هذا النزاع الذي يراه المحقّقون اليوم نزاعاً لا معنى له ولا فائدة.
فإذا وقعت فرقة تدعي أنّها على الحق في أيدي مخالفيها وتورطت معها، فهل عليها أن تجيب على أسئلتهم الاعتقادية بصراحة، بأنّ عقيدتنا هي كذا وكذا... حتى وإن كان هذا التصريح سيؤدي إلى إراقة دمهم من دون أن يكون لهذه الدماء تأثير أو فائدة ترتجى؟
2. يقول الفخر الرازي في تفسير الآية الشريفة {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28] ظاهر الآية يدل على أنّ التقية إنّما تحلّ مع الكفّار الغالبين، إلاّ أنّ مذهب الشافعي (رضي الله عنه) إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والمشركين حلّت التقية محاماة على النفس.
وبعدها استدل على ذلك بأنّ التقية جائزة لصون النفس، وهل هي جائزة لصون المال يحتمل أن يحكم فيها بالجواز، لقوله صلى الله عليه وسلم: «حرمة مال المسلم كحرمة دمه»، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون ماله فهو شهيد»(2).
ونقرأ أيضاً في تفسير النيسابوري حيث جاء في حاشية تفسير الطبري: قال الشافعي: «تجوز التقية بين المسلمين كما تجوز بين الكافرين محاماة عن النفس»(3).
3. والملفت للنظر أنّ جمعاً من محدّثي أهل السنّة وبسبب اعتقادهم بأنّ القرآن الكريم قديم استخدموا التقية عندما وقعوا تحت ضغط حكم بني العباس، واعترفوا بأنّه حادث، للنجاة بأنفسهم.
وأشار ابن سعد المؤرخ المعروف في كتابه «الطبقات»، والطبري المعروف أيضاً في كتابه المشهور تاريخ الطبري إلى رسالتين من المأمون أرسلتا إلى رئيس الشرطة في بغداد «إسحاق بن إبراهيم» حيث ذكر ابن سعد عن الرسالة الأولى: «كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم في إشخاص سبعة نفر، منهم محمّد بن سعد الواقدي وأبو مسلم يزيد بن هارون، ويحيى بن معين، وزهير بن حرب أبو خيثمة، وإسماعيل بن داود، وإسماعيل بن أبي مسعود، وأحمد بن الدورقي ، فأشخصوا إليه فامتحنهم، وسألهم عن خلق القرآن، فأجابوا جميعاً إنّ القرآن مخلوق»(4).
(مع أنّ الرأي المشهور بين المحدّثين هو أنّ القرآن قديم، وهذا ما كان يعتقد به هؤلاء السبعة).
نعم، إنّ هؤلاء قد اتقوا من المأمون خوفاً من عقابه الشديد، واعترفوا بأنّ القرآن مخلوقٌ، فأخلى سبيلهم.
وتليها الرسالة الثانية، حيث ينقل الطبري رسالة أخرى من المأمون والمخاطب فيها أيضاً رئيس شرطة بغداد حيث يقول: «عندما وصل كتاب المأمون أحضر إسحاق بن إبراهيم لذلك جماعة من الفقهاء والمحدّثين يصل عددهم تقريباً إلى 26 شخصاً، وقرأ عليهم كتاب المأمون مرّتين حتى فهموه، ثم استدعى واحداً تلو الآخر ليظهروا عقيدتهم حول القرآن، فاعترف جميعهم بأنّ القرآن مخلوق فأخلى سبيلهم، باستثناء أربعة أشخاص هم: أحمد بن حنبل، سجادة، القواريري ومحمّد بن نوح، فأمر رئيس الشرطة بتقييدهم بالسلاسل وزجهم بالسجن.
وفي اليوم التالي استدعاهم، وأعاد عليهم الكلام حول القرآن، فاعترف سجادة بأنّ القرآن مخلوق فأطلقه، وأصر الباقون على المخالفة، ثم أعادهم مرّة أخرى إلى السجن.
وفي اليوم الثالث استدعاهم وتراجع القواريري عن موقفه، فأطلق سراحه، ولكن أصر كلاً من أحمد بن حنبل ومحمّد بن نوح على قولهما السابق، فقام رئيس الشرطة بنفيهما إلى مدينة طرطوس(5)».
وعندما اعترض بعضهم على المجموعة التي استخدمت التقية، استدلوا لهم بموقف عمار بن ياسر في مقابل الكفار(6).
إنّ كل هذا يدل وبوضوح على أنّه إذا انحصر طريق نجاة إنسان بالتقية عندما يقع ضغط شديد عليه من قبل الظالمين يستطيع أن يختار التقية وسيلة لصيانة وحفظ نفسه من ظلم الكفّار أو المسلمين (تأمل).
________________
1. بحار الأنوار، ج19، ص 254.
2. التفسير الكبير للفخر الرازي، ج 8، ص 14 .
3. تفسير النيسابوري في حاشية تفسير الطبري، ج 3، ص 118.
4. تاريخ الطبري، ج 7، ص 197; وطبقات ابن سعد، ج7، ص 167، طبعة بيروت .
5. مدينة في بلاد الشام على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
6. تاريخ الطبري، ج 7، ص 197 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|