المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4878 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
من هم المحسنين؟
2024-11-23
ما هي المغفرة؟
2024-11-23
{ليس لك من الامر شيء}
2024-11-23
سبب غزوة أحد
2024-11-23
خير أئمة
2024-11-23
يجوز ان يشترك في الاضحية اكثر من واحد
2024-11-23



القدر و القضاء  
  
990   10:07 صباحاً   التاريخ: 20-11-2014
المؤلف : محمّد آصف المحسني
الكتاب أو المصدر : صراط الحق في المعارف الإسلامية والأُصول الاعتقادية
الجزء والصفحة : ج1- ص222-228
القسم : العقائد الاسلامية / العدل / القضاء و القدر /

  في القدر:

قال في مجمع البحرين : فالقدر ـ بالفتح فالسكون ـ ما يقدّره الله من القضاء ، وبالفتح ما صدر مقدوراً عن فعل القادر ... إلخ (1) .

وفي مختار الصحاح : قدّر الشيء مبلغه .

قلت : وهو بسكون الدال وفتحها ، ذكره في التهذيب والمجمل ، وقَدر الله وقدّره بمعنى ، وهو في الأصل مصدر .. والقدر أيضاً ما يقدّره الله من القضاء . إذا تقرّر ذلك فالكلام يقع فيه من جهات :

الأُولى : في عموم تعلّقه بكلّي شيء ، وهذا ممّا لا يحتاج إلى دليل ؛ إذ كلّ شيء لابدّ له من حدّ خاصّ من جميع الجهات بلا شك ، وقد مرّ أنّ كلّ شيء ـ بجميع حالاته وأوصافه ـ ثابت في علم الله ومذكور في اللوح .

ولا نعني بالقدر إلاّ تحديد الشيء من جميع جوانبه ، فقد ثبت أنّ كلّ شيء بقدر الله سبحانه ، ولعلّه المومأ إليه بقوله تعالى : {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]، وقوله تعالى : {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد: 8]، وأمّا ما في تفسير الرازي من احتمال كون القدر في الآية الأُولى بمعنى التقدير ، أو المقدار ، أو القدر المقابل للقضاء فمن الفضول؛ إذ المقدار والتقدير عين معنى القدر ، الذي هو مقابل للقضاء كما عرفت ، وهو المدلول عليه لبعض الروايات أيضاً (2) .

الثانية : في أنّ النهي الوارد عن الكلام في القدر (3) ، لا يشمل شرح مفهومه وبيان مدلوله كما فعلنا ، بل الظاهر أنّه راجع إلى السؤال عن علّة تقديره تعالى وأنه لِمَ قدّر كذلك ؟ وما قدّر كذا ؟ فإنّ عقول الناس لا تصل إلى علل الأشياء أبداً . فوزانه وزان قوله تعالى : {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} [الأنبياء: 23]، وهذا الذي استظهرنا هو أحد احتمالي كلام شيخنا المفيد قدّس سره (4) في هذه المسألة .

الثالثة : في أنّه ذُمّت القدرية في أخبارنا أشدّ الذمّ ، وأنّ قوله تعالى : {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 48، 49] نزل في حقهم ، وورد أيضاً التحريض على الإيمان بالقدر وعدم التكذيب به (5) .

وقال الرازي عند تفسير هذه الآية : أكثر المفسّرين اتّفقوا على أنّها نازلة في القدرية ...

وكثرت الأحاديث في القدرية .

وعن شارح المقاصد : لا خلاف في ذم القدرية ، وقد ورد في صحاح الأحاديث ، لعنَ الله القدريةَ على لسان سبعين نبياً ... إلخ .

فالمسألة متسالم عليها ، إلاّ أنّ الكلام في تشخيصهم ، فإنّ كلاًّ من المعتزلة والأشاعرة ادّعى صاحبتهم مصداقاً للروايات ، غير أنّ الرازي أراح الفرقتين من هذه المعضلة فقال في تفسيره الكبير : والحقّ أنّ القدري الذي نزل فيه الآية ، هو الذي ينكر القدر ، ويقول بأنّ الحوادث كلّها حادثة بالكواكب اتّصالاتها ... إلخ . وأمّا القدري في هذه الأُمّة فجعله الذي ينكر قدرة الله إن قلنا: إنّ النسبة للنفي ، أو الذي يثبت قدرة غير الله على الحوادث إن قلنا : إنّ النسبة للإثبات .

وقال أيضاً : والحقّ الصراح أنّ كلّ واحد من المسلمين الذين ذهبوا إلى المذهبين خارج عن القدرية ، ولا يصير واحد منهم قدرياً إلاّ إذا صار النافي نافياً للقدرة والمثبت منكراً للتكليف ، يعني به الجبري الذي ينفي التكليف ؛ لعدم الاختيار في المكلّف .

هذا وقال العلاّمة المجلسي قدّس سره (6) : إنّ لفظ القدري يُطلق في أخبارنا على الجبري وعلى التفويضي ... إلخ .

وما ذكره صحيح ، فالقدرية كلّ مَن لم يستقم في قدرة الله وقدره ، سواء كان في جانب التفريط كالمفوّضة ، أو في طرف الإفراط كأتباع الجهم ومقلّدي الأشعري .

فإن قلت : القدري إذا كان لفظه من القدرة فهو يشمل الطائفتين المتقدّمتين ، فإنّ إحداهما تقول : بكفاية قدرة العبد في أفعاله ، وعدم احتياجه فيها إلى الله تعالى ، وثانيتهما تقول : بتأثير قدرة الله وحده ، وعدم استناد أفعال العباد إلى قدرتهم وإرادتهم .

وأمّا إذا قلنا بأنّ لفظ القدري من القدر والتقدير الذي هو مع القضاء كما هو الظاهر ، فلا يرتبط بهاتين الطائفتين ، فإنّهما لا ينكران تحديد الأشياء في اللوح ، ولا أنّ الجبر والتفويض يستلزمان ذلك ، كيف وذكر التقدير لا يزيد على علمه بالتقدير ؟ فكما أنّ الثاني لا ينافيهما فكذا الأَوّل .

قلت يمكن أن يقال : إنّ القدر والقدرة متلازمان في الإنكار والإفراط ، فإنّ هؤلاء يزعمون أنّ لقدر الله تأثيراً ، فإذا قالوا : إنّ أفعالنا ليست بقدرة الله بل بقدرتنا ، فمعناه أنّهم ينكرون تعلّق قدره بها أيضاً ، وهكذا إذا قيل : إنّ كلّ شيء حتى أفعال الإنسان واقع بقدرة الله تعالى ، فلابدّ لقائله أن يقول : إنّ كلّ شيء حتى فعل العبد واقع بقدره تعالى لا باختيار العبد ، وهذا هو التعدّي في قدر الله تعالى .

وهذا الذي ذكرنا يستفاد من مجموع الروايات الواردة ، في باب نفي الجبر والتفويض ، وباب القضاء والقدر ، يؤيّد ذلك ما في شرح المواقف (7) : والمعتزلة ينكرون القضاء والقدر في الأفعال الاختيارية الصادرة عن العباد ، ويثبتون علمه تعالى بهذه الأفعال ، ولا يسندون وجودها إلى ذلك العلم ، بل إلى اختيار العباد وقدرتهم انتهى .

و... في مبحث عموم إرادته ، وهو مبحث الجبر والتفويض والأمر بين الأمرين ، أنّ جميع الأشياء واقع وِفق تقدير الله سبحانه حتى أفعال العباد خلافاً للمعتزلة ، ومع ذلك العبد مختار في فعله خلافاً للأشعرية ، فالقدر والقضاء لا ينافيان الاختيار كما زعموه ، وهذا هو الأمر بين الأمرين ، الذي ثبت من آل محمد ( صلى الله عليه وعليهم ) وقالت به الإمامية .

والحاصل : أنّ الجبري يُسند جميع القبائح والآثام إلى قدر الله فهو قدري ، والتفويضي يسند أَفعاله إلى نفسه وينكر قدره فيها ، فهو قدري فتشملهم الروايات ، فتأمّل .

 

في القضاء :

قال الصدوق رحمه الله (8) : وسمعت بعض أهل العلم يقول : القضاء على عشرة أوجه : الأَوّل العلم ... والثاني : الإعلام ... والثالث : الحكم ... والرابع : القول ... الخامس : الحتم ... والسادس : الأمر ... السابع : الخلق ... الثامن : الفعل ... التاسع: الإتمام ... العاشر : الفراغ ... الحادي عشر : القتل كما في مجمع البحرين .

أقول : الظاهر أنّ هذه المذكورات ليست بمعانٍ موضوع لها اللفظ بالاشتراك اللفظي، بل بعضها داخل في البعض ، فذكرها من باب اشتباه المفهوم بالمصداق ، وبعضها غير ثابت في نفسه ، وللفقهاء فيه اصطلاح آخر ، وهو إتيان العمل المؤقّت خارج وقته ، ولا يبعد أن يكون معناه الحكم الفصل تكوينياً كان أو اعتبارياً ، وبهذا المفهوم الفارد يُستعمل في المعاني المذكورة، وقد عرفت أنّ معنى القضاء الذي هو من أسباب الفعل ، هو كتابة الحكم البتّي ـ ولو من غير جهة الدعاء والصدقة ونحوهما ـ في اللوح .

... ، ورواية حمزة بن محمد الطيار عن أبي عبد الله ( عليه السلام) (9) قال : ( ما من قبض ولا بسط ، إلاّ ولله فيه مشيئة وقضاء وابتلاء ) ، وروايته الأُخرى عنه ( عليه السلام ) قال : ( إنّه ليس شيء فيه قبض أو بسط ، ممّا أمر الله به أو نهى عنه ، إلاّ وفيه لله عزّ وجل ابتلاء وقضاء ) ، وما في آخر رواية أبان المذكورة في التوحيد وغيره (10) من قول الصادق ( عليه السلام ) : ( وإن كان كلّ شيء بقضاء الله وقدره فالحزن لماذا ؟ ) ، والمتتّبع يجد أكثر من ذلك ، والأمر سهل .

 

نكتة :

روى الصدوق بإسناده عن ابن نباتة (11) قال : إنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عدل من عند حائط مائل إلى حائط آخر فقيل له : يا أمير المؤمنين تفرّ من قضاء الله ؟ قال : ( أفرّ من قضاء الله إلى قدر الله عزّ وجلّ ) انتهى .

ويشكل أَوّلاً : بأنّ وقوع الحائط ( عليه السلام ) لم يحرزه السائل أنّه من قضاء الله ، فهو منه تخرّص ، بل قضاء الله تشريعاً هو فراره من عنده ، وقد أقرّه الإمام على سؤاله .

وثانياً : إنّ قضاء الله فرع قدره ومترتّب عليه والقدر أصل له ، فلا مخالفة بينهما حتى يفرّ من أحدهما إلى الآخر ، ويمكن أن يقال : إنّ مقصوده ( عليه السلام ) أنّ الله كما قضى على الحائط السقوط قدّر عمري باقياً بعد ذلك ، وبالجملة كما أنّ السقوط ـ بعد تقديره ـ مقضي فكذا بقاء حياتي ـ قبل قضائه ـ مقدّر ، فأفرّ من قضاء الله المتعلّق بسقوط الحائط إلى قدر الله المتعلّق بحياتي فتأمل .

تنبيه : بقي هنا شيء وهو ما اتّفقوا عليه من لزوم الرضا بالقضاء .

أقول : الكلام تارةً في أصل تصوير الرضا بالقضاء ، وأخرى في لزومه ، والبحث عن هذه المسألة وإن كان مربوطاً بالمقام ، غير أنّا ذكرناه في مسائل الجبر والتفويض ...

 

دقيقة :

الروايات الواردة في ترغيب المكلّفين إلى الرضا بكثرتها مختصة بالقضاء دون القدر ، نعم في الدعاء الذي يُقرأ ليلة الجمعة قبل فجرها : ( والرضا بقضائك وقدرك ) .

وأمّا الروايات الواردة في الإيمان وعدم التكذيب فهي مخصوصة بالقدر ، فاللازم هو الإيمان بالقدر وعدم التكذيب به ، والرضا بالقضاء .

أقول : والوجه في ذلك ـ على ما أظن ـ أنّ الفعل الخارجي هو الذي يعتريه السخط والرضا، وقد مرّ أنّ القضاء هو الحكم الفصل ، وهو آخر مقدمات فعله تعالى ، بحيث إنّ الفعل يصدر عنه ؛ فلذا أمر الأئمة ( عليهم السلام ) بالرضا بمناشئ الفعل الأخير المستتبع له ، وبما أنّ القضاء تابع للقدر ، وأنّ الأصل في أفعاله هو تقديره وتدبيره ، أُمروا بالإيمان به ، وبما أنّ المصالح والمفاسد الواقعية غير معلومة للإنسان ، مُنعوا عن الخوض فيه ، والله العالم .

 

خاتمة حول آراء الناس في القدر والقضاء:

 

مسألة القدر والقضاء ممّا جاءت به جميع الأديان ، وليست من خصائص الإسلام كما قيل ، وهي من المسائل التي تَوجّه المسلمون إليها في الصدر الأَوّل ، كما يظهر من الآثار ، ثمّ اتّسعت دائرتها باتّساع الآراء والأنظار ، حتى أصبحت عند الناس من المعضلات التي لا تنحل، والحال أنّ الأمر ليس كذلك كما عرفته من أئمة أهل البيت ( سلام الله عليهم أجمعين ) ، لكنّ للباحثين فيها أقولاً ، وإليك نبذة منها :

قال خاتم الفلاسفة في كتابه الأسفار : وأمّا القضاء فهي عندهم ـ أي المشّائين ـ عبارة عن وجود الصور العقلية لجميع الموجودات ، فائضةً عنه تعالى على سبيل الإبداع دفعةً بلا زمان ؛ لكونها عندهم من جملة العالَم ، ومن أفعال الله المبائنة ذواتها لذاته ، وعندنا صور علمية لازمة لذاته بلا جعل وتأثير وتأثّر ، وليست من أجزاء العالم ؛ إذ ليست لها حيثية عدمية ولا إمكانات واقعية، فالقضاء الربانية ـ وهي صور علم الله ـ قديمة بالذات باقية ببقاء الله كما مرّ بيانه .

وأمّا القدر فهو عبارة عن وجود صور الموجودات في عالَم النفسي السماوي على الوجه الجزئي ، مطابقةً لِما في موادّها الخارجية الشخصية ، مستندةً إلى أسبابها وعللها ، واجبةً بها ، لازمةً لأوقاتها المعيّنة وأمكنتها المخصوصة . انتهى .

قال الفيّاض اللاهيجي (12) : ولفظا القضاء والقدر ربّما يطلقان بحسب العلم ، وربّما بحسب الوجود ، فإذا أُطلقا في العلم ، كان المراد من القضاء العلم الإجمالي البسيط الذي هو عين الواجب تعالى ، ومن القدر الصور العلمية المفصّلة ؛ وإذا أُطلقا في الوجود ، كان المراد من القضاء المعلول الأَوّل ، الذي اشتمل إجمالاً على جميع وجودات ما بعده ، والمراد من القدر أعيان الموجودات الكلية والجزئية المتحقّقة في الخارج على سبيل التفصيل .

وعلى كلّ ، القدر تفصيل للقضاء ، والأقرب إلى التحقيق هو الإطلاق الثاني ، أعني الإطلاق بحسب الوجود ؛ إذ من الظاهر أنّ القضاء والقدر اعتباران للأشياء باعتبار تعلّق فاعلية الواجب بها ، وليس العلم إلاّ اعتبار ظهور الأشياء وانكشافها ؛ ولذا أنّ الشارح المحقّق ـ يعني به العلاّمة الطوسي ـ والشارح المشكّك ـ الرازي ـ كليهما فسّرا لفظ القضاء والقدر في شرح الإشارات بما يطابق الإطلاق الثاني ، قال الرازي : وأمّا لفظا القضاء والقدر فنعني بالقضاء معلوله الأَوّل ؛ لأنّ القضاء هو الحكم الواحد الذي تُرتّب عليه سائر التفاصيل والمعلول الأَوّل كذلك ، وأمّا القدر فهو سائر المعلولات الصادرة عنه طولاً وعرضاً ؛ لأنّها بالنسبة إلى المعلول تجري مجرى تفصيل الجملة وهو القدر .

وقال المحقّق الطوسي : فاعلم أنّ القضاء عبارة عن وجود جميع الموجودات في العالم العقلي مجتمعةً ومجملةً على سبيل الإبداع ، والقدر عبارة عن وجودها في موادّها الخارجية بعد حصول شرائطها مفصّلةً واحداً بعد واحد ، كما جاء في التنزيل : {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر: 21].

وقال الرازي في تفسيره عند قوله تعالى : {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]: وقالت الفلاسفة ... إنّ ما يقصد إليه فقضاء وما يلزمه فقدر ، فيقولون : خلق النار حارّة بقضاء وهو مقضي به ؛ لأنّها ينبغي أن تكون كذلك ، لكن من لوازمها أنّها إذا تعلّقت بقطن عجوز .. تحرقه فهو بقدر لا بقضاء ، وهو كلا فاسد ، بل القضاء ما في العلم والقدر ما في الإرادة ... إلخ .

وقال الجرجاني في شرح المواقف (13) : واعلم أنّ قضاء الله عند الأشاعرة ، هو إرادته الأزلية المتعلّقة بالأشياء على ما هي عليه فيما لا يزال ، وقدره إيجاده إيّاها على قدر مخصوص ، وتقدير معيّن في ذواتها وأحوالها ، وأمّا عند الفلاسفة فالقضاء عبارة عن علمه بما ينبغي أن يكون عليه الوجود ؛ حتى يكون على أحسن النظام وأكمل الانتظام ، وهو المسمّى عندهم بالعناية ، التي هي مبدأ لفيضان الموجودات من حيث جملتها على أحسن الوجوه وأكملها، والقدر عبارة عن خروجها إلى الوجود العيني بأسبابها ، على الوجه الذي تقرّر في القضاء . انتهى .

إلى غير ذلك من الكلمات والتعابير المختلفة والمتضادة ، وهي ظلمات بعضها فوق بعض، ولا يكشف بها واقع القضاء والقدر ، الذي أراده الدين الإسلامي من هذين اللفظين المذكورين ، فهذه الأقاويل ـ لو صحّت في أنفسها ـ اصطلاحات من أربابها ، ولا دخل لها بالقدر والقضاء الثابتين شرعاً ، مع أنّها في أنفسها أيضاً غير تامّة ، كما يعرفها المتطلّع على أصولنا الحقة المتقدّمة والآتية ، والله الهادي الملهم .

________________________

(1) وقد تُسكّن داله ، ومنه : ليلة القدر كما قال .

(2) البحار 5 / 93 و 95 و 114 وغيرها .

(3) البحار 5 / 97 و 110 و 126.

(4) شرح عقائد الصدوق / 20.

(5) وهذه الروايات منتشرة في أوائل الجزء الخامس من البحار .

(6) البحار 5 / 5.

(7) شرح المواقف 3 / 145.

(8) توحيد الصدوق ، الباب 59.

(9) أُصول الكافي 1 / 152.

(10) توحيد الصدوق ، الباب 59.

(11) توحيد الصدوق ، الباب 59.

(12) گوهر مراد / 230، وما ذكرناه ترجمة كلامه بالفارسية .

(13) شرح المواقف 3 / 146.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.