أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2014
1833
التاريخ: 10-02-2015
2004
التاريخ: 2024-07-15
474
التاريخ: 11-10-2014
73000
|
قال تعالى : {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [يوسف : 30].
شاع في مصر ، وبالخصوص على ألسنة النسوة ان امرأة العزيز افتتنت بغلامها ، ودعته لنفسها ، ولكنه عزف عنها وزهد فيها ، وقد اجترحت بهذا خطيئة لا تغتفر .
( فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ ) أي بقولهن ، وأطلق المكر هنا على القول لأنهن ما أردن به وجه الحق ، بل أردن مجرد التشهير بها . وقال بعض المفسرين : لعلهن لمنها لانكشاف المراودة وظهورها ، وانه كان الأولى بها ان تحكم الخطة ليتم كل شيء تحت الستار . . ويصح هذا القول في الفاجرات ، لا العفيفات {أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا } [يوسف : 31] . أرادت أن تمكر بهن كما مكرن بها ، فأقامت لهن مأدبة في قصرها ، وحاطتهن بهالة من النعيم :
متكآت وثيرة وأرائك مريحة ، وطعام سخي شهي ، وأعطت كل واحدة سكينا حادة لتقطع بها اللحم والفاكهة . . واستعمال السكين في الأكل آنذاك يومئ إلى الحضارة . وفي تفسير الطبري ان السكاكين لا تدفع إلى من دعي إلى مجلس إلا لقطع ما يؤكل ، فذكرها يغني عن ذكر المأكول الذي قطعت به .
( وقالَتِ » - ليوسف - « اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ) من شدة الدهشة والذهول ، وقال المفسرون : قطعن أي جرحن ، ولكن الظاهر من القطع الإبانة ، لا الجرح . . ومهما يكن فان مثل هذه الحادثة تفسر بالاجتهاد فيما تستدعيه ظروفها وملابساتها ، لا بالنص الحرفي لدلالة اللفظ ( وقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ) في صورة البشر لهيبته وجماله الذي جر عليه أنواع البلاء والمحن .
( قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ) . قالت هذا بلغة الحرية التي تطالب بها فئة من بنات الجيل الجديد ، حرية بلا مسؤولية ، حتى في التهتك والتفسخ . .
ونحن من أنصار الحرية للرجال والنساء ، ولكن في حدود المسؤولية عن الأقوال والأفعال ( ولَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ ) على المكشوف ( فَاسْتَعْصَمَ ) انصرف عني وأعرض ( ولَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ ولَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ ) . قال صاحب « تفسير المنار » : « واللَّه ما عجبي من يوسف ان راودته مولاته فاستعصم . . وانما عجبي بل اعجابي بيوسف ( عليه السلام ) ان نظره إلى اللَّه لم يدع في قلبه البشري مكانا خاليا لنظرات هذه العاشقة التي شغفها حبا » . ونعطف على هذا القول ان اللَّه سبحانه ضرب يوسف مثلا للمؤمن المخلص ليعرف به المؤمن المزيف الذي يكيف الدين حسب أهوائه وأغراضه .
( قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ) . ليس المراد بأحب هنا التفضيل ، بل مجرد الاختيار ، تماما كقولك : الصحة أحب إليّ من المرض .
وقال يدعونني بصيغة الجمع لأن النسوة اللاتي رأينه رغبن فيه أيضا بدليل الآية 50 « قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ان ربي بكيدهن عليم . قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش للَّه ما علمنا عليه من سوء » . . وآثر يوسف السجن لأنه على مرارته أحلى عاقبة من لذة الحرام ، ومهما اشتدت وطأة السجن فإن الدين أقوى منه .
وتسأل : إذا خيّر المرء بين الزنا والسجن ، ولا مفر له من أحدهما ، فهل يجوز له أن يزني ؟ .
الجواب : لا يجوز لأن الخيار وقع بين الزنا المحرم ذاتا ، وبين السجن الذي تقع تبعته على الظالم ، لا على المظلوم الا إذا كان السجن علة تامة لمحرم أشد وأعظم ، فيجوز حينئذ أن يزني دفعا لأشد الضررين ، وارتكابا لأخف المحذورين ، ولذا إذا خيّر بين الزنا والقتل فعليه أن يختار الزنا . . هذا في غير المعصوم ، لأن المعصوم له حكم آخر .
( وإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ ) . لما كثر على يوسف الإغراء والتهديد خاف على نفسه أن تضعف في جنب اللَّه ، ففزع إليه تعالى يطلب المخرج ، ويقول : إلهي لقد نزل بي ما لا طاقة لي به الا بمعونتك ، وأنت القادر على كشفه ، فإن لم تكشفه عني تضعف قوتي ، وتقل حيلتي ( فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ) كما استجاب له من قبل وصرف عنه كيد إخوته ، وما أخلص عبد لخالقه الا جعل له فرجا ومخرجا : وكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ - 47 الروم » ( إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) يسمع دعاء من تضرع إليه ، ويعلم اخلاص من أخلص له .
( ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ ) . ضمير لهم يعود إلى العزيز وامرأته ومن على رأيهما ، وقيل : يعود إلى العزيز وحده ، وصح بصيغة الجمع لأنه لم يذكر باسمه ، والمراد بالآيات الدلائل التي دلت على براءة يوسف ونزاهته ، و( حَتَّى حِينٍ ) أي يسجن سجنا مؤقتا ، لا مؤبدا . . ولا ذنب له الا الطهر والعفاف ، ولو كان خائنا مثلهم لرفعوه مكانا عليا . . أبى يوسف ان ينصاع لرغبة المجرمين فعاقبوه كمجرم . . وهكذا في جميع أدوار التاريخ يعاني الحر الكريم إذا ألقى به القدر في بيئة الظلم والفساد ، ولكن اللَّه مع الذين اتقوا وصبروا على الهول في سبيله ، لا في سبيل أنفسهم ، ويمد للباغي أمدا ، ثم تدور عليه دائرة السوء ، ويؤيد اللَّه بنصره من آمن وصبر ، تماما كما حدث ليوسف مع إخوته وامرأة العزيز ، حيث قال له إخوته بعد ان آتاه اللَّه الملك : « تاللَّه لقد آثرك اللَّه علينا وان كنا لخاطئين » . وقالت امرأة العزيز : الآن حصحص الحق انا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|