تراث الامامية يحفل بنصوص تؤكد التزام الرسول الأعظم وأهل البيت بمبدإ الشورى وحق الأمة في انتخاب أئمتها |
1221
01:38 مساءاً
التاريخ: 16-11-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-11-2016
1632
التاريخ: 17-11-2016
1652
التاريخ: 16-11-2016
1238
التاريخ: 17-11-2016
1389
|
[هذا الرد من المؤلف على كتاب احمد الكاتب الذي طبعه في لندن سنة 1997 باسم (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى ... الى ولاية الفقيه) وطرح فيه شبهات حو الشيعة].
نص الشبهة :
قال [احمد الكاتب] :
" وبالرغم مما يذكر الإماميون من نصوص حول تعيين النبي (صلى الله عليه واله) للإمام علي بن ابي طالب كخليفة من بعده، إلا ان تراثهم يحفل بنصوص أخرى تؤكد التزام الرسول الأعظم وأهل البيت بمبدإ الشورى وحق الأمة في انتخاب أئمتها.
تقول رواية يذكرها الشريف المرتضى وهو من ابرز علماء الشيعة في القرن الخامس الهجري ان العباس بن عبد المطلب خاطب أمير المؤمنين في مرض النبي (صلى الله عليه واله) ان يسأله عن القائم بالأمر بعده، فان كان لنا بينه و ان كان لغيرنا وصى بنا. وان أمير المؤمنين قال:" دخلنا على رسول الله (صلى الله عليه واله) حين ثقل، فقلنا: يا رسول الله .. استخلف علينا، فقال: لا، إني أخاف ان تتفرقوا عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون، و لكن ان علم الله في قلوبكم خيرا اختار لكم.
ويقول الكليني في (الكافي) نقلا عن الإمام جعفر بن محمد الصادق: انه لما حضرت رسول الله (صلى الله عليه واله) الوفاة دعا العباس بن عبد المطلب و امير المؤمنين فقال للعباس:، يا عم محمد .. تأخذ تراث محمد و تقضي دينه و تنجز عداته؟ .. فرد عليه فقال: يا رسول الله بأبي أنت و أمي إني شيخ كبير كثير العيال قليل المال من يطيقك و أنت تباري الريح. قال فاطرق هنيهة ثمّ أ تأخذ تراث محمد و تنجز عداته و تقض دينه؟ .. فقال كرر كلامه .. قال: أما إني قال: يا عباس سأعطيها من يأخذها بحقها قال: يا علي يا أخا محمد أتنجز عدات محمد وتقضي دينه وتقبض تراثه؟ ... فقال نعم بأبي أنت و أمي ذاك عليَ وهذه الوصية، كما هو ملاحظ وصية عادية شخصية آنية، لا علاقة لها بالسياسة و الإمامة، و الخلافة الدينية، و قد عرضها الرسول في البداية على العباس بن عبد المطلب، فأشفق منها، و تحملها الإمام أمير المؤمنين طواعية. و هناك وصية أخرى نقلها الشيخ المفيد في بعض كتبه عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) تقول ان رسول الله (صلى الله عليه واله) قد أوصى بها إليه قبل وفاته، و هي أيضا وصية أخلاقية روحية عامة، و تتعلق بالنظر في الوقوف و الصدقات. و اذا القينا بنظرة على هذه الروايات التي يذكرها أقطاب الشيعة الإمامية كالكليني و المفيد و المرتضى، فإننا نرى إنها تكشف عن عدم وصية رسول الله للإمام علي بالخلافة و الإمامة، و ترك الأمر شورى" (1).
الرد على الشبهة :
أقول:
أما الرواية التي نسبها إلى الشريف المرتضى فهي مما أورده في كتابه الشافي ج 3/ 91 كجزء من كلام القاضي عبد الجبار المعتزلي في كتابه المغني" الذي أورد عدة روايات تنفي ان يكون النبي (صلى الله عليه واله) قد أوصى لعلي أو ان علياً (عليه السلام) قد أوصى للحسن (عليه السلام) و عقب عليها المرتضى (رح) بقوله:
(والاخبار التي ادعاها (صاحب المغني) لم تنقل الا من جهة واحدة (أي جهة أهل السنة) و جميع شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) على اختلاف مذاهبهم يدفعها و ينكرها و يكذب رواتها فضلا عن ان ينقلها و لا شيء منها الا و متى فتشت عن ناقله واصله وجدته صادراً عن متعصب مشهور الانحراف عن أهل البيت (عليهم السلام) و الاعراض عنهم) (2).
وفي ضوء ذلك يتضح ان هذه الرواية ليست من تراث الشيعة و ان الشريف المرتضى حين أوردها لم يكن مصدقاً بها بل رادا عليها فهل حقا غفل الاستاذ الكاتب عن ذلك؟
اما رواية الكليني فهي رواية ضعيفة و معارضة لروايات كثيرة جداً في الكافي نفسه تؤكد انَّ عليا وارث تراث محمد (صلى الله عليه واله) قبل حادثة وفاة النبي (صلى الله عليه واله).
اما رواية الشيخ المفيد في اماليه/ المجلس السادس و العشرون/ ص 221220 فهي وصية أخلاقية عامة من النبي (صلى الله عليه واله) لعلي (عليه السلام) ومن علي لولده الحسن وليس معنى ذلك عدم وجود وصية أخرى في موضوع آخر فلا تعارض بينهما أصلا.
لقد كان ينبغي على (الاستاذ الكاتب) ان يبحث المسألة بحثاً علميا فيورد كل روايات الوصية في المصادر الشيعية و السنية و يناقشها مناقشة علمية سندا ودلالة أما ان يكتفي بما ذكر ليقول بعده (و إذا القينا نظرة على هذه الروايات التي يذكرها اقطاب الشيعة الامامية كالكليني والمفيد و المرتضى فاننا نرى انها تكشف عن عدم وصية رسول الله (صلى الله عليه واله) للامام علي بالخلافة و الامامة .. و ترك الأمر شورى) فهو مما لا يرتضيه منه قارئ يحترم عقله و وقته.
وإلى القارئ الكريم نموذج من روايات الوصية التي ذكرها المفسرون و المؤرخون و المحدثون.
روى الطبري في تفسير قوله تعالى (وَ أَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) الشعراء/ 214 عن ابن حميد قال حدثنا سلمة قال: ثني محمد بن اسحاق عن عبد الغفار بن القاسم عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحرث بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب عن عبد الله بن عباس عن علي بن ابي طالب قال لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه واله) (وَ أَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) دعاني رسول الله فقال لي: يا علي ان الله امرني ان انذر عشيرتي الأقربين، قال: فضقت بذلك ذرعاً، و عرفت اني متى ما أناديهم بهذا الامر أرَ منهم ما اكره فَصَمَتُّ، حتى جاء جبرئيل فقال: يا محمد، انك الا تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك، فاصنع لنا صاعاً من طعام، و اجعل عليه رجل شاة و املأ لنا عساً من لبن ثمّ اجمع بني عبد المطلب حتى اكلمهم، و ابلغهم ما امرت به، ففعلت ما امرني به، ثمّ دعوتهم له و هم يومئذ اربعون رجلًا يزيدون رجلًا او ينقصونه، فيهم اعمامه ابو طالب و حمزة و العباس و ابو لهب فلما اجتمعوا اليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم، فجئت به فلما وضعته تناول رسول الله (صلى الله عليه واله) جذبة من اللحم فشقها بأسنانه ثمّ القاها في نواحي الصحفة، و قال: خذوا باسم الله، فأكل القوم حتى ما لهم بشيء حاجة، و ما ارى الا مواضع ايديهم، و ايم الله الذي نفس علي بيده، ان كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم، ثمّ قال: اسق الناس، فجئتهم بذلك العس، فشربوا حتى رووا منه جميعاً و ايم الله ان كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله، فلما اراد رسول الله (صلى الله عليه واله) ان يكلمهم، بدره ابو لهب الى الكلام فقال لشد ما سحركم به صاحبكم، فتفرق القوم، و لم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه واله)، فقال من الغد: يا علي، ان هذا الرجل قد سبقني الى ما قد سمعت من القول، فتفرق القوم قبل ان اكلمهم، فعد لنا من الطعام مثل الذي صنعت، ثمّ اجمعهم لي، قال، ففعلت، ثمّ جمعتهم، ثمّ دعاني بالطعام فقربته لهم، ففعل كما فعل بالامس، فأكلوا حتى ما لهم بشيء حاجة، قال: اسقهم، فجئتهم بذلك العس، فشربوا حتى رووا منه جميعاً.
ثمّ تكلم رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال: يا بني عبد المطلب، اني والله ما اعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به اني قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة، و قد امرني الله ان أدعوكم إليه، فأيكم يوازرني على هذا الامر على ان يكون اخي و كذا و كذا.
قال فأحجم القوم عنها جميعاً و قلت و اني لأحدثهم سناً، و ارمصهم عيناً، و اعظمهم بطناً، واحمشهم ساقاً انا يا نبي الله انا اكون وزيرك.
فأخذ برقبتي ثمّ قال: ان هذا اخي و كذا و كذا فاسمعوا له و اطيعوا.
قال: فقام القوم يضحكون، و يقولون لابي طالب قد امرك ان تسمع لابنك و تطيع (3).
اقول: (كذا و كذا) في الموردين حذف لأصل الكلام من النساخ الاوائل كما يظهر من رواية ابن كثير الآتية.
وقد اورد الطبري في تاريخه الرواية نفسها بالسند نفسه و فيها (على ان يكون اخي و وصيي و خليفتي فيكم) (ان هذا اخي و وصيي و خليفتي فيكم) (4).
ورواها ابن عساكر بسنده الى نصر بن سليمان قال انبأنا محمد بن اسحاق عن عبد الغفار بن القاسم عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الله بن عباس عن علي بن ابي طالب (عليه السلام) و فيها (فايكم يؤازرني على هذا الامر على ان يكون اخي و وصيي و خليفتي فيكم)(5).
ورواها ابن كثير في تفسيره عن ابن جرير الطبري و فيها (على ان يكون اخي و كذا و كذا) في الموردين.
ثمّ علق عليها ابن كثير بقوله (تفرد بهذا السياق عبد الغفار بن القاسم ابي مريم و هو متروك كذاب شيعي اتهمه علي بن المديني وغيره بوضع الحديث (6).
اقول: وعبد الغفار بن القاسم كنيته ابو مريم الانصاري النجاري عداده في اهل الكوفة يروي عنه شعبة و الكوفيون و قد اتهموه ايضا بشرب الخمر كما اتهموا السيد الحميري الشاعر المعروف بولائه لأهل البيت بذلك.
والسر في ذلك هو روايته لهذا الحديث و نظائره في فضائل علي (عليه السلام)، وروايته في مثالب عثمان.
قال احمد بن حنبل كان ابو مريم يحدِّث ببلايا في عثمان (7).
قال ابن حبان: و كان ممن يروي المثالب في عثمان بن عفان(8).
وقال الدار قطني: متروك، و هو شيخ شعبة اثنى عليه شعبة و خفي على شعبة امره (9).
ونُقِلَ عن شعبة قوله: لم أَرَ احفظ منه.
قال الذهبي بقي الى قريب الستين و مائة و كان ذا اعتناء بالعلم و الرجال و قد اخذ عنه شعبة و لما تبيَّن له انه ليس بثقة تركه (10).
اقول: أي اخذ عنه شعبة و تعلم منه لما لم يكن يحدّث ببلايا عن عثمان فلما حدث بها تركه كما يظهر من قول ابن المديني الآتي.
قال علي ابن المديني: وكان لشعبة (في عبد الغفار) رأيٌ و تعلَّمَ منه زعموا توقيف الرجال ثمّ ظهر منه رأي رديء في الرفض فترك حديثه (11).
وقال ابن عدي: و سمعت احمد بن محمد بن سعيد - ابن عقدة (12) , ت 332 - يثني على ابي مريم و يطريه و تجاوز الحد في مدحه حتى قال: لو انتشر علم ابي مريم و خرج حديثه لم يحتج الناس الى شعبة (13) .
وقد فات ابن كثير ان قريباً من سياق حديث الطبري قد رواه احمد بن حنبل في مسنده ج 1/ 159 بسند آخر من غير طريق عبد الغفار قال احمد حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا ابو عوانة عن عثمان بن المغيرة عن ابي صادق عن ربيعة بن ناجذ عن علي (عليه السلام) و فيها (و يكون اخي و صاحبي و وارثي).
وروى احمد في مسنده 1/ 111 بسند آخر قال حدثنا اسود بن عامر قال حدثنا شريك عن الاعمش عن المنهال عن عباد بن عبد الله الاسلامي عن علي (عليه السلام) و فيها (ويكون خليفتي).
وقد رواها قريباً من هذا السياق ايضاً ابو الحسن الثعلبي في تفسيره بسنده عن الحسين بن محمد بن الحسين قال حدثنا موسى بن محمد حدثنا الحسن بن علي بن شعيب العمري حدثنا عباد بن يعقوب حدثنا علي بن هاشم عن صباح بن يحيى المزني عن زكريا بن ميسرة عن ابي اسحاق عن البراء بن عازب.
ورواها ايضا قريباً من هذا السياق الثعلبي و ابن عساكر في تاريخ دمشق بسندهما عن ابي رافع.
اقول: و قد يشكل بعد الاذعان بصحتها بانها معارضة بما رواه الطبري و احمد و اصحاب الصحاح عن عائشة و ابن عباس وابي هريرة من انه لما نزل قوله تعالى (وَ أَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ).
واللفظ لأحمد دعا رسول الله (صلى الله عليه واله) قريشاً فعمَّ و خص فقال يا معشر قريش انقذوا انفسكم من النار يا معشر بني كعب انقذوا انفسكم من النار يا معشر بني عبد مناف انقذوا انفسكم من النار يا معشر بني هاشم انقذوا انفسكم من النار يا بني عبد المطلب انقذوا انفسكم من النار يا فاطمة بنت محمد انقذي نفسك من الله فاني و الله لا املك لكم من الله شيئا، الا ان لكم رحما سأبلها ببلالها (المسند 2/ 360).
غير ان عائشة و ابن عباس كانا طفلين في ذلك الوقت او لم يكونا قد ولدا بعد اما ابو هريرة فلم يكن قد اسلم آنذاك و كان في اليمن فلم يكن اذن من شهود الواقعة بخلاف علي (عليه السلام) حيث شهدها و جرت على يديه و رواها عنه ابن عباس و عباد بن عبيد الله الاسدي و ربيعة بن ناجذ و البراء بن عازب و ابو رافع و ابنه عبيد الله الذي كان كاتبا لعلي (عليه السلام).
هذا مضافاً الى ان لفظ العشيرة على فرض التسليم بانه مشترك بين بني الاب الادنين او القبيلة فان لفظة (الاقربين) قرينة صريحة في ارادة معنى بني الاب الادنين و هم بنو هاشم دون قريش و مما يؤكد هذا ما رواه البخاري عن جبير بن مطعم قال مشينا و عثمان بن عفان الى رسول الله (صلى الله عليه واله) فقلنا يا رسول الله اعطيت بني المطلب و تركتنا و نحن و هم منك بمنزلة واحدة فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) انما بنو المطلب و بنو هاشم شيء واحد، و يؤكد ذلك ما ذكروه ايضا في (ذوي القربى) انه لفظ عام خصَّ ببني هاشم و المطلب (14).
اقول: مضافا الى ذلك فإن قول النبي (صلى الله عليه واله) لعلي في هذه المناسبة انه اخوه و وصيه و صاحبه و وارثه و وزيره و خليفته تصدقه احاديث النبي (صلى الله عليه واله) الاخرى كحديث المؤاخاة حيث آخى النبي (صلى الله عليه واله) بينه و بين علي فقال له: انت اخي في الدنيا و الآخرة، و قال له: انت اخي و صاحبي. و ان عليا كان يقول: و الله اني لأخو رسول الله و وليه.
ويقول: انا عبد الله و اخو رسوله لم يقلها قبلي و لا يقولها احد بعدي الا كذاب مفتر (15) .
وحديث المنزلة حيث قال النبي (صلى الله عليه واله) لعلي (انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي) رواه البخاري و غيره، و هذا الحديث من اقوى الشواهد على صدق ما روي عن علي (عليه السلام) في قصة الانذار.
والقرآن يقول عن موسى (وَ اجْعَل لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي أ قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى) طه/ 3629.
وقد كان هذا قبل مجيء موسى الى مصر و اجتماعه بأهل بيته فلما قدم مصر و اجتمع معهم ابلغهم شأن هارون و موقعه من رسالته و انه نبي و وزير و خليفة و وصي.
ولما كان موقع علي (عليه السلام) من محمد (صلى الله عليه واله) و رسالته كموقع هارون من موسى و رسالته الا ان عليا لم يكن نبيا، فقد شاءت الحكمة الإلهية ان يكون انذار محمد (صلى الله عليه واله) لعشيرته الاقربين شبيها بإنذار موسى لعشيرته الاقربين.
ففي القرآن الكريم قوله تعالى (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ) الأحقاف/ 10 و الضمير في (مثله) يعود الى الشاهد من بني اسرائيل و هو موسى.
وفي التوراة في سفر التثنية الإصحاح 18 الفقرات 2215 (يقيم لك الرب من اقرباء اخيك نبياً مثلي) (سأقيم لهم من اقرباء اخيهم نبيا مثلك واضع كلامي في فمه لكي يبلغهم جميع ما امره به).
وفي القرآن الكريم (إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا) المزمل/ 15.
ان هذه المثلية بين محمد (صلى الله عليه واله) و موسى (عليه السلام) قد تحققت بشكلها الكامل من خلال قصة انذار العشيرة وابلاغ الناس ان لمحمد (صلى الله عليه واله) منذ البدء وزير و خليفة و هو اخوه علي كما ان لموسى وزير و خليفة هو اخوه هارون، و لم يعرض القرآن الكريم في قصص انبيائه نبيا كموسى من هذه الناحية.
وقد اقترن شخص محمد (صلى الله عليه واله) بشخص علي لدى قريش في العهد المكي فضلا عن العهد المدني روى ابن الأثير في اسد الغابة ان النبي (صلى الله عليه واله) قال لعلي ليلة الهجرة ان قريشا لم يفقدوني ما رأوك، فلما أصبح و رأوا عليا قالوا: لو خرج محمد لخرج بعلي معه (16) .
وقد بلغ موسى و وزيره هارون الرسالة الى فرعون و تحمل موسى و هارون من فرعون و من قومهما ما تحملا و قد جعل الله الامامة من بعد موسى في ذرية هارون.
وقال تعالى (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ* وَ قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً) [الأعراف: 159- 160] .
وقال تعالى (وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) المائدة/ 12. و كذلك بلَّغ محمد (صلى الله عليه واله) و وزيره عليٌّ الرسالة الى قريش و من آمن منهم و من غيرهم و تحملا من قومهما ما تحملا، و قد جعل الله الامامة من بعد النبي (صلى الله عليه واله) في ذرية علي و قال تعالى (وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ) الأعراف/ 181 و قد ذكر المفسرون ان هذه الآية في امة محمد (صلى الله عليه واله) و قال تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) فاطر/ 32 وقد تظافرت الروايات عن اهل البيت (عليهم السلام) انهم هم الذي اورثهم الله الكتاب و علومه و جعلهم سابقين بالخيرات باذن الله أي جعلهم ائمة هدى للناس (17).
وقد تظافرت الروايات من اهل السنة و الشيعة ان النبي (صلى الله عليه واله) قال ان الأئمة من بعده اثنا عشر عدتهم عدة نقباء بني اسرائيل (18).
اما صفة علي كوصي للنبي (صلى الله عليه واله) الواردة في حديث الانذار فقد تكررت منه (صلى الله عليه واله) في مناسبات عدة منها جوابه (صلى الله عليه واله) لسلمان لما سأله عن وصيه اجابه ان وصيي علي (عليه السلام) (19).
ومنها ما رواه ابن حبان بسنده عن خالد بن عبيد الله العتكي من اهل البصرة سكن مرو عن انس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه واله) هذا (علي) وصيي و موضع سري و خير من اترك بعدي (20).
وقد عُرِفَت عن علي (عليه السلام) هذه الصفة و اشتهرت له حتى صارت مختصة به فاذا قيل الوصي انصرف الذهن الى علي (عليه السلام) و قد نظمها الشعراء منذ صدر الاسلام و إلى اليوم.
قال ابن ابي الحديد: و مما رويناه من الشعر القول في صدر الاسلام المتضمن كونه (عليه السلام) وصي رسول الله (صلى الله عليه واله) قول عبد الله بن ابي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب:
ومنا علي ذاك صاحب خيبر
وصاحب بدر يوم سألت كتائبه
وصي النبي المصطفى و ابن عمه
فمن ذا يدانيه و من ذا يقاربه
وقال ابو الهيثم بن التيهان و كان بدريا:
ان الوصي امامنا و ولينا برح الخفاء و باحت الاسرار
الى غيرها مما نقله عن كتاب وقعة الجمل لابي مخنف ثمّ علق عليها ابن ابي الحديد قائلا: ذكر هذه الاشعار و الاراجيز باجمعها ابو مخنف لوط بن يحيى في كتاب وقعة الجمل و ابو مخنف من المحدثين و ممن يرى صحة الامامة بالاختيار و ليس من الشيعة و لا معدوداً من رجالها.
ثمّ ذكر ابن ابي الحديد نماذج اخرى من اشعار صفين تتضمن تسميته (عليه السلام) بالوصي مما ذكره ابن مزاحم ثمّ قال ابن ابي الحديد:
والاشعار التي تتضمن هذه اللفظة كثيرة جداً و لكنا ذكرنا منها هاهنا بعض ما قيل فاما ما عداها فانه يجل عن الحصر و يعظم عن الاحصاء و العد و لو لا خوف الملالة والاضجار لذكرنا من ذلك ما يملأ اوراقا كثيرة (21) .
__________________
( 1) احمد الكاتب تطور الفكر السياسي الشيعي: 1211.
( 2) الشافي ج 3/ 98.
( 3) تفسير الطبري. ج 19/ 122121.
( 4) تاريخ الطبري 2/ 321319، و قد رواها مختصرة في ص 321 بسند آخر هو زكريا بني يحيى الضرير قال حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا ابو عوانة عن عثمان بن المغيرة عن ابي صادق عن ربيعة بن ناجذ. و فيها( و يكون اخي و صاحبي و وارثي).
( 5) تاريخ دمشق ترجمة علي (عليه السلام).
( 6) تفسير ابن كثير الآية( و انذر عشيرتك الأقربين)
( 7) ميزان الاعتدال ترجمة عبد الغفار الانصاري ج 2/ 640.
( 8) كتاب المجروحين لابن حبان 2/ 143.
( 9) لسان الميزان ج 4/ 412 414 تحقيق المرعشلي.
( 10) ميزان الاعتدال.
( 11) اقول و موقفهم من عبد الغفار نظير موقفهم من جابر بن يزيد الجعفي قال الذهبي: جابر احد علماء الشيعة، روى عن ابي الطفيل و خلق و روى عنه شعبة و ابو عوانة وعدة. و قال ابن حجر في ترجمته: قال ابن مهدي عن سفيان: ما رأيت اورع في الحديث من جابر، و قال ابن علية عن شعبة جابر صدوق في الحديث، و قال ايضا كان جابر اذا قال حدثنا و سمعت فهو من اوثق الناس و قال زهير بن معاوية كان اذا قال سمعت او سألت فهو من اصدق الناس و قال وكيع مهما شككتم في شيء فلا تشكوا في ان جابراً ثقة.
اقول: غير انهم اتهموه بالكذب و تكلموا فيه لما اظهر الايمان بالرجعة.
قال ابن عدي في الكامل في ترجمة جابر: و قد احتمله الناس و رووا عنه و عامة ما قذفوه انه كان يؤمن بالرجعة.
وقال زائدة: كان جابر الجعفي كذاباً يؤمن بالرجعة.
وقال يحيى بن معين و كان جابر كذاباً لا يكتب حديثه و لا كرامة ليس بشيء.
وقال سفيان لشعبة لما بدأ يتكلم في جابر و تغير رأيه فيه: لان تكلمت في جابر الجعفي لا تكلمنَّ فيك. و قال معلى بن منصور قال لي ابو عوانة كان سفيان( ابن عيينة) و شعبة ينهياني عن جابر الجعفي، و قال وكيع قيل لشعبة لم طرحت فلانا و فلانا و رويت عن جابر قال لانه جاء باحاديث لم نصبر عنها.
وقال ابن حبان: كان جابر سبائياً من اصحاب عبد الله بن سبأ و كان يقول ان عليا يرجع الى الدنيا فان احتج محتج بان شعبة والثوري رويا عنه قلنا الثوري ليس من مذهبه ترك الرواية عن الضعفاء و أما شعبة و غيره فرأوا عنده اشياء لم يصبروا عنها وكتبوها ليعرفوها فربما ذكر احدهم عنه الشيء بعد الشيء على جهة التعجب.( ميزان الاعتدال. الكامل في الضعفاء تهذيب التهذيب).
( 12) قال ابن عدي في ترجمته: لو لا اني شرطت ان اذكر من تكلم فيه لم اذكره للفضل الذي كان فيه من الفضل و المعرفة.
( 13) الكامل في الضعفاء ترجمة عبد الغفار الانصاري ج 5/ 327 و الملاحظ ان الذهبي لم يذكر ما نقله ابن عدي من ثناء ابن عقدة على ابي مريم مع ان كتاب ابن عدي. هو المتن المعتمد لدية في تأليف ميزان الاعتدال.
( 14) فتح الباري ج 6/ 178186.
( 15) الدرر في اختصار المغازي و السير ابن عبد البر تحقيق شوقي ضعيف/ 9190.
( 16) اسد الغابة ج 4/ 96.
( 17) انظر تفسير نور الثقلين و تفسير البرهان الآية.
( 18) و قد مرت مصادر ذلك في الحلقة الأولى الفصل الثامن.
( 19) و قد مرت مصادر الحديث في الحلقة الاولى الفصل التاسع.
( 20) كتاب المجروحين ج 279 1
( 21) شرح النهج ج 1/ 150143 و قد بحث العلامة العسكري صفة علي(عليه السلام) كوصي النبي( صلى الله عليه واله) في كتابه القيم معالم المدرستين ج 1/ 328295.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|