ادى تباين كل من خصائص عناصر المناخ ورسمات التربة، الى جانب تعدد اشكال السطح واختلاف طبيعة صخورها ومدى ارتفاع وانحدار سفوحها ومستوى مواجهتها لأشعة الشمس، والموقع بالنسبة للمسطحات المائية الى اختلاف اقسام النبات الطبيعي في اقاليم قارة اوربا المختلفة، ورغم ان الانسان ازال النباتات الطبيعية من مساحات واسعة بالقارة لاستخدام اراضيها في الاغراض المختلفة، وخاصة فلاحة الارض كما حدث في فرنسا والمانيا والمملكة المتحدة وايطاليا على وجه الخصوص الا انها - اي النباتات الطبيعية - لا زالت تكون موردا من اهم موارد الثروة الطبيعية في اوربا والتي يمكن استغلالها بنجاح على نطاق واسع.

ويمكن تقسيم اوربا الى خمسة اقاليم نباتية رئيسية هي على النحو التالي : (شكل رقم 1)

- اقليم نباتات البحر المتوسط

- اقليم حشائش الاستبس

- اقليم الغابات النفضية (المعتدلة)

- اقيم الغابات المخروطية (الصنوبرية)

- اقليم التندرا

1- اقليم نباتات البحر المتوسط :

يتفق هذا الاقليم في توزيعه الجغرافي وامتداد نطاقاته مع توزيع اقليم مناخ البحر المتوسط في جنوبي اوربا. وتسود هنا الشجيرات القصيرة والحشائش كنتيجة لعدم غزارة الامطار وخاصة ان اقليم البحر المتوسط يمثل منطقة انتقالية بين الاقاليم المعتدلة الباردة في وسط القارة بالشمال والاقاليم الصحراوية الجافة في شمالي افريقيا بالجنوب.

ويطلق على حشائش هذا الاقليم اسم ماكي maqui الا ان ذلك لا يمنع من وجود عدة اسماء محلية لها منها ماشيا macchia في ايطاليا، جاريجو garrique في جنوبي ايطاليا، ماتورال matorral في اسبانيا، وتغطي هذه الحشائش مساحات واسعة من الاقليم والتي يتخللها احيانا العديد من الشجيرات القصيرة التي تتباعد عن بعضها البعض حتى تستطيع كل شجرة الاستفادة من المياه الجوفية الموجودة في نطاق واسع من الارض، ومع ذلك تنمو الاشجار الضخمة في هذا الاقليم وذلك في النطاقات التي تسمح خصائصها وخاصة المناخ (درجة الحرارة والامطار) والتربة بذلك.

وعلى ذلك تتباين غابات البحر المتوسط تبعا لاختلاف كمية الامطار التي تتباين بدورها من مطان لأخر تبعا لعوامل القرب او البعد عن المسطحات المائية، اتجاه الرياح، منسوب سطح الارض، فاذا كانت الامطار غزيرة في كميتها تنمو الاشجار دائمة الخضرة التي تضم الفلين والصنوبر والارز والكافور الفضي والبلوط الفضي وذلك فوق المناسيب العالية التي تتجاوز امطارها السنوية 25 بوصة، وفي الجهات التي تقل امطارها بشكل ملحوظ وحيث يطول فصل الجفاف تتدرج الحياة النباتية حتى تتحول الى شجيرات قصيرة وحشائش ماكي السابق الاشارة اليها.

ويشتهر هذا الاقليم بنمو العديد من اشجار الفاكهة التي يأتي الكروم والموالح والتفاح والمشمش والكمثري والتين في مقدمتها. واستطاعت نباتات هذا الاقليم دائمة الخضرة مقاومة ظروف الجفاف التي تسوده خلال شهور الصيف بعدة طرق نوجزها فيما يلي:

1- التقليل من فقط الرطوبة المختزنة في جذوع وسيقان واوراق النباتات عن طريق تغطية الاوراق بطبقة شمعية كأشجار البلوط، او بطبقة زيتية كبعض اشجار الموالح.

2- تقليل الفاقد من الرطوبة التي تختزنها الاشجار عن طريق افراز قشرة سميكة تكسو جذوع الاشجار كأشجار البلوط الفليني.

3- تعمق الجذور في باطن الارض لمسافات طويلة بعيدا عن سطح التربة للحصول على المياه الجوفية كأشجار الزيتون والكروم.

4- انتشار الاشجار على مسافات متباعدة حتى تستفيد كل شجرة من الرطوبة الارضية والمياه الجوفية الموجودة في مساحة واسعة من الارض, وحشائش المراعي بإقليم البحر المتوسط فقيرة بوجه عام، لذلك لا تربي هنا سوى الاغنام والماعز التي تتنقل مع الرعاة في حركة فصلية بين مراعي السفوح الجبلية صيفا ومراعي الاودية منخفضة المنسوب شتاء نظرا لان الثلوج تغطي سفوح بعض الجبال خلال هذه الفترة من السنة، وقد كان التوسع في تربية الماعز من اسباب تعرض مساحات واسعة لتعرية ذرات تربتها كما حدث في بعض اقاليم اليونان واسبانيا.