أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-10-2016
1936
التاريخ: 20-8-2022
1452
التاريخ: 6-10-2016
1405
التاريخ: 6-10-2016
1963
|
علاجه أن يعلم أن العالم الحقيقي هو الذي يعرف نفسه و خطر الخاتمة ، و أن من تليق به العظمة و العزة و الكبرياء هو اللَّه سبحانه ، و ما عداه هالك الهوية و الذات فاقد الكمال و الصفات.
وهذا العلم يزيد الخوف و الذلة و المهانة و المسكنة ، و الاعتراف بالقصور و التقصير في أداء حقوق اللَّه ، و الشكر بإزاء نعمه ، و لذا قيل : «من ازداد علما ازداد وجعا».
فالعلم الذي لا يوجب ذلك و يورث العجب ، إما ليس علما حقيقيا ، بل هو من العلوم الدنيوية التي ينبغي أن تسمى صناعات لا علوما ، إذ صاحبه خاض فيه و هو خبيث النفس ردى الأخلاق لم يهذب نفسه أولا و لم يزكها بالمجاهدات و لم يرضها في عبادة ربه ، فيبقى خبيث الجوهر، فإذا خاض في العلم و إن كان علما حقيقيا صادف من قلبه منزلا خبيثا، فلم يطب ثمره ولم يظهر في الخبر اثره ، فإن العلم مثله مثل الغيث ينزل من السماء عذبا صافيا ، فإذا شربته الأشجار و النباتات ازداد المر مرارة و الحلو حلاوة ، كذلك العلم إذا صادف القلوب ازداد القلب المظلم الخبيث ظلمة و خباثة.
والطيب الصافي طيبا و صفاء و إذا علم ذلك ، يعرف أنه لا ينبغي العجب بالعلم ، و يجب أيضا أن يعلم أنه إذا أعجب بنفسه صار ممقوتا عند اللَّه مبغوضا لديه ، لما تقدم من الأخبار و قد أحب اللَّه منه الذلة و الحقارة عند نفسه.
وقال بواسطة سفرائه : «إن لك عندي قدرا ما لم تر لنفسك قدرا ، فإن رأيت لنفسك قدرا فلا قدر لك عندي».
و قال : «صغروا أنفسكم ليعظم عندي محلكم».
فلا بد أن يكلف نفسه ما يحب مولاه ، و أن يعلم أن حجة اللَّه على أهل العلم أوكد ، و أنه يتحمل من الجاهل ما لا يتحمل عشره من العالم ، لأن العالم إذا زل زل بزلته كثير من الناس ، و لأن من عصى اللَّه عن علم و معرفة كانت جنايته أفحش إذا لم يقض حق نعمة اللَّه عليه في العلم ، و لذلك قال رسول اللَّه ( صلى اللَّه عليه و آله و سلم ) -: « يؤتى بالعالم يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتابه ، فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى ، فيطيف به أهل النار، فيقولون : ما لك؟ , فيقول : كنت آمر بالخير و لا آتيه و أنهى عن الشر و آتيه».
وقد مثل اللَّه تعالى علماء (اليهود) بالحمار ، و بلعلم بن باعوراء بالكلب ، لعدم عملهم بما علموه.
وقال رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و آله و سلم) : «يكون قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يقولون قد قرأنا القرآن فمن أقرأ منا و من أعلم منا» ثم التفت إلى أصحابه فقال : «أولئك منكم أيها الأمة ، أولئك هم وقود النار».
و قال ( صلى اللَّه عليه و آله و سلم ) -: «إن أهل النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعلمه و إن أشد أهل النار ندامة و حسرة رجل دعا عبدا إلى اللَّه فاستجاب له و قبل منه ، فأطاع اللَّه فأدخله اللَّه الجنة ، وأدخل الداعي النار بتركه علمه و اتباعه الهوى و طول الأمل» , وقال روح اللَّه (عليه السلام) : «ويل لعلماء السوء كيف تتلظى عليهم النار».
وقال الصادق (عليه السلام) : يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد».
ولا ريب في أن كل عالم يأمر الناس بالتواضع و ذل النفس و انكسارها ، و ينهاهم عن العجب و الكبر، و هو معجب متكبر، يكون من علماء السوء ، و ممن لم يعمل بعلمه ، فيكون داخلا تحت هذه الأخبار.
وأي عالم يتصور في أمثال هذه الأزمنة أن يجزم بأنه عمل بجميع ما علم و أمر به ، و لم يضع شيئا من أوامر ربه من الجنايات الظاهرة و الذنوب الباطنة ، كالرياء و الحسد و العجب و النفاق و غير ذلك؟ , و كيف يمكنه القطع بأنه امتثل ما أمر به من التكاليف العامة و الخاصة به؟ فخطره أعظم من خطر غيره ، كيف وقد روي : «أن حذيفة صلى بقوم ، فلما سلم قال : لتلتمس إماما غيري أو لتصلن وحدانا ، فإني رأيت في نفسي أنه ليس في القوم أفضل مني».
فإذا كان مثله لا يسلم ، فكيف يسلم الضعفاء من متأخري هذه الأمة ، فما أعز على بسيط الأرض في هذه الأعصار علماء الآخرة الذين أقبلوا على شأنهم ، و استوحشوا من أوثق إخوانهم ، و شغلهم عظيم الأمر عن الالتفات إلى الدنيا و زهرتها ، و أزعجهم خوف الرحمن عن مضاجعهم في حنادس الليالي و ظلمتها ، و لا يشتهون من نعيم الدنيا حارا و لا باردا ، و صارت همومهم هما واحدا ، هيهات! فأنى يسمح آخر الزمان بمثلهم ، فهم أرباب الإقبال و أصحاب الدول ، و قد انقرضوا في القرون الأول ، بل يعز أن يوجد في زماننا هذا عالم لا تكون له استطالة و خيلاء ، و لم يكن متكبرا على الفقراء ، و متواضعا للأغنياء.
فينبغي لكل عالم أن يتفكر في أحواله و أعماله و ما أريد منه ، و في عظم خطره حتى تنكسر نفسه ، و يظهر خوفه و حزنه و يبطل كبره و عجبه .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|