أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-9-2016
429
التاريخ: 2024-07-27
363
التاريخ: 2024-07-27
422
التاريخ: 16-9-2016
624
|
ومن جملة القواعد الفقهيّة قاعدة « اشتراك المكلّفين في الحكم رجالا ونساء إلى قيام يوم القيامة» أي ما دام بقاء هذه الشريعة المقدّسة.
وبعبارة أخرى : إذا ثبت حكم لأحد المكلّفين أو لطائفة منهم ـ سواء كان ثبوته بخطاب لفظي أو دليل لبّي ، من إجماع أو غيره ـ فيكون شاملا لجميع المكلّفين في جميع الأزمنة إلى قيام يوم القيامة ، إلاّ أن تكون مأخوذا في الموضوع خصوصية وقيد لا ينطبق إلاّ على شخص خاص ، أو طائفة خاصّة ، أو في زمان خاصّ كزمان حضور الإمام عليه السلام مثلا.
وهي أمور :
الأوّل : الاستصحاب بضميمة عدم القول بالفصل بين الحاضرين في زمان التكليف بمعنى أنّ الشارع إذا أمر شخصا أو طائفة بفعل من الأفعال ، أو نهى عن ارتكاب أمر كذلك ، فجميع الموجودين في ذلك الزمان محكومون بذلك الحكم.
فإذا قال الراوي السائل عن الإمام عليه السلام : نسيت أنّ في ثوبي أو بدني نجاسة ، وبعد الفراغ ذكرت ذلك؟ فقال عليه السلام : اغسل ثوبك أو بدنك وأعد الصلاة ، نعلم بأنّ جميع الموجودين في زمان جواب الإمام عليه السلام محكومون بهذا الحكم ، وليس مختصّا بنفس السائل.
فإذا تبيّن اتّحاد الموجودين في زمان صدور ذلك الحكم بالقطع واليقين الوجداني ، فإن حصل شكّ في بقاء ذلك الحكم في الأزمنة المتأخّرة وبالنسبة إلى الموجودين بعد ذلك الزمان يستصحب ، فيثبت بقاؤه تعبّدا وبحكم الشارع.
وفيه :
أوّلا : أنّ الخطاب إذا كان متوجّها إلى شخص خاصّ ، أو طائفة مخصوصة ، فمن أين نعلم باتّحاد الموجودين في هذا الحكم وهو أوّل الكلام ومصادرة على المطلوب.
وثانيا : إذا علمنا اتّحاد الموجودين في ذلك الحكم مع من توجّه إليه الخطاب ، فنعلم باتّحاد الجميع أي سواء كانوا موجودين أو معدومين ، لأنّه لا خصوصيّة لوجودهم في ذلك الزمان ، فلا يبقى مجال ومورد للاستصحاب ، لأنّ موضوع الاستصحاب هو الشكّ في البقاء ، وأمّا مع القطع بالبقاء فلا موضوع له حتى يجري.
وثالثا : أدلّة اللفظيّة على بقاء أحكام هذه الشريعة إلى قيام يوم القيامة حاكمة على هذا الاستصحاب.
الثاني : الاتّفاق القطعي من الأصحاب على اشتراك الجميع في جميع الأعصار والأمصار في الحكم المتوجّه إلى بعض آحاد المكلّفين ، فإنّهم ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ يستدلّون من الصدر الأوّل وأوّل زمان تأليف الفقه في كتبهم ، ككتب ابن الجنيد وابن أبي عقيل القديمين ، إلى زماننا هذا على الحكم الشرعي لكلّ واحد من آحاد المكلفين وفي أيّ زمان كانوا ، بالخطابات الخاصّة المتوجّهة إلى شخص خاصّ كقوله عليه السلام لزرارة أو محمد بن مسلم أو غيرهما في مورد خاصّ : « اغسل » أو « أعد الصلاة » وأمثال ذلك.
والإنصاف أنّه يستكشف من هذا كشفا قطعيّا بأنّه كان من المسلّم المقطوع عندهم اتّحاد جميع المكلّفين في جميع الأحكام ، إلاّ أن يكون موضوع ذلك الحكم مقيّدا بقيد حاصل في البعض دون البعض ، كقوله تعالى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا } [آل عمران: 97] فإنّ موضوع وجوب الحج قيّد بقيد ، وهو أن يكون الشخص مستطيعا ، فمن لم يكن كذلك لا يجب عليه الحج. ولكن بعد وجود موضوعه أي الإنسان العاقل البالغ الحرّ المستطيع ، يشترك في هذا الحكم جميع أفراد هذا الموضوع ومصاديقه في أي عصر ، ومن أيّ مصر كانوا.
فليس المراد من الاشتراك إلاّ أنّ كلّ من ينطبق عليه عنوان « موضوع الحكم » فهو محكوم بذلك الحكم ، وإلاّ فكيف يمكن أن يقال : إنّ من لا يكون من مصاديق موضوع الحكم يثبت له هذا الحكم؟ وهل هذا إلاّ خلف ومناقضة؟!
ومثل هذا الاتّفاق القطعي كاشف قطعي عن اتّحاد حكم الجميع عندهم :
ولذلك ترى لم يناقش أحد في استدلالهم بالقضايا والخطابات الشخصيّة لحكم الجميع ، بل تلقّوه بالقبول. نعم ربما يناقشون في أدلّتهم من جهات أخر ، كما هو المتعارف في الأبحاث الفقهيّة.
الثالث : ارتكاز عامّة المسلمين حتّى العوام بأنّ حكم الله في هذه الواقعة واحد للجميع.
ولذلك ترى أنّ أحدهم لو سئل عن الإمام عليه السلام ، أو عن مقلّده حكما شرعيّا لموضوع أو لفعل من الأفعال ، وسمع ذلك الحكم غيره ممن هو مثله ، لا يتأمّل ولا يتردّد في ثبوته في حقّه ، ولا يحتمل أن يكون حكم الله في حقّ ذلك السائل غير حكم الله في حقّه فهذا المعنى أي وحدة التكليف واشتراكه بين جميع المكلفين شيء مرتكز في أذهان جميعهم ، ولا يمكن ذلك إلاّ بوصوله إليهم من مبدإ الوحي والرسالة ، ثمَّ من هؤلاء إلى من بعدهم ، وهكذا إلى زماننا.
ولعلّ إلى هذا ينظر كلام بعض المحققين حيث يقول : والقول بأنّ الكون في زمان النبي صلى الله عليه واله دخيل في اتّحاد الصنف الذي هو شرط شمول الخطابات ، هدم لأساس الشريعة ، وذلك من جهة أنّ الأحكام إن كانت مخصوصة بالحاضرين في مجلس النبي صلى الله عليه واله المخاطبين ، أو مطلق الموجودين في ذلك الزمان فقط ، فانتهى أمر الدين ـ العياذ بالله ـ وتكون الناس بعد ذلك كالبهائم والمجانين. وهذا أمر باطل بالضرورة ، لأنّه يوجب هدم أساس الدين.
فادّعاء الضرورة على اشتراك الجميع في التكاليف لا بد فيه ، بل هو كذلك.
وهذا لا ينافي اختصاص بعض التكاليف ببعض الطوائف دون بعض ، بل ببعض الأشخاص دون سائرين ، لأنّ المراد من الاشتراك عدم اختصاص التكليف بمن توجّه الخطاب اليه ، كما أشرنا إلى ذلك وقلنا : إنّ قوله عليه السلام لزرارة أو محمّد بن مسلم مثلا « أعد » أو « اغسل » أو « لا يعيد » مثلا ، ليس من جهة اختصاص ذلك الحكم بهما وأمثالهما من الرواة ونقله الأحاديث ، بل توجيه الخطاب إليهما أو إلى غيرهما من باب أنّهم من مصاديق طبيعة المكلّفين ويبيّنون حكم المسألة بهذه الصورة.
وهذا لا ينافي كون موضوع الحكم ـ أي المكلف ـ مقيدا ببعض القيود ، أو متّصفا ببعض الصفات ، أو كونه من طائفة خاصّة من الطوائف ، أو كونه من النساء أو من الرجال ، وأمثال هذه الاختلافات ، بل لا بدّ منها لعدم كونه الأحكام جزافيّة ، بل تابعة للمصالح والمفاسد التي في متعلّقاتها وموضوعاتها.
والموضوعات والمتعلّقات تختلف من حيث المصلحة والمفسدة باعتبار اختلاف قيودها وأوصافها وحالاتها ، كالحريّة والرقيّة والاستطاعة وعدمها ، والسفر والحضر ، وغير ذلك من العوارض والحالات الطارئة على المكلّفين.
فباعتبار وجود صفة الاستطاعة مثلا يكون صدور الحجّ من المكلّف له مصلحة ملزومة ، فهذه الصفة توجب وجوب الحجّ على المكلّف ، فلا بدّ من تقييد الموضوع بهذا القيد ، ولذلك قيّد وجوب الحجّ في الآية الشريفة بهذا القيد ، وقال الله تعالى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا } [آل عمران: 97].
وخلاصة الكلام في المقام أنّ اختلاف الأحكام بالنسبة إلى المكلّفين باختلاف القيود ، والصفات ، والحالات الطارئة على الموضوعات من أوضح الواضحات.
فليس المراد من قاعدة الاشتراك أنّ جميع المكلّفين سواء كانوا واجدين لقيود موضوع الحكم أم لم يكونوا واجدين ، حكمهم سواء ، لأنّ بطلان هذا الكلام ضروري.
بل المراد أنّ الحكم الذي رتّب على موضوع يشمل جميع من هو ينطبق عليه الموضوع؟ أم مختصّ بمن توجّه إليه الخطاب؟ أو بمن يكون موجودا في زمان الخطاب؟ وكذلك القضايا الشخصية التي يسأل الراوي الفلاني عن حكمها هل يكون جواب الإمام عليه السلام مختصّا بنفس السائل؟ أو يكون عاما لكلّ من ينطبق عليه موضوع الحكم الذي صدر عنه عليه السلام في مقام الجواب؟
وبعبارة أخرى : يكون الخطاب إلى السائل بعنوان أنّه أحد مصاديق موضوع الحكم ، لا بعنوانه الشخصي.
الرابع : الأخبار الواردة في هذا الباب ، الدالة على أنّ حكم الله تعالى مشترك بين الكلّ ، وخصوصية الأشخاص ـ أي العوارض المشخصة لهم ـ لا دخل لها في كونهم موضوعا للأحكام ، ككونه ابن فلان ، أو لونه كذا ، أو من الطائفة الفلانيّة وأمثال ذلك.
وبعبارة أخرى : الدين الإسلامي عبارة عن مجموع الأحكام المكتوبة في الكتب الفقهية ، من الطهارات إلى الديات التي أساسها في القرآن الكريم ، مع شرح وإيضاح وبيان من الأحاديث النبويّة أو التفاسير التي صدرت عن الأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين.
وهذه الأحكام لم يجعل لشخص خاصّ أو لطائفة خاصّة ، بل مجعولة لكافّة المسلمين ، بل لجميع ولد آدم من زمان بعثته صلى الله عليه واله إلى يوم القيامة ، وليس مخصوصا بزمان دون زمان. وهذا لا ينافي اختصاص النبي صلى الله عليه واله ببعض الأحكام : لأنّ الأحكام ـ كما قلنا ـ تابعة للمصالح والمفاسد ، وذلك الموجود المقدّس لامتيازه عن سائر البشر ، وبلوغه إلى أعلى مراتب الكمال صار موضوعا للأحكام الخاصّة به صلى الله عليه واله.
بل يمكن أن يقال : إنّ تلك الأحكام الخاصّة أيضا ليس موضوعها شخص النبي صلى الله عليه واله ، بل لعنوان كلي ، وهو من بلغ إلى هذه المرتبة من الكمال ، غاية الأمر أنّ الكلي منحصر في الفرد ، إذ غيره صلى الله عليه واله لم يصل إلى هذه المرتبة ولن يصل إلى آخر الدهر.
وها هنا تحقيق دقيق في معنى الخاتمية وأنّها ليست قابلة للتعدّد ، ليس المقام مقام ذكره.
وعلى كلّ حال كان كلامنا في ذكر الأخبار التي تدلّ على اشتراك الأحكام بين جميع المكلّفين ، وعدم اختصاصها بالمخاطبين أو الموجودين في زمان الخطاب :
فمنها : ما رواه في الوسائل عن محمّد بن يعقوب الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القسم بن يزيد الزبيدي ، عن أبي عمرو الزهري ، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل في كتاب الجهاد ، في باب من يجوز له جمع العساكر والخروج بها إلى الجهاد ، قال عليه السلام فيه بعد كلام طويل في شرائط من يتصدّى لجمع العساكر للجهاد :
« لأنّ حكم الله عزّ وجلّ في الأوّلين والآخرين وفرائضه عليهم سواء ، إلاّ من علّة أو حادث يكون ، والأوّلون والآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء ، والفرائض عليهم واحدة ، يسأل الآخرون من أداء الفرائض عما يسأل عنه الأوّلون ، ويحاسبون عمّا به يحاسبون » (1).
وظهور هذه الجملات والكلمات في اشتراك جميع المكلّفين من الأوّلين والآخرين في أحكام الله وفرائضه واضح ، لأنّ كلمة « الأوّلين والآخرين » جميع معرف بالألف واللام يفيد العموم ، فمعنى الحديث عبارة عن أنّ كلّ واحد من الأوّلين سواء في حكم الله عزّ وجلّ مع كلّ واحد من الآخرين ، وجميع الفرائض عليهم ـ أي على جميع الأوّلين والآخرين ـ واحدة. وهذا أفصح وأوضح عبارة لاتّحاد حكم جميع الأمّة من الأوّلين والآخرين.
نعم المراد من الاتّحاد أو الاشتراك ، اشتراك من كان من مصاديق موضوع الحكم ، كما تقدّم شرحه.
والظاهر أنّ هذا مراد من اعتبر في الاشتراك اتّحاد الصنف.
ومنها : النبوي المشهور ، قال صلى الله عليه واله : « حكمي على الواحد حكمي على الجماعة » (2).
فإنّ ظاهر هذه الجملة أنّ حكمي الذي هو حكم الله على أحدكم حكمي على الجميع ، بمعنى أنّه ما أخصّ أحدا بالحكم ، بل كلّكم في حكمي سواء.
هذا هو المتفاهم العرفي والظاهر من هذا الحديث الشريف ، ولا شكّ في حجّية ظواهر الألفاظ والجمل ، فيدلّ هذا الحديث المبارك على المطلوب ، وهو المطلوب.
ومنها : قوله عليه السلام في الخبر المشهور : « حلال محمد حلال إلى يوم القيامة ، وحرام محمّد حرام إلى يوم القيامة » (3).
تقريب الاستدلال بهذه الرواية أنّ بقاء الحلال والحرام إلى آخر الأزمنة من حياة البشر معناه أنّ الناس في جميع الأزمنة سواء في أنّ حلاله على أهل الزمان المتقدم حلال على أهل الزمان المتأخر ، وكذلك حرامه صلى الله عليه واله.
فإذا كان مفاد الرواية وظاهرا اتّحاد أهالي أزمنة المتأخّرة مع أهالي أزمنة المتقدمة في الحكم ، فتدلّ على اتّحاد أهالي الزمان الواحد في الحكم بطريق أولى ، إذ مرجع مفاد الرواية إلى أنّ خصوصيات الشخصيّة لأفراد المكلّفين ليست دخيلة فيما هو الموضوع بعد اتّحادهم في الصنف بالمعنى الذي تقدّم.
وأمّا احتمال أن يكون مفاد الرواية هو الاتّحاد في خصوص الحلّية والحرمة ، لا في جميع الأحكام فعجيب ، إذ الحلال والحرام كناية عن مطلق الأحكام ، مضافا إلى أنّ مئال جميع الأحكام ومرجعها إلى الحلال والحرام ، لأنّ الواجب تركه حرام وفعله حلال بالمعنى الأعم ، كما أنّ المستحبّ والمكروه فعلهما وتركهما حلال بالمعنى الأعم ، كما أنّ الحلال بالمعنى الأخصّ أيضا كذلك مثل المستحبّ والمكروه. فالحلال والحرام يستوعبان جميع الأحكام التكليفيّة كما أنّ الأحكام الوضعيّة أيضا تنتهي من حيث العمل إلى الحلال والحرام بالمعنى الذي ذكرنا لهما ، فافهم.
ومنها : قوله صلى الله عليه واله : « فليبلغ الشاهد الغائب » (4).
ولا شكّ في دلالة هذا الحديث الشريف على اشتراك الغائبين مع الحاضرين ، وإلاّ لو كان الحكم خاصّا بالحاضرين لما كان وجه لتبليغهم ، لأنّه كان من تبليغ حكم غيرهم إليهم ، فلا بدّ وأن يكون الحكم مشتركا بينهم حتّى يأمر صلى الله عليه واله الحاضرين بتبليغه إلى الغائبين.
وأمّا احتمال أن يكون مخصوصا بجماعة خاصّة من الغائبين مع الحاضرين ، لا عموم الغائبين.
يدفعه : أنّ ظاهر هذا الكلام هو الأمر بتبليغ الحكم إلى عموم الغائبين ، بل وحتّى المعدومين في ذلك الزمان الذين يوجدون فيما بعد ، فضلا عن الغائبين الموجودين في أماكن مختلفة ، ومن بلاد متعدّدة بعيدة أو قريبة.
والحاصل : أنّ المتفاهم العرفي من أمثال هذه العبارة أن الحاضر والغائب ، بل الموجود فعلا ومن يوجد فيما بعد سواء ، وهو المطلوب.
ومنها : قوله صلى الله عليه واله : « أوصي الشاهد من أمّتي ، والغائب منهم ، ومن في أصلاب الرجال ، وأرحام النساء إلى يوم القيامة أو يصلوا الرحم » (5).
وهذا الحديث نصّ في العموم ، ولكن ربما يستشكل بأنّه لا يدلّ إلاّ على اشتراك الأمّة جميعا في هذا الحكم فقط ، أي وجوب أو استحباب صلة الرحم. وأمّا الاشتراك في سائر الأحكام فساكت عنه.
اللهمّ إلاّ أن يقال : لا خصوصيّة لصلة الرحم من بين سائر الفرائض ، أو يقال : هذا اللسان ـ أي لسان الوصيّة إلى الأمّة في حكم من الأحكام ـ هو لسان اشتراك الأمّة في الأحكام الشرعيّة ، وكلهم في ذلك سواء. ويمكن أن يستدلّ للمطلب ببعض الآيات ، مثل قوله تعالى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] ومثل قوله تعالى {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122] ، وكذلك بكثير من الروايات الواردة من أخذ معالم الدين من يونس بن عبد الرحمن (6) ، وزكريا بن آدم (7) وأمثالهما من الثقات ، وإرجاعهم الناس إلى هؤلاء من الرواة ونقلة الحديث ، ولا شكّ في أنّ هؤلاء لم يتعلّموا من الإمام عليه السلام في كلّ موضوع إلاّ حكما واحدا متعلّقا بالجميع ، وكانوا يذكرون ذلك الحكم الواحد لكلّ من يسأل عن ذلك الموضوع أو عن تلك الواقعة ، ومع ذلك أرجع الإمام عليه السلام جمع الشيعة إليهم في أخذ أحكامهم الشرعيّة.
وهذه الروايات يمكن ادعاء القطع بصدور بعضها منهم : ، فما نسب إلى بعض المحقّقين من ادّعاء تواتر الأخبار على الاشتراك ، بالمعنى الذي هو الآن محلّ الكلام ليس بكل البعيد ، بل المتتبّع يجد ذلك من ملاحظة جميع الأخبار الواردة في هذا الباب.
الخامس : وهو الوجه الوجيه ، وما هو التحقيق عندنا : أنّ جعل الأحكام من الأزل على الموضوعات المقدّرة الوجود على نحو القضايا الحقيقيّة ، وليس من قبيل القضايا الخارجيّة حتّى يكون تسريته إلى غير الحاضرين في مجلس الخطاب أو غير الموجودين في ذلك الزمان بدليل الاشتراك ، بل شموله للحاضرين والغائبين والموجودين والمعدومين على نسق واحد.
وهذا هو شأن القضيّة الحقيقيّة الكلّية ، سواء كان إخبارا أو إنشاء ، فإذا قلت : « كلّ إنسان ضاحك بالقوّة » لا فرق في شمول هذا الحكم لأفراد الإنسان بين من كان قبلا موجودا من زمان آدم عليه السلام ، أو فعلا يكون موجودا ، أو من يوجد بعد إلى انقضاء زمان حياة البشر ونفخ الصور ويوم البعث والنشور.
فكذلك في القضيّة الحقيقيّة الإنشائيّة ، فقول الله تعالى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا } [آل عمران: 97] الذي في قوّة أن يقال بصورة الجملة الخبريّة : « كلّ إنسان مستطيع يجب عليه الحجّ » يشتمل الموجودين والمعدومين في عرض واحد لأنّ الحكم أي وجوب الحج ثابت على كل إنسان مستطيع بمعنى أنّ كلّ شخص إذا وجد في الخارج وكان مصداقا للإنسان المستطيع يكون الحج واجبا عليه فالحكم على الطبيعة السارية إلى جميع الأفراد.
وبعبارة أخرى : حيث أنّ الله تعالى عالم في الأزل بوجود المصلحة الملزمة في الفعل الفلاني الصادر من شخص متّصف بكذا وكذا ـ وهذا العلم علّة لجعل الوجوب المتعلّق بذلك الفعل على ذلك الشخص المتّصف بكذا وكذا ـ فلا محالة يحصل الجعل ، فيكون الفعل الكذائي واجبا على كلّ شخص كان مصداقا لذلك العنوان مع القيود المأخوذة فيه ، ونسبة الحكم إلى جميع المصاديق في عرض واحد ، ولو كان بين أفراد ذلك الموضوع تقدّم وتأخّر بحسب الوجود.
فأفراد الإنسان المستطيع وإن لم تكن بحسب الوجود في عرض واحد بل كان بينها تقدّم وتأخّر ، بل وإن كان بينها عليّة ومعلوليّة ، ولكن مع ذلك كلّه شمول الحكم للجميع في عرض واحد ، لأنّ الحكم على نفس الطبيعة المقدّرة الوجود ، ولا نظر له بالنسبة إلى الأفراد الموجودة فعلا في الخارج.
ومعلوم أنّ نسبة الطبيعة إلى أفراد الموجودة فعلا ، والتي كانت موجودة في الماضي ، والأفراد التي يوجد فيما بعد على حدّ سواء ، فإذا كان موضوع الحكم تلك الطبيعة السارية المقدّرة الوجود فقهرا يشمل الحكم جميع الأفراد الذي يكون من مصاديق ذلك العنوان الذي أخذ موضوعا في القضية الحقيقيّة في عرض واحد. فلا يبقى محلّ ومجال لدليل الاشتراك.
وفي الحقيقة هذا الوجه الخامس يوجب هدم هذه القاعدة ، ولا يبقى معه احتياج إلى تلك القاعدة.
فنقول : قد تبيّن من تضاعيف ما ذكرناه في الجهة الأولى أنّه ما المراد منها ، ولكن مع ذلك نقول : إنّ المراد منها : أنّ الحكم المتوجّه إلى شخص أو طائفة خاصّة بحيث أنّ دليل ذلك الحكم لا يشمل غير ذلك الشخص أو غير تلك الطائفة ، فدليل الاشتراك يوجب إثباته لكلّ من كان مصداقا لما أخذ موضوعا لذلك الحكم ، أي كان متّحد الصنف مع ذلك الشخص أو تلك الطائفة فيما إذا توجّه الخطاب إليهما.
مثلا : يسأل الراوي عن الإمام عليه السلام أنّ فلانا صلّى وبعد الفراغ علم أنّه صلّى في النجس نسيانا لا جهلا؟ فيقول عليه السلام : « يعيد صلاته » (8) فهذا الحكم حسب الدليل لذلك الشخص الذي سأل الراوي عن فعله ، ولكن بدليل الاشتراك يثبت لكلّ من كان مصداقا لذلك العنوان ، أي علم بعد الفراغ أنّه صلّى في النجس نسيانا ، وهكذا الأمر في سائر الأحكام.
وكذلك يسأل الراوي مثلا أنّ رجلا شرب الخمر فيبصق فأصاب ثوبي؟ قال عليه السلام : « لا بأس ». وأمثال ذلك كثيرة في جميع أبواب الفقه من أنّ مورد الحكم شخص خاص أو طائفة خاصة ، فلشمول الحكم للسائرين لا بدّ من التمسّك بدليل الاشتراك.
وهذا فيما إذا لم نقل بأنّ جعل الأحكام على نهج القضايا الحقيقيّة ، وإلاّ فلا حاجة في تلك الموارد إلى التمسّك بدليل الاشتراك، بل شمول الحكم لجميع من ينطبق عليه عنوان الموضوع في عرض واحد وبمناط واحد ، وهو ورود الحكم على الطبيعة المرسلة السارية إلى جميع وجوداتها.
ففي جميع تلك الموارد التي توجّه الخطاب إلى شخص خاصّ ، أو طائفة خاصّة يكون من باب أنّه أحد مصاديق العامّ الذي هو موضوع الحكم في الحقيقة ، لا أنّه بخصوصه موضوع كي يحتاج ثبوته لغيره ممّن هو مثله إلى دليل الاشتراك.
ولذلك قلنا إنّ الوجه الخامس الذي هو المعتمد عندنا يوجب هدم أساس دليل الاشتراك ، إذ دليل الاشتراك في مورد اختصاص الحكم من حيث دلالة دليله بنفس المورد ، وجعل الأحكام على نهج القضايا الحقيقيّة معناه أنّ الحكم عامّ يشمل المورد وما هو مثله في عرض واحد ، فلا يبقى محلّ ومجال لإعمال دليل الاشتراك ، بل لا موضوع له.
في بيان موارد تطبيق هذه القاعدة :
فنقول : موارد تطبيقها كثيرة جدّا من أوّل أبواب الفقه ـ أي من كتاب الطهارات ـ إلى كتاب الديات ، فما من مسألة إلاّ ويكون مورد الدليل مختصّا بشخص أو بطائفة فيحتاج إثبات ذلك الحكم للآخرين إلى دليل الاشتراك.
مثلا : في أوّل كتاب الطهارة في فصل المياه وأقسامها ، وأوّل مسألة من هذا الفصل وهو أنّ الماء الراكد القليل غير البالغ كرّا ينفعل بملاقاة النجس أو المتنجّس ، وإن بلغ كرّا فلا. فأدلّة هذه المسألة عبارة عن أجوبة الإمام عليه السلام عن أسئلة عن أشخاص في موارد خاصّة ، فإثبات ذلك لأشخاص آخرين يحتاج إلى دليل الاشتراك.
وأيضا في مسألة تغيّر الماء بالنجاسة ونجاسته ، وعدم جواز التوضّي به ـ وأمّا لو لم يتغير وغلب على النجس يجوز التوضي به ـ الدليل عليه رواية حريز بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال : « كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضّأ من الماء واشرب ، فإذا تغيّر الماء وتغير الطعم فلا تتوضّأ منه ولا تشرب » (9).
فترى أنّه عليه السلام جوّز الوضوء والشرب لذلك الشخص الخاصّ كما أنّ في مورد التغيّر نهى ذلك الشخص عن الوضوء والشرب ، فلا بدّ من إثبات الحكم للآخرين من التمسّك بدليل الاشتراك.
وأمّا إذا قلنا إنّ هذا الحكم ـ أي جواز التوضّي والشرب من الماء غير المتغيّر وعدم جوازهما من الماء المتغيّر ـ مجعول على نهج القضايا الحقيقيّة ، فشموله لذلك الشخص المخاطب وآخرين في عرض واحد ، فلا يبقى موضوع لدليل الاشتراك.
وفي مسألة عدم تنجّس ماء المطر بملاقاة البول واختلاطه به حين ينزل المطر روى عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه السلام في ميزابين سالا ، أحدهما بول والآخر ماء المطر فاختلطا ، فأصاب ثوب رجل « لم يضرّه ذلك » (10). فإسراء هذا الحكم إلى غير ذلك الرجل يحتاج إلى قاعدة الاشتراك ، لو لم نقل بجعل الأحكام على نهج القضايا الحقيقيّة. وما ذكرنا كان من باب النموذج ، وإلاّ فالاستقصاء في موارد تطبيق هذه القاعدة معناه أن نذكر أغلب دورة الفقه مع مداركها من الروايات ، إذ كما ذكرنا في جميع أبواب الفقه من الطهارات إلى الديات أغلب مسائلها من هذا القبيل.
امّا الأوّل : هو أنّ هذه القاعدة ليس لها اطّراد وانخرمت في مواضع عديدة :
منها : مسألة الجهر والإخفات ، فالمرأة والرجل مختلفان في هذه الحكم في الصلوات الجهريّة ولا اشتراك بينهما ، لأنّ فيها يتعيّن على الرجل الجهر ، وعلى المرأة الإخفات.
وفي مسألة الوضوء يتعيّن على الرجل صبّ الماء ابتداء على ظهر اليد استحبابا ، وعلى المرأة بالعكس ، لما رواه محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال : « فرض الله على النساء في الوضوء للصلاة أن يبدأن بباطن أذرعهنّ ، وفي الرجال بظاهر الذراع » (11).
وفي الستر في الصلاة يجب على الرجل ستر العورتين فقط أي القبل والدبر ، وعلى المرأة ستر تمام البدن ، ما عدا الوجه والكفين وظاهر القدمين.
وأيضا هما مختلفا فيجوز ليس الذهب والحرير في الصلاة وفي غيرها للمرأة ، ولا يجوز ان مطلقا لا في الصلاة ولا في غيرها للرجل.
وأيضا هما مختلفان في كيفية العقود في الصلاة ، كما هو مذكور في الكتب الفقهيّة.
وأيضا هما مختلفان في حال الإحرام ، فيجوز لبس المخيط للمرأة دون الرجل.
وأيضا هما مختلفان في الجهاد وصلاة الجمعة ، فيجبان على الرجل مع وجود شرائطهما ، ولا يجبان على المرأة مطلقا.
وأيضا هما مختلفان بالنسبة إلى قبول التوبة إذا ارتدّ كلّ واحد منهما عن فطرة ، فتوبة الرجل لا تقبل من الجهات الثلاث ـ أي من جهة لزوم قتله ، وتقسيم أمواله على الورثة ، وإبانة زوجته ـ وأمّا توبة المرأة فتقبل.
وكذلك مختلفان في حكم الزنا ، فعلى الرجل الجزّ والتغريب مدّة عامّ ، وليس على المرأة شيء من هذين.
وأيضا هما مختلفان في أنّ الرجل يجوز إمامته للنساء ، والمرأة لا يجوز إمامتها للرجال.
وأيضا يحرم التظليل حال الإحرام على الرجل دون المرأة.
وخلاصة الكلام أنّ الفرق بين الرجل والمرأة في الأحكام الشرعية وعدم اشتراكهما كثير ، واستقصاء الجميع ممّا يطول المقام ولا أثر له. والمقصود من ذكر ما ذكرنا من الموارد هو النقض على اطّراد هذه القاعدة وانخرامها بهذه الموارد ، ويكفي لإثبات ذلك ما ذكرنا.
وامّا الثاني أي دفع هذا الوهم : أنّ خروج هذه الموارد عن تحت هذه القاعدة ليس من باب التخصيص وانخرامها ، بل من قبيل التخصّص ، فلا يضرّ باطّراد القاعدة ولا يوجب انخرامها.
بيان ذلك : أنّ المراد من قاعدة الاشتراك ليس أنّ حكم كلّ واحد من أفراد البشر متّحد مع السائرين متّصفا بأيّ صفة كانت وفي أي حال من الأحوال كان ، لأنّ هذا باطل بالضرورة ، إذ لا شكّ في أنّ حكم المسافر الإفطار والتقصير بخلاف غير المسافر ، وهكذا حكم المضطر إلى أكل الميتة مثلا أو المكره إليه الجواز واقعا ـ كما هو نصّ القرآن في المضطر ـ ولكن لا يجوز لغيرهما وحرام ، وهكذا حكم المستطيع وغير المستطيع فالأوّل يجب عليه الحجّ دون الثاني ، وهكذا حكم الفقير والغني في وجوب زكاة الفطرة مثلا.
وخلاصة الكلام : أنّ اختلاف الأحكام باختلاف حالات المكلّفين ـ من العسر واليسر ، والسفر والحضر ، والضرر وعدمه ، والحرج وعدمه ، والاضطرار وعدمه ، والإكراه وعدمه ، والحيض والاستحاضة وعدمهما ، والجنابة وعدمها ، إلى غير ذلك من الاختلافات الكثيرة ـ ممّا لا يمكن أن ينكر ومن القطعيّات ، بل من الضروريات.
بل المراد أنّه في مورد اتّحاد الصنف بالمعنى الذي ذكرنا له أي فيما إذا كان موضوع الحكم المذكور في القضيّة ينطبق على من هو مورد الحكم ، رجلا كان أو امرأة ، واحدا كان أو متعدّدا أو كان طائفة ، وعلى غير المورد من الآخرين ، ففي مثل هذا الحكم ، المورد وغير المورد يشتركان.
كما أنّه في أغلب الأحكام يسأل الراوي عن حكم موضوع ، فيقول مثلا : رجل أو امرأة شكّ في عدد ركعات صلاته فيقول عليه السلام مثلا : يبني على الأكثر. فليس موضوع وجوب البناء على الأكثر هو ذلك الرجل أو تلك المرأة ، بل الموضوع هو الشاكّ في عدد الركعات ، وذكر الرجل أو المرأة واحدا كان أو متعددا لبيان مصداق القضية الواقعة ، فحينئذ احتمال اختصاص هذا الحكم بذلك المورد ـ أي بذلك الرجل أو بتلك المرأة ـ مدفوع بقاعدة الاشتراك.
وأين هذا ممّا جعل الشارع موضوع حكمه خصوص الرجل أو خصوص المرأة ، وكيف يمكن أن يدّعي عاقل أنّ الحكم مع أنّ موضوعه خصوص الرجل مثلا ومع ذلك هو مشترك بين الرجل والمرأة. وهل هذا إلاّ تخلف الحكم عن موضوعه ، وهو محال. وما الفرق بين أن يكون اختلاف موضوع الحكم بالذكورة والأنوثة ، وبين أن يكون اختلافهما بالاستطاعة وعدمها ، أو بالسفر والحضر ، أو بغير ذلك من العناوين الكثيرة التي توجب اختلاف الأحكام.
وحاصل الكلام : أنّ القيود المأخوذة في جانب موضوع الحكم يوجب عدم اتّحاد الصنف ، ويكون خارجا عن موضوع قاعدة الاشتراك بالتخصّص لا بالتخصيص ، فلا يكون موجبا لعدم اطّراد القاعدة. فظهر أنّ موارد النقوض المذكورة في اختلاف الرجل والمرأة كلّها خارجة عن موضوع القاعدة ، ولا يكون نقضا عليها.
ثمَّ إنّ هاهنا كلام في الخنثى المشكل هل له حكم النساء ، أو ما هو المخصوص بالرجال ، أو ليس له شيء منهما؟
فنقول : إنّ الخنثى على قسمين : مشكل وغير المشكل. والثاني عبارة عمن يحكم عليه بأنّه من الرجال بواسطة الأمارات التي جعلها الشارع أمارة التشخيص ، أو يحكم عليها بأنّها من النساء أيضا بواسطة الأمارات التي جعلها الشارع أمارة كونها مرأة، فهذا ليس بمشكل ، لأنّه بالتشخيص بواسطة الأمارات يرتفع الإشكال.
فهذا القسم لا إشكال فيه ، لأنّه ملحق بذلك القسم الذي حكم عليه أنّه منهم فيكون من ذلك القسم ، فإن كان ملحقا بالرجال بواسطة الأمارات فعليه أن يجهر في الصلوات الجهريّة وهكذا بالنسبة إلى سائر الأحكام المختصّة بالرجال ، وإن كانت ملحقة بواسطة تلك الأمارات بالنساء فعليها أن تخفت في صلاتها ، وهكذا في سائر الأحكام المختصّة بالنساء.
وأمّا الأوّل : أي المشكل الذي لا يحكم بأنّه رجل ، وكذلك لا يحكم عليه بأنّه امرأة لفقد أمارات الطرفين أو لتعارضها ، ففيه كلام وهو أنّه إمّا أن نقول بأنّ الإشكال إنّما هو في مقام الإثبات وإلاّ ففي مقام الثبوت فلا إشكال ، إذ هو إمّا في الواقع رجل أو امرأة ، وإنّما اشتبه الأمر لفقد الأمارة على تشخيصها ، أو لتعارضها وتساقطها.
وذلك من جهة أنّ أفراد الإنسان وطبيعة البشر لا تخلو من أحد هذين : إمّا رجل أو امرأة ، وليس طبيعة أخرى وصنف ثالث في البين.
والدليل على ذلك قوله تعالى {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [الشورى: 49] وقوله تعالى {خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [النجم: 45] والظاهر من الآيتين حصر الموهوب والمخلوق فيهما.
ومن جملة ما يؤيّد أنّه ليس طبيعة ثالثة بل إمّا ذكر أو أنثى قوله تعالى { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } [النساء: 11] ولو كان هناك طبيعة ثالثة فيرجع إلى أنّ الله تبارك وتعالى أهمل قسما وصنفا من الأولاد ولم يبين حكمه ، مع أنّ صدر الآية أي قوله تعالى { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ } يدلّ على أنّ الوصية من قبل الله على عموم الأولاد ، فإنّ جمع المضاف يفيد العموم ، فإهمال قسم من الأولاد في كمال الاستبعاد.
ثمَّ إنّ وجود خنثى المشكل مبني على فقد الأمارات أو تعارضها كما ذكرنا ، ولكن ورد في الأخبار المرويّة عنهم : أمارتان : إحديهما خروج البول من أيّ واحد من الفرجين.
ثمَّ على تقدير خروجه من كليهما ينظر إلى أنّ الأوّل خروجا منه أيّ واحد منهما ، فيحكم بالذكوريّة على تقدير خروجه من فرج الرجال ، وبالأنوثة على تقدير خروجه من فرج النساء. وعلى تقدير خروجه من كليهما ينظر إلى الأوّل خروجا منه أيّ واحد منهما ، فان كان فرج الرجال فرجل ، وإن كان فرج النساء فامرأة. وعلى تقدير مقارنتها في الخروج والانقطاع فيعدّ أضلاعه في الأيمن والأيسر. فإن نقص الأيسر فرجل ، وإن لم ينقص فامرأة.
وبناء على هذه الروايات لا يبقى خنثى مشكل ، لأنّ هذه الأمارات مترتّبة ودائرة بين النفي والإثبات ، فلا يتصوّر فقد جميع هذه الأمارات بحيث لا يكون أحدها ولا معارضها ، لأنّ هذه الأمارات مترتّبة ليست في عرض واحد كي يقع بينهما التعارض.
اللهم إلاّ أن يقال : لو كان البول يخرج من فرج النساء ولكن أضلاع طرف الأيسر أنقص بواحد من الطرف الأيمن ، فيقع التعارض بين الأمارتين. فمقتضى الأولى أنّها امراة ، ومقتضى الثانية أنه رجل. ولكن هذا مبني على عدم ترتّب الأمارات ، وهو خلاف ظاهر الروايات.
أمّا إن قلنا بأنه يمكن أن لا يكون رجلا ولا امرأة ، فحينئذ ليس علم إجمالي في البين بأنّه إمّا رجل وإمّا امرأة ، فليس مكلّفا بما يختصّ بكلّ واحد منهما ، فتجري البراءة عن الاثنين إلاّ فيما لا يمكن ارتفاعهما كالجهر والإخفات ، فقهرا في هذا القسم يكون مخيّرا بينهما.
وأمّا بناء على الأوّل أي بناء على العلم الإجمالي فيجب عليه الاحتياط بالجمع بينهما أي العمل على وفق تكليف النساء تارة ، وعلى طبق تكليف الرجال مرّة أخرى.
وقد عرفت أنّه في مقام الثبوت إمّا رجل أو امرأة ، وليس هناك قسم آخر أي طبيعة ثالثة في البين ، فالعلم الإجمالي محقّق ويجب الاحتياط.
هذا فيما إذا لم نقل بالرجوع إلى الأمارات ، وإلاّ لا يبقى شكّ وإعضال كي تصل النوبة إلى العلم الإجمالي والعمل بالاحتياط، بل الأمارات تعيّن أنّه رجل أو امرأة ، فيلحقه حكم ما عيّنته من كونه رجلا أو امرأة.
ولكن التحقيق أنّ الأخبار الواردة في مسألة الخنثى طائفتان :
الأولى : أنّه يورث على الفرج الذي يبول منه ، فإن بال منهما فمن حيث سبق البول ، وإن جاء منهما دفعة فيورث على ما انقطع أخيرا ، وإن تساويا في الشروع والانقطاع يعطي نصف ميراث الرجل ونصف ميراث المرأة.
وذلك مثل رواية هشام بن سالم عن أبى عبد الله عليه السلام قال : قلت له : المولود يولد ، له ما للرجال ، وله ما للنساء؟ قال : « يورث من حيث يبول من حيث سبق بوله ، فان خرج منهما سواء فمن حيث ينبعث ، فإن كانا سواء ورث ميراث الرجال وميراث النساء » (12).
ورواية إسحاق بن عمّار عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليه السلام أن عليا عليه السلام كان يقول : « الخنثى يورث من حيث يبول ، فإن بال منهما جميعا فمن أيّهما سبق البول ورث منه ، فإن مات ولم يبل فنصف عقل المرأة ونصف عقل الرجل » (13).
ومعلوم أنّ المراد من قوله عليه السلام « ورث ميراث الرجال وميراث النساء » في رواية هشام ليس تمام ميراث الرجال وتمام ميراث النساء ، بحيث يكون إرثه كإرث اثنين : أحدهما رجل والأخرى امرأة من حيث اشتماله لأمرين أي الذكورة والأنوثة ( وذلك ) من جهة أنّ الإرث للأشخاص باعتبار كون كلّ واحد منهم مذكّرا أو مؤنّثا ، والخنثى شخص واحد لا شخصين ، فالمراد أنّه يرث نصف مجموع الإرثين ، وهو فتوى المشهور في إرث الخنثى بعد تساوي المبالين خروجا وانقطاعا.
وأيضا هذا المعنى صريح رواية إسحاق بن عمّار حيث يقول عليه السلام : « فإن مات ولم يبل ـ أي عند فقد الأمارة على التعيين ـ فنصف عقل المرأة ونصف عقل الرجل » والمراد بالعقل هو الميراث وإن كان في الأصل الدية. وأيضا هذا المعنى موافق لقاعدة العدل والإنصاف بعد فقد أمارات التمييز والتعيين ، كما في سائر الموارد من العلم الإجمالي في الماليّات.
الثانية : بعد تساوي المبال من جميع الجهات ـ أي شروعا وانقطاعا ـ يعد أضلاعه ، فإن كان الطرف الأيسر أنقص من الطرف الأيمن فهو رجل ، وإلاّ فامرأة.
ولكن المشهور أعرضوا عن هذه الرواية ولم يعملوا بها ، فالمتعيّن هو الأخذ بقول المشهور من توريثه بالمبال ، وعند تساوي المبالين من جميع تلك الجهات المذكورة في الرواية يعطى نصف مجموع حقّ الرجل وحقّ المرأة.
وقال بعضهم بالقرعة بعد الاعتبار بالمبال وتساويهما من تلك الجهات المذكورة في الروايات.
ولكن أنت خبير بأنّ القرعة أمارة في مورد العلم الإجمالي في الشبهة الموضوعية إذا كانت الشبهة من المعضلات ، لما حقّقنا في شرح قاعدة القرعة في الجزء الأوّل من هذا الكتاب من أنّ القرعة أمارة حيث لا دليل لحلّ المشكلة وكان من المعضلات (14).
فما ذكره الشيخ قدس سرّه في الخلاف من العمل بالقرعة مدّعيا عليه الإجماع والأخبار (15) ، لا وجه له. أمّا عدم الإجماع فلذهاب المشهور إلى خلافه لما قلنا أنّهم يقولون عند تساوي المبالين أخذا وانقطاعا أنّ له نصف حقّ الرجل ونصف حقّ المرأة.
وأما الأخبار فلا تدلّ إلاّ على أماريّة القرعة في المعضلات من الشبهات الموضوعيّة المقرونة بالعلم الإجمالي ، ومع وجود الروايات المعتبرة المعمول بها عند المشهور كرواية هشام بن سالم ، ورواية إسحاق بن عمّار اللتين تقدّمتا على أنّه يرث عند تساوي المبالين نصف حقّ الرجل ونصف حقّ المرأة ، فلا يبقى إعضال وإشكال حتّى تصل النوبة إلى القرعة ، ففي مثل هذا المورد لا مجال للعمل بالقرعة.
نعم هاهنا قول آخر للمفيد والمرتضى والحلّي في السرائر وهو عدّ أضلاعه فإن كان الطرف الأيسر أقلّ من الطرف الآخر فرجل وإلاّ فامرأة (16).
وبه رواية حاكية قضاء أمير المؤمنين عليه السلام بذلك (17) ولكن الرواية ضعيفة ، والمشهور أعرضوا عن العمل بها. فالمعتمد هو القول المشهور وإن احتجّوا هؤلاء بالإجماع ولكن ادّعاء الإجماع مع مخالفة المشهور لا يخلو من غرابة.
وما استشكل على هذا القول بعدم إمكان تميّز الأضلاع غالبا بحيث تطمئنّ النفس به خصوصا في السمين كما في الجواهر (18) ، أغرب.
فخلاصة الكلام : أنّ الأخبار الواردة في باب ميراث الخنثى مفاد بعضها : أنّ الخنثى يرث على المبال ، وساكت عمّا إذا تساوى المبالان من حيث الشروع والانقطاع ، بل ساكت عمّا إذا خرج البول من كليهما.
وذلك كرواية داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه السلام التي ينقلها عنه في الكافي قال : سئل عن مولود ولد ، له قبل وذكر كيف يورث؟ قال عليه السلام : « إن كان يبول من ذكره فله ميراث الذكر ، وإن كان يبول من القبل فله ميراث الأنثى » (19).
ورواها الشيخ بإسناده عن الفضل بن شاذان مثله (20).
وأيضا روى الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « كان أمير المؤمنين عليه السلام يورّث الخنثى من حيث يبول » (21).
وعن الكافي أيضا عن طلحة بن زيد مثله (22).
ولا يخفى أنّ هذا القسم من الروايات التي ساكتة عن صورة الجريان عن الاثنين مع تساوي المبالين من حيث الأخذ والانقطاع أو اختلافهما ، لا تعارض الروايات التي تبيّن حكم صورة تساويهما أو اختلافهما من حيث الأخذ والانقطاع مع الجريان عن الاثنين ، ومفاد بعضها بيان حكم صورة الاختلاف في الشروع والانقطاع وأنّه يورث بأسبقهما ، فإن كانا متساويين في الشروع فبأبعدهما انقطاعا.
مثل ما رواه الكليني في رواية أخرى عن أبي عبد الله في المولود ، له ما للرجال وله ما للنساء ، يبول منهما جميعا؟ قال عليه السلام : « من أيّهما سبق » قيل : فان خرج منهما جميعا قال عليه السلام : « فمن أيّهما استدرّ » قيل فإن استدرّا جميعا؟ قال عليه السلام : « فمن أبعدهما » (23).
ومفاد بعضها في صورة التساوي في المبال من جميع الجهات المذكورة هو عدّ الأضلاع ، فإن نقص طرف الأيسر عن الأيمن بواحدة فيعطى نصيب الرجل ، وإلاّ فنصيب المرأة.
وذلك مثل رواية رواها في التهذيب (24) والفقيه (25) في قضية مجيء خنثى إلى شريح القاضي وبيان حاله له ، والرواية طويلة مذكورة في الوافي نقلا عن التهذيب والفقيه ، وموضع الحاجة منها أنّه بعد مراجعة شريح إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال عليه السلام : « على بدينار الخصى ـ وكان معدلا ـ وبامرأتين » فأوتى بهم ، فقال عليه السلام لهم : « خذوا هذه المرأة إن كانت امرأة فأدخلوها بيتا ، وألبسوها نقابا ، وجرّدوها من ثيابها ، وعدّوا أضلاعها » ففعلوا ، ثمَّ خروجها إليه فقالوا له : عدد الجنب الأيمن إثنا عشر ضلعا ، والجنب الأيسر أحد عشر ضلعا. فقال علي عليه السلام : « الله أكبر ، ايتوني بحجام» فأخذ من شعرها فأعطاها رداء وحذاء وألحقها بالرجال (26).
ومفاد بعضها انّه بعد تساوي المبالين يعطى نصف نصيب الرجل ونصف نصيب المرأة.
وذلك مثل رواية هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : المولود يولد ، له ما للرجال وله ما للنساء؟ قال : « يورث من حيث يبول من حيث سبق بوله ، فإن خرج منهما سواء فمن حيث ينبعث ، فإن كانا سواء ورث ميراث الرجال وميراث النساء » .
ورواية إسحاق بن عمّار ، عن جعفر بن محمّد عليه السلام ، عن أبيه عليه السلام : « إنّ عليّا عليه السلام كان يقول : الخنثى يورث من حيث يبول ، فإن باب منهما جميعا فمن أيّهما سبق البول ورث منه ، فإن مات ولم يبل فنصف عقل المرأة ونصف عقل الرجل » .
وهذان القسمان الأخيران بينهما تعارض ، وقد ذكرنا أنّه يجب الأخذ بهذه الطائفة الأخيرة أي روايات التي مفادها أنّ له نصف نصيب الرجل ونصف نصيب المرأة ، لعمل المشهور بها وإعراضهم عن الطائفة الأولى أي التي يأمر فيها بعدّ الأضلاع ، وجعل نقصانها في الطرف الأيسر أمارة الذكوريّة والرجوليّة ، وإن كانت تلك الروايات مروية بطرق متعدّدة حاكية لقضاء أمير المؤمنين عليه السلام في تلك الواقعة العجيبة.
والحمد لله أوّلا وآخرا وظاهرا وباطنا
__________________
(*) « الأصول الأصليّة والقواعد الشرعية » ص 310 ، « عناوين الأصول » عنوان 1 ، « أصول الاستنباط بين الكتاب والسنة » ص 115 ، « القواعد » ص 41 ، « قواعد فقهي » ص 227 ، « القواعد الفقهية » ( فاضل اللنكراني ) ص 295، « قواعد الفقهية » ش 32 ، ص 61.
(1) « وسائل الشيعة » ج 11 ، ص 23 ، أبواب جهاد العدو وما يناسبه ، باب 9 ، ح 1.
(2) « بحار الأنوار » ج 2 ، ص 272 ، باب ما يمكن ان يستنبط من الآيات والأخبار ... ، ح 4 ، وج 80 ، ص 199 ، باب آداب الاستنجاء والاستبراء ، ح 4.
(3) « الكافي » ج 1 ، ص 58 ، باب البدع والرأي والمقاييس ، ح 19 ، وج 2 ، ص 17 ، باب الشرائع ، ح 2 ، « وسائل الشيعة » ج 18 ، ص 124 ، أبواب صفات القاضي ، باب 12 ، ح 47.
(4) « الكافي » ج 1 ، ص 187 ، باب فرض طاعة الأئمّة ، ح 10 ، وج 1 ، ص 291 ، باب ما نصّ الله عزّ وجلّ على الأئمّة : واحدا فواحدا ، ح 6 ، « تهذيب الأحكام » ج 4 ، ص 143 ، ح 399 ، باب الزيادات ، ح 21 ، « وسائل الشيعة » ج 5 ، ص 435 ، أبواب صلاة الجماعة ، باب 36 ، ح 9.
(5) « الكافي » ج 2 ، ص 151 ، باب صلة الرحم ، ح 5.
(6) « وسائل الشيعة » ج 18 ، ص 107 ، أبواب صفات القاضي ، باب 11 ، ح 33 ، 34 و 35.
(7) « وسائل الشيعة » ج 18 ، ص 106 ، أبواب صفات القاضي ، باب 11 ، ح 27.
(8) راجع : « وسائل الشيعة » ج 2 ، ص 1062 ، أبواب النجاسات ، باب 42.
(9) « الكافي » ج 3 ، ص 4 ، باب الماء الذي تكون فيه قلّة والماء ... » ، ح 3 ، « تهذيب الأحكام » ج 1 ، ص 216 ، ح 625 ، باب المياه وأحكامها وما يجوز التظهر به وما لا يجوز ، ح 8 ، « الاستبصار » ج 1 ، ص 12 ، ح 19 ، باب حكم الماء الكثير إذا تغيّر أحد أوصافه ، ح 2 ، « وسائل الشيعة » ج 1 ، ص 102 ، أبواب الماء المطلق ، باب 3 ، ح 1.
(10) « الكافي » ج 3 ، ص 12 ، باب اختلاط ماء المطر بالبول. ح 1 ، « تهذيب الأحكام » ج 1 ، ص 411 ، ح 1295 ، باب المياه وأحكامها ، ح 14 ، « وسائل الشيعة » ج 1 ، ص 109 ، أبواب الماء المطلق ، باب 6 ، ح 4.
(11) « الكافي » ج 3 ، ص 28 ، باب حدّ الوجه الذي يغسل والذراعين وكيف يغسل ، ح 6 ، « تهذيب الأحكام » ج 1 ، ص 76 ، ح 193 ، باب صفة الوضوء والفرض منه والسنة والفضيلة فيه ، ح 42 ، « وسائل الشيعة » ج 1 ، ص 328 ، أبواب الوضوء ، باب 40 ، ح 1.
(12) « الكافي » ج 7 ، ص 157 ، باب ميراث الخنثى ، ح 3 ، « تهذيب الأحكام » ج 9 ، ص 354 ، ح 1269 ، باب ميراث الخنثى ومن يشكل أمره من الناس ، ح 3 ، « وسائل الشيعة » ج 17 ، ص 574 ، أبواب ميراث الخنثى ، باب 2 ، ح 1.
(13) « الفقيه » ج 4 ، ص 326 ، باب ميراث الخنثى ، ح 5701 ، « تهذيب الأحكام » ج 9 ، ص 354 ، ح 1270 ، باب ميراث الخنثى ومن يشكل أمره من الناس ، ح 4 ، « وسائل الشيعة » ج 17 ، ص 575 ، أبواب ميراث الخنثى ، باب 2 ، ح 2.
(14) « القواعد الفقهية » ج 1 ، ص 65.
(15) « الخلاف » ج 4 ، ص 106 ، كتاب الفرائض ، مسألة 116.
(16) « السرائر » ج 3 ، ص 279 ـ 280.
(17) « تهذيب الأحكام » ج 9 ، ص 354 ، ح 1271 ، باب ميراث الخنثى ومن يشكل أمره من الناس ، ح 5 ، « وسائل الشيعة » ج 17 ، ص 575 ، أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ، باب 2 ، ح 3.
(18) « جواهر الكلام » ج 39 ، ص 284.
(19) « الكافي » ج 7 ، ص 156 ، باب ميراث الخنثى ، ح 1.
(20) « تهذيب الأحكام » ج 9 ، ص 353 ، ح 1267 ، باب ميراث الخنثى ومن يشكل أمره من الناس ، ح 1.
(21) « تهذيب الأحكام » ج 9 ، ص 353 ، ح 1268 ، باب ميراث الخنثى ومن يشكل أمره من الناس ، ح 2.
(22) « الكافي » ج 7 ، ص 156 ، باب ميراث الخنثى ، ح 2.
(23) « الكافي » ج 7 ، ص 157 ، باب ميراث الخنثى ، ح 5.
(24) « تهذيب الأحكام » ج 9 ، ص 354 ، ح 1271 ، باب ميراث الخنثى ومن يشكل أمره من الناس ، ح 5.
(25) « الفقيه » ج 4 ، ص 327 ، باب ميراث الخنثى ، ح 5704.
(26) « الوافي » ج 2 ، ص 141 ، أبواب المواريث ، باب ميراث الخنثى ومن يشكل أمره.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|