المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8068 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تأثير الأسرة والوراثة في الأخلاق
2024-10-28
تأثير العشرة في التحليلات المنطقيّة
2024-10-28
دور الأخلّاء في الروايات الإسلاميّة
2024-10-28
ترجمة ابن عبد الرحيم
2024-10-28
ترجمة محمد بن لب الأمي
2024-10-28
من نثر لسان الدين
2024-10-28



قاعدة « الإتلاف - من أتلف مال الغير فهو له ضامن »  
  
763   08:45 صباحاً   التاريخ: 16-9-2016
المؤلف : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : القواعد الفقهية
الجزء والصفحة : ج2 ص 192 – 211 .
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / القواعد الفقهية / الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن /

[ والكلام في القاعدة يكون فيما يأتي ] :  

- معنى القاعدة‌ .

- مدركها من كتاب اللّه‌ .

- مدركها من السنة، وفيها عشر طوائف من الأحاديث‌ .

- بناء العقلاء هنا‌ .

- استقرار إجماع العلماء عليه‌ .

- الإتلاف بالمباشرة والتسبيب‌ .

- مسألة تعدد الأسباب‌ .

- لا فرق بين العلم والجهل في المسألة‌ .

- الفرق بين الغصب والإتلاف‌ .

قاعدة الإتلاف والكلام في هذه القاعدة يقع في مقامات :

1- معنى القاعدة إجمالا.

2- مداركها.

3- مفادها تفصيلا.

4- ما يتفرع عليها من الفروع.

1- معنى القاعدة :

معنى القاعدة على إجمالها ظاهر لا غبار عليه، وهو ان من أتلف مالا أو المنافع المترتبة على مال بسبب من الأسباب، عالما أو جاهلا، مما يتعلق بالغير فهو مكلف بأداء مثلها أو قيمتها.

وذلك إذا لم يكن بإذن صاحبها بل غصبا عليه أو بغير رضى منه، وهذه قاعدة سارية في كثير من أبواب الفقه، يستند إليها الفقهاء من العامة والخاصة، بل هي قاعدة عقلائية قبل أن تكون شرعية كما سنتكلم فيه ان شاء اللّه.

والمقصود هنا بيان القاعدة على نحو كلي كما يقتضيه كيفية البحث في القواعد الفقهية، وأما جزئياته وخصوصياته، وما قد يرد عليه من الاستثناء فهي من وظائف‌ الكتب الفقهية، لا ما يبحث عن قواعدها.

وهذه القاعدة- كما سيأتي ان شاء اللّه- من شئون سلطنة المالك على ماله فان تلك السلطنة تقتضي جواز أخذ المتلف بما يكون عوضا للمال، أو المنفعة.

2- مدرك قاعدة الإتلاف :

المعروف في كلمات من تعرض للقاعدة هو هذا العنوان «من أتلف مال الغير فهو له ضامن» ولكن هذه العبارة لم توجد في رواية مما ورد في كتب الفريقين، كما اعترف به غير واحد، ومن المحتمل قويا أنه قاعدة مصطادة من الروايات الكثيرة الواردة في موارد خاصة، بحيث يعلم بإلغاء الخصوصية عنها، ومن بناء العقلاء وغيره كما سيأتي ان شاء اللّه.

وعلى كل حال فما يمكن ان يستدل به للقاعدة أمور:

الأول: من كتاب اللّه :

ويمكن الاستدلال لها بالآيات التالية :

1- {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] فإن إطلاقها يشمل الاعتداء في الأنفس والأموال، ومن الواضح ان ما يعطى به قصاصا أو تقاصا وشبهه ليس من الاعتداء ولكن أطلق عليه هذا العنوان في الآية تغليبا، كما ان من الواضح انه ليس معنى الاعتداء بالمثل أن يكسر إناء في مقابل كسر إناء، بل ان يؤخذ قيمة إناء في مقابل كسر إناء، فهذا هو الاعتداء بالمثل في هذه الموارد عرفا وكذلك من أحرق بيت إنسان ليس له الاعتداء بمثل إحراق بيته بل يأخذ قيمته وما يعاد له.

و اما ان الآية هل تدل على ضمان المثل، أو الأعم منها؟ فهو بحث آخر لسنا بصدده فعلا، انما الكلام في دلالتها على المقصود إجمالا.

2- قوله تعالى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } [النحل: 126].

بناء على ان المعاقبة تشمل الأموال والأنفس فإنها في اللغة بمعنى المجازاة والأخذ بالذنب والاقتصاص، ولكن شمولها للأموال لا يخلو عن اشكال. قال الراغب في المفردات: «و العقوبة والمعاقبة والعقاب يختص بالعذاب كما ان العقب والعقبى يختصان بالثواب» ويستفاد من كلامه ان إطلاق العقوبة والعقبى على الثواب والعقاب من جهة كونهما في عقب المعصية والطاعة.

3- قوله تعالى {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } [الشورى: 40].

بناء على إطلاق السيئة وعمومها لإتلاف الأموال والمنافع، وحينئذ جزاء سيئة سيئة مثلها لكن لا بمعنى إتلاف مال أو منفعة في مقابله، بل بمعنى أخذه فإن القصاص بماله من المعنى الخاص مخصوص بالأنفس لعلة لا تخفى، واما في الأموال فيحث ان إتلافها حرام لا يكون التقاص إلا بأخذ مال مثله أو بقدر قيمته.

هذا ما يمكن الاستدلال به من آيات الذكر الحكيم، ولكن العمدة في هذا المقام ليست هذه الايات لإجمالها بل الروايات التالية.

الثاني: السنة :

يمكن الاستدلال لها بروايات كثيرة وردت في أبواب مختلفة، وهي وان كانت مختصة بمواردها، ولكن ملاحظة المجموع توجب القطع بعدم اختصاصها بباب دون باب وهي طوائف :

الطائفة الأولى: ما ورد في أبواب الضمان.

منها ما رواه العلاء ابن فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه سئل عن رجل يسير على طريق من طرق المسلمين على دابته فتصيب برجلها، قال: ليس عليه ما أصابت برجلها، وعليه ما أصابت بيدها، وإذا وقف فعليه ما أصابت بيدها ورجلها، وان كان يسوقها فعليه ما أصابت بيدها ورجلها أيضا «1».

وهذه الرواية وأشباهها أقوى شاهد على ان أصل إيجاب الإتلاف للضمان كان امرا مفروغا عنه عندهم، وانما كان السؤال والجواب يدوران حول بيان مصداق الإتلاف، ولذا بيّن الامام عليه السّلام ان السائر على الطريق لا بد ان يراعي يدي دابته حتى لا تصيب بيديها، فلو أتلف بيديها شيئا فعلى راكبها، لأنه المتلف بالتسبيب واما لو أصاب برجليها فالعهدة على من لم يلاحظ ذلك، ولكن إذا كانت الدابة متوقفة، أو إذا كان صاحبها خلفها يسوقها فعليه ما أصابت بيدها ورجلها، لصدق التسبيب عليه في ذلك، فلو لم يكن أصل الضمان بالإتلاف امرا مفروغا عنه لم يقع السؤال عن خصوصيات أسبابه ومصاديقه.

وفي هذه الرواية أيضا دلالة على عدم الفرق بين العمد والخطأ وبين المباشرة والتسبيب.

ومنها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه سئل عن الرجل يمر على طريق من طرق المسلمين فتصيب دابته إنسانا برجلها فقال ليس عليه، ما أصابت برجلها ولكن عليه ما أصابت بيدها، لان رجليها خلفه ان ركب، فان كان قاد بها فإنه يملك بإذن اللّه يدها يضعها حيث يشاء «2».

وفي هذه الرواية من التعليل ما يبين المقصود، وأيضا ذيلها الوارد في مورد القيادة التي يكون صاحب الدابة فيها مقدما عليها شاهد على المقصود.

وفي معناهما روايات أخر وردت في نفس هذا الباب، وان كان بعضها تدل على الضمان بما أصاب باليد والرجل من الدابة، ولكنها لو كانت معارضة من هذه الناحية- وليست متعارضة كما ذكرناه في محله- لم يضر بما نحن بصدده من الضمان بالإتلاف لان تعارضها في تشخيص المصداق.

منها: ما ورد في باب ان صاحب البهيمة لا يضمن ما أفسدت نهارا ويضمن ما أفسدت ليلا.

مثل ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السّلام قال كان علي عليه السّلام لا يضمن ما أفسدت البهائم نهارا ويقول على صاحب الزرع حفظ زرعه وكان ما يضمن ما أفسدت البهائم ليلا «3».

وفي معنى هذه الرواية روايات أخر كلها بهذا المضمون، وهي أيضا شاهدة على ما ذكرناه شهادة قوية، حيث ان أصل الضمان بالإتلاف جعل امرا مفروغا عنه ووقع الكلام في مصاديق الإتلاف، ففي الأماكن التي تكون المتعارف حفظ الزرع على صاحبه طول اليوم لا يكون صاحب الدابة ضامنا عند إرسالها نهارا، واما في الليل فعليها ان يوثق دابتها، فلو أرسلها كان ضامنا لما تتلفه.

و من الواضح لو كان هناك أماكن يكون المتعارف فيها حفظ الدابة فيها ليلا ونهارا فلو أرسلها صاحبها كان ضامنا لما تتلفه.

الطائفة الثانية: ما ورد في أبواب الحدود

المشتمل على تعليل يمكن استفادة العموم منه.

مثل ما رواه سدير عن ابي جعفر عليه السّلام في الرجل يأتي البهيمة قال يجلد دون الحد ويغرم قيمة البهيمة لصاحبها لأنه أفسدها عليه (الحديث) «4».

وقوله «لأنه أفسدها عليه» في معنى من أفسد أو أتلف مال الغير فعليه غرامته، فالرواية وان وردت في مورد خاص ولكن يمكن استفادة العموم منها بحسب تعليله.

وفي معناه رواية أخرى وردت في نفس الباب ولكنها خالية عن التعليل.

الطائفة الثالثة: ما وردت في أبواب الديات ، وهي كثيرة:

مثل ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال سئلته عن الشي‌ء يوضع على الطريق فتمر الدابة فتفر بصاحبها فتعقره فقال: كل شي‌ء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه «5».

و صدرها وان كان ناظرا الى حكم دية الإنسان وهو خارج عن ما نحن فيه، ولكن عموم التعليل يشمل الخسارة الواردة على الحيوان أو غيره مما هو داخل في المقصود.

منها ما رواه داود بن سرحان عن ابي عبد اللّه عليه السّلام في رجل حمل متاعا على رأسه فأصاب إنسانا فمات أو انكسر منه فقال هو ضامن «6».

وما رواه السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله من اخرج ميزابا أو كنيفا أو أوتد وتدا أو أوثق دابة أو حفر شيئا في طريق المسلمين فأصاب شيئا فعطب فهو له ضامن «7».

فان قوله أصاب شيئا يشمل الإنسان والحيوان وغيرهما ولعل الأظهر في مثل هذا التعبير غير الإنسان.

الطائفة الرابعة : ما ورد في ضمان الأجير بالنسبة الى ما يفسده وهي كثيرة جدا :

منها ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال سئل عن القصار يفسد، فقال كل أجير‌ يعطى الأجرة على ان يصلح فيفسد فهو ضامن «8».

وفي معناه روايات أخر عن الحلبي وإسماعيل ابن ابي الصباح والسكوني وغيرهم (راجع الباب 29 و30 من أبواب أحكام الإجارة من المجلد الثالث عشر من الوسائل).

والتقييد الوارد في غير واحد منها بقوله يعطى الأجرة على ان يصلح لا يخل بالمقصود وهو في مقابل من لا يعطى الأجرة ويكون أخذه للمتاع بعنوان الوديعة أو مثلها، وعلى كل حال فهي وان لم تكن عامة ولكن بالانضمام الى غيرها كاف في إثبات المقصود.

الطائفة الخامسة : ما ورد في باب شاهد الزور :

مما يدل على ضمانه لما أتلفه وأفسده مثل ما رواه جميل عن ابي عبد اللّه عليه السّلام في شاهد الزور قال ان كان الشي‌ء قائما بعينه رد على صاحبه وان لم يكن قائما ضمن بقدر ما أتلف من مال الرجل «9».

والتعبير الوارد في ذيله بقوله بقدر ما أتلف لا يخلو عن اشعار بالعموم.

ومثله رواية أخرى عنه وعن محمد بن مسلم ورد في ذاك الباب بعينه.

الطائفة السادسة: ما ورد في أبواب العتق في باب عتق احد الشركاء نصيبه :

مثل ما رواه سليمان بن خالد عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن المملوك يكون بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه قال ان ذلك فساد على أصحابه فلا يستطيعون بيعه ولا مؤاجرته، قال يقوم قيمة فيجعل على الذي أعتقه عقوبة وانما جعل ذلك لما أفسده «10».

و ما رواه سماعة قال سألته عن المملوك بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه فقال هذا فساد على أصحابه يقوم قيمة ويضمن الثمن الذي أعتقه، لأنه أفسده على أصحابه «11».

وما ورد في ذيلهما من التعليل بالإفساد مما يمكن استفادة العموم منه.

الطائفة السابعة: ما ورد في أبواب الرهن.

مثل ما رواه إسحاق بن عمار قال سألت أبا إبراهيم عن الرجل يرهن الرهن بمائة درهم وهو يساوي ثلاث مائة درهم فيهلك أعلى الرجل ان يرد على صاحبه مأتي درهم؟

قال نعم لأنه أخذ رهنا فيه فضل وضيّعه «12».

والتعليل الوارد في ذيله مما يدل على العموم وان كل من ضيع شيئا فعليه ضمانه.

فلا يقدح في الاستدلال به ظهور مورده في التلف لا في الإتلاف لأن التعليل صريح في العموم.

و في معناه روايات أخر وردت في ذاك الباب بعينه.

الطائفة الثامنة: ما ورد في أحكام الوصية ، وانه إذا وضعها في غير موضعها فهو ضامن لها.

مثل ما رواه محمد بن وارد قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اوصى الى رجل وامره أن يعتق عنه نسمة بستة مائة درهم من ثلثه، فانطلق الوصي فأعطى الثمانمائة درهم رجلا يحج بها عنه، فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام أرى ان يغرم الوصي ستمائة درهم من ماله ويجعلها فيما اوصى الميت في نسمة «13».

و في معناها روايات أخر واردة في ذاك الباب بعينه كلها تدل على ان الوصي ضامن لما أتلف ووضعه في غير موضعه، وعليه ان يغرم من ماله ويأتي بالوصية على وجهها.

الطائفة التاسعة: ما ورد في أبواب العارية , وانها إذا هلكت وكان صاحبها مأمونا لا غرم عليه، والذي يدل بمفهومه على انه لو لم يكن مأمونا واحتمل في حقه التفريط‌ أو الإتلاف تعمدا فعليه الضمان.

مثل ما رواه محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السّلام في قضايا أمير المؤمنين عليه السّلام قال قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل أعار جارية فهلكت من عنده ولم يبغها غائلة، فقضى ان لا يغرمها المعار، ولا يغرم الرجل إذا استأجر الدابة ما لم يكرهها أو يبغها غائلة «14».

فان في قوله ما لم يكرهها أو يبغها غائلة دلالة ظاهرة على انه لو أتلفها كان عليه الضمان.

وما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبا عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن العارية فقال لا غرم على مستعير عارية إذا هلكت إذا كان مأمونا «15».

وفي معناه روايات أخر واردة في ذاك الباب بعينه.

الطائفة العاشرة: ما ورد في أبواب الزكاة , وان من بعث بزكاته إلى أخيه ليقسمها ففسدت أو تغيرت فهو ضامن لها إذا وجد لها أهلا.

مثل ما رواه زرارة قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل بعث إليه أخ له زكاته، ليقسمها فضاعت، فقال ليس على الرسول ولا على المؤدي ضمان قلت فإنه لم يجد لها أهلا ففسدت وتغيرت أ يضمنها؟ قال لا، ولكن إذا عرفت لها أهلا فعطبت أو فسدت فهو لها ضامن حتى يخرجها «16».

فإن إبقاء الشي‌ء الذي يقبل الفساد مع وجود المصرف له من مصاديق الإتلاف والإفساد فيدخل في قاعدة من أتلف.

فهذه طوائف عشر كلها تدل على المطلوب، مضافا الى غير ذلك مما يجده المتتبع في مختلف أبواب الفقه وكتبه مما يدل بوضوح على ان «ضمان من أتلف‌ مال غيره» كان من المسائل الواضحة عند جميع الناس، ولذا لم يقع السؤال عن أصل المسألة، بل عن مصاديقها المشكوكة، وقد عرفت ان غير واحد منها يدل على العموم بمقتضى التعليلات الواردة فيها، وما لا يدل على العموم يمكن إلغاء الخصوصية عنه، بعد ما عرفت من وروده في أبواب كثيرة غاية الكثرة، حيث لا يحتمل احد اختصاص الأحكام الواردة فيها بمواردها، ولعمري ان المسألة من الوضوح بمكان لا يرتاب فيها احد.

3- بناء العقلاء :

هذه القاعدة كما ذكرنا قاعدة عقلائية مضافا الى كونها شرعية كما في كثير من القواعد الفقهية بل جلها أو كلها، ولا يزال العقلاء وأهل العرف يستندون إليها في أمورهم، ويرون من أتلف مال الغير بدون حق ضامنا لما أتلفه من اي جنس ومن اي نوع من المنافع ولا ينكر ذلك احد على احد بل يعدون كبرى القاعدة من المسلمات التي لا كلام لهم فيها ويلتمسون صغراها ومصاديقها، فلو تمت الصغرى عندهم وثبت موضوع الإتلاف بالنسبة إلى عين أو منفعة، كان الضمان مفروغا عنه عندهم.

ولا فرق في ذلك بين أرباب المذاهب وغيرهم، وكثيرا ما يوسعون دائرتها أكثر مما ورد في الشرع فيحكمون بضمان منافع الحر عند إتلافها ويقولون بوجوب التدارك المالي عند هتك الاعراض وشبهها، وبالجملة كون القاعدة عندهم من المسلمات مما لا ينبغي الشك فيه، وحيث لم يردع عنها الشارع بل أمضاها في كثير من كلماته فهي ثابتة في الشرع أيضا، ولعمري ان هذا من أقوى الأدلة على المسألة نعم لها استثنائات عندهم كما هو كذلك في الشرع ولكن هذا قادحا في عمومها فيما لم يثبت الاستثناء بدليل.

وان شئت اختبر حالهم في اصطدام السيارات فإنهم يرون السبب الأصلي‌ ضامنا ولكن لا يزالون يبحثون ويفتشون عنه، حتى انه قد يخفى امره ويسئل أهل الخبرة في ذلك، واما إذا ثبت ان السبب في الإتلاف من هو، فلا يشك احد منهم في وجوب أداء الخسارة عليه ويتعجبون غاية العجب ممن يقربانه السبب في الخسارة والإتلاف ولكن لا يعترف بوجوب جبرانها وتداركها.

4- الإجماع :

ويدل على حجية القاعدة إجماع العلماء وأهل الشرع أيضا، والإجماع وان لم يكن حجة في مثل هذه الموارد، مما يكون فيه أدلة أخرى يمكن استناد المجمعين إليها، ولكن يؤيد المقصود ويسدد الأدلة الأخرى.

قال شيخ الطائفة في المبسوط: الماشية إذا أفسدت زرعا لقوم فان كانت يد صاحبها عليها فعليه ضمان ما أتلف لأن جنايتها كجنايته، وفعلها كفعله «17».

وقال أيضا إذا كان لرجل كلب عقور فلم يحفظه فأتلف شيئا كان عليه ضمانه لأنه مفرط في حفظه «18».

ومن الجدير بالذكر أنه أرسل الحكم بالنسبة إلى ضمان المتلف إرسال المسلمات، ولم يتعرض له بل انما تعرض لبعض مصاديقه الذي قد يخفى على الناظر فاكتفى بمساواة جناية الماشية أو الكلب العقور لجناية صاحبها في إثبات الضمان، فلو لم يكن ضمان المتلف من الواضحات لم يقنع بذلك حتى انه لم يستدل بالإجماع لإثبات الكبرى هنا لكونها أوضح من أن يحتاج اليه.

وقال العلامة في التذكرة: المباشر للإتلاف ضامن بلا خلاف «19».

وقال في الجواهر: الطبيب يضمن ما يتلف بعلاجه ان كان قاصرا.

بلا خلاف‌ أجده في شي‌ء من ذلك. وفي الرياض: هذا الحكم مما لم نجد خلافا فيه، في صورة كان الطبيب قاصرا «20».

و قال أيضا في شرح قول المحقق «و هنا أسباب أخرى يجب معها الضمان.

الأول مباشرة الإتلاف» ما نصه: بلا خلاف فيه بين المسلمين فضلا عن المؤمنين بل الإجماع بقسميه عليه ان لم يكن ضروريا «21».

والانصاف ان هذا الحكم ضروري عند المسلمين كما أشار اليه.

وقال أيضا في مسألة «لو أرسل في ملكه ماء فأغرق مال غيره أو أجج فيه فأحرق لم يضمن ما لم يتجاوز قدر حاجته اختيارا» بلا خلاف أجده فيه، ثمَّ قال الا ان الانصاف عدم خلو ذلك عن النظر ضرورة المفروغية من قاعدة من أتلف التي لهجت بها ألسنة الفقهاء في كل مقام «22».

وقال العلامة الأنصاري قدس سره في مكاسبه: إذا أتلف المبيع فان كان مثليا وجب مثله بلا خلاف «23».

وقال السيد الرشتي في كتابه المعروف (الغصب) عند ذكر أسباب الضمان غير اليد وهو كثيرة الا أن مرجعها إلى شي‌ء واحد وهو الإتلاف فنقول انه ينقسم الى قسمين أحدهما ما كان على وجه المباشرة وثانيهما ما كان على وجه التسبيب.

أما الأول فلا اشكال ولا كلام في موضوعه ولا في حكمه لأن مباشرة الإتلاف أمر متضح كما ان إيجابه الضمان من الواضحات المجمع عليها «24».

الى غير ذلك مما طفحت به آثارهم وكلماتهم في مصنفاتهم في الفقه وغيره ، ما لو حاولنا نقله لكان كتابا ضخما، وفيما ذكرنا غنى وكفاية ، فلنرجع الى بيان ما بقي في المسألة في القاعدة من الخصوصيات بذكر تنبيهات:

تنبيهات :

الأول:- الإتلاف اما بالمباشرة أو بالتسبيب :

ذكر الفقهاء رضوان اللّه عليهم في كلماتهم تقسيم الإتلاف على قسمين :

الإتلاف بالمباشرة وبالتسبيب وقد يقال في تعريف الأول ان ضابط المباشرة صدق نسبة الإتلاف اليه، وفي تعريف الثاني ان ضابط السبب ما لولاه لما حصل التلف، لكن علة التلف غيره، كحفر البئر ونصب السكين وإلقاء الحجر (يعني في الطريق) فان التلف عنده بسبب العثار «25».

وقد يقال المراد بالمباشرة أعم من ان يصدر منه الفعل بلا آلة كخنقه بيده، أو ضربه بها، أو برجله، فقتل به، أو بآلة كرميه بسهم ونحوه، أو ذبحه، أو كان القتل منسوبا اليه بلا تأول عرفا، كالقائه في النار أو غرقه في البحر، أو إلقائه من شاهق، الى غير ذلك من الوسائط التي معها تصدق نسبة القتل اليه.

وقال العلامة في كتاب الديات من القواعد عند تعريف السبب ، ان السبب هو كل ما يحصل التلف عنده بعلة غيره، الا انه لولاه لما حصل من العلة تأثير كالحفر مع التردي.

وقال ولده قدس سرهما في الإيضاح لو حبس الشاة أو حبس المالك عن حراسة ماشيته فاتفق تلفها، أو غصب دابة فتبعها ولدها يصدق في الأول من انه مات بسببه لصحة إسناده إليه عرفا، ولان السبب هو فعل ما يحصل الهلاك عنده لعلة سواه وهذا تفسير بعض الفقهاء، وزاد آخرون ولولاه لما أثرت العلة، وهذا التفسير اولى.

والانصاف ان كثيرا من هذه التعاريف غير نقية عن الإشكال، فإن اسناد التلف في جميع ذلك ثابت عرفا، فمن القى حجرا في طريق مظلم فمر به إنسان فعثر وهلك أو وقع به خسارة اخرى يسند القتل والجرح اليه، وكذلك من حفر بئرا في الطريق وأخفاه فعبر عنه عابر فوقع فيه وهلك يسند القتل الى الحافر، فليس الفرق بين المباشرة والتسبيب بالإسناد في الأول، وعدمه في الأخير، بل الاسناد فيهما ثابت من دون فرق.

قال في مفتاح الكرامة في كتاب الديات ما حاصله ان الموجب للقتل أمور:

«العلة» وهي ما يسند اليه الموت، و«السبب» وهو ماله أثر في الموت ولكن لا بالمباشرة، بل يولده ولو بوسائط وقد يتخلف الموت عنه ولا يتخلف عن العلة كما في شهادة الزور وتقديم الطعام المسموم الى غيره، والإكراه على شرب السم و«الشرط» ما يقف عليه تأثير المؤثر ولا مدخل له في الفعل كحفر البئر في الطريق إذ الوقوع فيه مستند إلى التخطي.

ثمَّ قال كان السبب هنا أعم من فعل السبب بالمعنى المذكور هناك وفعل الشرط انتهى ملخصا «26».

أقول: وقد اضطربت كلماتهم في هذا المقام في تعريف السبب وغيره حين ما لم يتعرض كثير منهم لمعنى السبب هنا بل اكتفى بذكر الأمثلة الواردة في الروايات كحفر البئر والإضرار بطريق المسلمين.

لكن المهم انه لم يرد في نصوص الباب شي‌ء من هذه العناوين الثلاثة (المباشرة والتسبيب وإيجاد الشرط) بل المدار على صدق عنوان الإتلاف عمدا أو خطأ، والظاهر ان النصوص الخاصة الواردة في المقام لا تتعدى عما يصدق عليه هذا العنوان عرفا.

ولكن يظهر من كلمات غير واحد منهم ان الحكم في مثل البئر وغيره على خلاف القاعدة يقتصر على ما ورد في النص، أو يفهم منه بإلغاء الخصوصية.

قال في الجواهر: يترتب الضمان على ما ثبت من الشرع به الضمان من هذه المسماة بالشرائط عندهم، أو الأسباب، وليس في النصوص استقصاء لها ولكن ذكر جملة منها ومنه يظهر وجه إلحاق ما ماثلها «27».

والحق كما عرفت ان السبب أو الشرط أو أي شي‌ء سميته داخل في إطلاقات الإتلاف وليس فيه شي‌ء مخالف للقواعد حتى انه لو لم تكن عندنا النصوص الخاصة لقلنا بضمان حافر البئر، وناصب السكين، وغير ذلك من أشباهه بالنسبة إلى النفوس والأموال، واحاديث الباب مؤكدة لما ذكرنا (راجع الأبواب 8- 9- 11- 32 من أبواب موجبات الضمان من المجلد 19 من الوسائل).

و ان شئت ان تفرق بينهما (بين المباشرة والتسبيب) فقل «المباشرة» ما يكون من قبيل العلة و«التسبيب» ما يكون من قبيل الشرائط والمعدات، فالسبب هنا غير السبب بمعناه المعروف في الفلسفة أو الأصول بل هو هنا أشبهه شي‌ء بالمعدات والشرائط المصطلحة هناك ولكن على كل حال قد عرفت ان الاحكام الفقهية لا تدور مدارها والمعيار في كل حال على الاسناد عرفا سواء كان من قبيل السبب أو المباشرة أو غيرهما.

الثاني: في تعدد الأسباب :

إذا اجتمع سببان للإتلاف على شي‌ء واحد فقد يكون كل واحد علة مستقلة في الإتلاف كما إذا حفر رجل بئرا ونصف آخر فيه سكينا، فعثر إنسان فسقط فيه إذا كان السقوط بنفسه علة للتلف وكان السكين أيضا علة مستقلة له.

وأخرى لا يكون كل واحد بنفسه علة مستقلة كما إذا كان البئر قصيرا أو السكين غير حديد، ولم يكن كل منهما مستقلا سببا للتلف بل هما معا مؤثران في ذلك.

أما في الأخير فلا شك في اشتراك الأسباب في الضمان وأما في الأول ففيه أقوال فعن جماعة كون الضمان على السابق، وقد يقال انه أشهر (كما في مفتاح الكرامة) وقد يقال بالاشتراك في الضمان مطلقا، تقارنا أو تقدم أحدهما على الأخر، وهناك احتمال ثالث وهو ان السبب الأقوى هو منشأ الضمان ففي مثال حفر البئر ونصب السكين الضمان على ناصب السكين إذا كان قاطعا موجبا للهلاك (ذكره في مفتاح الكرامة احتمالا ولم يذكر قائله ولكن مال هو اليه).

والمسألة غير منصوصة في روايات الباب والظاهر ان الضمان عليهما إذا كان الاستناد إليهما كما هو كذلك إذا كان كل واحد عدوانا، من دون فرق بين المتقدم والمتأخر، أو المتقارنين، والعمدة فيه ما عرفت من صحة الاستناد إليهما جميعا، نعم إذا كان أحدهما عامدا والأخر غير عامد لا يبعد كون الضمان على العامد والعلة فيه ما عرفت فتدبر.

التنبيه الثالث: لا فرق بين العلم والجهل في الإتلاف :

المعروف ان الإتلاف موجب للضمان سواء صدر عن علم وعمد، أو عن جهل وغفلة، حتى في حال النوم، لإطلاق بعض الأدلة السابقة وان كان بعضها مختصا بحال الاختيار، وما ذكره بعض أعاظم العصر من عدم ضمان النائم إذا انقلب وأتلف نفسا أو طرفا منها لا في ماله ولا على عاقلته «28» قول تفرد به في مقابل القائلين بالضمان على النحو الأول أو الثاني، فكأنه ناش عن عدم شمول أدلة القتل العمد والخطأ‌ له ولما قصر الدليلان حكم بالبراءة.

وهذا الكلام لو سلمناه في باب النفوس لا يجري في باب الأموال، فإن بعض أدلة ضمان المال عند الإتلاف عام شامل لجميع أقسامه بدون فرق، هذا مع ان ما افاده غير تام في مورد النفوس أيضا، فإن النفوس والأطراف لا يمكن ذهابها بغير شي‌ء إذا حصل بسبب إنسان.

هذا هو الذي يستفاد من مجموع أدلة أبواب الديات، ولذا ورد النص من باب الظئر انها ضامنة على كل حال لو أتلفت طفلا وهي نائمة، ولكن ان كانت انما ظايرت طلب العز والفخر فالدية من مالها خاصة، وان كانت انما ظايرت من الفقر فإن الدية على عاقلتها «29».

وليت شعري أي فرق بين النائم والغافل فكما ان الغافل إذا قتل إنسانا أو أفسد مالا وجب تداركه فكذلك النائم.

والعمدة ان استثناء التلف في جميع هذه الموارد الى سببه ثابت عرفا بلا ريب ومع الاستناد، الضمان ثابت، غاية الأمر ان الحكم في أبواب الديات يختلف بين العمد وغيره، ولكن في أبواب ضمان المال والمنافع والحقوق لا فرق بينهما أصلا.

التنبيه الرابع : الفرق بين الغصب والإتلاف النسبة بين الغصب والإتلاف ما ذا؟

قد يقال- كما عن بعض- انها عموم من وجه، ولكن الإنصاف ان الغصب والإتلاف مفهومان مختلفان لا يصدق واحد منهما على الأخر، بأي معنى عرف الغصب سواء ما عن أهل اللغة في  عن النهاية انه أخذ مال الغير ظلما وعدوانا، وما عن بعض الشافعية زيادة جهارا، لتخرج السرقة ونحوهما، وفي الشرائع والقواعد وغيرهما انه الاستقلال بإثبات اليد على مال الغير عدوانا (ذكروه في كتاب الغصب).

وقريب منه ما عن بعض آخر انه الاستيلاء على مال الغير بغير حق.

ومن المعلوم ان جميع ذلك مباين للإتلاف فإن أخذ الشي‌ء عدوانا، أو جهارا أو الاستقلال بإثبات اليد على مال الغير، أو شبه ذلك، قد يكون من مقدمات الإتلاف وقد لا يكون، وكيف كان ليس بإتلاف، فرب شي‌ء يستولي الإنسان عليه عدوانا ولا يتلفه، وبالعكس رب شي‌ء يتلفه الإنسان ولا يستولي عليه، كما في من القى حجرا من خارج الدار فكسر بعض ما فيه.

نعم الغصب ملازم في الغالب لإتلاف المنافع، فان من استولى على شي‌ء واستوفى منافعه، أو تلف المنافع تحت يده بغير استيفاء، فغصبه ملازم لإتلاف بعض المنافع، ولكن مع ذلك قد ينفك منه، كما إذا أخذ بزمام الدابة أو استولى على السيارة، وكان سائقها ولكن استوفى منافعه في تلك الحالة مالكها بالركوب عليها.

وبالجملة لا تلازم بين «الغصب» و«الإتلاف»، بل لكل منها مفهوم مستقل.

ولكن العمدة انه ليس عنوان الغصب مأخوذا في لسان أدلة الاحكام، الا نادرا مثل «الغاصب يؤخذ بأشق الأحوال» مع ما فيه أيضا من الكلام، كما ان الإتلاف أيضا كذلك، لما عرفت من ان قاعدة «من أتلف مال الغير فهو له ضامن» مصطادة مما ورد في موارد مختلفة لا بهذا اللفظ، بل بما يكون من مصاديقه أو يوافقه معنى، فلا يهمنا البحث لا عن لفظة «الغصب»، ولا عن لفظة «الإتلاف» بعد عدم الاعتماد عليهما في لسان أدلة الشرع.

____________


(1) الوسائل ج 19 كتاب الديات أبواب موجبات الضمان الباب 13 الحديث 2.

(2) الوسائل ج 19 كتاب الديات أبواب موجبات الضمان الباب 13 الحديث 3.

(3) الوسائل ج 19 كتاب الديات أبواب موجبات الضمان الباب 40 الحديث 1.

(4) الوسائل ج 18 كتاب الحدود والتعزيرات أبواب نكاح البهائم الباب 1 الحديث 4.

(5) الوسائل ج 19 كتاب الديات أبواب موجبات الضمان الباب 9 الحديث 1.

(6) الوسائل ج 19 كتاب الديات أبواب موجبات الضمان الباب 10 الحديث 1.

(7) الوسائل ج 19 كتاب الديات أبواب موجبات الضمان الباب 11 الحديث 1.

(8) الوسائل ج 13 كتاب الإجارة أبواب أحكام الإجارة الباب 29 الحديث 1.

(9) الوسائل ج 18 كتاب الشهادات أبواب الشهادات الباب 11 الحديث 2.

(10) الوسائل ج 16 أبواب العتق الباب 18 الحديث 9.

(11) الوسائل ج 16 أبواب العتق الباب 18 الحديث 5.

(12) الوسائل ج 13 أبواب أحكام الرهن الباب 7 الحديث 2.

(13) الوسائل ج 13 أبواب أحكام الوصايا الباب 37 الحديث 1.

(14) الوسائل ج 13 أبواب أحكام العارية الباب 1 الحديث 9.

(15) الوسائل ج 13 أبواب أحكام العارية الباب 1 الحديث 2.

(16) الوسائل ج 6 كتاب الزكاة أبواب المستحقين للزكاة الباب 39 الحديث 2.

تفسيره، مثل ما عن الصحاح انه أخذ الشي‌ء ظلما، وما‌

(17) المبسوط ج 8 ص 72 كتاب الدفع عن النفس.

(18) المبسوط ج 8 ص 72 كتاب الدفع عن النفس.

(19) التذكرة ج 2 ص 374.

(20) الجواهر ج 43 كتاب الديات ص 44.

(21) الجواهر ج 37 كتاب الغصب ص 46.

(22) الجواهر ج 37 كتاب الغصب ص 59.

(23) المكاسب ص 105.

(24) كتاب الغصب ص 29.

(25) ذكره في الجواهر في شرح كلام المحقق ج 43 ص 43 و95.

(26) مفتاح الكرامة كتاب الديات ص 277.

(27) الجواهر ج 43 ص 97.

(28) راجع مباني تكملة المنهاج ج 2 ص 222.

(29) الوسائل ج 19 الباب 29 من أبواب موجبات الضمان الحديث 21.

 

 

 

 

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.